وخلال هذا اللقاء أشار سماحته إلى أنَّ المشكلة الأكبر التي تواجه الثورات في العالم هي الرجعية وعرّف الإمام الخامنئي الرجعية بأنها ضعف حركة الشعب في بعض المواطن وتوقفها ومن ثمة عودتها في الطريق المخالف للشعارات التي انطلقت من أجلها.
وأردف سماحته: جميع الثورات العظيمة في التاريخ كثورات فرنسا، روسيا، أمريكا اللاتينيّة وإفريقيا ابتليت في الأعوام الأولى من عمرها ببلاء الرّجعيّة.
واعتبر سماحته حفاظ الثورة الإسلامية على شعاراتها طيلة مدة أربعين عاماً منذ انتصارها إلى اليوم شيئاً لا يمكن أن نراه في أيٍ من ثورات العالم. وقال سماحته: لقد تمكنّا من الحفاظ على شعاراتنا.
وأشار الإمام الخامنئي إلى أهم الأخطار التي تتهدد شعارات ونهج الثورة الإسلامية وتسير بها نحو الرجعية حيث اعتبر سماحته الالتفات إلى الطبقات المرفهة والمتطلبة بدلاً من الطبقات الضعيفة في المجتمع أحد هذه العوامل. كما رأى سماحته في الاعتماد وتعليق الآمال على الأجانب بدلاً من الاعتماد على الشعب عاملاً آخر من عوامل الرجعية.
كما نوّه الإمام الخامنئي بالمسيرات الشعبية الحاشدة التي عمت مدن الجمهورية الإسلامية في الذكرى السنوية لانتصار الثورة الإسلامية في ٢٢ بهمن (١١ شباط) معتبراً أنّ هذه الحركة الشعبيّة العظيمة بعد انقضاء ٣٩ عاماً أشبه بالمعجزة وتابع سماحته: لا يوجد في أي بقعة من بقاع العالم شيء من هذا القبيل؛ أن يشارك النّاس بأنفسهم في الساحات بعد مضيّ ما يقارب الأربعة عقود ويملؤوا الشوارع ويهتفوا بأنفسهم ويثبتوا حضورهم ويدافعوا عن ثورتهم؛ لم يكن لذلك مثيل في أيٍّ من الثورات خلال القرون الماضية، لا يوجد شيء من هذا القبيل في أي بقعة من بقاع العالم؛ هذه القضيّة خاصّة بإيران.
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى أنَّ الناس عاتبون فيما يخص بعض القضايا في البلاد: نحن مطّلعون بشكل كامل على شكاوى وعتاب الناس. يطلعوننا عليها وينقلونها إلينا، لكن عندما يتعلّق الأمر بالثورة والنظام فإنّ الناس يشاركون في الساحات بهذا النحو ويتحرّكون.
وتابع سماحته: لقد نشأ وعيٌ ثوري وبلغ الشعب الإيراني كمالاً سياسيّاً؛ قد يكون لديهم انتقاد في مكان ما لكنهم يدافعون بكامل وجودهم عن أساس النظام الذي تشكّل بواسطة الثورة.
واستكمل الإمام الخامنئي كلامه في هذا الشأن وأوضح بأنّ انتقاد النّاس لا ينحصر بالقوى التنفيذية والتشريعية والقضائية وأردف سماحته قائلاً: قد يكون لدى [الناس] انتقاد لشخصي أنا العبد لله لكن هذا الانتقاد لا يتنافى مع الثبات في سبيل النظام الإسلامي والنظام الثوري الذي قام على تضحيات هذا الشعب.
وفي جزء آخر من كلمته تناول قائد الثورة الإسلامية الارتباط الاقتصادي والسياسي مع العالم حيث قال سماحته: لا يعني الاقتصاد المقاوم الانغلاق والتقوقع داخل البلاد.. الارتباط والتواصل مع العالم موجود في الاقتصاد المقاوم، إلا أنَّ الثقة يجب أن تكون بالشعب. يجب أن يكون محرك الاقتصاد نابعاً من الداخل وأن لا نعلق الآمال على الخارج.
وتابع الإمام الخامنئي كلمته بقوله: لقد شاهدنا في الاتفاق النووي عواقب الاعتماد على الأجانب. لقد وثقنا بهم في المفاوضات النووية ولم نجني أي فائدة من ثقتنا تلك.
كما أثنى قائد الثورة الإسلامية على مواقف مسؤولي الجمهورية الإسلامية وخصَّ وزير الخارجية الدكتور محمد جواد ظريف بالشكر بسبب مواقفه وتصديه لخبث الأمريكيين ومواجهته مؤامرات الأوربيين ضد الجمهورية الإسلامية.
واعتبر الإمام الخامنئي الاعتماد على الأجانب أمراً خطيراً من شأنه تمكين الأجانب بمختلف الطرق من السيطرة على مصير البلاد. وأضاف سماحته: يجب الاستفادة من الأجانب والانتفاع منهم ولكن يجب عدم الاعتماد عليهم.
وفيما يتعلّق بسياسة البلاد الدفاعية رأى الإمام الخامنئي أنّه من الواجب متابعة جميع الطرق والأدوات التي تحتاجها البلاد اليوم وغداً ويجب أن تُحدَّث هذه الأدوات. ودعا سماحته إلى أن لا يساور أحدٌ الشكَّ للحظة أنَّ على البلاد المسير في الاتجاه الذي يضمن لها الدفاع عن نفسها حتى ولو عارض جميع العالم هذا الأمر.
كما دعا قائد الثورة الإسلامية إلى إعطاء الأولوية وترجيح البلدان التي تجمع الجمهورية الإسلامية بها سياسة وأهداف مشتركة؛ يجب أن نعطي الأولوية للشرق على الغرب وللجار على البعيد.
ورأى الإمام الخامنئي أنَّ أهم أعمال الثورة الإسلامية الأصلية كانت تحويل نظام سيادة الطاغوت إلى نظام السيادة الشعبيّة -استلهاماً من التعاليم الإسلامية والثورية- وأضاف سماحته: أحد آثار السيادة الشعبية هو إحياء المواهب. عندما يشارك النّاس في الساحات ويتمّ الوثوق بهم يحيا الشعور الوطني بالثقة بالنفس داخل الناس. عندها يتقدّمون في ميادين العلم والصناعة وفي مجال العلوم الحديثة والتأثير السياسي في المنطقة.
كما اعتبر قائد الثورة الإسلامية تقدم البلاد أحد نتائج السيادة الشعبية وأضاف سماحته: لقد أطلقنا على العقد الرابع من عمر الثورة الإسلامية اسم عقد "التقدم والعدالة"؛ التقدم تحقق بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ولكننا في ميدان العدالة لا نزال متأخرين، إننا نعترف بذلك. ينبغي علينا أن نعمل أكثر في مجال تحقيق العدالة وينبغي أن نعتذر من الناس ومن الله. أسأله تعالى من خلال همة الرجال والنساء الكفوئين أن نتقدم في هذا المجال أيضاً.