بسم الله الرحمن الرحيم،[1]

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، [ولا] سيما بقية الله في الأرضين.

أهلاً وسهلاً بكم. أنا بدوري أيضاً إن لم أقل إنني أكثر سعادة وفرحاً منكم بهذا اللقاء ولقاءات من هذا النوع، فإنّي سعيد بها مثلكم على الأقل. نشكر الله على منحنا هذا التوفيق - الحمد لله – فتمكّنا من اللقاء بكم. رحمَ الله المرحوم الشيخ إجِئي[2]، فنحن لا ننساه. كان سماحته أحد مؤسسي «اتحاد المنتديات الطالبية الإسلاميّة» هذا في أوروبا، وعمل في هذا المجال عقوداً وكان من ذوي الخبرة. نسأل الله أن يتغمّده برحمته، إن شاء الله. نسأل الله أن يوفّق الشيخ واعظي حتى يستمر في المُضيّ قُدُماً كما شرحَ، وليحفظكم الله جميعاً لشعبكم وبلدكم ولنا. أنتم ذُخرنا ونور عيوننا إن شاء الله، ومحبة أمثالي لكم أمرٌ طبيعي.

 

فلسفة تأسيس المنتديات الطالبية الإسلامية

تُعدّ المنتديات الإسلامية من ثروات الجمهورية الإسلامية، فهي ثروة حقاً. لقد كان لي ارتباط بسيط مع المجموعات الطالبية والمنتديات الإسلامية منذ القدم وفي بدايات الثورة، وكنا على تواصل. كنا نذهب وكانوا يأتون حيث كنت أذهب إلى الجامعة وكان لي تواصل [معهم]. انطباعي أنه كان هناك هدفان منذ بداية تأسيس المنتديات في البلاد. طبعاً، سوف أتحدث عن [هدف تأسيسها] في الخارج بعد قليل. بدأ [تأسيس] المنتديات قبل الثورة. في كلية الهندسة بجامعة طهران، كان المرحومان المهندسان بازركان[3] وسحابي[4]، أي «الأساتذة المتديّنون» كما يسمونهم، أول مَن فكرّ في المنتدى الإسلامي وجمعوا ثلة من الطلاب.

 

1) الحفاظ على مجموعة الأعضاء من الناحية الفكرية

منذ البداية كانت فلسفة المنتدى الإسلامي هاتين المَهمتين: أولاً الحفاظ على تلك المجموعة من ناحية الفكر الإسلامي. في ذلك اليوم، كان الفكر النضالي، ثم الثوري. هذا يعني تمكّن هؤلاء الأعضاء الذين أسّسوا المنتدى من الاستمرار والاستقامة والثبات من ناحية الأسس المذهبية والفكرية العقدية والدينية، وكذلك الثورية في ما بعد الثورة، والنضالية في ما قبل الثور. كان هذا هدفاً: المحافظة على هؤلاء الشباب وهؤلاء الذين يُعدّون جزءاً من المجموعة.

 

2) التأثير في البيئة المحيطة

ثانياً التأثير في البيئة المحيطة. كان هذا الهدف الثاني. فبصفتكم مجموعة مؤلفة من أعضاء، يمكنكم أن تتركوا أثراً في محيطكم. قبل الثورة، كنت دائماً أضرب مثالاً وأقول: إذا وضعتم جذوة من النار وسط كومة من الفحم - كومة من الفحم كُدّست فوق بعضها بعضاً – وتفقّدتموها بعد ساعتين أو ثلاث، سترون أن كومة كبيرة من هذا [الفحم] تحوّلت إلى نار. هذه طبيعة النار. كذلك تكون تربية أعضاء المنتدى الإسلامي ليتمكنوا من التأثير في البيئة المحيطة. بالطبع العوامل في البيئة ليست نفسها في كل مكان. في بعض الأحيان توجد عقبات، وحيناً آخر لا توجد، فتمضي الأمور أفضل بطبيعة الحال. عندما تكون هناك عقبات، تسير الأمور على نحو أقل. هناك أنواع مختلفة من العقبات لكن على المنتديات الإسلامية أن تكون هذه واحدة من مسؤولياتها: التأثير في البيئة المحيطة.

 

