بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا، أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، [ولا] سيما بقية الله في الأرضين.
لو أنّ الوقت لم ينقضِ، لكنت سأرغب في أن أنتفع بأشعار بعض هؤلاء السادة الذين ذكرتُم أسماءهم، والبعض الآخرين الذين ألاحظ حضورهم في هذا اللقاء، وأنا على علم بأرواحهم اللطيفة وأذواقهم المرهفة [بالحس الفنّي] وأشعارهم الناضجة، ولكن الوقت انقضى وعندما يكون الإنسان مُتعبًا - طبعًا أنتم شباب ولا تتعبون بهذه السّرعة، ولكن الإنسان يتعب سريعًا في أعمارنا على نحو خاص - لا يستمتع بالشعر كما يجدر وينبغي.
بحمد الله، يشهد الشعر الثوري والملتزم نموًا متزايدًا. كانت هذه الليلة بالنسبة إليّ ليلة مُبَشّرة، وإنّ الأشعار التي أُلقيَت، كانت، في الغالب، أشعارًا جيّدة.[1] طبعًا، لم تكن بمستوى واحد؛ بعضها كان أكثر تميّزًا، والآخر كان جيّدًا. يُظهر أسلوب الإلقاء والاهتمام بالدقائق الشعرية أن هذه الأشعار لم تُكتب بأسلوب بدائي، بل تنبع من أعماق هؤلاء الشعراء. وهذا يدل على أن عدد الشعراء الذين نشأوا وتربّوا في البلاد يزداد - بحمد الله - يومًا بعد يوم، ولدينا العديد من أمثالهم.
طبعًا قدّموا إليّ تقريرًا أيضًا يفيد أنّ الشعراء الملتزمين والثوريّين اجتازوا الاختبار في عام 1403 ه.ش. (2024-2025) على نحوٍ حسن في المراكز ذات الصّلة بالشعر.
إنّ موجة انتشار الشعر هذه، خاصّة بين الشباب، تبعث الأمل على نحو كبير. الشعر مهمّ، وهو فنّ استثنائي. لم تتمكّن وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وأشكالها من خفض مكانة الشعر باعتباره وسيلة إعلامية قوية ومؤثرة. الشعر هو حقًّا وسيلة إعلاميّة مُؤثّرة، لذلك، كلما تقدّم الشعر وازداد عدد الشعراء الجيدين، كان ذلك مدعاة للسرور والفرح.
طبعًا، تضاعفت الكميّة كثيرًا - هذا مميّزٌ جدًّا - ونحن نتوقّع أن ترتقي الجودة بالمستوى نفسه أيضًا. ترجح في الوقت الراهن الكميّة على الجودة بين مجموعة شعرائنا الشباب الجيّدين، ولكن هذه المواهب التي أراها، ستغدو كلّها ذات جودة عالية، إذا استمرّوا على النحو الحسن وتقدّموا إلى الأمام. بحمد الله، لا ينقصنا الشعراء المتميزون؛ أي إنّ الشعراء الجيّدين والأقوياء والشعراء الذين توقّعنا أن يبلغوا مستوى جيّدًا، وقد بلغوه، موجودون - بفضل الله - بين مجموعة الشعراء الملتزمين والثوريّين. ومع ذلك، قلت مرارًا وتكرارًا إنه يجب ألّا يشعر أحد– سواء في مجال الشعر وغيره - بالاكتفاء بمجرد ملاحظة تقدمه.
