أبارك عيد النوروز لكلّ فرد من أبناء الشعب الإيراني، وأخصّ العائلات المُعزّزة للشهداء والجرحى والمضحّين والعاملين في خدمة حياة النّاس، وكذلك سائر الشعوب التي تُحيي النوروز وتوليه الاهتمام. أسأل الله أن يكون هذا العيد الشريف مباركاً عليكم جميعاً.
لقد اقترن ربيع الطبيعة هذا العام بربيع الروحانيّة [أي] شهر رمضان. وكما قيل في الربيع، أن «لا تستروا الجسد بالثياب وتعزلوه عن رياح الربيع»، لا بدّ في ما يرتبط بربيع الروحانيّة لشهر رمضان أن نتمسّك أيضاً بهذه الجملة: «ألا فتعرّضوا لها»… «إنّ في أیّام دهرکم نفحات ألا فتعرّضوا لها». إنّ نسيم الروحانيّة في شهر رمضان يلفح الجميع ولا بدّ أن نُعدّ أنفسنا. فلنُعرّض قلوبنا لهذا النسيم الروحانيّ والإلهيّ والمُعطّر.
كان 1401 عاماً مترعاً بمختلف الأحداث، الأحداث الاقتصاديّة أو السياسيّة أو الاجتماعيّة، وكان بعضها حلواً والآخر مرّاً أيضاً، كما حال سنيّ حياة الإنسان كلها والأعوام التي عاشها الشعب الإيراني بنظرة عامّة، خاصّة بعد انتصار الثورة الإسلاميّة. أعتقد أنّ أهمّ قضيّة مطروحة أمام الشعب في 1401 كانت اقتصاد البلاد، الذي يرتبط مباشرة بمعيشة الناس.
تمحورت المرارات أساساً حول التضخّم وغلاء المعيشة، وهو أمرٌ مريرٌ حقّاً، خاصّة الغلاء في أسعار السلع الغذائيّة والمستلزمات الأساسية للعيش، فعندما ترتفع أسعار الأطعمة والموادّ الأساسيّة للعيش، يكون الثّقل الأكبر على كاهل الطبقات الأشد فقراً في المجتمع، لأنّ الأطعمة والموادّ الأساسيّة والضروريّة للعيش تشكّل الحصّة الكبرى في السلّة الغذائيّة لأُسَرِهم.
[طوال العام 1401] شهدت بعض المؤشّرات الاقتصاديّة النموّ، فمؤشّرنا في قطاع التأمين [الصحي] مؤشّرٌ جيّد. أُنجزت أعمالٌ جيّدة في العمران وقطاعات الماء والغاز والطرق والبيئة. طبعاً وكما أشرتُ سابقاً، وأؤكّد كلامي الآن: لا بدّ لهذه الأعمال أن ترتبط بحياة الناس وتنتهي إلى تحقيق الانفراج في حياتهم. متى سيُنجز هذا الأمر؟ متى سيتحقّق مثل هذا الوضع؟ عندما تستمرّ [الأعمال] ويكون خلفها تخطيط دقيق، ولا بدّ – إن شاء الله – أن تستمرّ هذه الأنشطة هذا العام، أي 1402، حتى تضفي هذه الأنشطة البنّاءة رونقاً على حياة النّاس وتُحقق الانفراج في موائدهم خاصّة الطبقات الضعيفة.
ليست المشكلات الاقتصاديّة والأزمات الاقتصاديّة محصورة فينا. فاليوم يعاني كثير من دول العالم، ولعلّه يُمكن القول إنّ كلّ دول العالم تواجه أزمات اقتصاديّة خاصّة، حتّى تلك الدول الثريّة وذات الأنظمة الاقتصاديّة القويّة والمتقدّمة، وهم غارقون حقّاً في مشكلات ومعضلات كثيرة، وأوضاع بعضها أسوأ من وضعنا بكثير من هذه الناحية. فالأنظمة الاقتصاديّة القويّة تُصاب بانهيار المصارف، وهذا ما تبادرت أخباره إلى أسماعكم في المدة الأخيرة... هم يبذلون المساعي لحلّها أيضاً، وعلينا كذلك أن نبذل الجهود ونعمل، وعلى المسؤولين أن يبذلوا المساعي.
لا بدّ أن تنصبّ مساعي جميع المسؤولين الحكوميّين ومعها مساعي الناشطين الاقتصاديّين والسياسيّين والثقافيّين على أن نجعل 1402 عاماً عذباً للشعب الإيراني، أي أن نعمل، وجميعنا مسؤولون عن جعله عاماً عذباً للناس، إن شاء الله. فلتُقلّص المرارات ولتُضاعف الحلاوات ولنُضفْ النجاحات، إن شاء الله.
إنّني مع الالتفات إلى هذه الجوانب كلّها، أي التضخّم وكذلك الإنتاج المحلّي، [أيْ] هذه الأمور المهمّة، فالتضخّم مشكلة أساسيّة والإنتاج المحلّي الذي هو حتماً أحد مفاتيح الإنقاذ للبلاد من المشكلات الاقتصاديّة، فمع الالتفات إلى هذه الأمور، أعلن شعار العام كما يلي: «كبح التضخّم، نموّ الإنتاج». هذا هو شعار العام، فيجب أن تنصبّ همم المسؤولين كلها على هذين الموضوعين. المسؤولون في الدرجة الأولى، وفي الثانية، كما سبق أن قلت: الناشطون الاقتصاديّون والشعبيّون ومن يمكنهم إنجاز عملٍ ما.
أسأل الله المتعالي التوفيق للجميع، ونبعث بسلامنا ومحبّتنا ونُعرب عن إخلاصنا لروح عالم الوجود، بقيّة الله، أرواحنا فداه. كما أسأل الله المتعالي علوّ الدرجات لروح إمامنا [الخميني] الجليل ولشهدائنا الأعزّاء والفرح والسعادة والتجدّد في الأيام لشعب إيران.