بسم الله الرحمن الرحيم

قدمتم خير مقدم، و عطرّتم بحضوركم الدافئ و الصميمي - أيها المعلمون الأعزاء و مدراء التربية و التعليم - أجواء عملنا و حياتنا.
أولاً إنه شهر رجب و فرصة لعبودية الله. عرض حياتنا و طولها كله يمكنه أن يكون أرضية لعبودية الله عبودية صحيحة، و في هذا السعادة الحقيقية. بعض المناسبات تضاعف من فرصنا، و منها شهر رجب المبارك. لنعد أنفسنا و لندعو لبعضنا أن يفوقنا الله لبناء الذات في هذا الشهر، و في شهر شعبان، و في شهر رمضان المبارك، و نتقدم خطوة إلى الأمام و نرتفع درجة إلى الأعلى.
و من جملة فرص هذا اللقاء و هذا اليوم أيضاً تقديم التحية لذكرى بعض الشهداء الأجلاء، و في الصدر منهم شهيدنا العزيز المرحوم الشهيد آية الله مرتضى مطهري، و هو مفكرنا الكبير، و معلمنا، و المجاهد في سبيل الفكر و العقيدة الإسلامية. و قد كان من سعادته و توفيقه أن نال باستشهاده شهادة قبول كل جهاده الطويل من الله تعالى، فطوبي له. و هناك أيضاً الشهيدان محمد علي رجائي و محمد جواد باهنر الذان قضيا عمريهما في التربية و التعليم غالباً. إنهما إنسانان مجاهدان ورعان خالصان عملا لخدمة التربية و التعليم في البلاد، و قد شهدنا عن كثب جهود هذين العزيزين في هذه المجالات على مدى سنين طويلة، و خلال الفترة القصيرة من حياتهما بعد الثورة.
اجتماعنا بالمعلمين في كل سنة له هدف أساسي و عدة أهداف جانبية. الهدف الأساسي هو التكريم الرمزي للمعلم. نريد من خلال لقائنا هذا إبداء حبنا لمنزلة المعلم. هذه الخطوة الرمزية عمل ضروري، فتكريم المعلم و مهنة التعليم يجب أن يكون عاماً شاملاً في مجتمعنا، و ينبغي أن يفخر الجميع بالتعليم و يفخرون إذا ما سلموا على المعلم و أبدوا له الاحترام. كلما ارتفعت منزلة المعلم كلما ارتقت منزلة التربية و التعليم في المجتمع. النظرة الضيقة القصيرة للمعلم في المجتمع تسبب خسارة، فيجب الحيلولة دون ذلك. النظرة للمعلم ينبغي أن تكون نظرة تكريم. الكثير من المشاغل و المهن في البلاد لها بهارجها و بريقها و مظاهرها المتنوّعة و منزلتها جميعاً أدنى بكثير من منزلة التعليم و مهنة التعليم. هذا ما يجب أن نفهمه و ندركه جميعاً. حينما يروى عن الرسول الأكرم (ص) قوله: إنما بعثت معلماً (1) ، فهذا أرقى فخر أن يعتبر الرسول نفسه معلماً. مستويات التعليم و مضامينه تختلف طبعاً، بيد أن حقيقة التعليم واحدة، و هي مبعث فخر. هذا هو ما نعتقد به. نروم من خلال هذا اللقاء أن نعرب عن احترامنا و تكريمنا للمعلم. إننا مثقلون بأعباء منن المعلم، سواء بالنسبة لنا أو بالنسبة لأبنائنا و أعزائنا و الذين يهمّنا مستقبلهم. كل الناس يشتركون في هذه القضية و جميعنا تحت منن المعلم. هذه هي فكرتنا الرئيسية.