إنّكم حين تلاحظون ارتقاء أشعاركم وتعزّز قدراتكم وأنّ نتاج أعمالكم أصبح نتاجًا بارزًا، يجب ألّا يُقنعكم هذا الأمر، والسّبب هو أنّكم لا تزال تفصلكم مسافة عن «الحافظ» و«سعدي»[2] و«النظامي»[3]. ما أعتقده هو أنّ زماننا قادرٌ على إنتاج أمثال «سعدي»، قادرٌ على ذلك. حسنًا، ما هي هذه العوامل تصنع من الشاعر شاعراً، وتجعله قادراً على توظيف الألفاظ والصياغات والكلمات؟ هذا بحث مفصل، ولا أرغب أن أتحدث عنه. على أيّ حال، هذه المرحلة هي مرحلةٌ يُشجَّع فيها الشاعر، وهذا لا يتعارض مع وجود شكاوى وعتابات لدى الشعراء باستمرار. كان الحال على هذا النحو دومًا، منذ بدايات ولادة الشعر في إيران، أي قبل ألفٍ ونيّف من الأعوام، دائمًا ما كان لدى الشعراء عتاب. لاحظوا، الشعراء الكبار مع ما كانوا يتمتّعون به كلّه في بلاط الملوك والأموال التي يجنونها مقابل مدحهم [يقول أحدهم]:
«سمعتُ أنّ العنصري[4] قد صنعَ من الفضة *** الدِقْدان[5] ومن الذهب آلات الموسيقى»[6]
رغم هذا كلّه، كانت لديهم شكاوى ويشتكون من الحياة باستمرار. هذا الأمر قائم، ولا يمكن نفيه ولن ينتهي كذلك. السبب في ذلك هو أنّ فوضى الحياة وانحرافاتها لا تنتهي، ولكن الآخرين لا يلاحظونها، ويراها الشاعر. الآخرون لا يملكون اللسان الذي يخوّلهم التعبير عنها، والشاعر يملك هذا اللسان. هذا هو السّبب، ولا ضير في هذا الأمر. لكنّ، بحمد الله، ما يتمتّع به شعراؤنا اليوم على المستوى الاجتماعي - لا شأن لي بالقضايا الماديّة - واحترامهم، كون هذا شاعرًا وكون هذا من أهل هذا الفنّ العظيم، محفوظٌ في مكانه.
في عهد الطاغوت[7]، رأينا شعراء كبارًا كانوا شعراء بارزين حقًّا، [ولكن] لم يكن يكترث بهم أيّ أحد. حسنًا، المرحوم أميري فيروزكوهي على سبيل المثال كان شاعرًا عظيمًا، وفي رأيي، كان أعظم شعراء زمانه بين منشدي الأشعار الغزليّة، ولكن لم يكن أحدٌ يكترث لأميري، أي لم يكن لأحدٍ أيّ شأنٍ به. إذا كان يمشي في الشارع، لم يكن أحدٌ يُسلّم عليه في شارع بيته نفسه. لم يكن يُدعى أبدًا إلى أيّ برنامج إذاعي وأيّ برنامج تلفزيوني - لم تكن كثيرةٌ حينها طبعًا - بل وحتّى لم يكن يُدعى هو وأمثاله إلى وسائل الإعلام الصحافيّة. كان العمل الوحيد الذي يحدث، هو على سبيل المثال، أن تقدم الصحيفة الفلانيّة، ولكي تملأ صفحتها، على نشر غزل للشاعر «رهي» أو «أميري» أو آخرين على سبيل المثال. لم يكن أحدٌ يكترث بهؤلاء. الشاعر اليوم يحضر في التلفزيون والإذاعة وفي مختلف البرامج وأمثال هذه. لذلك، الأرضيّة اليوم متوافرة للتحوّل إلى مثل «سعدي» ومثل «حافظ» ومثل «نظامي»، ويمكن التقدّم إلى الأمام.
