تمّ في شهر أيلول من العام 2020 توقيع اتفاقيّة «آبراهام» بين بعض الحكومات العربيّة والكيان الصهيوني وتحوّلت إلى رمز لتطبيع العلاقات مع تل أبيب. منذ ذلك الزمان، أقدمت بعض الحكومات على تطبيع العلاقات مع الصهاينة. واجهت هذا التطبيع طبعاً معارضة واسعة من الشعوب. ما هي الآثار والتداعيات التي يمكن أن يتركها في أوساط الأمّة الإسلاميّة؟ وما هي الأضرار التي قد يُلحقها تطبيع العلاقات مع الصهاينة بالأمّة الإسلاميّة وتعاظم قوّتها؟

مرت ثلاث سنوات على أول تطبيع رسمي قامت به بعض دول الخليج الفارسي وتبين بشكل واضح أن التطبيع غير مؤثر وأنه لا يستطيع أن يحل محل المقاومة والسعي لتحرير فلسطين. من هنا، لو أضيفت دول أخرى الآن إلى هذا التطبيع، هذه الدول ستخسر حكامها، وسيتبين مقدار الفشل الذي سلكوه، وبالتالي مع أن التطبيع  مزعج ويعطي إشارة لإسرائيل بأنها مدعومة من بعض الدول، لكن لن يؤدي إلى أي تطور لمصلحة العدو الإسرائيلي. أنا أعتبر أن التطبيع فشل وسيفشل.

يصرّح الإمام الخامنئي بشأن أهداف أعداء الإسلام من توجيه الإهانة للمقدّسات الإسلاميّة قائلاً: «يتوهّم قادة الاستكبار العالمي  وهماً باطلاً مفاده أنّهم قادرون على توهين المقدّسات الإسلاميّة في أعين الأجيال الشابّة في العالم الإسلاميّة وإنزالها من مكانتها الرفيعة وإخماد شعلة مشاعرهم الدينيّة». ما هي الأهداف التي يروم الغرب تحقيقها من خلال مواصلة إهانة المقدّسات الإسلاميّة؟

الغرب عاجز أمام قوة وعظمة الإسلام وإنتشاره وتأثيره في المسلمين وفي غير المسلمين والقرآن الكريم والكتاب الخالد الذي أثبت قدرته على أن يكون حاضرا مع تغير الظروف والمراحل والدول والحكومات والإمبراطوريات التي سقطت عبر التاريخ، وبالتالي هذا الغرب الذي يريد أن يستعمر مناطقنا وبلداننا ويريد أن يحتكر القيادة في العالم يرى أن القرآن الكريم مؤثر جدا في إحداث تغير حقيقي، خاصة خلال العقود الأربعة بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران. ولذا يوجه الإهانات لمحاولة إستفزاز المسلمين ولمحاولة إسقاط الهيبة والقدسية للقرآن، لكن هذه الطريقة تشد المسلمين أكثر إلى الإسلام وتربطهم أكثر بدينهم. وأعتبر أن ما يقومون به لن يؤدي إلا إلى ردود فعل مختلفة تماما. هذا القرآن كما حفظه الله تعالى خلال هذه القرون المتمادية سيحفظه أيضا، والمسلمون سيمسكونه بكل قوة وعزم.

ما هي الخطوات المشتركة التي يُمكن للدول الإسلاميّة والنخب المسلمة كذلك الأمر  أن تقوم بها من أجل منع تكرّر الإهانة للإسلام والمقدّسات الإسلاميّة؟

يجب أن نرفع أصواتنا عاليا وأن نبين الحقائق للمسلمين وللعالم، وأن لا يبقى أي عالم أو جهة أو قيادة أو دولة في العالم الإسلامي إلا ويتحدثون عن هذا الخطر الذي يواجهنا وعن هذا الإعتداء الذي يمارس ضدنا. وكذلك علينا أن نستدرج غير المسلمين الذين يتحدثون عن الحريات والرأي الآخر، كي يستنكروا أيضا، حتى نوجد حالة إعلامية سياسية ضاغطة في العالم على هؤلاء الذين يوجهون الإهانة للمقدسات.

بعيداً عن مسؤوليّات وتكاليف الحكومات والأنظمة السياسيّة تجاه الوحدة الإسلاميّة، ما هي برأيكم الخطوات التي ينبغي للعلماء، الحكماء والنخب والجامعيّين أن يخطوها في سبيل الوحدة الإسلاميّة؟

العلماء لهم الدور الأساس في الوحدة الإسلامية. عندما يبلغون ويعبئون الشباب المسلم بحقيقة الإسلام وحقيقة القرآن سيجدون أن الوحدة هي الأساس. كل المشكلة التي كانت في السابق ونحصد آثارها الآن هي أن عددا من العلماء كانوا يعبئون بطريقة عصبية وبطريقة تبعد عن الآخر. هذا الأمر ليس سليما. دورنا أن نركز على الوحدة وهذه الوحدة لن تؤثر لا على المذاهب ولا على تغيير الإنتماء المذهبي بل هي وحدة من أجل قضايانا المشتركة ومواجهة أعدائنا المشتركين. يجب أن نسعى، والعلماء هم الذين يؤثرون في هذا المجال.

أكّد قائد الثورة الإسلاميّة في كلامه على أن «العالم الجديد يتكوّن بشكل تدريجي». هذا يعني أنّ النظام العالمي الجديد في طور النشوء. كيف يمكن للأمّة الإسلاميّة أن تحتلّ مكانة رفيعة في النظام العالمي الجديد وتؤدّي دورها فيه؟

على المسلمين أن يتعاونوا مع بضعهم، على المسلمين أن يتوحدوا ولو في قضايا مشتركة محددة لأن أعداءنا يتمكنون منا عندما نكون متفرقين، لكن لن يتمكنوا من التأثير عندما نكون موحدين. أمامنا تجربة عظيمة هي إلتفافنا حول قضية فلسطين. بسبب هذا الالتفاف، تشكل محور المقاومة من لبنان وإيران وسوريا وفلسطين والعراق واليمن ومناطق عديدة. هذا المحور أصبح الآن قويا متماسكا، أصبح يخيف العدو الإسرائيلي، يمنعه من أن يقوم بإعتداءات واسعة، وهذا المحور إن شاء الله يهيئ للتحرير الكامل. إذا اجتمعنا نستطيع أن نكون أقوى.