فيما يلى النص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيما بقية الله في الأرضين.
لقد كانت هذه الجلسة جلسة طيبة ومحببة وكبيرة المعاني والفائدة. ولا أقصد هذه الجلسة تحديداً، بل مجمل هذه الجلسات التي عقدتم الهمم على إقامتها وأوجدتم جلسات أمسیات ذكريات الدفاع المقدس كحراك باق مستمر، وقد توفقتُ اليوم أنا أيضاً والحمد لله للمشاركة فيها والاستماع والانتفاع منها. وقد كانت حسنة جداً واستفدنا وانتفعنا كثيراً. طبعاً ذكريات أمثالي ليست بالذكريات المهمة، إذ كما قيل عندما تحررت خرمشهر سمع خبر تحريرها وهو في كرمانشاه، وسمعنا خبر تحريرها ونحن في طهران. طبعاً لا بأس أن أقول، ولا أتذكر هل كان الخبر قد أذيع من المذياع أم لا، لكن الشهيد صياد شيرازي اتصل هاتفياً إلى مكتب رئاسة الجمهورية وأخبرني بالخبر، وذكر لي بعض التفاصيل ومن ذلك أنه قال إنني وأنا أتحدث الآن معك يقف العراقيون طوابير من أجل أن يقعوا في الأسر ويسلموا أنفسهم. وقد كان تعبيره تعبيراً لافتاً. فركبتُ السيارة وتوجّهت فوراً إلى الإمام الخميني في ذلك الوقت من بعد الظهر، وقد كان الناس في ذلك الحين قد ملأوا الشوارع باحتفالاتهم يبدون المحبة والفرح وما إلى ذلك. ذهبتُ وذكرتُ نفس هذا التعبير للإمام الخميني. قلتُ للإمام الخميني إن السيد صياد شيرازي يقول إن العراقيين وقفوا طوابير ليقعوا في الأسر، طوابير طويلة. عشرة آلاف أو خمسة عشر ألف شخص. ذكرياتنا ليست ذكريات مهمة. الذكريات المهمة هي ذكريات الإخوة والأخوات الذين كانوا في الحرب لفترات طويلة وشاهدوا الأحداث.
اعتقد أن هذه الحرب وهذا الدفاع المقدس إلى جانب ما سببه لنا من خسائر، كانت فيه فوائد ومنافع كبيرة لنا. وهذه المنافع أكبر وأكثر بكثير من تلك الخسائر. لقد كانت خسائرنا هناك هي الخسائر البشرية والمادية. أي إننا فقدنا شباباً، وفقدتهم عوائلهم، وفجعنا كلنا بهؤلاء الشباب، وحصلت خسائر مادية. وتخلفت البلاد بمقدار ما من حيث ظواهر الحياة لفترة من الزمن. كانت هذه خسائر الحرب. وفي كل الحروب مثل هذه الخسائر. بيد أن منافع الحرب كانت منافع طويلة الأمد وباقية. وبالطبع كانت لها منافع قصيرة الأمد وقريبة الأمد.
من أكبر فوائد هذه الحرب التي استمرت لثمانية أعوام وهذا الدفاع الذي استمر لثمانية أعوام حفظ وتعزيز الروح الثورية وحركية جيلنا الشاب في مجتمعنا. لو لا هذا التحرك الجهادي التضحوي لتعرضت الروح الثورية في تلك البدايات للتطاول ولم تكن قد اكتسبت عمقاً كبيراً. نعم، كان الإمام الخميني الجليل موجوداً وقد كانت شخصيته شخصية تضمن الكثير من الأمور والأشياء، بيد أن الأخطار كانت أخطاراً جسيمة. فلقد كانت الروح الثورية ستتعرض للخطر بالتأكيد، إلا أن الثورة بقيت وتكرست بالمشاركة في ساحة الدفاع المقدس.