في ما يتعلّق اللغة التي اكتسبها شعرنا اليوم، فهذه اللغة لغة غير مسبوقة. أي إنّ لغة هذه الأشعار التي ألقيتموها الآن هي لغة غير مسبوقة، وهي من صنع عهد الثورة الإسلاميّة. وأمّا بالنسبة إلى قصتها فذلك يحتاج إلى بحث وتأمّل. طبعًا، بعض الأشخاص عملوا [على هذا الموضوع]، لكن الأمر ليس واضحًا وجليًّا تمامًا بالنسبة إليّ، ولكن اللغة لغة جديدة. إنّها ليست لغة تلك الأشعار الخراسانية القديمة، ولا لغة الأشعار الغزليّة من النوع العراقي، ولا لغة الأشعار الغزليّة الهنديّة، فيها شيء من كل واحدة من هذه، وفيها شيء إضافي عليها، وهذا خاص بها. بطبيعة الحال، هذا بحد ذاته أمرٌ مهمٌّ جدًّا. يمكننا أن نتخيل ظهور شاعر عظيم، شعراء عظام، قامات شامخة في عصرنا. نأمل أن يتحقق ذلك إن شاء الله.
باطن الشاعر يؤثّر في شعره، لأنّ ما تقولونه يتفجّر من أعماقكم. وكلّما كان باطنكم أنقى وأصفى، كان شعركم أنقى وأصفى. أي يجب الالتفات إلى هذا الأمر حتمًا، وقد لاحظنا نماذج على ذلك، أي الشعراء الذين ألقوا الأشعار انطلاقًا من روحيّاتهم الخاصّة ويفصح شعرهم عن تلك الروحيّات. نصيحتي هي أن يحرص الشعراء الشباب على وجه الخصوص، الذين يتعرضون إلى مسائل معينة بسبب ذوقهم ومشاعرهم الرقيقة وما شابه ذلك، أن يحرصوا قدر الإمكان على التقوى والالتزام الشرعي والتمسك بالأسس المعرفية.
لذلك تلاحظون في القرآن الكريم في آخر سورة الشعراء أنّه [تعالى] يقول بشأن الشعراء: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (الشعراء، 227). لماذا «ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا»؟ حسنًا، على الجميع أن يُكثروا من ذكر الله، ولكن أن يُخصّص الشعراء في قضيّة «ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا»، فمن الواضح إذًا أنّ الشاعر يحتاج هذا الذكر الكثير، أي ينبغي الإكثار من الذكر.
من توصياتي الاستفادة من كنز الأدب الفارسي. نعم، نحن قلنا إن أسلوب شعركم يختلف عن أسلوب «سعدي»، ولكن «سعدي» مجموعة هائلة من التجارب الفنيّة، أو «حافظ» في الدرجة التالية، وبعض [الشعراء] الآخرين، الذين لا يمكن حقًّا العثور على أمثالهم. هؤلاء بارزون جدًّا من ناحية المدّخرات الفنيّة. يمكن استخلاص النقاط من كلّ واحدة وكلّ ذرّة من أشعار هؤلاء، أي أنتم ذوو الذوق الرفيع وأنتم الشباب وأنتم الذين ترون بعض الأمور التي لا يستطيع أمثالنا رؤيتها، يمكنكم الاستفادة من كثير من الأمور الجيّدة. ما أرجوه منكم أن يُراجَع هؤلاء ويُعاد إليهم.
أشير إلى نقطة أخرى، وهي موضوع شعر الحب، غزل الحب. أحيانًا ألاحظ هنا في هذه الجلسة - لقد حدث ذلك أيضًا في السنوات الماضية - أن غزل الحب يُنظر إليه كما لو أنه جريمة أو شيء سلبي مثلًا. كلا، في النهاية، تتولد في الشاعر مشاعر تدل على المحبة وعلى الحب على نحو ما، ولا إشكال في ذلك؛ لذا، ليس هناك أيّ إشكال في نظم شعر الحب. إلى جانب الأشعار التي تتناول المفاهيم المقدسة والسامية، فلينظم شعر الحب أيضًا، ولا إشكال في ذلك؛ ولكن المهم هو أن شعر الحب في سنّة الشعر الفارسي كان دائمًا عفيفًا ونجيبًا؛ لا تسمحوا لشعر الحب الخاص بكم أن يخرج عن هذه النجابة والعفة؛ هذا جوهر كلامي. إنّ ابتذال شعر الحب وغياب الحواجز والحياء فيه هما أمران غير سليمَين. في زمن الطاغوت، كان بين الشعراء أشخاص تعمّدوا هذا الأمر. لقد ذكرت في وقتٍ ما أسماء بعضهم، ولكنني لا أرغب في تكرارها الآن؛ ولكن، طبعًا، يمكن كتابة شعر الحب من دون أيّ خدش في جوانب العفة والنجابة وما إلى ذلك. هذه نقطة مهمة وضرورية أيضًا.
