قال قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، إن «الحضور الملحمي للشعب الإيراني في الانتخابات الرئاسية» كان بمنزلة «ضربة قوية على صدور الأعداء». جاء ذلك خلال لقاء جمعه صباح اليوم (الإثنين 28 حزيران/يونيو) مع مسؤولي السلطة القضائية في حسينية الإمام الخميني (قده) تزامناً مع حلول ذكرى استشهاد آية الله الدكتور بهشتي و72 من رفاقه، وبمناسبة أسبوع القضاء. وفي إشارة إلى الدور الكبير للشهيد بهشتي في الثورة الإسلامية وإرساء النظام القضائي في البلاد، قال الإمام الخامنئي: «للشهيد بهشتي حقّ عظيم على البلد والشعب هو تأسيس القضاء الإسلامي».

وبعدما عدَّد السمات البارزة للشهيد بهشتي، وصفه بأنه «عالم مفكّر ومنظّر»، وقال: «كان المرحوم السيد بهشتي حقاً شخصية بارزة وممتازة... لقد كان ثوريّاً، وكان مثابراً، وآمن بمبادئ الثورة الإسلامية من أعماقه». وأضاف سماحته: «لقد كان الشهيد بهشتي ثابتاً على مبادئ الثورة الإسلامية ومبادئ الإمام (الخميني) رضوان الله عليه بالمعنى الحقيقي للكلمة... كما أنه واحد من الأركان لتدوين الدستور، فتجب معرفة الحقّ لهذا الرجل العظيم وتثبيته». وفي إشارة إلى حلول ذكرى استشهاد آية الله بهشتي، قال الإمام الخامنئي: «ارتكب المنافقون جريمة كبيرة بحق الشعب الإيراني في مثل هذا اليوم، السابع من شهر تير، بقتل هذه الشخصية البارزة والعظيمة والممتازة مع نحو سبعين شخصية أخرى من هذا البلد استشهدوا على يد هؤلاء القتلة، وهؤلاء أنفسهم اعترفوا بهذه الجريمة واعترافاتهم متوافرة».

في هذا السياق، شدّد قائد الثورة الإسلامية على الزّيف في ادعاءات الدول الغربية لحقوق الإنسان، وأوضح قائلاً: «اليوم يعيش المنافقون بحرية في هذه البلدان نفسها التي تدّعي حقوق الإنسان، في فرنسا ودول أوروبية أخرى، كما لا تخجل الحكومات الأوروبية والحكومة الفرنسية وغيرها أنْ تدّعي حقوق الإنسان مع وجود هؤلاء ودعمها لهم ومنحهم المنابر حتى في مجالسهم الوطنية، وهذا يعني أنّ وقاحة هؤلاء الغربيين هي في الحقيقة شيء عجيب وفوق التصوّر».

الإمام الخامنئي شكر جهود رئيس السلطة القضائية، حجة الإسلام إبراهيم رئيسي، ووصف حركته بأنها «مصداق للحركة الجهادية وذات حافز كبير». كما وصّف أثر هذا العمل بأنه «إعادة الأمل إلى الشعب في السلطة القضائية»، قائلاً إن «ثقة الشعب في الأجهزة الفعّالة في الجمهورية الإسلامية ذخرٌ اجتماعي كبير». ولفت سماحته إلى «التطوّرات الجيّدة في القوة القضائية»، موصياً القائمين على السلطة القضائية بقوله إن «وثيقة التحوّل في هذه السلطة جيدة وقوية، فالوثيقة عملانية بالمعنى الحقيقي للكلمة وليست شعارات وشكليّات... ضعوا هذه الوثيقة معياراً للعمل». كما رأى أن «مكافحة الفساد داخل القضاء من أهم الواجبات على السلطة القضائية».

في الحديث عن الانتخابات الرئاسية، وصفها الإمام الخامنئي بأنها «ملحمة بالمعنى الحقيقي للكلمة»، ورأى أن «المحاولات لإنكار عظمة هذه الانتخابات عبثٌ»، قائلاً: «المحلّلون الذين يراقبون هذه الانتخابات يفهمون ما حدث؛ ففي أي مكان من العالم يكون طبيعياً أن تُفعَّل كل الأجهزة الدعائية المعارضة والفعّالة والمؤثرة لترهيب الناس حتى لا يشاركوا في الانتخابات؟ لقد عملت الإذاعات الأمريكية والبريطانية وإذاعات بعض الدول الرجعية المخزية، وعناصرُ من أنفسهم وعناصر خائنون من الإيرانيين الذين يعيشون تحت الراية الأمريكية والبريطانية ويترزّقون منهم، وبدؤوا منذ مدة طويلة في الإذاعة والتلفزيون وعبر القنوات الفضائية وفي الفضاء المجازي خصوصاً، ولم تكن [شبكة] واحدة أو اثنتين بل المئات وحتى الآلاف من الشبكات، وكان ذلك العمل والمسير من أجل إبعاد الناس عن الانتخابات!».

ونبّه سماحته إلى أن أجهزة الدعاية للعدو كانت تتأمّل في المشكلات المعيشية للناس من أجل خفض نسبة المشاركة، قائلاً: «بعض الأشخاص أيضاً يتذرّعون بأحداث مثل قضية إحراز الأهلية أو العكس... قد لا أتفق مع بعض وجهات النظر لـ"مجلس صيانة الدستور" لكن هذا المجلس يعمل وفقاً لواجبه الديني، وقد لا أتفق مثلاً مع حالة أو اثنتين أو أكثر أو أقل، ولكن أعتقد أنهم [يعملون وفقاً للواجب الديني]». وبشأن الجهود التي تبذلها وسائل الإعلام المعارضة في تثبيط الناس عن صناديق الاقتراع، قال: «حسناً في مثل هذا الوضع، يأتي الناس ويشاركون على هذا النحو رغم وجود كورونا التي أجروا الحسابات بشأنها وقال الخبراء إن 10% من نسبة التغيّب تتعلق بها، ومع ذلك يأتي الناس إلى الميدان ويصطفون في الصباح الباكر ويقترعون... هذه ضربة قوية وجّهها الناس على صدور الداعين لمقاطعة الانتخابات والمعارضين والمخالفين لها».

بالمقارنة مع الانتخابات الأمريكية، رأى قائد الثورة الإسلاميّة أن تلك الانتخابات «مخزية»، وقال: «الآن هؤلاء المفضوحون أنفسهم يُشْكِلون على انتخاباتنا! ثمة أمريكي يعلق على الانتخابات الإيرانية رغم الفضيحة التي لديهم، والآن بعد بضعة أشهر ينطقون ويتحدّثون، مع أنهم جرّاء ذلك الوضع لا ينبغي لهم قول كلمة واحدة عن الانتخابات إطلاقاً بسبب تلك الفضيحة التي أحدثوها». وفي الختام، شكر الإمام الخامنئي مسؤولي البلاد على حسن تصرّفهم بعد الانتخابات، واصفاً إياه بـ«علامة الطمأنينة والسكينة الروحيّة اللازمة للبلاد». وعقّب على ذلك المشهد بالقول: «هذا جيّد جدّاً أن يهنئ المرشّحون الذين لم ينجحوا المرشحَ الفائز، ويعبّروا عن اهتمامهم ومحبّتهم، فهو من النعم الإلهية أيضاً»، مستدركاً: «قارنوا هذا (المشهد) بسلوك الأمريكيين بعدما فاز أحدهم كيف تصّرف وكيف تصرّف الآخر معه بأقواله وتصريحاته وما إلى ذلك، وأنتم تذكرون كيف كان وضعهم قبل بضعة أشهر!».