التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، عصر اليوم (الأربعاء) 12/3/2025، الآلاف من الطلاب الجامعيين من مختلف أنحاء البلاد، بالإضافة إلى ناشطين في المنتديات السياسية والاجتماعية والثقافية، ومجموعات الجهاد الطالبي.

في بداية اللقاء، قدّم سماحته توصيات مهمة تتعلق بانتقاد القضايا وتقييمها، وتعزيز الهوية الطالبيّة. ثم تطرق إلى تجربتين مختلفتين مرّ بهما الشباب الإيراني في مواجهة الغرب، قائلاً: «التجربة الأولى أدّت إلى الانهزام الذاتي، أما في التجربة الثانية، التي تسير الحركة الطالبيّة الحالية على نهجها، فقد تمحورت حول معرفة حقائق الغرب، والسعي إلى الاستقلال، وتجنب مشكلات الحضارة الغربية».

وتابع الإمام الخامنئي حديثه متناولًا موضوع التفاوض مع أمريكا، وبالإشارة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن استعداده للتفاوض والتوصل إلى اتفاق، وإرساله رسالة إلى إيران، وصف سماحته ذلك بمحاولة لتضليل الرأي العام العالمي. وأضاف: «لم تصلني هذه الرسالة، لكن أمريكا تحاول أن تروج لهذه الكذبة بأن إيران، لا تؤمن بالتفاوض والتوافق، في حين أن الشخص نفسه الذي يطلق هذه التصريحات هو من مزّق حصيلة تفاوضنا مع أمريكا. فكيف يمكن التفاوض معه مجددًا ونحن نعلم أنه لن يلتزم بالنتائج؟!».

كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى ما ورد في إحدى الصحف المحلية من أنه «لا ينبغي لانعدام الثقة بين طرفين في حالة حرب أن يكون عائقًا أمام التفاوض»، قائلًا: «هذا الكلام غير صحيح، لأن طرفي التفاوض، إن لم يثق كل منهما في التزام الآخر بنتائج المفاوضات، فلن يتفاوضا أصلًا، إذ يصبح التفاوض في هذه الحالة عبثيًا وعديم الجدوى».

وتابع سماحته قائلاً: «منذ البداية كان هدفنا من التفاوض هو رفع الحظر، ولحسن الحظ، فإن تأثير الحظر يتضاءل تدريجيًا مع مرور الوقت».

وأضاف الإمام الخامنئي قائلاً: «بعض الأمريكيين يعتقدون أيضًا أن إطالة مدة الحظر تؤدي إلى تقليص تأثيره؛ بالإضافة إلى أن البلد المتعرض للحظر يجد طرقًا للالتفاف عليه، ونحن أيضًا وجدنا طرقًا متنوعة لذلك».

كما ردّ قائد الثورة الإسلامية على تصريحات الأمريكيين الذين يقولون: «لن نسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي»، قائلاً: «لو كنا نريد إنتاج سلاح نووي، لما استطاعت أمريكا أن تمنعنا؛ والسبب في أننا لا نمتلك سلاحًا نوويًا ولا نسعى إليه هو أننا، لأسباب معينة قد تم ذكرها سابقًا، لا نريد هذا النوع من الأسلحة».

وفي نقطة أخرى، اعتبر سماحته تهديد أمريكا بالهجوم العسكري أمرًا غير عقلائي، وأكد: «التهديد بتوجيه ضربة وشن الحرب لا يعني أن الضربات ستكون من طرف واحد، فإيران قادرة على الرد بضربة مضادة، وستنفذها حتمًا».

وأضاف الإمام الخامنئي: «إذا ارتكب الأمريكيون وأعوانهم أي حماقة عسكرية ضد إيران، فسيكونون هم الأكثر تضررًا. الحرب ليست أمرًا محمودًا، ونحن لا نسعى إليها؛ لكن إذا أقدم أحدهم على ذلك، فإن ردنا سيكون حاسمًا وحتميًا».

وأكد قائد الثورة الإسلامية أن أمريكا تسير نحو الضعف، وأضاف: «من الناحية الاقتصادية، والسياسة الخارجية، والسياسة الداخلية، والقضايا الاجتماعية، وفي مجالات أخرى، تتجه أمريكا نحو الضعف ولا يمكنها بعد الآن أن تمتلك القوة التي كانت تتمتع بها قبل 20 أو 30 عامًا».

