في ما يلي نصُّ مقتطفٌ من كلمة الإمام الخامنئي في مجلس العزاء لذكرى استشهاد الإمام الهادي (عليه السلام):
لم يكن الشيعة في أيّ زمن - من زمن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى آخر عصر الأئمة - منتشرين في العالم الإسلامي، لا كمّاً ولا كيفاً، مثلما كانوا في زمن الإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري (عليهم السلام). كان ذلك إنجاز هؤلاء الثلاثة الأجلاء. كانت بغداد في زمن الإمامين الهادي والجواد مركز التشيّع، بل كانت مركز التشيع أساساً. يقول فضل بن شاذان: «عندما دخلت بغداد لأول مرة، كان هذا المسجد مليئاً بالمحدّثين الشيعة الذين كانوا يعقدون حلقات روائية وينقلون الأحاديث وما إلى ذلك». نعم، كان الحال كذلك؛ في بغداد على نحو معيّن، وفي الكوفة على آخر. لقد بذل هؤلاء الأجلاء جهوداً عظيمة، وبسبب هذا الانتشار كان لا بد أن تنتشر المعارف الشيعية من زمانهم أيضاً، وقد أنجز الإمام الهادي (عليه السلام) هذه المَهمة.
«الزيارة الجامعة [الكبيرة]» هي بحق رائعة، وكذلك «زيارة أمير المؤمنين» في يوم الغدير، التي تتحدث عن فضائل أمير المؤمنين (ع) والتي إذا نظرتم إليها، فسترون كم من آيات «القرآن» قد استُخدمت فيها. لا يمكن لأحد آخر سوى الإمام الهادي (عليه السلام) أو الإمام المعصوم أن ينجز هذا العمل بتاتاً. أي هذا الحضور الذهني وهذا الإتقان في الموضوع وهذا العرض للحقائق على هذا النحو التي بدرت من هؤلاء الأجلاء. لولا جهود الإمام الهادي (عليه السلام)، لما كانت لدينا اليوم «الزيارة الجامعة [الكبيرة]». تلك المعارف التي تحتوي عليها «الزيارة الجامعة» هي معارف فريدة من نوعها، ولم تكن متاحة للشيعة. بعض الأشخاص قرؤوا التاريخ، ولكنهم لم يقرؤوا الحديث، وهم غير مطّلعين على كلام الأئمة ولا على هذه الروايات. هذا هو العيب الكبير في عملهم. يمكن فهم تاريخ الأئمة أفضل عبر هذه الأحاديث، بأنه ماذا حدث في حياتهم، وفي انتقالهم من مكان إلى آخر، وفي إعلان وصاية كل منهم؟ يحمل إعلان وصاية الإمام الهادي نفسه قصة غريبة، ولا بد أنكم لاحظتم في «الكافي» أنه لدى أحمد بن عيسى دور في ذلك، وأدى عملاً ولديه كلام عن ذلك، ويصل الأمر إلى المباهلة وما إلى ذلك. هذه أمور مهمة جداً.
في تدوين التأريخ لدينا وفي تأليف الكتب، وحتى على منابرنا، قليلاً ما يُذكر هؤلاء الثلاثة الأجلاء ويُحقَّق ويُعمل بشأنهم. يجدر جداً لو يعمل بعض الأشخاص على دراسة حياة هؤلاء الأجلاء الثلاثة ويحققوا ويكتبوا عنهم. طبعاً، لقد رأيت أخيراً كتاباً روائياً يذكر معجزة الإمام الجواد. إنه موجود ولكن بقلة. عليهم كتابة مزيدٍ من هذا النوع وكذلك إنجاز أعمال فنية، إن شاء الله.