ما أساليب الحلّ التي يمكن أن تؤدّي إلى وقف شلّال الدّم واستمرار إبادة الفلسطينيّين وأن تفرض الضغوط الشاملة على الكيان الصهيوني في مختلف المجالات. ما الإمكانات والقدرات المهمّة التي تملكها الدول الإسلاميّة من أجل ممارسة الضغط على الكيان الصهيوني خاصّة في المجال الاقتصادي؟

تملك الدول الاسلامية مقومات لا يملكها غيرها في العالم يمكن أن توقف العدوان على غزة بل تحرر فلسطين ولكن مشكلة هذه الدول هي سلب الأمريكي والغرب قراراه، وإلا فالعدو في حد ذاته ضعيف وجبان وقد شاهدنا كيف أذلته المقاومة في غزة وحدها في السابع من أكتوبر وكم حجم المقاومة مقارنة بالأمة بكلها.

الدول الإسلامية تملك النفط والغاز والممرات البحرية المهمة والأسواق التي تستهلك منتجات الغرب، ولو قاطعتهم، لرضخوا لها، وثمة كثير جداً من الأدوات.

ونقرب الصورة أكثر، انظر إلى حجم الضغط الذي مثله إغلاق البحر الأحمر وباب المندب أمام الصهاينة وكيف ضج العالم، فكيف لو تحرك كل العرب والمسلمين! بكل تأكيد، سيتوقف العالم كله عن دعم الصهاينة وسنحرر فلسطين.

ماذا لو أغلقت مصر قناة السويس، وماذا لو قاطعت تركيا الكيان، وماذا لو توقفت حكومة محمود عباس عن التنسيق الأمني مع العدو، وماذا لو هددت السعودية بوقف النفط وتصديره، وماذا لو طرد المطبعون سفارات العدو... وكثير جداً من الأدوات التي يملكها العالم العربي والإسلامي التي يمكن تفعيلها وهي كفيلة دحر العدو وكسر شوكته وتحرير فلسطين وإنهاء هذه المعاناة الطويلة والمريرة؟

 

دوماً كان الاحتلال جزءاً لا يتجزّأ من سياسات الكيان الصهيوني منذ تأسيسه عام 1948، ولهذا لم تنحصر ممارسات الصهاينة الاحتلاليّة في أرض الفلسطينيّين، كما أن امتداد الكيان من النيل إلى الفرات جزء لا يتجزّأ من فكر الصهاينة. عليه، وفي حال استمرّ «تكتيف الأيدي» مقابل الصهاينة في قضيّة الحرب ضدّ غزّة، هل سيكون من المحتمل أن تطاول عدوانيّة تل أبيب ورغبتها في الاحتلال سائر الدول التي اكتفت بالإدانة الدبلوماسيّة لممارسات الكيان الصهيوني؟

الصهاينة لا يخفون لا في أدبياتهم الفكرية ولا تصريحاتهم المتكررة أطماعهم في مزيد من السيطرة على أمتنا كلها بالاحتلال المباشرة بصفتها أرضاً موعودة كما الحال مع فلسطين وبعض الدول المجاورة، أو بالهيمنة على البقية لضمان التفوق والسيطرة.

لذلك نحن في اليمن نعتقد ونؤمن بالمقاومة والجهاد الشامل في سبيل الله ضد الصهاينة بوصفهم شراً لا يقتصر على فلسطين.

 

نشهد في اليمن الحضور الاستثنائي للشعب المقاوم في مظاهرات دعم الشعب الفلسطيني. يحدث هذا في وقت يواجه اليمن حكومة وشعباً مشكلات اقتصاديّة كبيرة خلافاً لما هو سائد في عدد من الدول الإسلاميّة التي لم تُقدم على أيّ خطوة خاصّة دعماً لفلسطين. ما السرّ الذي يكمن في هذا النوع من الدعم الذي يقدّمه شعب اليمن؟

رغم ظروف الشعب اليمني التي يعلمها العالم لكن الله وفقه أن يقف هذا الموقف العظيم والمشرف، والأساس فعلاً في هذا الموقف كله هو توفيق الله قبل كل شيء، ثم الإرث الإيماني الذي يملكه الشعب، فاليمن بلد محافظ وملتزم ومتدين بأكمله والرسول - صلوات الله عليه وعلى آله وسلم - قال عنه: «الإيمان يمان والحكمة يمانية». بهذا، تشكلت هوية الشعب اليمني الإيمانية وأيضاً القيادة القرآنية التي أنعم الله بها على الشعب اليمني ممثلة في السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله.. هذه العوامل وغيرها أهلت الشعب اليمني ليكون في مقدمة الشعوب تمسكاً بالقضية الفلسطينية ووقوفاً إلى جانب المقاومة الفلسطينية.

 

مع تعاظم جرائم الصهاينة في قطاع غزّة وغياب تحرك غالبيّة الحكومات الإسلاميّة، بادرت مختلف الجهات في «محور المقاومة» إلى دعم الشعب الفلسطينيّ وتحرّكات ضدّ إسرائيل وداعمها الرئيسي أي أمريكا، كما نفذ الجيش ومعه اللجان الشعبيّة في اليمن خطوات خاصّة جدّاً في هذا الصدد، فما تقييمكم لهذه الخطوات وكيف تعاطى الشعب اليمني معها؟

«محور المقاومة» عامة يقف الموقف الذي يفرضه عليه الواجب الديني والإنساني والأخوي وهذا ليس غريباً على هذا المحور المجاهد الذي حمل راية فلسطين والمستضعفين في الأرض. نحن في اليمن عندما وقفنا هذا الموقف المتقدم الذي لا نعتمد فيه إلا على الله ولا نخشى إلاه ولا نرغب إلا في رضوانه كان له ثمار كثيرة جداً على الأحداث في فلسطين وضد العدو الصهيوني، ثم كان له ثمار على مستوى الداخل عندنا في اليمن، وقوبل بالفخر والاعتزاز لدى مختلف أبناء الشعب اليمني حتى ممن كان يقاتل مع دول العدوان، فكثيرون منهم تغيرت قناعاتهم وزال عنهم التزييف وتحولوا إلى صفنا. الوقوف مع فلسطين فرصة مهمة جداً وليست مخاطرة كما يعتقد بعضهم، فهي فرصة للتوحد ولكسر الطائفية ولتجاوز الخلافات التي زرعها الأعداء خلال المراحل الماضية، وحتى فرصة لكل دولة لتجاوز إشكالاتها وتوجيه طاقات الشعوب نحو مواجهة التحديات وبناء القدرات لنستعيد زمام المبادرة ونبني نهضة حقيقية.