بيروت - khamenei.ir

في الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي، كيف تنظرون إلى مشروع «حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» من بعده؟

في الواقع، بات مشروع «حركة الجهاد الإسلامي» أكثر قوة وانتشاراً وحضوراً، على المستويات الشعبية والسياسية والإعلامية والعسكرية كافة. من يتابع خطابات الحركة ومواقفها السياسية وأدبياتها الفكرية يجد أنها لا تزال متمسكة بالشعارات التي رفعتها منذ انطلاقتها، وفي مقدمتها اعتبار فلسطين قضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، وتبني المقاومة خياراً وحيداً لمواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين، باعتباره رأس حربة الهجمة الغربية ضد عالمنا العربي والإسلامي... والتمسك أيضاً بالعلاقة الوثيقة التي تجمع بين الإسلام وفلسطين والجهاد، على اعتبار أن تحرير فلسطين يحتاج إلى جهود الأمة بكل أطيافها.

لقد أعطى استشهاد الأمين العام المؤسس للحركة، فتحي الشقاقي، دفعاً قوياً، عبّر عن نفسه في حفاظها على مشروعها الريادي وتنامي دورها سواء في أطروحاتها الفكرية، أم مواقفها السياسية، وكذلك على مستوى المقاومة العسكرية ضد العدو الصهيوني. ويشهد على ذلك تنامي شعبية الحركة، في الوسط الفلسطيني أو الأوساط العربية والإسلامية.

الرفاعي

 

ما هي رؤية «الجهاد الإسلامي» إلى الأزمات في المنطقة التي أشغلت الأمة عن فلسطين، وما هو السبيل في رأيكم لتصويب البوصلة؟

تنظر الحركة إلى أن ما يجري في المنطقة اليوم هدفه تفتيت الأمة، وتدمير إمكانات نهضتها، ومحاولة للقضاء على مستقبلها وشل قدراتها عبر إدخالها في حروب دامية تفتح جراحاً تصعب معالجتها، وذلك خدمة لمخططات غربية هدفها إنقاذ العدو الصهيوني الذي بات محاصراً بتهديد وجودي، بفعل المقاومة في فلسطين ولبنان.

الرفاعي: ما يجري في المنطقة تدمير للأمة وقضاء على مستقبلها... والحل إعادة توجيه البوصلة إلى فلسطين

نرى أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمات هو إعادة توجيه البوصلة إلى قضية فلسطين، التي تشكل ساحتها المعركة الأساسية للأمة في مواجهة الهجمة الغربية. إن توجيه كل الطاقات والجهود صوب فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، قادر على أن يعيد توحيد طاقات الأمة ويضعها مرة أخرى على طريق النهضة والكرامة والحرية والوحدة.

 

تحدث الإمام الخامنئي (رض) عن ضرورة دعم انتفاضة القدس والبناء عليها في هذه المرحلة، فإلى أين وصلت الانتفاضة وما هو مستقبلها؟

لا شك في أن خطاب سماحة الإمام مهم، لأنه يصب في اتجاه الحفاظ على القدس كقضية إسلامية. ومن المهم جداً في هذه المرحلة التاريخية تأكيد العمق العربي والإسلامي لقضية القدس، وأنها قضية جامعة للأمة. ما تقدمه الجمهورية الإسلامية في إيران من دعم لقضية فلسطين ومقاومة شعبها يؤكد أن هذه القضية ذات بعد إسلامي وعربي وعالمي.

خطاب الإمام الخامنئي مهم ويصب في اتجاه الحفاظ على القدس كقضية إسلامية

الانتفاضة اليوم - كما يشاهد العام أجمع - لا تزال مستمرة، وشعبنا متمسك بمقاومة العدو الصهيوني بكل الأدوات التي يمتلكها، بانتظار أن تعيد الأمة توحيد طاقاتها وجهودها. يدرك الشعب الفلسطيني أنه غير قادر بمفرده على تحرير فلسطين من المشروع الصهيوني، ولكنه مصمم على مواصلة إشغال العدو، وألا يسمح له بتحقيق مخططاته في الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية وكامل فلسطين... باعتراف قائد جيش العدو نفسه، فإن انتفاضة القدس هي الخطر الوجودي الأكبر الذي يهدد المشروع الصهيوني اليوم.

