الكاتب: الدكتور خالد قدومي
الحقيقة أن يوم السابع من أكتوبر يوم عظيم في تاريخ الشعب الفلسطيني، ويوم سيسطره التاريخ بماء الذهب فهو حقيقة واقعة تنبؤ بأن هذا العدو الصهيوني بشكل حقيقي قابل للانهزام وسيؤول إلى الفناء بإذن الله، لأنه بني على الفساد وبني على الظلم وما بني على الظلم لا يمكن له أن يستمر وكما قال رحمه الله الشيخ القائد أحمد ياسين: "ما بني على الظلم سيكون أساسه الانهيار والهزيمة". وحتى عندما سئل رحمه الله عن قوة هذا الكيان الصهيوني قال: "القوة تنتهي"، وقال: "إن لهذه الدول أعمارا، وستزول لأنها مبنية على الظلم."
نحن في مرحلة تاريخية مهمة وكما قال سماحة قائد الثورة الإسلامية حفظه الله: "هذه الهزيمة لا يمكن لإسرائيل أن ترممها". الأسباب حقيقة ذات أبعاد متعددة، أولا الطريقة التي استطاعت فيها المقاومة من الناحية الفنية أن تفاجئ هذا العدو الصهيوني رغم إعداداته الأمنية والاستخباراتية، إضافة إلى أن المقاومة عبر الأيام الماضية قامت بالمناورات في السلك الزائل ما بين غزة ومناطقنا الفلسطينية المحتلة في المستوطنات المجاورة لغزة، إلا أنه تم مغافلته والدخول إليه عبر قطاعين، القطاع الأول هو قطاع الفضاء عبر الصواريخ الموجهة، حيث لم تستطع القبة الحديدية أن تعترض هذه الصواريخ المباركة التي قذفها الشعب الفلسطيني باتجاه المستوطنات والمغتصبات الصهيونية، والقطاع الثاني عبر الأرض.
هذا تغير حقيقي في العقيدة العسكرية لدى المجاهدين والمقاتلين، الذين ابتدؤوا منذ قرن من الزمن مواجهة الإنكليز ومواجهة الاستعمار الصهيوني، منذ 75 سنة من الاستعمار حيث انبنت القواعد الأولى على فكرة الانتفاضات الشعبية والهجوم على العدو بما استطاعوا من قوة. ثم تحولت إلى نظرية اقتصاد القوة، بمعنى أن كل ما لديك تستطيع أن تستخدمه إلى بعض الحدود. ثم تحولت إلى توازن الرعب وتوازن الردع مع العدو، ثم تحولت إلى نظرية تحميل الاحتلال تكلفة باهظة على الصعيد الاقتصادي وعلى الصعيد الأمني، والتي أدت بكل نجاح ووضوح إلى فرار العدو الصهيوني في العام 2005 دون أي قيد أو شرط ودون أي إتفاق، وتطورت اليوم في العام 2023 في طوفان الأقصى إلى عملية مباركة تحت عقيدة جديدة، ودكترين جديد وهو دكترين التواجد الفعلي في أراضينا المغتصبة وكسر هيبة العدو وتحقيق عمليات ورفع علم الحرية على هذه الأراضي وتحقيق عمليات حقيقية ناجحة في العمق الصهيوني. والحمد لله اشتبك المجاهدون في أكثر من 50 نقطة في غلاف غزة منذ صباح السابع المبارك من أكتوبر، وفعلا إن كل هذا يكسر هيبة العدو الصهيوني ويحقق غلة واسعة من الأسرى الصهاينة من المغتصبين ومن جنود الاحتلال، الذي قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة أنهم بالمئات، أو قال من 100 إلى 150 وهم أكثر من ذلك. وزارة الصحة أو تقرير الجيش الإسرائيلي تحدث عن 750 مفقود إسرائيلي عسكري وغيرعسكري، ونحن الآن نتحدث عن آلاف المجروحين ومئات القتلى في صفوف جيش الاحتلال ممن قتلوا شعبنا وممن أرادوا أن يوغلوا في صفوف شعبنا. ولكن الحمد لله كان شعبنا ومقاومتنا لهم بالمرصاد. لذلك، فعلا سيكون على الاحتلال أن يذعن بأن هذه المعركة هي معركة بداية النهاية لهذا العدو الصهيوني وأن التحرير لأسرانا والتحرير لأقصانا ومسرانا إن شاء الله قريب بإذن الله تعالى وزوال هذا الاحتلال قريب.
أما عن هذه العملية، أي عملية طوفان الأقصى فيجب أن نعرف أنها عملية تمت بإمضاء فلسطيني نظيف وكامل بحمد الله سبحانه وتعالى. وبشهادة كثير من زعماء العالم وزعماء الصهاينة استطاعت أن تغافل وتصدم العدو الصهيوني. في الطرف الآخر نحن نفتخر بأن تقف إلى جانبنا كل الأمة الإسلامية، بل هو واجب على الأمة الإسلامية، ولعل إخواننا في الجمهورية الإسلامية في إيران هم أصدقاء لنا وإخوان لنا وأشقاء لنا ووقفوا إلى جانب القضية الفلسطينية في كل الفترة الزمنية وقدموا لنا الغالي والنفيس رغم أوضاعهم الضيقة والصعبة، لتصل المقاومة إلى ما وصلت إليه اليوم بحمد الله سبحانه وتعالى.
وكما قال سماحة القائد أن هذه المقاومة، مقاومة تستحق التحية والإجلال. فبالفعل إن شعبنا الفلسطيني بسبب مقاومته وبسبب التضحيات التي قدمها يستحق، واستحق من المقاومة الفلسطينية ومن قيادته هذا الأداء المتميز الذي استطاع أن يصل إلى عمق الاحتلال ويكبد الاحتلال ما تكبده من خسائر في بداية طريق النصر الكامل لفلسطين من نحرها إلى بحرها بإذن الله.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي موقع arabic.khamenei.ir