يُمكن إدراك أهميّة العامل من أهميّة العمل. العمل حياةُ المجتمع، وهو العمود الفقري لحياة الناس، فلا يوجد شيء من دون العمل. الطعام الذي نأكله، والملابس التي نرتديها، والإمكانات التي نستخدمها في الحياة والتي تعتمد عليها حياتنا، هذه كلها نتيجة العمل. مَن الذي يقوم بالعمل؟ العامل. إذن، قيمة العامل هي قيمة حياة المجتمع.

العمل يمنع الفساد، والبطالة منشأ الفساد. لقد كنت أشارك شخصيّاً أيضاً في جلسات تمتد بضع ساعات كي يجري العمل بشأن الآفات الاجتماعيّة ويُفكّر فيها. ما توصّلت إليه هو أنّ كثيراً من هذه الآفات الاجتماعية سببها البطالة. الإدمان والسرقة والطلاق والتفكك الأسري أمور مرتبطة بالبطالة.

هذه الجلسة التي تنعقد كلّ عام هي أوّلاً من أجل أن يُصدح بقيمة العامل في المجتمع بصوتٍ عال. وهذا ما نروم إليه: أن تُعرف قيمة العامل ومجتمع [العمّال]. أصرّ على أن يحدث هذا الأمر.
ثانياً تخطر في بالنا أيضاً ملاحظات نريد قولها للمسؤولين والعمّال الأعزّاء أنفسهم أيضاً، حتى نتمكّن من دفع مجتمع العمّال إلى الأمام، إن شاء الله.

عندما لا تكون هناك هواجس لدى العامل ويكون لديه أمنٌ وظيفي ورفاهية وتسير حياته بسلاسة، سترتفع جودة العمل والمُنتج.

لو لم يتجرأ مسؤولٌ ما على التصدّي للمفسد في الداخل، فلن يجرؤ على نحو أوْلى على التصدّي للمتجبّر في الخارج. لو لم تتمكّنوا من المواجهة، فلن تتمكّنوا من المواجهة حيث تصرّ حكومة متجبّرة كأمريكا أو غيرها على أن تفعلوا كذا وألّا تفعلوا كذا في قضيّة الطاقة النوويّة. عندما لا تكون لديكم هنا القدرة على المواجهة، لن تكون لديكم هذه القدرة هناك أيضاً.

طبعاً، كانت هناك احتجاجات في البيئة العمّالية، وبعض هذه الاحتجاجات - ضمن حدود اطلاعي - في محلّها. هذا عون للحكومة والنظام. في هذا الصدد أيضاً، إذ كنت مطّلعاً على عدد من هذه القضايا من قريب أو من بعيد، رسم المجتمع العمّالي في هذه القضايا حدوداً مع العدوّ. لم يسمحوا للعدوّ أن يستغلّ الاعتراض. نعترض على ذاك الفعل لكنّنا نكره العدوّ أيضاً ونحن أصدقاء مع النظام ونؤازره.

دوّنت حديثاً هنا: «مَن ظلمَ أجيراً أجرَه أحبطَ الله عملَه وحرّم عليه ريحَ الجنة». هل الظلم ألا يدفعوا له أجره فقط؟ نعم، هذا ظلم كبير بالطبع، لكن ليس هو فقط؛ الامتناع عن اتخاذ إجراءات في مجال هذه القضايا، مثل التأمين والصحة وتحسين المهارات والتعليم، وإغلاق المجال أمام الإبداع، كلها ظلم أيضاً.

نحتاج أن تكون هناك علاقة مباشرة بين الدخل والعمل؛ {لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}، أي لا بدّ أن يكون الدخل ناتجاً من السّعي والعمل وبذل الجهد. لا بدّ من جعل المجتمع على هذا النحو، وهو عملٌ صعبٌ جدّاً. يجب أن نقضي على ثقافة تحصيل الثروات السريعة في البلاد.

خلق الله المتعالي الإنسان على نحو  تجعله البطالة خمولاً، فيما يبثّ العملُ النشاطَ فيه. إذاً، ليست الحاجة إلى العمل من أجل تمضية الحياة فقط، بل نحتاج العمل من الناحية الروحية أيضاً.

لو تقدّم مجتمع العمّال إلى الأمام وحُلت قضاياه وحظي بالارتقاء على المستويات العمليّة والفكريّة والوظيفيّة، فإنّ البلاد والشعب تستنير عيونهم حتماً.