استهلّ قائد الثورة الإسلامية اللقاء بالإشارة إلى الأيام المباركة في النصف الثاني من شهر ذي الحجّة والمناسبات التاريخيّة التي تتخلّلها مثل يوم المباهلة ويوم نزول سورة الدّهر وقال سماحته في هذا الصدد: المباهلة تشكّل في الحقيقة مظهراً للقوّة الإيمانية والاستناد إلى الحقانيّة ونحن بحاجة دائماً إلى القوّة الإيمانيّة والاستناد إلى حقانيّة النظام الإسلامي في مواجهته للاستكبار وإنّ نتيجة توجّهات الرّأي العام في الظروف الحاليّة تدلّ على وجود ثقة بحقانيّة حركة ومسار النظام الإسلامي.
وشدّد الإمام الخامنئي على أهميّة وضرورة الوحدة والتلاحم الوطني وتوجيه الرّأي العام في هذا الاتجاه وتابع سماحته قائلاً: ظروفنا اليوم هي ظروف حسّاسة لكنّ سبب هذه الحساسيّة ليس عدد الأعداء الكبير أو قدراتهم الكبيرة لأنّ هؤلاء الأعداء كانوا ولا يزالون منذ انتصار الثورة الإسلامية كما أنّ قوّتهم كانت أكبر في تلك المرحلة لكنّهم عجزوا عن التقدّم رغم كافّة ممارساتهم العدائيّة من قبيل الهجوم العسكري في صحراء طبس، وفرض الحرب على مدى ثمانية أعوام، وتحطيم طائرة الركاب والحصار الاقتصادي، والنظام الإسلامي اليوم كشجرة طيّبة أصلها ثابت وهي في حال النموّ وإعطاء الثمار.
وأكّد قائد الثورة الإسلاميّة: حساسيّة الظروف مردّها إلى أنّ النظام الإسلامي ومع سيره في مسار جديد وطرحه لآراء ونظريات مغايرة على مدى الأعوام الأربعين الماضية، سار في اتجاه معاكس لمسار الاستكبار ونظام السلطة وفي هكذا ظروف، وفي ظلّ غابة السياسة الدولية المليئة بالصراعات، تطرأ ظروف ومقتضيات عديدة ويجب أن يتم التعامل مع أيّ ظروف بدقّة وبما يتناسب معها.
وأردف الإمام الخامنئي قائلاً: لو أصيب كلّ فرد من النّاس والنّخبة على وجه الخصوص بالغفلة حيال ظروف ومكانة النظام في ظلّ أي ظروف ومقتضيات فسوف نتلقّى صفعة لا محالة.
وتابع قائد الثورة الإسلاميّة متطرّقاً إلى الظروف الحالية ومقتضياتها قائلاً: تواجه الجمهورية الإسلامية اليوم حرباً اقتصادية شاملة تُدار من غرفة عمليات بدقّة واهتمام تام لكن إلى جانب هذه الحرب توجد حربٌ إعلاميّة ودعائيّة هامّة وغالباً ما يُغفل عنها.
وأوضح الإمام الخامنئي في هذا السياق قائلاً: الحرب الإعلامية اليوم كانت قائمة منذ القِدَم أيضاً، ولكنها ازدادت شدّة وحدّة في الفترة الحاليّة. واستناداً لما لدينا من معلومات، فإن أجهزة التجسس الأمريكية والصهيونية، وبدعم من أمثال قارون في المنطقة المحيطة ببلدنا، قامت بتأسيس تشكيلات لإطلاق هذه الحرب الإعلامية، وها هم يحاولون التخطيط في عمل دؤوب وسعي حثيث لتلويث الأجواء الدعائيّة والفكرية لدى المجتمع.
وتحدّث قائد الثورة الإسلاميّة حول أهداف هذه الحرب الإعلاميّة قائلاً: تتلخّص أهداف هذه الحرب الإعلامية في بثّ اليأس والاضطراب والإحباط والشعور بالوصول إلى طريق مسدود وإثارة سوء الظن بين الناس وتجاه الأجهزة المسؤولة وأيضاً تهويل المشاكل الاقتصادية في أذهان المجتمع.
كما لفت الإمام الخامنئي إلى أنّه منذ استلامه زمام أمور القيادة قام بتوجيه العديد من الانتقادات أو اعترض على الحكومات في مختلف المجالات وقد كانت انتقادات لاذعة وحادّة في بعض المواقف وتابع سماحته قائلاً: إنني من أهل الانتقاد ولستُ من أهل التسامح في مواجهة المشاكل والأجهزة المسؤولة، ولكني أؤكّد على أن لا تكون طريقة البيان والمبادرة بالنحو الذي يُشيع بين الناس مرض سوء الظن والتشاؤم.
وذكّر قائد الثورة الإسلاميّة: ينبغي أن لا تتجّه الأجواء العامّة في البلاد بالاتجاه الذي يؤدي إلى عدم تصديق الإجراءات الإيجابية وفي المقابل تصديق أقوال العدو الكاذبة لأنّ هذه الحالة خطيرة جداً.
وشدّد الإمام الخامنئي على أنّه رغم خلق المتربصين شرّاً [بالبلاد] أجواء دعائيّة وسائر المشاكل الأخرى، إلّا أنّ الثورة والبلاد تخطو في مسار التقدّم والتطوّر وتابع سماحته قائلاً: لا نروم المبالغة بل نقول استناداً إلى معطيات دقيقة بأنّ بلادنا تسير باتجاه المفاهيم والمبادئ والحقائق الثورية، ولو أنّ سرعة هذه الحركة ليست كما يُرجى لها أن تكون، لكنّ النظام يسيرُ قُدماً في مختلف المجالات العلميّة، والصّناعيّة، والعزّة السياسيّة، والتسامي الفكري والمعنوي وقد حقّق تقدّماً جيّداً.
ورأى قائد الثورة الإسلاميّة أنّ ميل الشباب يوماً بعد يوم إلى المعنويّة رغم وجود الإعلام المكثّف والمضلّل في العالم الافتراضي، يعد واحداً من النماذج البارزة لهذا النمو الفكري والمعنوي وتابع سماحته في هذا الصدد: الحضور الواسع للشباب في مسيرة الأربعين والاعتكاف وصلاة الجماعة في الجامعات وجلسات شهر رمضان، يدل على التقدم في المجالات المعنوية. فلماذا لا ننظر إلى هذه النقاط الإيجابية وحالات التقدم؟ يجب مشاهدة هذه الحقائق وتحليلها وبيانها ولاسيما من قِبَل من يستمع إليهم عدد كبير.
وفي ختام كلمته أشار الإمام الخامنئي إلى نموذج من تقدّم النظام الإسلام في المجال المعنوي وروى قصّة أحد شهداء الدفاع عن المقدسات كما استند إلى آيات من القرآن الكريم وشدّد سماحته قائلاً: متى ما تصدّينا للأعداء فسوف يُجبرون على التراجع وسوف نُركع الاستكبار بفضل من الله وسنعرض للعالم أجمع هذا النموذج الذي يقول بأنّه عندما يكون أتباع الإسلام مستعدّين للدفاع والجهاد فلا ريب في أن النصر سيكون حليفهم.