و لكن ثمة نقاط جانبية. إحدى هذه النقاط نخاطب بها المعلمين أنفسهم. و نقطة أخرى نخاطب بها المدراء و المسؤولين في جهاز التربية و التعليم العريض الطويل. ما يتعلق بالمعلمين هو أن يعلم المعلم العزيز بأن مهنته ليست التعليم فقط، أو بعبارة أخرى مهنته ليست تعليم الكتب و العلوم المقررة فقط. على المعلم أن يعطي العلم، و يعلم في الوقت نفسه منهج التفكير و عملية التفكير، و يكون تعليم الأخلاق و السلوك ضمن مهنته و عمله أيضاً. لو أخذنا التعليم بمعناه الواسع لشمل هذه المساحات الثلاث:
تعليم العلم حسب محتويات الكتب و العلوم التي ينبغي لأولادنا - رجال و نساء بلادنا في المستقبل - أن يتعلموها. هذه إحدى الأعمال.
و العمل الثاني و هو أهم من الأول هو تعليم التفكير. يجب أن يتعلم أطفالنا كيف يفكرون - التفكير الصحيح و المنطقي - و ينبغي أن يرشدوا و يوجهوا باتجاه التفكير الصحيح. النظرة السطحية و التعليم السطحي في قضايا الحياة يشل المجتمع، و يصيب المجتمع على المدى البعيد بالتعاسة. ينبغي تكريس التفكير الصحيح في المجتمع. لذلك لاحظوا أننا عندما نذكر الشهيد مطهري مثلاً، لا نهتم فقط بعلم الشهيد مطهري، بل نهتم أيضاً بتفكير الشهيد مطهري. إذا كان لشخص تفكيره و فكره فإن هذه الروح سيكون من شأنها اكتشاف قضايا العلم المهمة. إذا تم تخريج شبابنا و علمائنا مفكرين، فإن مخزون علومهم سوف يتفتق عن عشرات بل مئات القضايا و المسائل الجديدة و أجوبتها. إذن الاستفادة من العلم ممكنة بواسطة التفكير.
الشيء الثالث هو السلوك و الأخلاق، أي تعليم السلوك و الأخلاق و هذه الأمور التي وردت في كلمة الوزير المحترم (2): أسلوب الحياة و نوع السلوك. إننا شعب له مثله العليا و آراؤه الكبيرة و قممه المقررة - و إذا اتسع المجال فسأتحدث ببعض النقاط حول هذا الشأن - التي نروم إيصال أنفسنا إليها. و هذا الشيء بحاجة إلى أناس صابرين، عقلاء، متدينين، مبدعين، مقدامين، بعيدين عن الكسل، عطوفين، رحماء، حلماء، شجعان، ذوي سلوكيات مؤدبة، ورعين، و يعتبرون آلام الآخرين آلامهم. طبيعة الإنسان و شخصيته المحبّذة في الإسلام شخصية تحصل بالتربية. و كل الناس يمكن تربيتهم. البعض قد يتقبل التربية متأخراً و البعض أسرع، و البعض قد تكون التربية أبقى و أرسخ في شخصيته و البعض قد تفارقه أسرع و تبقى في شخصيته لمدة أقل، و لكن كل الناس معرضون للتغيير و التبدّل الذي يحصل بالتربية. و هذا يرجع بالدرجة الأولى إلى عدة عناصر أصلية و منها المعلم. طبعاً الأب و الأم و الأصدقاء و ما إلى ذلك لهم تأثيرهم أيضاً، بيد أن تأثير المعلم تأثير أعمق و أبقى. هذه مهمة ينبغي على المعلم أن يأخذها على عاتقه.