3) التعريف بالتفكير البنيوي وتبيين الجمهورية الإسلامية خارج إيران؛

مسؤوليةُ المنتديات خارج البلاد

بالنسبة إلى المنتديات خارج البلاد هناك هدف ثالث غير هذين الهدفين، هو التعريف بالتفكير البنيوي والمحوري للجمهورية الإسلامية في الخارج. لا أقصد الفروع، إنما المبادئ. الجمهورية الإسلامية لديها مبادئ. مبدأ «الجمهورية» هو مبدأ، ومبدأ «الإسلامية» هو مبدأ، والكيفية والنوع للارتباط والاقتران بين «الجمهورية» و«الإسلامية» - يظنّ بعض الأشخاص أنهما متضادان مع بعضهما، بينما هما ليسا متضادين – هو أيضاً مبدأ بحد ذاته، وهو موضوع جديد في العالم. دائماً ما نقول أنه لدينا مقولة جديدة في العالم، ومجمل مقولتنا الجديدة هي شكل حكومة الجمهورية الإسلامية. هذا أمر مهم، ففي حين أن الناس يؤثرون في تشكيل الحكومة، كذلك يكون للمبادئ الدينية والإيمانية تأثير هنا أيضاً. هذا النوع من الارتباط بينهما واقترانهما ببعضهما بعضاً أمر مهم. بالطبع، أنتم بصفتكم طلاباً وشباباً ومتفكرين وذوي علم يمكنكم أن تجلسوا وتفتحوا هذه [المواضيع] وتشرّحوها وتفككوها وتحددوا لها الفروع، وأنتم قادرون أن تقدّموا فكراً إلى مخاطَبكم في هذه المجالات عشرة أضعاف ما أقوله. هذا هو المنتدى الإسلامي. لهذا السبب، وكما قلت، إن المنتدى الإسلامي ثروة كبيرة. إصراري هو أن تحافظوا على هذه الثروة بأي نحو ممكن وبكل كيانكم وإيمانكم ودوافعكم. هذه نقطة.

 

ضرورة تحديث التشكيلات والعلاقات بالتوازي مع الحفاظ على البنية التحتية الفكرية

النقطة الثانية - أقولها مراراً لمجموعات مختلفة - هي أنكم تمثلون اليوم المنتدى الإسلامي. قبل ثلاثين عاماً، كان لدينا أيضاً المنتدى الإسلامي، [لكن] المنتدى قبل ثلاثين عاماً لم يكن ما هو عليه اليوم. عليكم تحديث منتداكم الإسلامي. يظنّ بعض الأشخاص أنه عندما نريد التحديث هذا يعني تغيير المحاور والأسس والأفكار الرئيسية. كلا، ليس الأمر كذلك. حسناً، افترضوا العدالة الاجتماعية مثلاً، العدالة مبدأ منذ آلاف السنين وحتى الآن، ولا تبلى أبداً. نوع تطبيق العدالة هو الذي يتغير وإلّا فالعدالة لا تبلى. الحرية على هذا النحو أيضاً والتقدم كذلك. هذه ليست بالأمور التي تصير بالية. المبادئ الإسلامية مبادئ خالدة وثابتة لكن بطبيعة الحال يجب تحديث طرق التعامل معها وتنفيذها وتطبيقها في المجتمع وتفهيمها للمخاطب. أصرُّ على هذا الأمر. طبعاً، كما أن للتحديث جانباً موجَباً وإثباتياً له جانب نافٍ أيضاً، ومعنى جانب النفي أنه لا ينبغي للمبادئ أن تتغير، ولا ينبغي تغيير الركائز والأسس. هذه هي النقطة الأخرى التي أودّ قولها لكم.

 

تجنّب إغفال التقدّم العلمي

النقطة الأخيرة أن هذا الملتقى العلمي الذي أعلنتم خبره[5] هو خبر سار للغاية؛ إنه مهم جداً. فبالطبع، أنتم تعلمون أن قضية العلم والتقدم العلمي غدَت قضية سائدة وأساسية في أي بلد، أي هي خطابٌ مطروح في البيئات الخاصة، فقضية التقدم العلمي والعبور عن الخطوط الأمامية للعلم أمر مطروح في العالم اليوم. هذه القضية لا ينبغي أن تبلى ولا أن تُنسى. لا ينبغي أن نتصور أننا عندما نهتم بالجوانب الدينية أو الثورية، فإننا نغفل عن تقدّم العلم. لا ينبغي أن نتصور الأمر على هذا النحو مطلقاً. لذلك، إن العمل العلمي عمل جيد، وهذا الملتقى العلمي عمل مفيد للغاية طبعاً، لكن مجال هذا الملتقى هو تقدمكم العلمي، فيجب أن تتقدموا حقاً. حسناً، ولحسن الحظ، هذه القابلية تم توفيرها لكم ولديكم هذا التوفيق، وأتيحت لكم الفرصة للالتحاق بجامعات في العالم ذات تنوع علمي، وذات عمل علمي متقدم، وكثير منها أكثر تقدماً منا في كثير من المجالات العلمية. فليكن لديكم حضور في هذه الجامعات، ولتستفيدوا من هذه الفرصة بالحد الأقصى، ولتغتنموها، وتمضون قُدماً في أموركم إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 


[1] في بداية هذا اللقاء، قدّم تقريراً ممثل قائد الثورة الإسلامية في «اتحاد المنتديات الطالبية الإسلامية» في أوروبا، حجة الإسلام والمسلمين الشيخ أحمد واعظي.

[2] الممثل السابق لقائد الثورة الإسلامية في «اتحاد المنتديات الطالبية الإسلامية» في أوروبا حجة الإسلام والمسلمين الشيخ د. جواد إجئي.

[3] مهدي بازركان، وهو أول رئيس حكومة في إيران بعد سقوط الشاه محمد رضا بهلوي. تولّى رئاسة الحكومة المؤقّتة من 1979 حتى 1980.

[4] يد الله سحابي.

[5] الملتقى العلمي الدولي الثاني للطلاب والأساتذة الإيرانيين في الخارج، 2 و3/1/2023 في طهران.