وتابع سماحته: «التفاوض مع هذه الإدارة الأمريكية لم يرفع الحظر، بل إنه يؤدي إلى تعقيد مشكلة الحظر وزيادة الضغوط، ويفتح المجال لطرح مطالب وأطماع جديدة».

وفي جزء آخر من كلامه، أكد الإمام الخامنئي أن المقاومة في فلسطين ولبنان أصبحت أقوى وأكثر حافزية من ذي قبل، وقال: «على عكس ما كان يتوقعه العدو، لم تركع مقاومة فلسطين ولا مقاومة لبنان، بل أصبحتا أقوى وأكثر حافزية. نعم، استشهاد القادة ألحق بهما خسائر من الناحية الإنسانية، ولكنه عزز حافزهم من الناحية المعنوية».

وأضاف قائد الثورة الإسلامية في السياق نفسه: «شخص مثل السيد حسن نصر الله يحلّق إلى العلياء ويغيب عن هذا الجمع، ويُستشعر فقده، لكن في الأيام التي تلت شهادته، كانت الخطوات التي أقدم عليها حزب الله ضد الكيان الصهيوني أقوى من سابقاتها».

وفي ما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية، قال سماحته: «في المقاومة الفلسطينية، يرحل أشخاص مثل الشهداء هنية والسنوار ومحمد الضيف، ومع ذلك، تنجح المقاومة، في المفاوضات التي أصرّ عليها الكيان الصهيوني وأعوانه وأمريكا، في فرض شروطها على الطرف الآخر».

وأكَّد الإمام الخامنئي استمرار دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لجبهة المقاومة، قائلاً: «المسؤولون الإيرانيون، بما في ذلك الحكومة ورئيس الجمهورية، متفقون على ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية بأقصى ما يمكن. وإن شاء الله، سيبقى الشعب الإيراني، كما كان في الماضي، حاملًا راية المقاومة في مواجهة الغطرسة».

كما أشار سماحته إلى الأحداث المختلفة في العام الماضي، وقال: «في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كان الشهداء السيد رئيسي، والسيد حسن نصر الله، وهنية، والسيد صفي الدين، والسنوار، والضيف، وعدد من الشخصيات الثورية البارزة بيننا، لكنهم الآن ليسوا معنا، ولهذا السبب يعتقد العدو أننا ضعفنا».

وتابع سماحته في هذا السياق مؤكدًا: «لكنني أؤكد بثقة تامة أنه رغم أنّ غياب هؤلاء الإخوة الأعزاء يشكل خسارة كبيرة لنا، إلّا أننا في العديد من القضايا أصبحنا أقوى مقارنة بالعام الماضي، وفي بعض الأمور لم نضعف على الإطلاق».

في جزء آخر من حديثه، أشار سماحته إلى أن التحركات المناهضة لأمريكا التي بدأها الطلاب الجامعيون، مثل انتفاضة "16 آذر" (7/12/1953) التي قام بها طلاب جامعة طهران ضد زيارة نيكسون، والتي أدّت إلى مقتل ثلاثة طلاب على يد الحكومة، كانت نتيجة لكشف حقيقة الغرب.
وفي السياق نفسه، لفت الإمام الخامنئي إلى استمرار نهج الانبهار بالغرب رغم تراجعه قبل انتصار الثورة الإسلامية، مضيفًا: «لو لم تحدث الثورة الإسلامية في عام 1979، لكان البلد قد سار في مسارٍ يؤدّي إلى مزيد من التبعية للخارج، مما كان سيحرمه من جميع مزاياه وثرواته المعنوية».
كما أشار سماحته إلى إصرار القوى المستكبرة في العالم على مواصلة الصراع والمؤامرات ضد الثورة الإسلامية، قائلاً: «هم يقولون "أولًا نحن"، أي يجب على العالم بأسره أن يفضّل مصالحهم على مصالحه، وهذا الاستئثار يراه الجميع اليوم، في حين أن إيران الإسلامية هي الدولة الوحيدة التي أعلنت بوضوح أنها لن تضع مصالح الآخرين فوق مصالحها بأي شكل من الأشكال».
إلى ذلك، رأى قائد الثورة الإسلامية أن محاولات العدو، خصوصًا عبر استخدام وسائل الاتصال الحديثة، تهدف إلى استعادة النفوذ والسيطرة الغربية على إيران، وإعادة إحياء روح الاستسلام والتبعية والاعتماد على الغرب، التي كانت سائدة بين الشباب الجامعيين الإيرانيين قبل الثورة الإسلامية.