وأشير إلى نقطة أخرى، الفائدة الأخرى هي أننا جرّبنا بأنفسنا مرة أخرى فكرة الدفاع عن الهوية الوطنية والهوية الدينية والثورية التي تحدثنا عنها مراراً وسمعناها وروينا أن الله تعالى يعين الإنسان عند الشدائد والصعاب وينصره إذا سار في سبيل الحق. وهذا شيء على جانب كبير من الأهمية. المجتمع الذي يتحرك ويسير نحو الأهداف السامية يواجه بشكل طبيعي موانع وعقبات، وخصوصاً في العالم المادي اليوم، وإذا كانت تلك المبادئ مبادئ معنوية ومناهضة للنزعات السلطوية فمن البديهي أن تكون هناك عقبات وموانع في وجهها. وأنْ يشعر الشعب أنه قادر على الانتصار على العقبات فهذا شيء مهم جداً. نعم، نقرأ في الروايات والآيات أن كل من يتوكل على الله «وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» (2) نقرؤها ونقولها ونعتقد بها، ولكن أن يشاهد الإنسان عمليا حالة «وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» فهذا يختلف كثيراً عن مجرد القول والاعتقاد.
يقول النبي إبراهيم بكل ما له من عظمة لله تعالى أريد رؤية إحياء الموتى، فيقول له الله: «اَ وَلَم تُؤمِن» فيجيب: «قالَ بَلىٰولكِن لِيَطمَئِنَّ قَلبي» (3) هذه السكينة القلبية واطمئنان القلب والإيمان من أعماق الإنسان وروحه بحقيقة من الحقائق حالة على جانب كبير من الأهمية، وهذا ما عرضته أمامنا الحرب. هذا ما أثبتته لنا الحرب والدفاع الذي استمر ثمانية أعوام. نستطيع أن ندّعي الآن أن الجمهورية الإسلامية تستطيع بكل ما اكتسبته من قوة أن تعالج كل التحديات التي يخلقونها لنا وأن تنتصر عليها جميعاً، لأننا جربنا هذا الشيء، لقد جربنا هذا الشيء «وَلا تَهِنُوا ولا تَحزَنُوا واَنتُمُ الاَعلَونَ ان كنتم مؤمنين» (4). إذا كان هناك إيمان في القلب والعمل فسوف تتذلل حتى الجبال أمام مجتمع أو جماعة أو إنسان قوي، ولن تقوى حتى الجبال على المقاومة. لقد كانت هذه إحدى فوائد الحرب بالنسبة لنا. هذه حقائق وواقع، وبالطبع فإن فوائد الحرب أكثر من هذه.
ولا أريد الاسترسال في هذا الموضوع فهذه أمور تحليلية ولا نريد أن نقضي الوقت بها. لقد كان هذا الحدث حدثاً مباركاً وعظيماً ولا يصدق، لم يكن ليصدق في ظروفنا العادية نحن البشر البسطاء السطحيين. وقع هذا الحدث في بلادنا، أي إننا في بداية الحرب لم نكن نمتلك أي شيء. وأقولها لكم: لم نكن نمتلك أي شيء، فأيدينا كانت فارغة، وأسلحتنا كانت قليلة وناقصة ولم يكن لنا سبيل إلى الخارج. بعض ما كنا نمتلكه في المخازن لم يكن مما نستطيع استخدامه، أي لم يكونوا قد جاءوا به بعد إلى فترات طويلة بعد نشوب الحرب. لقد كنتُ هنا في مكتب الاستشارة وفي هيئة الأركان وعلى اتصال بالعسكريين وكانوا شباباً متدينين مؤمنين ملتزمين في الجيش يأتون إلينا ويرفعون لنا التقارير.
وكنت أتابع الأمور باعتباري ممثلاً للإمام الخميني. جاءوا وقالوا سيدي لدينا مدافع اسمها مدافع مائتين وثلاثة، وهي أثقل مدفعيتنا، وهذه المدافع لم تصل بل لم تطرح أصلاً. ونحن في حرب مثل هذه الحرب والعدو مدجج بالسلاح والمعدات، ولدينا وسيلة نستطيع الاستفادة منها ولم نستفد منها. طرحت هذه القضية في الاجتماع الذي كان لنا مع السادة، بني صدر وآخرين، طرحت هذه القضية، ولم يكن بني صدراً على علم بالموضوع أصلاً، وكان هناك آخرون لم يرغبوا أساساً في طرح مثل هذه الأمور. ثم قال أحد القادة العسكريين الذين كانوا في الاجتماع وقد استشهد فيما بعد رحمة الله عليه، قال: نعم، نحن نمتلك هذا الشيء وهو مهم جداً. فقلنا: إذن لماذا لا تستخدموه؟ أي إنه كان لدينا بعض الأشياء لم نستفد منها.
