تزامناً مع العيد السعيد لمولد نبي الرحمة والهدى محمد المصطفى (ص) والإمام جعفر الصادق (ع)، التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم الثلاثاء (3/10/2023) مع جمع من المسؤولين وسفراء الدول الإسلامية والناس والضيوف المشاركين في المؤتمر الدولي السابع والثلاثين للوحدة الإسلامية.
بارك سماحته هذا العيد العظيم، قائلاً إن البشر قاصرون عن «إدراك شخصية الرسول الأكرم الرفيعة (ص)، وألسن البشر عاجزة عن التعبير عن فضائله». وأضاف: «لِشمس الرسول الأعظم (ص) الساطعة حق في أعناق أفراد البشرية كافة، والجميع مدينون له لأن النبي (ص) مثل الطبيب الماهر والحاذق قدّم إلى البشرية وصفة معرفية وعملية لعلاج الآلام الأساسية كلها مثل الفقر والجهل والظلم والتمييز والشهوات والكفر والضياع والمفاسد الأخلاقية والآفات الاجتماعية».
ووصف الإمام الخامنئي سبيل أداء الدَّين للنبي بـ«الجهاد الكامل في سبيل الله». وقال: «معنى الجهاد ليس بالسلاح فقط، بل إن للجهاد مصاديق في الميادين كافة بما في ذلك العلم والسياسة والمعرفة والأخلاق، ويمكن للمرء عبر الجهاد في هذه المجالات أن يؤدي الدّيْن لذاك الوجود المقدس قدر المستطاع».
في كلمته، أكد سماحته أن العداء للإسلام اليوم أكثر وضوحاً من أي وقت، وعدّ الإهانة الجاهلية بحق «القرآن» مثالاً على هذا العداء، قائلاً: «أبله جاهل يهين وحكومة تدعم، ما يدل على أن الأمر ليس مجرد عمل مسيء في مشهدية ما». وتابع: «لا علاقة لنا بذاك الجاهل والأبله الذي يحكم على نفسه بأشد العقوبات، الإعدام، من أجل تحقيق أهداف العناصر الحاضرة خلف الكواليس، فالمسألة عن أولئك الذين يخطّطون لمثل هذه الجرائم والممارسات الجسيمة، وهم يبعثون على الاشمئزاز».
قائد الثورة الإسلامية وصف «وهم توهين القرآن ومثل هذه الحركات» بأنه «أمر واهٍ ويكشف باطن أعداء القرآن». وقال: «القرآن كتاب حكمة ومعرفة وإيقاظٍ وصناعة للإنسان، والعداوة له هي في الحقيقة عداوة لهذه المفاهيم السامية، وبطبيعة الحال، يشكّل القرآن تهديداً للقوى الفاسدة لأنه يدين الظلم، لكنه كذلك يلوم الذي يرزح تحت الظلم على قبوله الظلم».
كذلك، رأى سماحته أن «مَن يبررون إهانة القرآن بذريعة حرية التعبير وهذه الأقاويل المتكررة الكاذبة يُريقون كرامتهم أمام شعوب العالم». وتساءل: «هل يمكن في هذه البلدان التي يُسمح فيها بإهانة القرآن التعرّض إلى رموز الصهيونية؟ بأي لسان أوضح من هذا يمكن إثبات أن هؤلاء تحت سيطرة صهاينة العالم الظلمة والمجرمين والناهبين؟».
في جزء آخر من كلمته، وصف الإمام الخامنئي قضية فلسطين وغصبها وطرد شعب من ديارهم وتعذيبهم وقتلهم بأنها «القضية الأولى للعالم الإسلامي في العقود القليلة الماضية». وقال: «إنّ رأي الجمهوريّة الإسلاميّة الحاسم هو أنّ الحكومات التي انتهجت مقامرة التطبيع مع الكيان الصهيوني وجعلتها مسلكاً لها سوف تتضرّر، لأن هذا الكيان آيل إلى زوال، ووفق تعبير الأوروبيّين هم يراهنون على الحصان الخاسر».
وأكد سماحته أن الشباب الفلسطينيين اليوم والنهضة المعادية للظلم والغصب «أشدّ نشاطاً وحيويّة وجهوزية من أيّ زمن مضى»، موضحاً: «سوف تحقّق هذه النهضة نتيجة، إن شاء الله، وكما عبّر الإمام [الخميني] الجليل (رض) عن الكيان الغاصب بالسّرطان، سوف يُجتثّ هذا الكيان على أيدي الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في المنطقة كلها».
أيضاً ركّز قائد الثورة الإسلامية على قضية الوحدة الإسلامية وأكد أن اتحاد الدول الإسلامية في غربي آسيا وشمالي أفريقيا سيمنع أمريكا من السرقة والغطرسة والتدخل. وقال: «تُوجّه أمريكا اليوم ضربات سياسية واقتصادية إلى دول المنطقة وتسرق نفط سوريا، وتحمي وتأوي "داعش" الظالم والمتوحش والمتعطش للدماء في مخيماته لتعيده إلى الميدان من جديد يوم الحاجة».
وتابع سماحته: «إذا ما اتحدنا جميعاً، وانتهجت دول مثل إيران والعراق وسوريا ولبنان والسعودية ومصر والأردن والدول المحيطة بالخليج الفارسي سياسة موحدة في قضاياها الأساسية والعامّة، فلا تستطيع القوى المتجبّرة ولا تتجرّأ على أن تتدخل في شؤوننا الداخلية وسياساتنا الخارجيّة».
كذلك، قال الإمام الخامنئي: «كما قلنا مراراً: نحن لا نشجع أحداً على الحرب والعمل العسكري، بل نتجنبه أيضاً، ولذا الدعوة إلى التكاتف والوحدة هي لمنع أمريكا من إشعال الحروب، لأنهم مَن يشعلون الحروب، فلكل حروب المنطقة مُسبّب أجنبي».
ورأى سماحته أن تفكير جميع قادة العالم الإسلامي وشخصياته في قضية «الوحدة» المصيرية أمر ضروري. وبشأن جرائم الكيان الصهيوني المستمرة، قال: «الكيان الصهيوني يطفح بالحقد والغيظ ليس تجاه الجمهوريّة الإسلاميّة فقط بل تجاه كل الدول المحيطة به مثل مصر وسوريا والعراق».
وربط الإمام الخامنئي سبب هذا الحقد والغيظ بمنع هذه الدول في مختلف المراحل الصهاينةََ من تحقيق هدفهم، أي الاحتلال «من النيل إلى الفرات». وقال: «هؤلاء يطفحون حقداً وغيظاً، وطبعاً وفق تعبير القرآن: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} هم يموتون، وبعون الله، هذه الآية في طور التحقّق في ما يخصّ الكيان الصهيوني».
في بداية هذا اللقاء، تحدث رئيس الجمهورية الإسلامية، السيد إبراهيم رئيسي، مشيراً إلى جهود الرسول الأكرم (ص) في بناء الإنسان والمجتمع القائم على «التوحيد» و«العدالة»، وقائلاً إن الصمود في وجه العداوات والمقاومة في سبيل الهدف من أهم تعاليم الرسول الأعظم (ص).