تحدث قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، عن تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين التي عرضتها وسائل إعلام معارضة للجمهورية الإسلامية في الأيام الأخيرة، وكانت «تكراراً للخطاب العدائي من الأعداء وأمريكا»، معرباً عن استغرابه وأسفه من هذا الكلام. وقال: «كان الأمريكيون مستائين بشدة من التأثير المعنوي لإيران وعناصرها في المنطقة، أي قوة القدس والشهيد سليماني، منذ سنين. ولهذا أصلاً اغتالوا اللواء الشهيد سليماني. فلا ينبغي أن يُقال شيئاً يؤيّد كلامهم».

وأكد الإمام الخامنئي أن «قوة القدس» صارت «أكبر عامل مؤثّر في منع الدبلوماسية الانفعالية في غربي آسيا»، وأنها «الممهّد لتحقيق السياسة المُعزّة للجمهورية الإسلامية»، مضيفاً: «سياسة البلاد تتكوّن من برامج اقتصادية وعسكرية واجتماعية وعلمية وثقافية، وسياسة خارجية أيضاً. يجب أن تسير هذه الأجزاء معاً، وإنكار أي من هذه الأجزاء خطأ كبير، وهو ما لا ينبغي أن يصدر عن مسؤولي البلاد».

وفي إشارة إلى رغبة الغربيين في استعادة سيطرتهم على إيران كما كانت خلال عهد الطاغوت (الشاه)، قال سماحته: «إنهم يعارضون من هذا المنطلق أي تحرك دبلوماسي وتوسيعَ علاقات إيران مع الصين وروسيا وكذلك مع جيرانها، بل في بعض الحالات صرفوا عبر الضغط مسؤولي الدول المجاورة عن السفر إلى إيران... يجب أن نعمل بصورة مستقلة وحثيثة وقوية مقابل هذه الضغوطات».

ورأى الإمام الخامنئي أن «السياسة الخارجية في كل مكان في العالم تتحدد في المجامع العليا وليس في وزارة الخارجية»، شارحاً: «وزارة الخارجية تشارك في تحديد السياسات ولكنها لا تتخذ القرار بل تنفّذ... أيضاً السياسة الخارجية في بلادنا يحددها المجلس الأعلى للأمن القومي بحضور المسؤولين، وعلى الخارجية تنفيذها على طريقتها الخاصة».

في جزء آخر من خطابه، رأى قائد الثورة الإسلامية أن «الانتخابات بالمعنى الحقيقي للكلمة فرصة مهمة وفريدة من نوعها لتعزيز أسس الاقتدار والأمن في البلاد»، قائلاً: «في الجمهورية الإسلامية، تم إجراء الانتخابات كلها بصورة سليمة... يمكن أنه حدثت مخالفات طفيفة ولكن لم يكن لها أي تأثير في النتيجة، بل دائماً كانت الانتخابات في الجمهورية الإسلامية مصحوبة بالأمانة». واستدرك: «طبعاً عندما تتحقق النتيجة المرجوة لبعضهم يصفون تلك الانتخابات بأنها سليمة، ولكن إذا لم تتحقق النتيجة المرجوّة، إمّا يتهمون المنظمّين وإمّا يثيرون أعمال الشغب مثلما حدث عام 1388 (2009)... تلك الاتهامات هي ظلم، وأعمال الشغب جريمة».

الإمام الخامنئي خصّص جزءاً آخر من خطابه لمناسبة «عيد العمال» متكلماً حول شأن العمال ومقامهم وضرورة «الدعم الشامل لهذه الطبقة الكادحة والمؤثرة»، وأيضاً «دور العمال في التقدم الاقتصادي واستقلال البلاد»، مشيراً إلى «المكانة الرفيعة للعامل في الإسلام وقُبلة الرسول على يد العامل» بالقول: «في اقتصاد مستقل وموجّه نحو الإنتاج العاملُ هو الركيزة الأساسية، وهذا الدور المؤثّر للعمال يجب أن يتحول إلى ثقافة عامة بمساعدة التبليغات ووسائل الإعلام».

وقال سماحته: «منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية حاول المغرضون والأجانب وضع مجتمع العمال في وجه النظام (الإسلامي) لكن العمال وقفوا إلى جانب النظام بتفانٍ، كان النموذج البارز عنه مرحلة الدفاع المقدس». وفي إشارة إلى الأبعاد المتعددة الأوجه لإيجاد فرص العمل في المجتمع، رأى أن من «أهم البرامج المهمة والمنتظرة من الحكومات هي إيجاد فرص العمل»، محذراً «الأشخاص الذين يغلقون المصانع من أجل مصالحهم الشخصية ومن أجل الاستفادة من الأرض وقيمتها المضافة: ليعلموا أنهم ارتكبوا عملاً باطلاً وحراماً، وهذا خيانة للشعب والعمال واستقلال البلاد واقتصادها، وضربة للإنتاج الوطني».

وعن ليالي القدر المباركة، وصف الإمام الخامنئي هذه الليالي بأنها «ذروة شهر رمضان العظيم»، موصياً الناس بـ«الاستفادة من السعة الفريدة لأيام القدر». ربطاً بذلك، رأى أنه «بنظرة سريعة إلى شخصية الإمام علي بن أبي طالب (ع) فالإمامة مقام سامٍ وعالٍ للغاية... معنى الإمامة ليس رئاسة الدين والدنيا، بل هو مفهوم سامٍ جداً يستحيل على الآخرين فهمه إلا المعصومين وقلة من النخب». وبشأن محبة الشيعة وأتباع الديانات والمذاهب الأخرى لأمير المؤمنين (ع)، قال قائد الثورة الإسلامية: «هذا الحبّ والتفاني يرجع إلى الصفات المذهلة التي تُميّز مولى المتقين، فالعدالة المحيّرة وغير المتساهلة، والشاملة، ومن دون أي استنسابية، على رأس هذه الخصائص». كما علّق على الحماسة الفريدة من نوعها للشهادة لدى مولى المتقين بالقول: «نشكر الله أنه في زماننا كان هناك رجال مضحّون وما زالوا، وكانوا عاشقين للشهادة اقتداءً بمولاهم... الحاج قاسم سليماني من أعظم الشخصيات في هذا المجال».

في جانب آخر من حديثه، بمناسبة ذكرى الشهيد مطهري وعيد المعلم، تناول الإمام الخامنئي شأنَ المعلم ومكانته المهمة متطرقاً إلى بعض السمات للشهيد مرتضى مطهري: «كان الشهيد مطهري عالماً وفيلسوفاً ومفكراً وفقيهاً وسليطاً في القضايا الفكرية، ولكن الخصوصية المهمة للأستاذ الشهيد أنه في مجال إنتاج الفكر الصحيح والمتقَن والعميق ونشره كان في جهادٍ برمجي دائم وحريص على مخاطبيه ومجتمعه، ويواجه الأمواج الفكرية المنحرفة لدى الشرق والغرب». كذلك، تناول سماحته «غزو الأجانب والمنحرفين لأفكار الشباب»، مشدداً على المعلمين «الاستفادةَ من القدرات الهائلة للتربية والتعليم، والسعي إلى إبطال مفعول هذه الهجمة الكبيرة بطريقة جهادية أيضاً، حتى تقترب المتساقطات من الصفر، وتصل الإنباتات إلى أعلى مستوى».