تحدّث الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في كلمة له مساء الأربعاء 18/05/2022 حول آخر المستجدات بعد صدور الانتخابات التشريعية اللبنانية، متوجّها بالشكر لكل الذين شاركوا بالانتخابات، خصوصًا للّذين أعطوا أصواتهم للمقـاومة وحلفائها وأصدقائها ولعوائل الشهداء وخاصّة أمهات الشهداء، اللّواتي حملن، والشكر الخاص للجرحى الذين لم تمنعهم جراحهم أن يأتوا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، وكذلك لكبار السّن والمرضى الذين لم يمنعهم مرضهم من الحضور على الكرسي للإدلاء بصوته. كما توجّه سماحته بالشكر إلى كافّة الأجهزة الرّسمية والمسؤولين والقوى الأمنية والقضاة الذين ساهموا في إدارة العملية الانتخابية.

وأضاف أنّ الحضور الشعبي الكبير، ونتيجة الانتخابات، وكذلك المهرجانات التي سبقت الانتخابات والنتائج التي حصلت عليها لوائح الأمل والوفاء، "تعطي رسالة واضحة وقوية حول التمسك بالمقاومة وسلاح المقاومة والمعادلة الذهبية والدولة العادلة، والإصلاحات والسلم الأهلي، والشراكة والتعاون وأولوية معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية"، وتابع قائلاً: "الجمهور أمّن شبكة الأمان للمقاومة، مقابل حملة الاستهداف بعد الضخّ الإعلامي والمالي اليومي".

التعاون لمعالجة قضايا البلد

واعتبر السيّد نصر الله أنّ هذا الانجاز يأتي بعد هجمة إعلامية ونفسيّة كبيرة علينا وعلى حلفاء المقــاومة والضغوط الاقتصادية وافتعال الأزمات، مشيراً إلى أنّه إزاء حجم الأزمات الموجودة بالبلد المالية والنقدية والاقتصادية والحياتية لا يستطيع فريق لوحده علاجها حتى لو حصل على الأكثرية، واليوم نحن أمام مجموعة كتل نيابية وقوى سياسية ونواب جدد ونواب مستقلين.

وأضاف: "قد تكون المصلحة في لبنان هي عدم حصول فريق معين على أكثرية نيابية"، مشيراً إلى أنّه "لا يستطيع أي فريق أن يدّعي أن الأغلبية في هذا الفريق أو هذا الفريق، بل نحن أمام كتل سياسية ومستقلين".

كما رأى أنّه عندما لا تكون الأكثرية عند أحد يعني الكل مسؤول ولا يجوز لأحد التخلّي عن المسؤولية.. أهون شيء المعارضة والتنظير ولا كلفة لها، داعيًا إلى تهدئة السجالات السياسية.. انتهت الانتخابات وكلّ ما يجب أن يُقال بعد الانتخابات قيل أيضًا.

في السياق، لفت السيد نصر الله أنّ العالم كلّه ذاهب إلى أزمة الوقود الذي ارتفع سعره، والقمح ارتفع سعره وهناك أمور قد تنقطع من الأسواق، وتابع قائلاً: نستطيع أن نساجل لسنوات وإذا تعتقدون أنّنا بدفاعنا عن المقاومة وسلاحها سنكلّ أو نملّ ونستسلم فهذه خيالات لكن السّجالات لا توصل الى مكان، لافتًا الى أنّ هذه التجربة التي مرّت فيها عبر كثيرة والكل يجري مراجعة لأدائه العملي وتحالفاته وخطابه وأدائه.

الخلط بين الحجم الشعبي وعدد النواب

وفي جانب آخر من كلامه، تحدّث السيّد نصر الله عن القانون الانتخابي والمشكلات التي تعتريه، لافتاً إلى أنّ أصوات لائحة الأمل والوفاء في بعلبك الهرمل والجنوب الثالثة وفي الزهراني صيدا وصور ومرشح الثنائي في زحلة سجّلوا أكثر من نص مليون صوت، وتساءل قائلاً: هل أنت الذي ليس لديك سوى كم ألف صوت تتكلم باسم الشعب اللبناني؟

وأضاف: هل من أحد يحمل أكبر نسبة بالمسؤولية عن الأزمات الحالية ويأخذ دعمًا من السفارات ويشكّل لوائح ويدعمها في كلّ لبنان ولم يحصّل إلّا نائبان أو ثلاثة يخرج ليقول إنّ الشعب اللبناني لفظ المقاومة في الانتخابات.. ما هذه الوقاحة؟!

