- سماحة الشيخ، ما هي برأيكم مواضيع وأهداف المؤتمر ودور العلماء في تصحيح بوصلة المجتمع الإسلامي وتوجيهها نحو قضيّة فلسطين ومقارعة الاستكبار؟

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد، فإنّ هذا المؤتمر يُنمّي في أذهان كلّ الدّعاة الذين يحرصون على توحيد الأمّة بأنّ في وحدة الأمّة القوّة التي يمكن أن تقف في وجه الاستكبار العالمي، كما سمعنا هذا الكلام من آية الله الخميني الذي فجّر ثورة إيران الإسلامية، وكان دائماً يعطي الوعي، خاصّةً إلى العلماء، لأنّهم هم العدّة في توحيد الأمّة وفي وحدة الأمّة، هزيمة الأعداء والصمود في وجه أي هجمات استعمارية استكبارية، فهذا المؤتمر اليوم ينبهنا إلى تلك المعاني وتلك الكلمات التي سمعناها بأن نوجد ونعمل على إيجاد العالِم الربّاني، العالِم المفكّر، العالِم الذي يكون صاحب ثورة فكرية وصاحب إيمان مع حب الله ورسوله، لأنّ هذا العالم هو العدّة حقيقة في أن ينبّه النّاس ويعلّم الناس الذين هم وقود الوقوف في وجه الكيان الصهيوني بل وكما نطمح وسيكون ذلك إن شاء الله، إن لم نره نحن فسوف يراه أبناؤنا بإذن الله تعالى، أن نزيل هذا الكيان الصهيوني. هذه ليست أمنية، إنّما هدف نسعى إليه، لكن بالعقل، الحكمة، التعاون والتضافر، وأن يكون العالم الذي ينادي بصوته في أقصى العالم الإسلامي، أن يكون صدى هذا الصوت في كل بقعة يوجد فيها إنسان يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله،  فمشاركتنا بهذه المؤتمرات هي أولاً لتتلقّح العقول بأفكار قد لا توجد معي وتوجد مع غيري ولكن القصد منها جميعاً أن نحرص على وجود الوعي السياسي، الوعي الاقتصادي والوعي الاجتماعي وأن نكون على معرفة بما يحيط بنا من وقائع في محيط المنطقة التي نعيش فيها، لذلك نحن نرجو الله عزّوجل وقد تفاءلنا كثيراً بالثورة الإسلامية في إيران أنّه سيأتي اليوم الذي تتوحد فيه الأمة الإسلامية وإن كانت هي موحّدة قلبياً ولكن أن نرى إن شاء الله أنها الساعد الواحد واليد الواحدة التي تعمل لما يرضي الله ويرضي رسول الله وأن نكون في المستقبل إن شاء الله تحت الراية التي أرادها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بل إن شاء الله ولا أتكلّم سوى الصدق بل هي الراية التي خرجت من مكة المكرّمة إلى كربلاء وحملها سيّدنا الحسين عليه السلام، الذي خرج من أجل هذه الصيحة لتوحيد الأمّة أمام الاستكبار وأمام الفساد وأن يعطي العزة والكرامة للأمة في الدنيا والمغفرة وأن نكون تحت لواء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

 

علينا أن نعمل على إيجاد العالم الربّاني، المفكّر والمحبّ لله ورسوله لأنّه سيكون العدّة في تنبيه وتعليم النّاس الذين يشكّلون الوقود في مواجهة الكيان الصهيوني.

 

- حول المشروع الأمريكي الصهيوني تجاه سوريا بشكل خاص في هذه السنوات الأخيرة وإن كان نحن تقريباً نقترب من نهاية داعش ونهاية هذه التيارات التكفيرية، كيف ترون المستقبل في سوريا وكيف ترون دور سوريا في المستقبل فيما يخص مساعدة الأمة الإسلامية في هذه المواجهة وهذه المقاومة؟

