بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب بكم جميعاً أيها الإخوة و الأخوات و الشباب الأعزاء الذين تجشّمتم عناء السفر من مناطق بعيدة و قريبة، و جعلتم يوم عيدنا عيداً بالمعنى الحقيقي للكلمة. اجتماع محبّي أهل البيت (ع) و عشاق سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (ع)، و القلوب المبتهجة بمناسبة ميلاده السعيد، تجعل يوم العيد عيداً حقيقياً. نتمنّى أن يكون الشعب الإيراني أكثر توفيقاً و شموخاً و بهجة يوماً بعد يوم، و في كل الأحوال، و مع مرور الزمن إن شاء الله، و من خلال التوسّل بالعناية الإلهية و التمسّك بمنهج أهل البيت (عليهم السلام) و المعارف الإسلامية.
يوم ولادة الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه الصلاة و السلام) يوم عظيم. و على حدّ تعبير الحاج الميرزا جواد التبريزي الملكي - العالم و الفقيه و العارف الكبير - يجب اعتبار عظمة يوم الثالث من شعبان قبساً من عظمة الحسين بن علي.. إنه يوم عظيم. لقد ولد في هذا اليوم شخص ارتبط مصير الإسلام به و بحركته و بنهضته و بتضحياته و إخلاصه. لقد عرض هذا الإنسان الجليل حركة - لا نظير و لا شبيه لها - على تاريخ البشرية و قدّمها أمام أنظار البشرية، سوف لن تنسى أبداً. إنه نموذج و قدوة. التضحية من أجل الهدف الإلهي، و بذلك الحجم، و بتلك المقاييس العظيمة، و التضحية بمعنى تقديم الروح و تقديم أرواح الأعزة، و وقوع حرم أهل البيت في الأسر، بذلك الوضع و بتلك الفاجعة، و الصبر على تلك الحادثة العسيرة من أجل بقاء الإسلام، و من أجل تخليد مقارعة الظلم كمبدأ في تاريخ الإسلام و في تاريخ البشرية، هذا شيء لا يمكن أن نجد له نظيراً. الكثيرون استشهدوا في سبيل الله، و في ركاب الرسول الأعظم (ص)، و في ركاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، و في ركاب الأنبياء الإلهيين، لكن أيّاً من ذلك لا يمكن مقارنته بحادثة كربلاء. ثمة فرق بين الشخص الذي ينزل ساحة الحرب وسط تشجيعات أعوانه و هلاهلهم و مواكبتهم و على أمل الفتح و الانتصار، ثم يستشهد و يسقط إلى التراب - و له بالطبع أجر جزيل كبير - و بين تلك الجماعة التي نزلت الساحة وسط عالم مظلم مُعتم، و في حين رفض كل كبار العالم الإسلامي مواكبتهم، بل و لاموهم على خطوتهم تلك، و لم يكن لهم أمل في نصرة أحد، و منعهم شخص مثل عبد الله بن عباس عن المسير، و منعهم شخص مثل عبد الله بن جعفر، و امتنع الأنصار و المخلصون و المحبّون في الكوفة عن مواكبتهم، و بقي وحيداً فريداً ليس معه إلّا عدد قليل من الأنصار الخلّص و عائلته من قبيل الزوجة و الأخت و أبناء الأخت و أبناء الأخ و الشباب و الأبن ذي الستة أشهر. هذا حدث عجيب، و منظر عظيم في التاريخ عرض مقابل أنظار البشرية. لقد أعدّ الإمام الحسين (عليه السلام) نفسه لمثل هذا اليوم.
