رأى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في لقائه صباح اليوم الأربعاء 29/11/2023 مع آلاف التعبويين من أنحاء البلاد كافة، أنّ التعبئةَ تذكار ثمين للإمام الخميني (قده)، وأنّ اعتزاز الإمام بكونه تعبوياً دلالة على عظمة شأن التعبئة. 
وعدّ الإمام الخامنئي «البُعد العابر للوطن والحدود» من أبرز سمات التعبئة، قائلاً إن بشارت الإمام الجليل بشأن «تشكيل نَوى المقاومة العالمية» تحققت في المنطقة اليوم، «ونَوى المقاومة تُغيّر الآن مصير المنطقة، و"طوفان الأقصى" أحد نماذجها». 
وأشار سماحته إلى خطة الأمريكيين المهزومة الرامية إلى تغيير خريطة الجغرافيا السياسية لغربي آسيا، مستدركاً: «قالوا قبل بضع سنوات في قضية لبنان إنهم يتطلّعون إلى تأسيس "شرق أوسط جديد" وفق احتياجاتهم ومصالحهم غير المشروعة، لكنهم أخفقوا طبعاً، فقد كانت أمريكا تسعى إلى القضاء على حزب الله، ولكن بعد حرب 33 يوماً، صار حزب الله أقوى بعشر مرات من ذي قبل». 
وعدّ قائد الثورة الإسلامية عجز أمريكا عن ابتلاع العراق عبر إيجاد حكومة أمريكية مظهراً آخر من مظاهر فشل تأسيس «الشرق الأوسط الجديد». وقال: «دخلت اليوم نوى المقاومة قضية فلسطين في العراق الذي سعوا إلى ابتلاعه!». 
وأشار سماحته إلى أنّ هزيمة الأمريكيين في السيطرة على سوريا مثال آخر على فشلهم، مضيفاً: «من خطتهم الأخرى في "الشرق الأوسط الجديدة" إنهاء القضية الفلسطينية لمصلحة الكيان الغاصب حتى لا يبقى شيء اسمه فلسطين، ولكن مشروع "حل الدولتين" الخائن الذي وافقوا عليه من قبل لم يتحقق، ولا تمكن مقارنة المكانة والتقدّم لفلسطين و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" وفصائل المقاومة الأخرى بما كان قبل 20 عاماً».

مع الإشارة إلى أن الجغرافيا السياسية لغربي آسيا في طور التغيير لمصلحة المقاومة، رأى الإمام الخامنئي أن السمة الأولى لهذه الخطة هي «اجتثاث أمريكا، بمعنى إلغاء الهيمنة الأمريكية على المنطقة»، وعبّر عنها بزوال القوة السياسية لأمريكا وهيمنتها. 
كذلك، رأى سماحته أن تقوية الكيان الصهيوني وتشجيع الدول على العلاقات معه كلها من جملة ممارسات أمريكا للهيمنة على المنطقة. وقال: «العلامة والواضحة والجليّة على اجتثاث أمريكا من المنطقة حادثة "طوفان الأقصى" الصانعة للتاريخ حقاً، فرغم أنها كانت ضد الكيان الصهيوني، فإنها تسير في اتجاه اجتثاث أمريكا». 
في هذا الصدد، شرح قائد الثورة الإسلامية: «بعثرت "طوفان الأقصى" مشروع أمريكا في المنطقة، وإن شاء الله، وإذا استمر هذا الطوفان، فسوف يمحي المشروع الأمريكي». 
«إبطال الثنائيات المزيفة والمفروضة في المنطقة» سمة أخرى من سمات غربي آسيا الجديدة التي لفت إليها قائد الثورة الإسلامية، وقال: «لقد بهت ثنائيات عربي وغير عربي، والشيعة والسنة، وخُرافة الهلال الشيعي... المثال الواضح على ذلك قضية فلسطين، لأنّه خلال عملية "طوفان الأقصى" وقبل ذلك، كان الشيعة من العرب وغير العرب قد قدّموا المقدار الأكبر من المساعدة إلى الفلسطينيين». 
وتابع سماحته: «اليوم وبدلاً من هذه الثنائيات المزيّفة والمفروضة سادت المنطقة ثنائية جديدة: المقاومة والاستسلام»، موضحاً أن «حل قضيّة فلسطين»، الذي يعني بسط السيادة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية كافة، سمة أخرى من سمات غربي آسيا الجديد.

مع الإشارة إلى مشروع الجمهورية الإسلامية لمستقبل فلسطين، أي استفتاء الفلسطينيين في الداخل والخارج كلهم، قال الإمام الخامنئي: «بعض الأشخاص يقولون إن الكيان الصهيوني لن يرضخ لهذا المشروع، لكن يجب أن تُفرض هذه الإرادة عليه، وإذا جرت متابعة هذا المشروع الذي سوف تجري متابعته، إن شاء الله، وإذا تابعت نوى المقاومة إرادتها وعزيمتها بجدية، فسيتحقق هذا الهدف». 
عن دور «طوفان الأقصى» في الاقتراب من الأهداف، رأى سماحته أن الصهاينة غاضبون من «طوفان الأقصى»، ويهاجمون المستشفيات والمدارس والتجمعات من أجل إخماد غضبهم، كما أشار إلى توحّش الكيان الصهيوني نتيجة عجزه عن تحقيق أهدافه، معتبراً أن هذه الممارسات الوحشية أدّت إلى مزيد من إراقة ماء وجه الكيان وأميركا والحضارة الغربية. وقال: «الثقافة والحضارة الغربية هي أن تسمّي استشهاد 5000 طفل فلسطيني واستخدام القنابل الفسفورية دفاعاً عن النفس!» 
ووصف قائد الثورة الإسلامية فجائع خمسين يوماً في غزة بأنها خلاصة 75 عاماً من الجرائم الصهيونية في فلسطين، مؤكداً: «طوفان الأقصى عصيّ على الإخماد، ولن يستمر هذا الوضع أيضاً، إن شاء الله».

في جزء آخر من خطابه، شدد سماحته على أن بصيرة الإمام الخميني (قده) في تشخيص حاجة البلاد الملحة إلى قوة شعبية عظيمة هي المنطق الكامن وراء تشكيل التعبئة، لافتاً إلى أن تعبير الإمام الخميني «مدرسة العشق» عن التعبئة دلالة على أن التعبويين يسيرون في طريق الحق «بحب الله والروحانية والناس».  
وخصص الإمام الخامنئي الجزء الأخير من خطابه لتقديم التوصيات العملية إلى التعبويين، ومن جملة توصياته: تعزيز البصيرة، والتحلي بالمبادرة، واجتناب الانجرار إلى لعبة العدو، والتأمل المستمر في المستقبل عبر الاعتماد على التقدم الحقيقي للبلاد خلال أشد أنواع الحظر والضغوط، وتجنب الغرور، وتقدير نعمة الانتماء إلى التعبئة واعتبارها أمانة الله الغالية، والتوكل الدائم على الله، وجذب «الطاقات المخططة» إلى جانب القوات العملياتية، وإيلاء أهمية كبرى للتدبير والفكر والتخطيط.