إذن المعلم يعلم العلم، و يعلم التفكير، و يعلم الأخلاق و السلوك. و تعليم الأخلاق و السلوك ليس من قبيل تعليم العلم بحيث يقرأ المرء الأفكار عن الكتب فقط. درس الأخلاق مما لا يمكن نقله عن طريق الكتب، فالسلوك مؤثر أكثر من الكتب و من اللسان. أي إنكم في غرفة الصف و حين تكونون بين التلاميذ تدرسونهم بسلوككم. طبعاً يجب القول باللسان أيضاً، و يجب إسداء النصيحة، لكن السلوك له تأثير أعمق و أشمل. سلوك الإنسان يكشف عن صدق أقواله، هذا هو ما نقوله للمعلمين. هؤلاء الأطفال أمانة في أيدي المعلمين، و ينبغي التفطن لهذا المعنى. إذا كان معلمونا إن شاء الله في صدد أن يرفعوا الأطفال و الأحداث بهذا الأسلوب - أي بالنظر لهذه العناصر الثلاثة - و يتقدموا بهم إلى الأمام، فأتصور أن ذلك سيكون له تأثيرات كبيرة في مستقبل المجتمع. طبعاً أنجزت بعد الثورة أعمال و مهام جيدة على هذا الصعيد. أي إن المعلمين بالتزامهم و بتواجدهم في الأجواء الثورية - سواء في سنوات الدفاع المقدس أو بعد ذلك - تركوا الكثير من التأثيرات. حينما أقرأ بعض الكتب حول المعلمين أجد أن تأثير المعلم الذي شارك في جبهات الدفاع المقدس و استشهد على أفكار التلاميذ تأثير عميق.
و هناك نقطة حول التربية و التعليم و الإدارة هي قضية ميثاق التطوير. ميثاق التطوير - الذي تم تنظيمه و تثبيته و الحمد لله في الأعوام الأخيرة - لم يكن شيئاً دفعياً فجائياً. لقد كان هذا من الآمال التي انبثقت منذ بدايات الثورة. لأن نظام التربية و التعليم في بلادنا كان مقتبساً من نظم التربية و التعليم الغربية، بنفس الشكل و بنفس المضامين و بنفس الترتيب تقريباً، كان لا بدّ من تحول و تطوير أساسي في مناخ التربية و التعليم، سواء من حيث الشكل و القالب أو من حيث المضمون. و قد نضجت هذه الفكرة التي راودت الكثيرين طوال أعوام بشكل تدريجي و ظهرت على شكل ميثاق التطوير. لا نقول إن ميثاق التطوير هذا هو أرقى ما يمكن المطالبة به و توقعه، لا، فلكل شيء حدود أعلى و أرقى يمكن تصورها - من الممكن إن شاء الله أن تعملوا و تتقدموا إلى الأمام و تتراكم تجاربكم و تضيفون بعد مضي زمن معين شيئاً إلى ما هو موجود اليوم - و لكن في الوقت الحاضر يتوفر هذا الميثاق بين أيدينا، و ينبغي النظر له بجد. ما أقوله و أوصي به المسؤولين المحترمين و المدراء المحترمين هو النظر بجد لميثاق تطوير نظام التربية و التعليم في إيران، و على الصعيد العملي الذي يتجاوز التصريحات الرسمية.
طيّب، إذا أردنا لميثاق التطوير هذا أن يتحقق - كما أشاروا إلى ما قلناه سابقاً - لا بدّ من خارطة طريق و برنامج. إذا لم تتحول أفكارنا، أي الأفكار العامة التي يتغياها المسؤولون و المخلصون، إلى برنامج تنفيذي، فسوف تبقى في عالم الذهنيات و تتهرّأ و تبلى. لا بدّ من برنامج تنفيذي. أعدوا هذا البرنامج التنفيذي في ضوء آراء المجلس الأعلى للثورة الثقافية - و هو مركز ثقافي مهم جداً و مرجع لاتخاذ القرارات و المسؤولون متواجدون فيه - و دونوه و نفذوه خطوة خطوة. ليكن في ذهنكم و شعوركم أن هذه الخطوة قد قطعت فنعمل على قطع الخطوة اللاحقة. و بعض الأعمال يصار إلى إنجازها بشكل متزامن و إلى جانب بعضها و بموازاة بعضها.