طبعاً حياة الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) على امتداد تاريخ حياته لمدة أكثر من خمسين عاماً كلها دروس و عبر، ففترة طفولته دروس، و فترة شبابه دروس، و سلوكه خلال فترة إمامة الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) دروس، و سلوكه و مواقفه بعد استشهاد أخيه الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) كلها دروس. لم يكن الأمر بحيث يقال إن ما قام به الإمام الحسين (ع) كان في اليوم الأخير فقط، بيد أن عظمة واقعة كربلاء من التألق و الضخامة بحيث تهمّش جميع الأنوار الأخرى و كأنها الشمس المشرقة. و إلّا فخطبة الإمام الحسين (عليه السلام) مخاطباً العلماء و الأكابر و الصحابة و التابعين في منى - و المذكورة في كتب الحديث - وثيقة تاريخية. و رسالته مخاطباً العلماء و الكبراء و أركان الدين و شخصياته في زمانه - « ثمّ أنتم أيتها العصابة، عصابة بالعلم مشهورة» (1) و المرويّة في كتب الحديث المعتبرة تعدّ هي الأخرى وثيقة تاريخية مهمة. و تصرفاته و مواقفه عليه السلام، و تعامله مع معاوية و رسالته لمعاوية، و تواجده إلى جانب أبيه في فترة خلافته القصيرة عليه الصلاة و السلام، هذه كلها دروس، على أن واقعة عاشوراء شيء آخر. اليوم يوم ولادته عليه السلام، و يجب استلهام الدروس في مثل هذا اليوم من الحسين بن علي. درس الحسين بن علي عليه الصلاة و السلام للأمة الإسلامية هو إنه يجب الاستعداد دوماً من أجل الحق و من أجل العدل و من أجل إقامة العدل و لمواجهة الظلم، و يجب تقديم كل ما يمتلكه الإنسان إلى الساحة. و التضحية بتلك المستويات و بتلك المقاييس ليس مما نقدر عليه أنا و أنتم، و لكن يمكن العمل بما يتناسب و وضعنا و أخلاقنا و عاداتنا. يجب أن نتعلم.
و لحسن الحظ فإن الشعب الإيراني تعلم اليوم هذا الدرس من الحسين بن علي (ع). منذ أكثر من ثلاثين عاماً و قاطبة الشعب الإيراني يسير في هذا الطريق، و يوجد بالتالي نوادر و شواذ هنا و هناك، لكن مسيرة قاطبة الشعب الإيراني هي في درب الحسين بن علي (ع). كان مصيره عليه السلام الشهادة، غير أن درسه ليس درس الشهادة و حسب. هذه الحركة حركة مباركة، و قد تنتهي أحياناً كما حصل للإمام الحسين بن علي (عليه السلام) بالاستشهاد، بيد أن هذه الحالة و هذه الروح مفيدة لإقامة دين الله و لكل البركات المترتبة على إقامة دين الله. نزل الشعب الإيراني إلى الساحة بهذه الروح، و هدّم بناء ظلم وطني و دولي في إيران، و شيّد مكانه صرحاً إسلامياً. ليس الأمر أن كل من سار في درب الحسين بن علي (ع) سيكون ختام أمره عدم الانتصار الظاهري و الدنيوي، كلا، لقد وضعوا هذا الدرس و هذا الدرب أمام أنظار البشرية و قالوا حتى لو كنتم تريدون الدنيا و العزة فهما في هذا الدرب، و يجب السير في هذا الطريق. و قد جرّب الشعب الإيراني هذا الطريق، و يجب أن يعرف قدر هذا الطريق. لقد نزل شعب إيران إلى الساحة بروح حسينية و عاشورائية، و انتصر في ثورة عظيمة و ربما أمكن القول منقطعة النظير في هذه القرون الطويلة التي نعرفها، أو هي نادرة النظير على الأقل. لقد اتخذ الشعب الإيراني هذا المنهج و تقدم إلى الأمام لحد الآن. و طبعاً ليس الأعداء على استعداد للاعتراف بوسائل إعلامهم و مكبّرات صوتهم بتقدم الشعب الإيراني، لكن الشعوب في العالم ليست عمياء، فهي ترى و تقارن، أين إيران في زمن الطاغوت من إيران في زمن الجمهورية الإسلامية؟ أين إيران سنة 57 [1979 م] من إيران سنة 92 [2013 م] ؟ أين اليوم من البارحة من حيث العلم و السياسة و الأمن و التمكّن من أحداث المنطقة و التأثير في وقائع العالم، و في الأمل و الثقة بالنفس للسير في طريق العزة و السعادة؟ الشعب الإيراني اليوم يخبّ سريعاً نحو الأمام. و سوف تستمر هذه المسيرة العارمة و تتصاعد يوماً بعد يوم. و أقولها لكم: كل القرائن تدلّ على هذا. هذا فصل من الفصول.