 طبعاً عندنا في سوريا منذ اللحظات الأولى كان هناك وعي وتفاهم من قبل إيران الإسلامية ومن قبل حزب الله في لبنان أنّهم معنا في خندق واحد لأنّه لو سقطت سوريا فسوف يسقط حزب الله وإن سقط حزب الله فسوف تكون إيران بعيدة عن هذه المنطقة يعني الإسلام هو الذي صار بعيداً عن هذه المنطقة، لذلك فإن تضافر القوة والصبر والحنكة السياسية التي بدت في تصريحات وعمل السيد الرئيس بشار الأسد حفظه الله أدّت إلى الصبر وإلى هذا الصمود من قبل شعبنا، وقد تعرّضت سوريا فعلاً خلال هذه السّنوات العجاف إلى ما لم تتعرّض له أي دولة وأي شعب من شعوب الأرض حسبما أعتقد، ولكن في المستقبل، دائماً ما تصنع الأحداث الأمم القويّة، الأحداث التاريخيّة، الأحداث التي تقوّي من عزيمتها وتعطيها القوة إلى أظهار الحضارة مرة ثانية إن شاء الله، الحضارة التي ترفرف على كل أرضنا في سوريا وعلى لبنان وفي العراق وكل العالم الإسلامي إن شاء الله، الحضارة التي أرادها الله عزّوجل لبني البشر، كلكم من آدم وآدم من تراب و{أنّ هذه أمتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون} (1)، لذلك نحن نتفائل بل وننظر من خلال النظر العلمي أنّه ستكون هناك سوريا إن شاء الله وبقيادة الرئيس بشار الأسد، سوريا المؤمنة الصادقة، سوريا التي لن تنسى أبداً الأشقّاء الذين وقفوا معها أمام هذه الهجمة الداعشيّة، أمام هذه الهجمة الإمبرياليّة الأمريكية التي تريد إخضاع سوريا لمشروعها مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا لن يكون أبداً وستبقى سوريا مع المقاومة والمقاومة مع سوريا، إلى أن تزول من خارطة منطقة الشرق الأوسط إن شاء الله كلمة الكيان الصهيوني.

 

سوف تبقى سوريا إلى جانب المقاومة حتّى زوال كلمة الكيان الصهيوني من خارطة الشرق الأوسط.

 

- السؤال الأخير هو مسألة نشر ثقافة الاعتماد على الوعد الإلهي، للأسف أحياناً نشاهد في مجتمعنا الإسلامي أنّ المسلمين أيضاً لا يثقون بالوعود الإلهيّة بنصرة الإسلام وبنصرة المقاومين بل يثقون بالوعود الشيطانية كالوعد الأمريكي، الوعد الصهيوني والوعد الغربي التي تكون فارغة لا ينتج عنها أي شيء في المستقبل، كيف يمكن أن ننشر هذه الثقافة في مجتمعنا خاصة لدى جيل الشباب؟

هذا يتوقف بشكل رئيسي على وجود العالم الربّاني، العلم جسد، روح هذا العلم هي تقوى الله والإيمان بالله عزّوجل، أنا أتكلّم هذه الكلمات وعندما أشارك في الكثير من الأحيان في حرم السيدة زينب سلام الله عليها وغيرها من الأماكن أستخدم كلمات الإمام الخميني قدّس الله سرّه. مشكلتنا الآن في العالم الإسلامي هي مشكلة إمام المسجد؛ وهذا ما كان يقوله شيخنا الشيخ أحمد كفتارو رحمه الله ورضي الله عنه، كان يقول: مشكلة العالم الإسلامي الآن هي في رجل المسجد، فرجل المسجد عندما يكون عالِماً وهذا العِلم قد أعطي الروح وهذه الروح إنما هي صلته بالله سبحانه وتعالى، هذا العالِم هو الذي يستطيع أن يصنع الشباب ويصنع الفتيات ويصنع الكبير والصغير، يصنع فيهم قوة الاعتماد على الله عزّوجل، وأن الله عزّوجل إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، فعندما يكون هناك وعد إلهي والذي يستمع إلى هذا الوعد من الله عزّوجل والإيمان قد غمر قلبه وروحه فهو على يقين أنّ ما وعده الله سيتحقّق رضي من رضي وكره من كره.

 

الهوامش:

1) القرآن الكريم، سورة المؤمنون، الآية ٥٢