نظراً إلى أنّه لا يُمكن اعتبار توجيه الإهانات وهتك المقدّسات الإسلاميّة ناشئاً من خطوة انفعاليّة ونابعة من الانحراف والفساد الشخصي، من هم برأيكم الأشخاص والحكومات الذين يقفون خلف هذه التحرّكات الشريرة؟

لا شك أنها هي الحرب القديمة والصراع الجديد بين الحق والباطل وهذا الصراع لن ينتهي ولن يهدأ. ما الذي يحدث من وقت إلى آخر، ينخفض نوعا ما مستوى ودرجة الصراع ولكنه سيظل مستمرا ما بقي هنالك حق وهو ديننا الحنيف وكتاب نبينا وسيرة نبينا وسيرة عترة بيت نبينا، والمسلمون عامة يمثلون معسكر الحق وغيرهم الذين يؤذونهم معسكر الباطل، وسيظلون يحاربون الإسلام بشتى الطرق يحاولون أن يؤذوا المسلمين في مشاعرهم ويؤذوا المسلمين في نبيهم وفي كتابهم وفي كل شيء وبالتالي قد تكون هنالك دول تقف وراء هذه التصرفات الهوجاء الغوغائية لا تمت إلى حرية التعبير بصلة لا علاقة بينها وبين حرية التعبير لأن حرية التعبير التي يعرفها الجميع ويعرفها القانون الدولي هي الحرية التي تسمح لكل أحد أن يعبره، والتي ينبغي أن تسمح فيها كذلك للمسلمين بممارسة شعائرهم وأن تترك كتابهم وتترك نبيهم بحرية.

نحن لم نتعرض لكتابهم لم نتعرض لنبيهم ولم نتعرض لشيء فلماذا يؤذوننا نحن، وهم الذين ضد حرية التعبير؟ لأنه إذا لم يكونوا ضد حرية التعبير ما كانوا آذوننا في كتابنا وفي نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. إذن هنالك جهات مشبوهة جهات صهيونية تسعى إلى الإساءة للإسلام والمسلمين والتي لا تريد للإسلام أبدا أن يصبح دينا عالميا كما هو اليوم دينا يقدم الحلول لكل الأزمات التي تمر بها البشرية.

يُثبت تكثيف الغربيّين هتكهم المقدّسات الإسلاميّة أنّ الغرب شهر سيفه اليوم من أجل مواجهة الإسلام وبثّ الإسلاموفوبيا. ما هي مسؤوليّة المسلمين في ظلّ هذه الظروف في ما يرتبط بالتصدّي لإهانة المقدّسات؟

لا شك أن الغرب نوعان، هنالك غرب يعادي الإسلام ونحن مع هؤلاء يجب أن نكون أقوياء كما قال القرآن الكريم: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا". وهنالك غرب آخر يسالم الذي لا يؤمن بهذا والذي لا يقبل هذه التصرفات، ولكن مشكلتنا سواء كانت في الغرب أو في الشرق، في الجنوب أو في الشمال، أو مع  كل من يعادي حرية التعبير وكل من يستكبر في الأرض ويتعدى على الضعفاء، فإن هؤلاء هم أعداؤنا وأعداء الإنسانية هؤلاء يرتكبون جريمة ضد الإنسانية التي تتمثل في هتكهم حرماتنا ومشاعرنا والإساءة إلى مشاعرنا وإلى كتابنا وإلى ديننا.