و إلى جانب هذا الفصل نقول أيضاً إنه بغضّ النظر عن الثالث من شعبان، فقد دخلنا في شهر شعبان، و هو شهر العبادة و التوسّل و المناجاة.. «و اسمع دعائي إذا دعوتك و اسمع ندائي إذا ناديتك» (2). إنه فصل مناجاة الله تعالى، و فصل ربط هذه القلوب الطاهرة بمعدن العظمة و النور.. يجب معرفة قدر هذا. هذه المناجاة الشعبانية تحفة وضعت بين أيدينا. لدينا الكثير من الأدعية و كلها زاخرة بالمضامين الراقية، لكن لبعضها تميّز خاص. سألتُ إمامنا الخميني الجليل (رضوان الله عليه) ما هو الدعاء المأثور عن الأئمة (عليهم السلام) الذي يُعجبك و تهواه أكثر؟ فقال دعاء كميل و المناجاة الشعبانية.. هذان الدعاءان. كان الإمام الخميني كله قلب متوجّه إلى الله، و من أهل التوسّل و التضرّع و الخشوع و الاتصال بالمبدأ، و كانت الوسيلة الأفضل في رأيه هو هذان الدعاءان: دعاء كميل و المناجاة الشعبانية. و حين يراجع المرء هذين الدعاءين و يدقّق فيهما يرى كما هما متشابهان، فثمة فيهما مواطن شبه كثيرة. إنهما مناجاة الإنسان الخاشع المتوكّل على الله: «كأني بنفسي واقفة بين يديك و قد أظلها حسن توكلي عليك، فقلت ما أنت أهله، و تغمّدتني بعفوك» (3). الأمل.. الأمل بمغفرة الله و رحمته و توجّهه و عنايته، و علوّ الهمّة في الطلب من الله.. «إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، و أنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك» (4). شهر شعبان مثل هذا الشهر.. لتتزوّد القلوب الطاهرة النورانية و القلوب الشابة من هذه الفرصة و تنتفع، و لتعززوا علاقتكم بالله.
في درب العظمة و العزة التي سار فيه الشعب الإيراني، للتوجّه إلى الله و التوكل عليه و الارتباط به دور كبير و أساسي. البعض غافلون عن هذا و يعوّلون على الحسابات المادية المحضة، و كأنه لا مكان أبداً في حساباتهم للمعنوية و العون الإلهي و التوكل على الله و حسن الظن بوعوده. مثل هذه الحسابات المادية موجودة لدى مستكبري العالم أيضاً، و حساباتهم المادية أفضل من حساباتكم، فلماذا يتراجعون إلى الوراء يوماً بعد يوم؟ لماذا يعانون من كل هذه المشكلات؟ لماذا يضطرون لممارسة الظلم و الجور؟ لماذا يضطرون لتجييش الجيوش إلى أفغانستان و العراق و باكستان و تقتيل الناس الأبرياء؟ «و إنما يحتاج إلى الظلم الضعيف» (5). الضعيف هو الذي يحتاج إلى الظلم و ممارسة الظلم. لأن أيديهم تألف السلاح يستخدمون هذا السلاح دون تحرّج و بكل ظلم و عدوانية و انفلات. هذا بحدّ ذاته تراجع إلى الوراء. إنه تراجع إلى الوراء في المعايير المعنوية و في الحسابات المادية. الحضارة الغربية تنسج حول نفسها كل يوم مزيداً من المشكلات، و هذه المشكلات سوف تسقطهم و تدمّرهم. و هذا بسبب قطع الصلة بمبدأ الوجود، و فصم العلاقات بمعدن النور و العظمة.. «فتصل إلى معدن العظمة و تصير أرواحنا معلقة بعزّ قدسك» (6). هذه أمور لازمة.. و هذه الأرضية اليوم مهيّئة و مُعدّة لشعب إيران.
و لانتقل هنا إلى قضية الانتخابات. قلنا «الملحمة السياسية»، و قد بدأت هذه الملحمة السياسية اليوم، و طبعاً سيكون يوم الجمعة ذروة هذه الملحمة السياسية. لكن يشاهد الإنسان اليوم و الحمد لله أن الملحمة السياسية قد بدأت و انطلقت. لانتخابات هذا العام لون و نكهة مختلفة. تسمّرت عيون العالم كله على هذه الانتخابات. أعداء الشعب الإيراني عيونهم على هذه الانتخابات، و كذا الحال بالنسبة لأصدقاء الشعب الإيراني. يريدون أن يروا ماذا سيفعل شعب إيران. أنفق الأعداء الكثير من الأموال و بذلوا الكثير من الجهود و المساعي و سلكوا الكثير من السبل و اتبعوا العديد من السياسات، و شكلوا على حد تعبير غرف عمليات من أجل أن يجدوا