من القضايا في جهاز إدارة التربية و التعليم قضية الكوادر و الطاقات. كما أشاروا (3) فإن التربية و التعليم هي أكبر منظومة حكومية في نظام الجمهورية الإسلامية. هناك أكثر من مليون موظف يعمل في هذه المنظومة العملاقة، و هم يتعاملون بشكل مباشر مع إثني عشر مليون نسمة، و بشكل غير مباشر مع عشرات الملايين، أي مع العوائل. مثل هذه الشبكة العظيمة على جانب كبير من الأهمية. الطاقات و الكوادر التي ينبغي أن تستخدم و توظف في مثل هذه الشبكة الهائلة يجب أن تتحلى بخصوصيات معينة. من هذه الخصوصيات هي أن يكونوا متحفزين نشطين جداً. يجب عدم الاستعانة بالعناصر المتعبة و المستهلكة و عديمة الإبداع و الذين يستخدمون ما كانوا قد تعلموه سابقاً و لا يعرفون شيئاً آخر أبداً، يجب عدم الاستعانة بهم كعناصر لها الأولوية. لتكن الأولوية للطاقات الشابة و النشيطة و المتحفزة و المتدينة و الثورية و الذين تكون قضيتهم في التربية و التعليم هي القضية الأصلية في التربية و التعليم، أي تربية الأفراد و الناس.. يجب الاستعانة بهؤلاء. هذه قضية.. إذن، القضية الأولى في الإدارة العامة و الرفيعة المستوى في التربية و التعليم برأيي هي أن ينظروا و يدققوا في الكوادر التي يستخدمونها فيستخدموا الكوادر المؤمنة المتدينة الثورية النشيطة و المحبة للعمل و المستعدة لخوض الساحات الصعبة في إطار أهداف التربية و التعليم. هذا هو أهم عمل.
القضية الثانية هي قضية الدعم. كل الأجهزة و المؤسسات في الحكومة من واجبها دعم التربية و التعليم. سواء المؤسسات المختصة بالتخطيط و الميزانية أو الأجهزة التي تصادق على هذه الميزانيات في مجلس الشورى الإسلامي، يجب عليهم جميعاً أن تكون نظرتهم للتربية و التعليم مثل هذه النظرة. لا تتصوروا أن هذا القطاع قطاع يستهلك التكاليف و الميزانيات فقط - و هذه نظرة مشهودة في بعض الأحيان، إذ يقولون إن جهاز التربية و التعليم جهاز يستهلك و يكلّف - لا، إنه جهاز مهما خصصتم له من الميزانيات و التكلفات فستربحون أضعافه. إنه قطاع يخرّج صناع الثروة في المستقبل، و صناع العلم في المستقبل، و صناع الحضارة في المستقبل، و مدراء المستقبل. ليس من الصحيح أن نتصور أن التربية و التعليم تحمّلنا تكلفات فقط، لا، لا مكاسب أكبر من مكاسب التربية و التعليم. كل ما تشاهدونه في كل أرجاء البلاد من تجليات التقدم و المكاسب و الإبداع له جذوره هنا. أصلحوا هذا الموضع ليصار إلى إصلاح كل المواضع. إذن، إنفاق الأموال على التربية و التعليم و تنمية المصادر المالية للتربية و التعليم من الأمور الأساسية، و نتمنى أن يولي المسؤولون الحكوميون هذه القضية اهتمامهم.
قضية أخرى هي أن المدراء الذين نختارهم - كما أشرت في أواسط كلمتي - يجب أن يكونوا مدراء ينصب اهتمامهم على القضية الأصلية في التربية و التعليم. النظرات السياسية و الحزبية و الفئوية و ما إلى ذلك سمّ بالنسبة للتربية و التعليم. لقد شاهدنا في فترة من الفترات طوال هذه الأعوام المتمادية أنه كان الاهتمام بهذه الأمور أكثر، و تسبّب ذلك في خسارة للتربية و التعليم. دققوا و كونوا حذرين.. تعاملوا مع مختلف قضايا التربية و التعليم بحيث تكون القضية الأهم بالنسبة لمدير أي قسم أو دائرة في هذا الجهاز العظيم العريض الطويل قضية التعليم و التربية.. تربية الإنسان، و تربية الطاقات الثورية. أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء.. أقول هنا: إننا حينما نشدد على الطاقات و الكوادر الثورية و المتدينة فلأن أمامنا طريقاً طويلاً.. أمام هذا الشعب طريق طويل. الهدف الذي رسمناه للجمهورية الإسلامية على أساس تعاليم الثورة العامة - و حين نقول نحن لا أقصد نفسي بل المراد هو الشعب الإيراني و مسؤولي الثورة و أصحابها - هدف سام جداً. الهدف هو توفير مجتمع نموذجي. إنكم تريدون أن توفروا في حدود إيران العزيزة - و الواقعة من الناحية الجغرافية في منطقة حساسة جداً من العالم - مجتمعاً يكون نموذجياً بفضل الإسلام و تحت راية القرآن الكريم. إنه نموذجي من النواحي المادية و التقدم المادي، و كذلك من الناحية المعنوية و الجوانب الأخلاقية.
