بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إخواني جميعا السلام عليكم ورحمة من الله وبرکاته.
في هذا اللقاء يحدد فيه البحث في نداء الإمام الخامنئي حفظه الله الذي وجهه إلى حجاج بيت الله الحرام أولاً، وإلى المسلمين وإلى العالم أجمع. يأتي هذا النداء في ظروف تمر بها أمتنا في حالة إستثنائية في مواجهة حقيقية لتحديات كبرى، ويأتي هذا النداء بعد التقارب بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية والتي أعقبها مجموعة من تقاربات على المستوى العربي والإسلامي شكّلت شيئاً من بارقة أمل في الوحدة الإسلامية لمواجهة كل التحديات التي تعيق تقدم الكثير من الدول العربية والإسلامية.
يأتي هذا النداء، وليس جديداً من الإمام الخامنئي هذا النداء الوحدوي، لأنه ليس للمرة الأولى ينادي فيها الإمام الخامنئي أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو الإمام الخميني رضوان الله عليه الذي عملوا بكل جد واجتهاد من أجل تعزيز الوحدة الإسلامية بين المسلمين، فلعلها من أبرز ما أسسه الإمام الخميني رضوان الله عليه. حيث أسس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب ليكون مؤسسة ذات علاقة واختصاص لتعزيز الوحدة وقراءة المشاكل التي تعيق الوحدة بين المسلمين، وكان هذا الدور البناء من خلال مؤتمرات دورية يقوم بها هذا المجمع، وما زالت هذه الطروحات التي يطرحها هذا المجمع تدعو إلى الوحدة.
الحج ببُعدين روحاني وعبادي، ومن جهة أخرى له علاقة بالوحدة بين الناس. عندما نتعرض للحج لابد أن نستذكر إبراهيم سلام الله عليه. عندما نتحدث عن الحج نستذكر ونقف عند مواقف نبي الله إبراهيم في نقطتين رئيسيتين، الجانب العبادي وجانب مواجهة الظالم. الجانب العبادي، لأن العبادة من غير الوعي قد تؤدي إلى رؤية ناقصة عبادياً، تغيب الروحانية عن العبادة وتتحول العبادة إلى عبادة منقوصة كما هو الحال عندما أراد إبراهيم أن يترجم ما هو موجود في عبادة القمر والشمس والنجوم وهي آلهة تغيب، فأراد إبراهيم أن يقول بأننا نريد إلها لا يغيب لا في الليل ولا في النهار. وإبراهيم سلام الله عليه عندما واجه الأصنام وحطم الأصنام أظهر بأن الإله العاجز عن الدفاع عن نفسه، لا يمكن أن يكون إلها یُعبد. فإبراهيم سلام الله عليه أراد أن يقول بأننا نريد الإله القدير والإله الموجود دائماً وهذا يعود إلى الوعي في أمتنا.
الوعي في الأمة هو القادر على مواجهة النمرود، وعي الأمة هو الذي يعطي القدرة لمواجهة النمرود. النمرود بادر فوراً لمواجهة إبراهيم، فلذلك إبراهيم سلام الله عليه وقف وتحدى النمرود، وأراد أن يُفهم العالم ويُفهم النمرود أولاً بأن الوعي هو الكفيل بإسقاط هذا الظلم فلذلك الروحانية في الحج. الروحانية الصادقة تؤدي إلى وحدة حقيقية بين المسلمين، عندما تتجمع نقاط الوحدة بين المسلمين كل المشاريع الكبرى الصهيونية وغيرها ومشاريع الدول الكبرى ستسقط أمام هذه الروحانية، وأعتقد أن ما أشار إليه الإمام الخامنئي حفظه الله هو لتعزيز الوحدة وهذه الوحدة تؤسس لمواجهة كل الظالمين والدول الكبرى و"إسرائيل" وتبقى قضايانا الرئيسية وأهم قضايانا وهي في رأس الأولويات، قضية فلسطين وقضية الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية التي يجب أن تكون أبدا ودائما في نظر الأمة.
إن هذا الاهتمام بالوحدة هو الذي يعكس عملية حقيقة من أجل الانتصار على الحال الذي نحن فيه الآن، وهنا أريد أن أشير إلى ما قاله الإمام المغيب السيد موسى صدر بأن الوحدة أساس المواجهة مع العدو الإسرائيلي والانتصار عليه.
أشكركم جميعا وأشكر لكم إصغائكم وأسئل الله تعالى من التوفيق جميعا وأن يطيل عمر آية الله العظمى الإمام الخامنئي وسائر مراجعنا العظام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.