في زماننا هذا، لو أنّ نشاط المرحوم العلّامة الطباطبائي (رضوان الله عليه) انحصر بالفقه، لكان من الحتمي أن يبلغ المرجعيّة. إن لم يكن سماحته أعلى مرتبة من علماء عصره، فلم يكن أقل درجةً من أحد منهم؛ لكنّه ترك الفقه لمن كانوا منشغلين بها. في قم في تلك الحقبة كان المرحوم آية الله البروجردي بعظمته، والأساتذة الذين جاؤوا بعد هذا الإنسان الجليل، منشغلين بالفقه؛ لكنّه (العلامة الطباطبائي) جاء وانشغل بالفلسفة وغدا ركناً في هذا المجال، وبعد أن لم يكن هناك أثرٌ يُعتنى به للفلسفة في قم، جاء سماحته وأحياها، وتعلَّم على يده العديد من التلامذة، أطلق معارف الفلسفة ووسّعها. طبعاً كان الإمام الخميني يُدرّس الفلسفة قبل سماحته، لكن ضمن دائرة محدّدة وتلامذة خواص؛ لكنّ العلامة الطباطبائي وسّع الفلسفة، وسّع الدّرس وبذل عمره في مجال الفلسفة. على الحوزات أن تكون على هذا النّحو. يجب أن لا يكون الأمر على هذا النّحو بأن يتخصّص الجميع في الفقه؛ لا، على الطالب أن يعلم أنّه لو تخصّص في التاريخ أو التفسير أو الفلسفة أو علم الكلام أو علوم القرآن أو سائر العلوم الإسلامية فستكون بانتظاره قيمة معيّنة وسيكون مُقدّراً بصورة مناسبة.

كلمة الإمام الخامنئي قبل بدء درس البحث الخارج في الفقه في تاريخ 22/9/1991.