لقد حقق الغربيون قفزة مادية في فترة من الفترات، بيد أن هذه القفزة كانت منفصلة و متعارضة مع المسيرة الأخلاقية. كانت قفزة مادية مائة بالمائة. في البداية لم يدرك أحد ما الذي يحصل، لكنهم راحوا يفهمون الآن، فهم يشعرون بخسائر لا تعوّض تصيبهم شيئاً فشيئاً. لا يظن ظان أن حضارة مادية محضة و بعيدة عن المعنوية ستستطيع أن تروي شعوبها ماء هنيئاً زلالاً. لا.. سوف يلاقون الأمرّين، و هم الآن يعانون الأمرّين. لا بسبب هذه المظاهرات في شوارع أوربا و ما إلى ذلك، لا، معضلة الغرب أعمق من هذه الأمور. الشيء الضروري بالنسبة للإنسان قبل كل شيء هو الأمن الروحي و الأمن الأخلاقي و الأمن الوجداني و راحة الضمير. و هذا شيء مفقود في البيئات الغربية، و سوف يزداد الوضع سوءاً. لو كنتم على معرفة بما يقوله كتابهم و نقادهم و مفكروهم لرأيتم أنهم يقرعون أجراس الخطر منذ فترة، أي منذ سنين، و يؤشرون على الجوانب الفاسدة و الآيلة إلى الفساد في مجتمعاتهم.. هكذا هي الحياة المادية. نعم، تقدموا من النواحي العلمية و التقنية و ما شاكل، و أنجزوا أعمالاً كبيرة، لكن الجانب الآخر من القضية بقي متروكاً و هذا ما سوف يشلهم. المجتمع الذي يبغيه الإسلام هو مجتمع ذو مستوى عال من النواحي المادية و من حيث الثروات و العلوم و مستوى الحياة، و من النواحي الأخلاقية و المعنوية أيضاً يجب أن يكون في ذلك المستوى العالي، أو أعلى منه. هذا سيكون مجتمعاً إسلامياً. إنكم تريدون صناعة هذا المجتمع، و أمامكم طريق طويل جداً. و الأمر ممكن فلا يقل قائل إنه غير ممكن، بلى، الكثير من الأمور ظنوا أنها غير ممكنة لكنها تحققت.