 

 

الأستاذ أبو عماد الرفاعي

 

تزامنت ذكرى الانطلاقة الجهادية لحركتكم مع تقديم الأمين العام الدكتور رمضان شلح مبادرة لإستراتيجية جديدة في الشأن السياسي الفلسطيني وعلى صعيد العلاقة الفلسطينية - العربية، فهل لهذا التزامن دلالة معينة، وهل يمكن القول إن المبادرة جاءت متأخرة قليلا؟

مبادرة «الجهاد الإسلامي» تشكل مخرجاً من مأزق المشروع الوطني ونتوقع عقبات عدة

نرى أن المبادرة جاءت في وقتها لكنها ليست جديدة؛ قيادة الحركة كانت، ولا تزال، تبذل جهوداً وتقوم باتصالات مع الأفرقاء على المستويين الفلسطيني والعربي لتجاوز حالة الانقسام ولإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني وإخراجه من أزماته. نأمل في الاستجابة للمبادرة، لأننا نعتقد أنها تشكل مخرجاً من المأزق الذي يعيشه المشروع الوطني الفلسطيني، وتسمح بإعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية. لا نشك في أن عقبات عدة قد تواجه المبادرة، بسبب الضغوط التي تمارسها أطراف خارجية على السلطة الفلسطينية. مع ذلك، نأمل أن تتلقف السلطة المبادرة وأن يستطيع عباس تجاوز الضغوط، وأن يتخذ موقفاً تاريخياً.

 

تلقفت غالبية الفصائل الفلسطينية في الداخل والشتات هذه المبادرة بالترحيب على خلاف حركة «فتح» التي تباينت الآراء داخلها، فما موقفكم من ذلك، وما هو الجديد الذي قدمته المبادرة عن سابقاتها؟

هذا التباين في الآراء داخل «فتح» يبرهن على أن المبادرة قادرة على التأثير في مختلف القوى السياسية الفلسطينية، حتى في الأوساط التي تقف في الضفة المقابلة من المشهد السياسي الفلسطيني. فعالية أي مبادرة تكمن في قدرتها على التأثير، وفي إثارة التفكير، وهذه بوادر إيجابية. أما ما يميز المبادرة عن سابقاتها، فهو الالتفاف الجماهيري الكبير حولها، لأن الكثير من أبناء شعبنا الفلسطيني، في الداخل والخارج، قالوا إن المبادرة التي قدمها الأمين العام تعبر عنهم، وعمَّا في أنفسهم.

مضمون المبادرة يدل بوضوح على أنها ليست مبادرة فصائلية، ولا تستهدف تسوية سياسية، كما يجري عادة بين القوى والأحزاب في صراعها على السلطة. جاءت المبادرة لتطالب بإعلان إلغاء السلطة، وبأن المرحلة الحالية لا تزال مرحلة تحرر وطني، لذلك استطاعت المبادرة اختراق الحواجز الفصائلية، وأن يكون لها صدى في كل الأوساط الفلسطينية.

 

الرفاعي

 

ما هي الخيارات الأخرى البديلة في حال لم تأخذ المبادرة طريقها للتنفيذ، خاصة في حال ازدياد الانقسام الداخلي ومشكلات السلطة؟

خياراتنا واضحة، وهي تأكيد وحدة الموقف الفلسطيني، واستمرار مشروع المقاومة. وبالتأكيد، سنعمل على تخطي أي مشكلة تعيق المبادرة، ولن نسمح للعدو بالاستفراد بقضية فلسطين في ظل الانشغال العربي في أزمات المنطقة.

 

هل تتوقعون حربا جديدة في الأفق خاصة إذا واصلت انتفاضة القدس استنزافها للعدو؟

نحن دائماً في جهوزية تامة ونواصل الإعداد لمواجهة أي حماقة يرتكبها العدو

من الواضح أن العدو الصهيوني مأزوم، وقد عوّدنا أن يخوض حروباً لتخطي أزماته الداخلية. ربما ترى بعض الأطراف في الكيان أن الوضع الإقليمي مناسب اليوم لخوض مغامرة جديدة، ولكن هل هو قادر على شن حرب جديدة فعلياً؟ لا نستبعد أن يرتكب العدو حماقة في أي وقت، لذلك، فإننا دائماً في جهوزية تامة، ونواصل الإعداد لمواجهة أي حماقة يرتكبها العدو.

 

ما هي رسالتكم إلى الأمة العربية والإسلامية في هذا التوقيت، وماذا تقولون لإخوانكم في الجمهورية الإسلامية في إيران؟

ندعو الأمة العربية والإسلامية إلى التوحد حول فلسطين ودعم المقاومة والعمل على إنهاء الخلافات التي تأتي على حساب الأمة وتخدم مصالح العدو الصهيوني. نتوجه بالتحية إلى الإخوة في الجمهورية الإسلامية في إيران، شعباً وقيادة، ونشكرهم على كل الدعم الذي قدموه، والذي لم يبخلوا به يوماً رغم كل الضغوط وظروف الحصار. نتطلع إلى اليوم الذي تجتمع فيه الأمة، بكل شعوبها وفي مقدمتها الشعب الإيراني الشقيق، في المسجد الأقصى المبارك فاتحين ومهللين ومكبرين.