«عَن مَنصورِ بنِ بَزرَج، قال: قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّهِ الصّادِق علیهالسلام: ما أَکثَرَ ما أَسمَعُ مِنكَ یا سَیِّدي ذِکرَ سَلمانَ الفارسي» يقول الرّاوي بأنّني كثيراً ما أسمعكم تردّدون اسم سلمان وتذكرونه. يتبيّن هنا أنّ الإمام الصّادق عليه السلام كان يتحدّث بشكل متكرّر حول سلمان. يستغرب هذا الشّخص ويخاطب الإمام بأن ما هو السبب الذي جعلكم تولونه هذا القدر من الاهتمام، أو تبرزون له محبّتكم وما هو من هذا القبيل. «فَقال: لاتَقُل «الفارسي» وَ لکِن قُل سَلمانَ المُحَمَّدي» أي أنّ نسبه أرقى من أن يكون نسباً قوميّاً ووطنيّاً؛ هو نسبٌ ديني.
يودّ أن يقول أنّ هذا الشّخص أرفع منزلة وأرقى من أن يُعرف بنسب قومي؛ نسبه هو نسب العقيدة والدين والرسول؛ أو كأنّه -مثلاً- ابن الرّسول (ص).
قال الإمام [الصادق] عليه السلام: «أَتَدري ما کَثرَةُ ذِکري لَه؟» هل تعرف لماذا؟ «قُلتُ: لا. قال: ثَلاثِ خِصالٍ»، كان سلمان يتمتّع بخصائص ثلاثة استدعت أن أُكثر من ذكره وأسمّي اسمه وأجلّه وأعظّمه أو أبرز محبّتي له.
١- كان يُقدّم رغبة أمير المؤمنين على رغبته
يُفهم من هذا الأمر أنّ مثل هذا الأمر حدث أكثر من مرّة بحيث أنّ الإمام عليه السلام أراد شيئاً وكان سلمان يريد شيئاً آخر في قلبه وعقله لكنّه رجّح رغبة وهوى أمير المؤمنين -والهوى هو الميل- على هواه.
٢- كان يُكنّ المحبّة للفقراء
البعض ينفرون من طبقات المجتمع المستضعفة؛ ليسوا جاهزين للذهاب صوبهم وتفقّد حالهم! يعتبرون أنفسهم أعلى مرتبة منهم؛ هو لم يكن كذلك؛ كان يحبّ الفقراء ويفضّلهم على أصحاب الثروات... هذه دروس لنا. نحن طلاب العلوم الدينيّة، نحن المجتمع العلمي ومجتمع العلوم الدينيّة، كانت إحدى خصائصنا منذ البداية أنّنا كنا على مقربة وتماس مع الضعفاء والطبقة المستضعفة؛ هذه ميزة عظيمة... هذا أمرٌ بالغ الأهميّة؛ علينا الحفاظ عليه. الآن حيث أنّ العلماء وطلبة العلوم الدينيّة قد حازوا مكانة في عالم السياسة، يجب علينا أن لا نفقد ما هو موجود في تاريخنا وسنّتنا القديمة.
٣- كان سلمان يحبّ العلم ويحبّ العلماء
هذه خصائص ثلاث كانت موجودة لدى هذه الشخصية العظيمة بحيث أنّها دفعت الإمام الصادق عليه السلام بجلالته وعظمته للانجذاب إليه، لأن يبرز له محبّته -أو يجلّه ويُعظّمه-.