في أهواز أخبرنا منتسب شاب للجيش أن لدينا في مقر اللواء إثنين وتسعين ناقلات جنود حديثة تسمى بي أم پي تو، حصلنا عليها لاحقاً، لدينا من هذه الناقلات الجنود هنا في المقر. كنا نقول دائماً إننا بحاجة للوسائل الفلانية وكانوا يقولون لا نمتلك. قمنا ذات يوم صباحاً عن طريق آخر، عن طريق نفس هذا الشخص والأخ المنتسب للجيش، إذ لم يكن بالإمكان الدخول من الباب العادي للمقر، دخلنا من مكان آخر إلى المقر وذهبنا إلى وسط المعسكر، وشاهدتُ أن الخبر صحيح وهناك نحو تسعة أو عشرة من ناقلات الجنود بي أم پي، وهي جديدة تماماً ولا تزال مغلفة بصفائح الخشب التي أصابتها الأمطار والرياح بمقدار معين لأنها موضوعة تحت السماء. هكذا كان وضعنا في بداية الحرب. لم يكن لدينا أدوات ومعدات حربية، ولم يكن لدينا قوات منظمة ومرتبة جاهزة للعمل أو إنها قليلة جداً. كانت لدينا أشياء قليلة لم تكن تستخدم. لأنه كان على رأس الأمور أشخاص أو شخص أو أشخاص لم يكونوا مخلصين.
تقدمنا إلى الأمام بمثل هذه الأوضاع والظروف. وحين أقول بمثل هذه الظروف فهذا يعود لسنة 59 [1980 م]، هذه الأمور التي أتحدث عنها تعود للنصف الثاني من عام 59 ، أي الأشهر الستة الأولى بعد اندلاع الحرب. الأشهر الستة الأولى بعد نشوب الحرب أي النصف الثاني من عام 59 كم تفصلها زمنياً عن الأشهر الستة الأولى من سنة 61 [1982 م]؟ خلال هذه الفاصلة الزمنية كان تحرك شعب إيران وقواتنا المسلحة بحيث تم القيام بعمليتين كبيرتين مهمتين في الشهرين أو الثلاثة الأولى من سنة 61 ، أي عملية الفتح المبين في فروردين [الشهر الأول من السنة الإيرانية] من سنة 61 ، وعملية بيت المقدس وتحرير خرمشهر في أرديبهشت وبداية خرداد [الشهرين الثاني والثالث من السنة الإيرانية]، أي إن التقدم والحراك كان سريعاً إلى هذه الدرجة. بمعنى إننا في نفس الشهر الذي كانوا يقصفون فيه أهواز بالقذائف عن بعد عشرة كيلومترات، إذ كانوا يقصفون أهواز بنيران القذائف من دبحردان على بعد تسعة أو عشرة كيلومترات عن أهواز كما أتذكر. وصلنا من تلك الأوضاع إلى أوضاع وقوع عدة آلاف من الأسرى في عملية الفتح المبين، وعدة آلاف أسير في عملية بيت المقدس، والسيطرة على مساحة واسعة من الأراضي واستعادة مدينة خرمشهر وتقوية القوات وأمور أخرى.
وقد استمرت هذه الحالة إلى أواخر الحرب. أي إننا استطعنا أن نتعرف على هويتنا وقدراتنا أكثر فأكثر، وأن نتقدم إلى الأمام ونعرف أنفسنا. هذا ما حصل. طوال ثمانية أعوام اجتمع العالم كله علينا وحاربونا - هذا واقع، العالم كله - أي إن أمريكا كانت ضدنا عملياً، والناتو كان ضدنا عملياً، والاتحاد السوفيتي في ذلك الحين كان ضدنا عملياً، والرجعيون في المنطقة وهم هؤلاء السعوديون والباقون كانوا عملياً ضدنا، أي إنهم كلهم شاركوا في العمل ضدنا. وقد كنا غرسة حديثة فتية نبتت لتوها بتجارب قليلة، لكننا استطعنا التغلب على كل هؤلاء. هذه هي تجربتنا. أليس هذا بكاف لـ «لِيَطمَئِنَّ قَلبي»؟ إن هذا يشبه إحياء الطيور الذي طلبه سيدنا إبراهيم (عليه السلام) من الله تعالى. قال له الله إفعل هذا ليطمئن قلبك، ويجب أن نتوفر على هذه الطمأنينة القلبية. وكل من لا يتحلى بهذه الطمأنينة القلبية ففيه عيب، أي إن التعبير الأفضل هو أن نقول إن فيه عيباً. إذا نظرنا نظرة متفائلة إيجابية فسنقول إن فيه عيباً. أما إذا نظرنا نظرة سلبية فيجب أن نحكم بحكم مختلف.