إذا عقد الشعب عزيمته فسيستطيع إنجاز أعمال كبيرة.. سيستطيع القيام بأعمال تاريخية. مجتمعاتنا أثبتت أنها تستطيع أن تكون كبيرة و مزدهرة و حيوية و متوثبة و مثمرة. الإنسان مخلوق لا ينتهي و لا يحصى. تطور العلم كل هذا التطور و لا تزال أجزاء مهمة من دماغ البشر غير معروفة. هذا ما يقوله العلماء المتخصصون في هذه الأمور. هذا الوجود الجسماني للبشر غير معروف فما بالك بالوجود المعنوي و الروحاني و الباطني للإنسان؟ قدرات الإنسان كبيرة جداً، إننا نستطيع القيام بالكثير من الأعمال و الأمور، و بوسع الإنسان أن ينمو نمواً مادياً و معنوياً مزدوجاً. طيّب، نريد أن نصل إلى هذه الأهداف، و هذه الأهداف بحاجة إلى أناس كفوئين أكثر من أي شيء آخر. الأهم من الطريق الشخص الذي يسير على ذلك الطريق. إذا لم يكن هناك سائر على الطريق فلن ينفع حتى الطريق المبلط بالإسفلت. و إذا كان هناك سائر في الدرب ذو همة عالية فلن يضر عدم وجود الطريق الإسفلتي. ترون هؤلاء المتسلقين إلى أين يصعدون من الجبال، و لا يوجد طريق، لكن هناك أرجلاً و همماً. يمكن التقدم و يمكن الصعود إلى الأعالي، و يمكن معرفة المواهب غير المعروفة و الانتفاع منها. يمكن حل العقد الواحدة تلو الأخرى. و كل هذا بحاجة إلى أناس و أفراد. و هؤلاء الناس يتخرجون من التربية و التعليم. و طبعاً للجامعات أيضاً أهميتها، و الأجواء في المجتمع بدورها مهمة، و الإذاعة و التلفزيون مهمة كذلك، و لكن ليس أيّاً من هذه بأهمية تلك الركيزة الأولى و المرحلة الابتدائية. يتحمل المعلمون و المدراء في هذا الجهاز العظيم مثل هذه المسؤولية، و عليه فنحن نؤكد و نشدد على أن يكونوا متدينين و ثوريين. بهذه الروح الدينية و الثورية يمكن التقدم في هذا الدرب حتى لو كان وعراً و مليئاً بالعقبات.. يمكن تجاوز تلك العقبات و العبور فوقها، شريطة وجود الروح الثورية و التدين و الالتزام الديني و الثوري. هذه أيضاً نقطة من النقاط.
و من النقاط أيضاً قضية النصوص و الكتب الدراسية. يجب التدقيق كثيراً في الكتب الدراسية، إذ ينبغي أن تكون متقنة - فالكلام الركيك في هذه الكتب مضرّ.. لا أنه غير مفيد بل هو مضرّ - و يتعين كذلك أن تكون خالية من الانحرافات، سواء الانحرافات السياسية أو الانحرافات الدينية أو الانحراف عن الواقع، فهذا أيضاً مضر. الذين يتولون مسؤولية هذه العملية يجب أن يعملوا بمنتهى الأمانة و الدقة.
و من القضايا أيضاً قضية جامعة المعلمين، و قد ذكرت هذا للوزير المحترم في الطريق. جامعة المعلمين هذه - أو جامعة إعداد المعلمين حسب التعبير القديم - هي جامعة، و لكنها تختلف عن الجامعات العادية. فضلاً عن الامتيازات الموجودة في الجامعات الأخرى فإن ميزة إعداد المعلم و تخريجه تختص بهذه الجامعة. و لهذا طبعاً شروطه.. ينبغي الاهتمام بهذه الجامعة إلى درجة كبيرة.
و قضية أخرى هي قضية التربية و المعاونية التربوية. كانت هناك تقصيرات و عدم اهتمام، و تعطلت هذه المعاونية في فترة من الفترات ثم أعادوها ثم عطلوها مرة أخرى. المعاونية التربوية - المنظومة التي تهتم بالقضايا التربوية و هي نفسها الجوانب الفكرية و المعنوية و الثورية و السلوكية و الأخلاقية - معاونية مهمة، سواء على مستوى الوزارة أو على المستويات الأدنى.
نتمنى أن يشملكم الله تعالى جميعاً بلطفه و رحمته، و عسى أن تكون الروح الطاهرة لإمامنا الخميني العزيز - الذي فتح أمامنا هذا الطريق - إن شاء الله مسرورة بكم، و تكون أرواح الشهداء الأبرار الطيبة، و خصوصاً الشهداء من المعلمين و من الطلبة الجامعيين، مشمولة بالألطاف الإلهية إن شاء الله.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.‌

الهوامش:
1 - شرح أصول الكافي، ج 2 ، ص 95 .
2 - السيد علي أصغر فاني وزير التربية و التعليم الذي كان حاضراً في اللقاء.
3 - وزير التربية و التعليم.