هناك نقطة تتعلق بالمضمون وصناعته. طبعًا، في الأشعار التي قُرئت الآن، توجد مضامين جيدة، وللإنصاف المرء يرى فيها [فن] البحث عن المضمون وصناعته، ولكن يمكن التعبير عن الموضوع نفسه بلغات متعددة. يمكنكم أن تعبّروا عن الموضوع نفسه الذي قاله مئة شاعر آخر - لأن المواضيع كثيرة جدًا؛ فكما قال [الشاعر]: «يمكن أن أتحدث دهرًا في وصف خصلة شعر الحبيب»[8] - بتركيبات وأشكال جديدة؛ وهذا يصبح مضمونًا. الشعر الهندي الذي يُقال إنه يحتوي على مضمون، يعني هذا؛ وإلّا ليست الحال أنّ الأشياء الموجودة في الشعر الهندي غير موجودة في الأشعار الأخرى، [بلى] ولكنها ليست بالأسلوب نفسه المستخدم في الشعر الهندي، ولا بتلك المضامين نفسها.
«أسعدني مرورك بين أندادي متبخترة *** حتى وإنْ تناثرت في هديرك حفنة ترابي»[9]
ألم يقُل أحد هذا [المضمون]؟ بلى، ربما يمكن للمرء أن يجد عشر قصائد [بهذا المضمون نفسه]؛ ولكن تعبير «دَمَنکَشان گذشتی» (تجرّين ثوبك؛ كناية عن التبختر)، هو صناعة للمضمون. طبعًا، هذا المعنى موجود في شعر «صائب»[10] بكثرة جدًا - أي إن شعر صائب من أوله إلى آخره هو على هذا المنوال - وكذلك الشعراء الذين يتبعون صائب مثل «حزين»[11] وأمثاله، هم على المنوال نفسه، ولكن النقطة المعقدة هنا هي شعر المرحوم «بيدل»[12]، الذي طبعًا شعره صعب جدًا، ولا أعتقد أنه من الضروري أن نصرّ على صناعة مضامين على ذلك النحو إذ تحتاج إلى شرح وتفصيل. طبعًا، مرتبة «بيدل» عالية جدًا، وهو في الشعر، سواء في الألفاظ أو في المعنى، نادر النظير؛ ولكن لا يوجد إصرار على أنه يجب أن يُقال الشعر بتلك الطريقة حتمًا. على أي حال، المضمون ضروري؛ كما إن اللغة واستخدام المفردات المناسبة أمر ضروري، ومن الضروري كذلك ألا يكون هناك استخدام في الشعر للغة العوام أو طريقة الكلام الشائعة خصوصًا من مستوياتها الدنيا. إذا روعيَت هذه الأمور، سيرتقي الشعر ويصبح مميزًا. لقد دوّنتُ هنا «مضامين تعليمية بلغة بليغة وعذبة، مصحوبة بمشاعر شاعرية لطيفة ورقيقة»؛ إذا توافرت هذه العناصر، فإن الشعر سيكون شعرًا مميزًا حقًّا.