يجب على المسلمين اليوم سواء كانوا في الغرب أو كانوا خارج الغرب أن يقدموا الإسلام الصحيح لهم، أن يقدموا لهم الإسلام الذي من يتهمه بالتطرف والإرهاب فهو منه بريء. الإسلام لا يؤمن بسفك الدماء الإسلام يحرم تحريما قاطعا هتك الأعراض، يحرم تحريما قاطعا العنف ضد المرأة، يحرم تحريما قاطعا سرقة الأموال ويحرم تحريما قاطعا هذه الإساءة إلى البيئة التي نعيش فيها، يعني يحرم كل شيء اسمه فساد في الأرض، هذا الفساد سواء كان في السلوك، في الفكر، في التصرف أو في الممارسة. الإسلام دين بريء من كل هذه التصرفات التي ترتكب، فالذين يعادون الإسلام فذلك لأنهم لا يعرفون الإسلام. إذن من واجب المسلمين أفرادا ودولا وحكومات أن يقدموا الإسلام الصحيح وأن يقدموا النبي محمدا (ص) وأن يسعوا إلى بيان حقيقة هذا الدين لأن هذا الدين، هو دين الرحمة، دين العدل، دين المساواة، دين المحبة ودين يدعو إلى التراحم والأخوة والرحمة بين البشر.

بعيداً عن مسؤوليّات وتكاليف الحكومات والأنظمة السياسيّة تجاه الوحدة الإسلاميّة، ما هي برأيكم الخطوات التي ينبغي للعلماء، الحكماء والنخب والجامعيّين أن يخطوها في سبيل الوحدة الإسلاميّة؟

واجب على كل واحد منا أن يقوم بواجبه. صحيح كلامكم جدا جدا ممتاز. لا يجب أن ننتظر فقط أن تقوم الوحدة بين قادة الدول الإسلامية، يجب على الشعوب الإسلامية هي الأخرى أن تساند هذه الوحدة وأن تقوي وأن تعزز هذه الوحدة، يجب على هذه الشعوب الإسلامية أن تقوم بكل ما بوسعها من أجل المحافظة على الوحدة الإسلامية. ومرتكزات المحافظة على الوحدة الإسلامية تأتي من خلال التضامن مع الشعوب الإسلامية، ومن خلال قضية التعاطف والاهتمام بأمور المسلمين، ومن خلال قضية التعاطف بين المسلمين. الجميع سواء كانوا علماء أو كانوا شعوبا أو كانوا قادة، يجب على كل واحد أن يقوم بدوره في تعزيز الوحدة بين المسلمين لأن الوحدة التي نريدها هي الوحدة التي تشمل الشعوب والقادة والدول لأننا أمة مأمورة أن نكون أمة واحدة "إن هذه أمتكم أمة واحدة" أي إن الله عزوجل يأمرنا أن نكون أمة واحدة، فيجب على العلماء أن يقوموا بهذا الدور، أن يدعوا المسلمين والناس إلى المحافظة على الوحدة. يجب على طلبة العلم والرجال والناس والقادة ويجب على كل واحد أن يحافظ على الوحدة الإسلامية يجب أن ندعم هذا التوجه الذي أقدمت عليه القيادة الحكيمة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

أكّد قائد الثورة الإسلاميّة في كلامه على أن «العالم الجديد يتكوّن بشكل تدريجي». هذا يعني أنّ النظام العالمي الجديد في طور النشوء. كيف يمكن للأمّة الإسلاميّة أن تحتلّ مكانة رفيعة في النظام العالمي الجديد وتؤدّي دورها فيه؟

نعم إذا بقيت أمة موحدة، أمة واحدة، أمة ستكون أمة قوية وإذا أصبحت قوية استطاعت أن تدافع عن حقوقها وأن تدافع عن أراضيها وأن تحافظ على ممتلكاتها وأن تستثمر ثرواتها.. إذن إذا بقيت الأمة الإسلامية أمة واحدة فهي الأمة التي تستطيع أن تحافظ على كل شيء ويكون لها دور في هذا النظام العالمي الجديد لأن هذه الأمة إذا أتت بما لديها من قوى بشرية،  وما لها من موارد بشرية، وما عندها من موارد نسميها موارد خيرات طبيعية، إذا بقيت هذه الأمة موحدة تستطيع أن تكون أمة حاضرة وفاعلة ومشاركة في بناء النظام العالمي الجديد الذي يحتاج إليه العالم اليوم لكي نخرج من العالم الذي صار  فيه الطغيان وصار فيه نوع من الإستكبار وشيء من الاعتداء على حقوق الناس والنساء والبلدان والأطفال.