نستطيع أن نتغلب على كل الصعاب والتحديات بطريقة إيمانية. هذه هي نتيجة الحفاظ على هذه الذكريات وتكريمها وتثمينها. أريد أن تتنبهوا إلى أهمية هذا العمل. لا تسمحوا بنسيان ذكريات هذه الأعوام الثمانية من الدفاع المقدس. هذه التفاصيل وهذه الأشياء التي ذكرها الأعزاء أمور مهمة، وهذه الكتب التي تكتب مهمة. هذه أشياء وأمور ونتاجات قيمة وليست مجرد أعمال فنية. طبعاً يتم أيضاً إنجاز أعمال فنية جيدة لحسن الحظ، سواء في كتابة وتدوين الآداب أو في مثل هذه الأعمال. يتم إنجاز أعمال جيدة لحسن الحظ. طبعاً نحن متقدمون في بعض المجالات وتقدمنا أقل في مجالات أخرى، يجب أن نتقدم إلى الأمام. من النواحي الفنية ومن النواحي الأدبية تم إنجاز أعمال قيمة. بيد أن القضية أسمى من هذه الأعمال الفنية. هذا الفيلم الذي يخرجه هذا السيد، وهذا الكتاب الذي يكتبه هذا السيد، هو بمثابة ضخ إسمنت في هذه الأركان والأعمدة التي نريد تقويتها. نريد أن نجعلها أكثر بقاء وخلوداً. إنها تقوية لأركان الثورة ودعائمها. تقوية لأركان تقدم البلاد. تقوية وتعزيز للهوية الوطنية. هذه ممارسات قيمة جداً، وأريد أن أقول إن هذه الذكريات هي ثروة وطنية حقاً. ذكريات هؤلاء ثروة وطنية. وهي ليست ملكاً للشخص الذي روى هذه الذكريات، بل هي ملك للجميع. يجب أن يرووا هذه الذكريات ويكتبوها. طبعاً من المعلوم ومعروف وقد قلنا مراراً إنه يجب تحاشي المبالغة تماماً. يجب ذكر أصل الواقع كما هو وكما حدث، فهو فاخر وجميل وموجز إلى درجة لا يحتاج معها لأية مبالغة. هكذا هو الواقع الذي حدث.
يجب أن يقولوا ويرووا الشيء الذي حدث ويحييوه ويستخدموا لأجل ذلك الأساليب الفنية من أجل التعبير بشكل أفضل. وهذه حسنة وصدقة. هؤلاء الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال وهؤلاء الإخوة الحاضرون هنا، سواء منهم الذين يعملون في مجال الكتابة والأدب أو الذين ينشطون في مضمار الأفلام والسينما والفن، ليعلموا أن هذا العمل الذي يقومون به إنما هو حسنة وإنفاق معنوي كبير. إنكم توفرون وتؤدون بذلك رزق هذا الشعب وهذه الجماعة وهذا البلد. إنكم واسطة الرزق الإلهي لهم. الرزق المعنوي. فاعرفوا قدر هذا الشيء. هذا شيء حسن جداً. قوافل النور من جملة هذه الأعمال. قوافل النور من جملة هذه الصدقات والحسنات. وكذا الحال بالنسبة لكتابة الخواطر وذكرها والتحدث بها، وكذا الحال بالنسبة لمثل هذه الجلسات والاجتماعات، فلا تسمحوا لهذا الحدث المعجز بأن يضعف.