هناك نقطة أخرى تتعلق بالمفاهيم السائدة في زماننا. في رأيي، نادرًا ما كان هناك زمن تبرز فيه هذه المفاهيم الاجتماعية الملهمة بهذا الكمّ. الآن، لاحظوا أنه في هذه الجلسة تُحدِّث عن الشهيد سليماني والشهيد رئيسي والشهيد السنوار والشهيد نصر الله، ومن المؤكد أن عددًا من الحاضرين المحترمين كانوا مستعدين [للحديث] أو ربما لديهم فعلًا قصائد عن هؤلاء الأشخاص، أي إنهم بالتأكيد لديهم، فقد سمعت من السيد ملكيان وبعض الأصدقاء قصائد رائعة في هذه المجالات. إذن، هذه مواضيع مهمة. في الواقع، إنها ما يُحيي المفاهيم التي يجب أن تبقى حية في أذهان الناس. هذا هو فنّ هذا العصر. في رأيي، إنه أمر ضروري أيضًا.
كذلك المفاهيم التوحيدية والمعرفية والحكمة في الشعر. عندما قلت إنّ شعر أحد الأصدقاء كان حقًا حكمة، كان ذلك صحيحًا تمامًا؛ بعض التعبيرات والمفاهيم التي تُقال في الشعر هي مفاهيم حكمية من المستوى الراقي، وهذه أمور قيّمة جدًا. يجب السعي وراء هذه الأمور، وطبعًا، سيكون لها مخاطب محدود، فلا شكّ في أنه لن يفهم الجميع تلك المفاهيم.
«سألته من أين أنت؟ تبسّم ساخرًا وقال *** نصفي من تركستان ونصفي من فرغانة»[13]
هذا لا يفهمه أناس كثيرون، ولا يعرفون ما الذي يقصده؛ أي هذه الحالة من السُّكْر التي يتحدث عنها:
«يا عازف البربط[14] الغجري، أأنا ثملٌ أكثر أم أنت؟ *** بجانبك أيّها السكران يغدو سحري أسطوريًّا»[15]
نحن غالبًا لا نفهم ما هذا المعنى، ولكنه موجود بالفعل، وله مَن يرغب فيه ومَن يفهمه؛ هناك أشخاص يفهمون هذه المضامين، وإذا تمكّن أشخاص من نظمها، فسوف يجدون جمهورًا جيدًا في هذه المجالات.
لديّ رأي أيضًا في أسلوب الاستفادة من التلفزيون؛ طبعًا، إنه ذوق شخصي، ولا أريد أن يُفهم على أنه أمر ونهي في هذا المجال. أن نأتي بشاعر جيد ومتطابق مع معاييرنا، ونستضيفه في برنامج أسبوعي منتظم، لمدة ساعة، لكي يستمع إلى شعر شاب ما أمام عين المشاهد، أو شعر هذا الشاب وذاك، ثم يناقشه ويتحدث عنه، فإن هذا العمل يقلل من مكانة الشاعر. لا أعتقد أن هذا هو الأسلوب الأمثل لاستفادة التلفزيون من الشاعر، ولا أرى أن الجميع يستفيدون منه في هذه الحالة. أي ما أخشاه هو أن تجعل هذه الأنواع من البرامج الشعرَ تجاريًا، وتجعل الشاعر الجيد تجاريًا أيضًا. طبعًا، يجب أن يُقرأ الشعر في التلفزيون وفي الراديو، ولكن بأساليب جيدة ومحددة. ينبغي أن يُقرأ الشعر الجيد مع مقدمة جيدة؛ ولا بدّ من وجود مذيع جيد، يقول على سبيل المثال: «حسنًا، لدينا شاعر بهذه الخصائص، قد كتبَ قصيدة في هذا المجال»، ثم يأتي الشاعر بكل احترام ليجلس هناك ويقرأ قصيدته؛ هذا أمر جيد جدًا. لكن إذا كان كما وصّفتُه، فإن ذلك في رأيي يقلل من مكانة الشعر، ومن الطبيعي ألّا ينال جمهورًا كبيرًا؛ يعني أن الناس والجميع لا يحبون هذا النوع من البرامج الشعرية. على أي حال، نأمل، إن شاء الله، أن تُراعى الجوانب كافة.