سبيلاً لفصل الشعب الإيراني عن النظام الإسلامي. و الشعب الإيراني بمشاركته و تواجده عند صناديق الاقتراع و مساهمته في الانتخابات يثبت صلته و أواصره المتينة بالنظام الإسلامي. هذا شيء ماثل أمام أنظار الناس. بهذه الأشواق و الحماس الذي يشاهد لدى الشعب الإيراني اليوم - و هو حماس و شوق مبارك و الحمد لله - و بالأمل بالله و التوكل عليه و بهمّة الشعب العزيز سوف تتحقق هذه الملحمة بالمعنى الحقيقي للكلمة، و ستكون استعراضاً للاقتدار من قبل شعب إيران و نظام الجمهورية الإسلامية أمام أنظار الأعداء. بذلوا كل هذه المساعي لفصل الشعب و جعله غير آبه و سيّئ الظن بالانتخابات و بالأجهزة التي تقيم الانتخابات، لكنهم أخفقوا و سيخفقون أيضاً إن شاء الله. إنها تجربة مهمة و كبيرة مقابل الشعب الإيراني. ما أصرُّ عليه هو المشاركة القصوى و العامة لشعب إيران، و ذلك لأننا نرى و نعلم أن المشاركة المتلاحمة للشعب و المساهمة المتفائلة و المشوقة و المقتدرة للجماهير من شأنها بث اليأس في نفوس الأعداء. و حين يصاب العدو باليأس فسوف يفقد فاعليته و قدرته على العمل. حين تلاحظون أن العدو و في ميادين مختلفة و من زوايا متنوعة قد يمارس التعرّض أحياناً و العدوان أحياناً و يتقدّم أحياناً فلأن هناك من يشعلون له الضوء الأخضر و يبثون الأمل في نفسه. بعض الكلام يبث التفاؤل و الأمل في نفس العدو. بعض المواقف و السلوكيات و الممارسات تجعل العدو آملاً مندفعاً. و حين يكون العدو آملاً فسوف يزيد من ضغوطه. و حين يقنط العدو فسيرى بالطبع أن لا فائدة من الضغوط فيسير في درب آخر. تحصين البلد رهن بمشاركة الشعب، و تقليل ضغوط الأعداء منوط بتواجد أبناء الشعب و اتحادهم و انسجامهم مع النظام و جهاز الجمهورية الإسلامية، و بالشعور بالثقة المتبادلة بين الشعب و المسؤولين. ينبغي تعزيز و تقوية هذا الشعور باستمرار.
و الحمد لله كان سياق الانتخابات إلى هذا اليوم سياقاً جيداً. من النقاط المميّزة و الإيجابية التي يشاهدها المرء - عن طريق الأخبار التي تصلنا و المعلومات الواضحة المتوفرة - هي أن خطاب الشعب في هذه الانتخابات هو خطاب النزعة القانونية و الالتزام بالقانون. مع أي شخص تتحدثون و تتحاورون يتحدث عن اتباع القانون و الالتزام به. هذا شيء قيّم و مميّز جداً. النزعة القانونية و احترام القانون. لقد أصيب الشعب بأضرار بسبب عدم الالتزام بالقانون. عدم اتباع القانون في سنة 88 و سحقه كان في الواقع سحقاً للبلد. و هذا ما شاهده الناس. و من المظاهر المميّزة في الوقت الحاضر أن نظرة الجماهير هي نظرة اتباع القانون و الالتزام به. لحسن الحظ فإن المسؤولين و المرشحين المحترمين على اختلافهم راعوا الجوانب القانونية إلى اليوم. و سيكون الأمر على نفس هذا المنوال في المستقبل إن شاء الله. هذه نقطة على جانب كبير من الأهمية.
النقطة المهمة الأخرى هي أن الخطوة التي قامت بها مؤسسة الإذاعة و التلفزيون - أن يحضر مرشحون مختلفون و بتوجّهات مختلفة، ثمانية أشخاص بثمانية ميول و ثمانية أنواع من النظر و الرؤى لقضايا البلاد المختلفة و يطرحوا تصوراتهم و آراءهم أمام أنظار الناس و أسماعهم - أخجلت الذين راحوا منذ سنين طويلة يجعرون بعدم وجود حرية تعبير عن الرأي في هذا البلد. الشيء الذي قامت به مؤسسة الإذاعة و التلفزيون و عرّفت الجماهير على أفكار المرشحين و تصوّراتهم و آرائهم و نظراتهم بشكل مباشر و وجهاً لوجه، كان في رأيي عملاً مفيداً و قيّماً جداً. البعض يجعرون دوماً و منذ سنين: بأنهم يمنعون و لا يسمحون و لا يعطون منبراً لأحد! و الآن: تفضلوا، ها هي المنابر و هذا هو الكلام، و ليس لتيار أو توجّه خاص، إنما لثمانية توجّهات. كان