أعزائي، توجد دوافع لإضعاف هذه الحقيقة في واقع حياتنا وفي واقع أذهاننا. هناك دوافع لذلك. بعض الأفراد لديهم مثل هذه الدوافع. نفس الأشخاص الذين يخططون ويبرمجون للبلدان الإسلامية ويبلغونهم فيوافقون على إلغاء وحذف قضايا الجهاد وقضايا الشهادة من مجموعة المعارف الدينية في الكتب المدرسية والجامعية وباقي الكتب. ويوافقون. تم تبليغ هذا الشيء لبعض البلدان فقالوا لهم إحذفوا مفهوم الجهاد ومفهوم الشهادة وما شاكل. وقد حذفوها. الطرف الآخر وافق وحذف.
هكذا هي هذه الدوافع. نفس هذه الدوافع تستمر وتتواصل في الداخل وتلاحظ هنا وهناك على شكل سياسات ثقافية صغيرة. ينبغي عدم الغفلة. حافظوا على الحرب والدفاع المقدس والشهادة والجهاد. لنعرف قدر هذه الذكريات، فهي قيمة. إنها قيمة جداً، وبالطبع فلا يزال لدينا الكثير مما نقوله في هذا المجال. وحين أقول لدينا أقصدكم أنتم ومن كانوا وشاركوا في الحرب. هذه أعمال تستطيع حقاً ربط الجيل الحالي بذلك الجيل الذي خلق ذروة الدفاع المقدس وصنع قمة تاريخنا. يأتي أفراد ويكتبون لنا مراراً وتكراراً رسائل، وبكم كبير، وبإصرار وتوسل وبكاء، من أجل أن يسمح لهم بالذهاب للدفاع عن الحرم وليكونوا من المدافعين عن الحرم. هذه نفس الحالات التي كنا نشاهدها في أيام عقد الستينيات [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد] كان الشباب والأطفال الصغار يأتون ويتوسلون، الذين لم يكن بالإمكان السماح لهم لأسباب معينة بالذهاب إلى الجبهات، الآن أيضاً نجد نفس الحالات لدى كثير منهم. هذا هو ربط الأجيال وإلحاقها «الَحِقني بِالصّٰلِحين» (5)، هذا هو الإلحاق بالصالحين. هذا نتيجة الجهود والمساعي التي تضطلعون بها.
عسى أن يبارك الله في جهودكم ويزيد يوماً بعد يوم من تأثيرات أعمالكم. وأتقدم بالشكر حقاً لمركز الفكر والفن الإسلامي، ولأخينا العزيز السيد سرهنگي وباقي الإخوة العاملين. عملهم هذا عمل قيّم للغاية. ويجب أن يتابعوه ويواصلوه، أقصد أمسيات الذكريات وتنظيم هذه الذكريات والمدونات. كم هي قيمة؟ وهم موجودون في كل مكان، ونحن لا نعرف سوى عدد محدود من الشخصيات التي شاركت في الحرب، وكنا قد سمعنا منهم ذكرياتهم، ثم ذهبوا شيئاً فشيئاً إلى آذربيجان وهمدان ولرستان وخراسان وإصفهان وإلى كل مكان وكتبوا ذكرياتهم وأحيوها فوجدنا أنها عالم رحب عظيم وبحر من الكلام والمنطق والروح والمعنويات. هذه أعمال قيمة جداً فواصلوها. قلتُ مراراً إننا لو تحدثنا وعملنا وأنجزنا أعمالاً جديدة حول هذه الأعوام الثمانية من الدفاع المقدس حتى إلى ما بعد خمسين سنة لما كان ذلك بكثير، وأخال أننا حتى بعد خمسين سنة من العمل لن نصل إلى النهاية. طبعاً ينبغي استخدام الأساليب الجيدة والفنية.
شكراً جزيلاً، لقد كانت جلسة اليوم جلسة جيدة جداً، واستفدنا من كلمات السادة والأصدقاء الأعزاء الذين لم نلتق ببعضهم منذ زمن طويل. نتمنى لكم التوفيق من الله.
والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
الهوامش:
1 - في بداية هذا اللقاء تحدث بعض الحضور راوين ذكرياتهم عن الحرب المفروضة وذكرى تحرير مدينة خرمشهر.
2 - سورة الطلاق، شطر من الآية 3 .
3 - سورة البقرة، شطر من الآية 260 .
4 - سورة آل عمران، شطر من الآية 139 .
5 - سورة يوسف، جانب من الآية 101 .