كتب د.حكم أمهز*:
من باب المتعمق بالمستجدات إقليمياً ودولياً، ومن باب الواثق بامتياز بالقدرة والتفوق، حسم قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي الموقف، ليقول من مع القضية الفلسطينية والمقاومة هو معنا، ومن يبتعد عنهما، يبتعد عنا... وانتهى الموضوع.. وخاطب المشاركين في المؤتمر الدولي السادس لدعم الانتفاضة في طهران بالقول .." إن موقفنا تجاه المقاومة موقف مبدئي ولا علاقة له بجماعة معينة.. أي جماعة تصمد في هذا الدرب فنحن نواکبها، وأي جماعة تخرج عن هذا المسار ستبتعد عنا. وإن عمق علاقتنا بجماعات المقاومة الإسلامية لا يرتبط إلّا بدرجة التزامهم بمبدأ المقاومة".
في أصعب وأحلك الظروف يُطلق "القائد" مثل هذا الموقف.. "إن مؤتمركم - مؤتمر دعم الانتفاضة - يُنظَّمُ في ظرف هو من أصعب الظروف العالمية والإقليمية".. ويعلنه في وقت يخفي الكثيرون رؤوسهم في الرمال خشية من جنون ترامب وعواصف السعودة والتكفير لهدف واحد.. هو حسم الخيارات والبت بفصل المواقف وعدم القبول بأصحاب الألوان الرمادية في الموقف.. أو لنقل بطريقة أصح.. إن الإمام القائد أسقط خطوطاً حمراء ووضع خطوطاً حمراء...
في أصعب وأحلك الظروف أطلق القائد موقفه وأعلنه في وقت يخفي الكثيرون رؤوسهم في الرمال خشية من جنون ترامب وعواصف السعودة والتكفير ورعد الأتراك
أسقط الخطوط الحمراء التي رسمتها الجمهورية الإسلامية لنفسها سابقاً، من خلال مداراة بعض "الحركات والجهات" التي "دوّرت" مواقفها انسجاماً مع متغيرات سياسية معينة "مديرة ظهرها" لحلفاء موثوقين وملتحقة بأنظمة إن لم نقل "خانت" القضية الفلسطيينة، فهي تخلت عنها، لتترك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره مع الاحتلال الإسرائيلي بنفسه...
إذاً في القضية الفلسطينية، لا مداراة بعد اليوم.. فنحن في مفصل تاريخي حساس جداً، تتجه الأمور الدولية إلى حسم الخيارات على أبواب معركة محتملة" سواء عسكرية أو غير عسكرية، لتصنيف المواقف والجهات، تمهيداً لهذه المعركة المستقبلية غير المحددة التوقيت والتي يفترض أن تنهي الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة الذي أحدثه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ نحو سبعة عقود..
القائد يريد القول الظرف الدولي لم يعد يتقبل أنصاف المواقف والحلول، وإن كان التحالف المعادي يعتبر نفسه قوياً، إلا أنه مضطرب، ومشروعه يتهالك على أبواب اليمن وسوريا والعراق وفلسطين والبحرين وحتى مصر وليبيا وتونس وغيرها
فالظرف الدولي - يريد أن يقول القائد – لم يعد يتقبل أنصاف المواقف والحلول، وإن كان التحالف المعادي يعتبر نفسه قوياً، إلا أنه مضطرب، ومشروعه يتهالك على أبواب اليمن وسوريا والعراق وفلسطين والبحرين وحتى مصر وليبيا وتونس وغيرها.. أما محور المقاومة وفلسطين فهو أقوى، مع توثيق الظروف الدولية لعرى التحالف مع روسيا والصين ودول في أمريكا الجنوبية وآسيا وإفريقيا.....
أما الخطوط الحمراء التي وضعها قائد الثورة فهي، أنه من يتخلى عن خط المقاومة وفلسطين، أياً كان هذا الـ"من" ، فهو ممنوع من دعمنا على مختلف الصعد، وهو وضع نفسه في الخانة الحمراء المعادية، لمحورنا، وبات أقرب إلى الإسرائيلي منه إلى الفلسطيني. إن معيار القرب والبعد بحسب القائد هي فلسطين وفلسطين فقط.. ومعيار الحق والباطل هي فلسطين. وعليه فليختر كل طرف مع أي جهة يقف أمع الحق أم الباطل.
*د. حكم أمهز: إعلامي ومحلل سياسي لبناني، خبيرٌ في شؤون الشرق الأوسط، حاصل على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة تربية مدرس في طهران.