وأردف قائلاً: يُمكن القول أنّ عدد النواب لأي جهة يعبّر عن الخيارات الشعبية والارادة الشعبية في حالة واحدة هي أن يكون قانون الانتخاب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي وبتمثيل نسبي وشباب وصبايا الـ 18 ينتخبون.

واشار سماحته إلى أنّ توزيع الدوائر تمّ بهذا الشّكل غير العلمي لأنّها تقصّ وتلزق وفق مصالح بعض الزّعماء السياسيين، لافتًا إلى أنّ المغالطة هي الخلط بين الحجم الشعبي وعدد النواب.. وهذا في لبنان غير صحيح لأنّ النظام الانتخابي والسياسي طائفي والأسوأ أنّ تقسيم الدوائر الانتخابية لا تقسم على معيار علمي بل لا معيار في التوزيع.

أكبر عملية نهب في تاريخ لبنان بالتعاون مع الإدارة الأمريكية 

وفي إشارة إلى قضية ودائع اللبنانيين في المصارف، قال السيد نصر الله: "أكبر عملية نهب وسرقة في تاريخ لبنان هي سرقة أموال المودعين من قبل أغلب المصارف والإدارة الأميركية".

واعتبر أنّ "حجم الأزمات الموجودة في البلد، المالية والنقدية والحياتية والبطالة، وارتفاع سعر الدولار وهبوط سعر الليرة اللبنانية، لا يستطيع فريق أن يعالجها وحده، حتى لو حصل على أكثرية في البرلمان".

ولفت السيّد نصر الله إلى أنّ التخلف عن تحمّل المسؤولية هو "خيانة للأمانة، وتخلّف عن الوعود التي أطلقت خلال الحملات الانتخابية"، وأضاف: "بما أنه لا أحد لديه أكثرية، فبالتالي الجميع مسؤول، ونتيجة الانتخابات تقول إنّ المنتخبين يجب أن يطالبوا بالمعالجة وإنقاذ البلد".

وشدّد على أنّ "المطلوب هو أن يهدأ البلد، وإعطاء الأولوية للملفات التي كانت قبل الانتخابات، والتي هي موضع آلام الناس، وهذا لا يعالج إلا بالشراكة والتعاون بمعزل عن الخصومة".

كذبة الاحتلال الإيراني

وأشار السيّد نصر الله إلى الحملة الإعلامية الكاذبة التي شنّتها العديد من الفئات، موضحاً أن من "الأكاذيب التي تمّ الترويج لها كيفية إجراء الانتخابات في ظل السلاح"، وتساءل قائلاً: "أما آن لهذه الكذبة أن تنتهي؟".

كما لفت سماحته أيضاً إلى "كذبة الاحتلال الإيراني"، بينما "نحن شاهدنا السفارة الأميركية وتدخلها، فيما كان السفير السعودي الأنشط انتخابياً. كذلك رأينا السفيرة الأميركية تجول في مراكز الاقتراع".

وتوجه إلى الخصوم قائلاً: "هل شاهدتم لمرة واحدة السفير الإيراني في الانتخابات أو أي موظف في السفارة الإيرانية يتدخل؟".

سنعمل على كلّ ما وعدنا به

وأكّد السيّد نصر الله على وقوف الحزب ومؤسساته إلى جانب الناس، قائلاً: "بمعزل عن ما ستؤول إليه الاستحقاقات القادمة سنعمل على كلّ ما وعدنا به وسنحضر أكثر ونكون معًا من خلال وجودنا بالدولة أو من خلال مؤسساتنا الذاتية كما كان الحال منذ 40 عامًا لن نبخل بشيء خصوصًا على الذين لم يبخلوا علينا بشيء". 

كما لفت إلى أنّ "أصدقاءنا الذين لم يوفّقوا للفوز الموقف السليم هو ما أعلنتموه والمقعد النيابي هو أحد مواقع النضال وليس كلّ الجبهة.. اعتبروا أنّنا وبقيّة أصدقائنا الذي نجحوا نمثّلكم وإلى جانبكم وسويًا نخدم شعبنا وقضيتنا".

وختم سماحة الأمين لحزب الله بالقول: لكلّ الناس مجددًا مشكورين اللّسان يعجز عن شكركم "كفيتوا ووفيتوا"، آجركم الله وحفظكم أنتم أهل الوفاء والصّدق والإخلاص.