أحد الأصدقاء الذين قدّم لي مشورة بشأن مواضيع هذا المساء، لفت انتباهي إلى نقطة جيدة، وهي أنه في كتب الشعر في تراثنا، كان هناك عرف بأن تبدأ الكتب بالتوحيد والتحميد؛ «أبدأ الكتاب باسم الربّ الحكيم»[16]. بل حتى «مولانا»[17]، الذي لا يورد اسم الله وما إلى ذلك؛ في الحقيقة، يتحدّث عن ذلك الوصال الأزلي وتلك العلاقة الروحية وما إلى ذلك، التي هي يُقصد بها الله وروحانية وهي معرفة أيضًا.[18] من وجهة نظري، إذا تمكنّتم من مراعاة ذلك، فسيكون الأمر جيدًا؛ أي إن الكتاب الذي تطبعونه من أشعاركم، يجب أن يبدأ بالأشعار المعرفية والتوحيدية والتحميدية. أسأل الله يوفقكم جميعًا، إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] في مُستهل هذا اللقاء، ألقى جمعٌ من الشعراء قصائد لهم.
[2] أبو محمّد مُشرف الدين مُصلِح بن عبد الله بن مشرّف، الشهير بلقب «سعدي».
[3] جمال الدين أبو محمّد إلیاس بن یوسف بن زكي بن مؤيد، الشهير بلقب «النظامي الكنجوي».
[4] أبو القاسم حسن بن أحمد العنصري البلخي، الشهير بلقب «العنصري».
[5] الدِقْدان، وهي معرّبة فارسيتها: دیگدان؛ اسم لما تُنصَب عليه القِدْر.
[6] بيت للشاعر أفضل الدين إبراهيم بن علي الشرواني، الشهير بلقب «الخاقاني»، «ديوان الأشعار»، القصائد: « شنیدم که از نقره زد دیگدان *** ز زر ساخت آلات خوان عنصری».
[7] إشارة إلى مرحلة الحكم البهلوي.
[8] مصرع بيت للشاعر صائب التبريزي، من «ديوان الأشعار»، الغزليات: «یک عمر میتوان سخن از زلف یار گفت».
[9] بيت للشاعر «حزين»، من «ديوان الأشعار»: «شادم که از رقیبان، دامنکشان گذشتی *** گو مشتِ خاکِ ما هم بر باد رفته باشد».
[10] محمد بن علي صائب التبريزي، الشهير بلقب «صائب».
[11] محمد علي اللاهيجي، الشهير بلقب «حزين».
[12] الميرزا عبد القادر بن عبد الخالق أرلاس، الشهير بلقب «بيدل».
[13] بيت للشاعر جلال الدين الرومي، «ديوان شمس تبريز»، الغزليات: «گفتم ز کجایی تو، تسخر زد و گفتا من *** نیمیام ز ترکستان، نیمیام ز فرغانه».
[14] هو «عود» ذو أصل فارسي كبير منتشر في أنحاء آسيا الوسطى جميعها وخاصة منذ الإمبراطورية الساسانية، ويتميز البربط بأنه منحوت من قطعة واحدة من الخشب، بما في ذلك الرقبة ولوحة الصوت الخشبية.
[15] بيت للشاعر جلال الدين الرومي، «ديوان شمس تبريز»، الغزليات: «ای لولی بربطزن تو مستتری یا من؟ *** ای پیش چو تو مستی، افسون من افسانه».
[16] مصرع بيت للشاعر سعدي، «ديوان الأشعار»، الغزليات: «اوّل دفتر به نام ایزد دانا».
[17] جلال الدين الرومي.
[18] راجع: «الأرجوزة المعنوية» لجلال الدين الرومي، الكتاب الأول.