السادة ثمانية أشخاص يومذاك و تحدثوا بثماني طرائق و أشكال حول قضايا البلاد، و قدموا تحليلات و تصوّرات متنوعة، و آراء الأشخاص محترمة. طبعاً لديّ كلام حول القضايا التي طرحها السادة، ليس الآن وقته، و سوف أذكر حقائق للشعب الإيراني بعد الانتخابات إن شاء الله إذا بقيتُ على قيد الحياة. ثمة كلام يقال حول الأمور التي طرحها السادة المحترمون، لكن الحالة عموماً كانت جيدة جداً و مُبهجة بالنسبة لنا. أعداء الجمهورية الإسلامية و من يوجّهون لها التهم أصيبوا بالخجل، و شاهدوا كيف يأتي المرشحون و يتحدثون بكل حرية و سهولة و يهاجمون هذا و يدافعون عن ذاك، و يدينون سياسة و يكرسون تياراً و سياقاً معيناً. لقد شاركت التيارات الفكرية و السياسية في البلاد بنحو كامل في هذه المناظرات، و هذه من نقاط قوة الانتخابات في بلادنا لهذا العام. و الشعب يشعر بميول ملحمية متنوعة من دون أي تعرّض. في سنة 88 أيضاً كان هناك تحمّس و اندفاع و هياج و لكنه كان مصحوباً بالسباب و الفضائح! في مدينة طهران هذه - و في المدن الأخرى بصورة أقل - كان الناس يسيرون في الشوارع و يرفعون الشعارات، هذا ضد ذاك و ذاك ضد هذا، و يتحدثون ضد بعضهم و يتهجّمون على بعضهم، و كان هناك أحياناً من يسيئون الأدب و يتحدثون ببذاءة، أما في هذه الانتخابات فلا، يوجد تشوّق و حماس و هياج و مشاعر من دون إساءة أدب و عدم احترام. هذا شيء قيّم جداً، و لقد تقدمنا كل هذا التقدم خلال أربعة أعوام، و نشكر الله تعالى على هذا التقدم و على كل هذه الحالات من التطوّر الهائل في المجالات الأخرى التي تحققت للبلاد و الحمد لله خلال هذه الأعوام.
توصيتي الأولى و الأهمّ هي التواجد عند صناديق الاقتراع. هذا أهمّ من كل شيء للبلاد. قد لا يريد البعض أن يدعموا نظام الجمهورية الإسلامية لأي سبب من الأسباب، لكنهم يريدون دعم بلادهم، هؤلاء أيضاً يجب أن يأتوا عند صناديق الاقتراع. الكل يجب أن يحضروا عند صناديق الاقتراع ليثبتوا تواجدهم و مشاركتهم. أي شخص يتمّ انتخابه - و نحن لا نعرف التقدير الإلهي - إذا كان يحظى بأصوات أكثر من الشعب سيستطيع الدفاع عن تلك الأصوات بصورة أفضل، و سيكون بوسعه الوقوف بوجه معارضي البلاد. لبلادنا أعداؤها و معارضوها. على الصعيد الدولي ليس العدوّ الدولي العدو الذي يتراجع بالمجاملات و اللين. ليست القضية في عالم السياسية أن نقول بمجاملات إننا سوف نُخجِل الجانب الآخر فيتراجع، كلا، كلما أبديتم من الضعف تقدّم هو إلى الأمام، و كلما تراجعتم ازداد جرأة عليكم. هذا ما جرّبناه، و قد تراجعنا في بعض المواطن فازدادت جرأة العدو. قال هو شيئاً، فتصوّرنا أن في قبول كلامه مصلحة، فوجدنا أنه سحق كلامه بأقدامه و تقدّم خطوة إلى الأمام. هكذا هو العدو. مقابل العدو الدولي يجب اختيار الطريق بإرادة قوية و شعور بالعزة و ثقة بهذا الشعب - يجب الثقة بهذا الشعب و الاعتماد عليه، فشعبنا شعب شجاع رشيد - و توكّل على الله العظيم، و حسن ظن بالوعود الإلهية، و التقدم إلى الأمام بنظرة صحيحة و عقلائية مدبّرة، و عندئذ سيبارك الله تعالى في مثل هذا العمل، و ستشمل التوفيقات الإلهية الجميع.
إنني متفائل بفضل الله و لطفه و أن يمدّ الله تعالى يد العون في هذا الامتحان الذي نستقبله - امتحان يوم الجمعة المقبل، امتحان الانتخابات، و امتحان التواجد عند صناديق الاقتراع - و يخرج الشعب الإيراني إن شاء الله من هذه الانتخابات موفقاً منتصراً بحول الله و قوّته.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1 - تحف العقول، ص 237 .
2 - مفاتيح الجنان، المناجاة الشعبانية.
3 - م س .
4 - م س .
5 - الصحيفة السجادية، الدعاء رقم 48 .
6 - م س .