التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم الإثنين 9/1/2023، جمعاً من أهالي قم بمناسبة ذكرى «19 دي»، الانتفاضة التاريخية لأهالي قم في 9/1/1978. وتحدث سماحته حول هذه الانتفاضة عادّاً إياها من الأحداث المفصلية في التاريخ ومشدداً على الحفاظ على ذكراها حيةً.
في هذا السياق، قال الإمام الخامنئي: «انطلقت حركة عظيمة في أنحاء البلاد كافة، وكان أهالي قم المؤمنون والثوريون قد رفعوا لواءها، وتهدف إلى الإطاحة بالنظام الدكتاتوري، وإخراج إيران من براثن الغرب، وإحياء الهوية التاريخية والإسلامية للبلاد، لأن إيران في زمن بهلوي كانت مسحوقة تحت أيدي الثقافة الخاطئة والهيمنة السياسية-العسكرية للأمريكيين».
في جزء آخر من حديثه، أشار سماحته إلى أعمال الشغب الأخيرة التي شهدتها البلاد، مؤكداً أنه تجب رؤية أيادي الأعداء الأجانب بوضوح، «بمن فيهم الأوروبيون والأمريكيون»، في هذه الأحداث. وأضاف: «أهم أداة للعدو في أعمال الشغب هذه الدعايات الإعلامية والوسوسة عبر الفضاء المجازي ووسائل الإعلام الغربية والعربية والعبرية».
وأضاف قائد الثورة الإسلامية: «أظهر بعضهم أن المتواجدين في أعمال الشغب كانوا معترضين على نقاط الضعف الإدارية والاقتصادية للبلاد... لقد كان العكس، فليس هدفهم معالجة نقاط الضعف بل القضاء على نقاط القوة في البلاد».
في تبيينه «استهداف نقاط القوة»، عدّدَ سماحته مصاديقَ لِما كان العدو يسعى إلى توجيه ضرباته إليه مثل أمن البلاد، وإيقاف التقدم العلمي بإغلاق المراكز التعليمية والعلمية، وإيقاف نمو الإنتاج المحلي، وغيرها.
وأكد الإمام الخامنئي أهمية جهاد التبين بالقول: «كانت الدعاية الإعلامية على رأس مخططات المغرضين، أو البروباغندا كما يسمونها هم، وعلاجها هو التبيين الصحيح للحقائق عبر ألسن متنوعة وبالابتكار والإبداع، لأن سبيل علاج الوسوسة الدعائية التي تؤثر في أذهان الشباب واليافعين ليست الهراوة بل التبيين والتوضيح».
في جزء آخر من حديثه، رأى سماحته أن انتصار الثورة الإسلامية وإنقاذ إيران من الهيمنة الشديدة لأمريكا هما السبب الرئيسي في العداء مع النظام الإسلامي.
بالإشارة إلى انتشار وثيقة سرية من مركز أمريكي رسمي عن أمر الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بالإطاحة بالجمهورية الإسلامية، قال قائد الثورة الإسلامية: «وفقاً لهذه الوثيقة يأمر كارتر وكالة المخابرات المركزية بالإطاحة بالجمهورية الإسلامية، وأول إستراتيجية يذكرها استخدام الدعاية الإعلامية».
لذلك، رأى سماحته أن محاولة توجيه ضربة إلى النظام الإسلامي عبر سلسلة من الممارسات التي من جملتها التهديد والحظر والتجسس والاختراق والضغوطات القصوى وتشكيل تحالفات مناهضة لإيران ومعاداة إيران والإسلام والشيعة هي مساعٍ متواصلة للأمريكيين على مر السنوات الـ43 الماضية. وقال: «كان توجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية عبر الدعاية الإعلامية في مقدمة هذه الممارسات كافة».
في المقابل، وعن رد الفعل السريع لأهالي قم المؤمنين والمخلصين في 7/1/1978، أي في يوم انتشار «مقالة سخيفة ومهينة ضد الإمام الخميني بأمر من البلاط البهلوي»، شرح الإمام الخامنئي: «استمرت هذه الحركة في 18 دي وتحولت في 19 دي (9/1/1978) إلى انتفاضة شاملة، ورفعت قم المفتَخرة أول راية للثورة، وشقّت في البلاد مساراً نورانياً».
كذلك، رأى سماحته أن اعتماد نظام الطاغوت على أمريكا هو سبب الحماقة والتطاول في نشر مقالة مهينة ضد الإمام الخميني. وأوضح: «قبل أيام قليلة من 19 دي وصف كارتر وهو في حالة سُكْرٍ في طهران إيرانَ بجزيرة الاستقرار، لكن هذا الدعم لم يسفر عن نتائج لأنه وفق القرآن نتيجةُ الاعتماد على قوة الكفر ليست سوى الهزيمة».
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى النفوذ الكبير لأمريكا في النظام البهلوي، مبيناً أن نضال الشعب ضد الطاغوت هو في الواقع نضال ضد أمريكا. وأضاف: «كان سبب نفي الإمام عام 1343 (1964) اعتراضه على قانون الكابيتالسيون (الحصانة القانونية) الذي منح الأمريكيين حصانة من أي جريمة يرتكبونها في إيران، فانتفض الشعب ضد مثل هذا النفوذ وأنقذوا إيران، فكان هذا أساس العداء من أمريكا للشعب [الإيراني]».
ولفت سماحته إلى إستراتيجية تيار الباطل في إخفاء الأهمية لأيام الله والأحداث التاريخية، قائلاً: «على عكس القرآن الذي يدعو الجميع إلى تذكر أيام الله وذكرها، يسعى تيار الباطل إلى أن يصدّ الهداية المنبثقة من مثل هذه الأيام، فمحاولة إخفاء الأهمية أو الحد منها لأيام مثل 22 بهمن و19 دي ويوم تشييع الشهيد سليماني وكذلك تشييع الشهيد حججي هي نماذج على هذا السعي».
في المقابل، عدّ الإمام الخامنئي أن السرعة في الشعور بالواجب، وتقبل المخاطرة ضد نظام الطاغوت القاسي القلب والدموي، والتحرّك في الوقت المناسب من دون تردد، هي من جملة خصوصيات «19 دي» لأهالي قم، مستدركاً: «أيّ حركة لها هذه الخصوصيات ستصل حتماً إلى الأهداف المرجوة».
في هذا السياق،رأى قائد الثورة الإسلامية «الدفاع المقدس» مثالاً ساطعاً على تحقيق الشعب نتيجة الشعور بالواجب والدخول إلى الميدان في الوقت المناسب وشراء الأخطار بالأرواح. وقال: «يدخل صدام المجنون الميدان بإمكانات وفيرة ودعم من أمريكا وأوروبا و"الناتو" والاتحاد السوفييتي والدول الرجعية العربية ويهاجم إيران بهدف تقسيمها، وفي نهاية المطاف، تنتصر إيران في حرب الأحزاب هذه ويخسأ أولئك في فعل أيّ شيء، ويعجزون أن يأخذوا شبراً واحداً من تراب الوطن».