اعتقال وتعذيب واستجواب وإعدام للأشخاص داخل المستشفى، ومنع إخراج الجثث ووصول المساعدات إلى المستشفيات، وإطلاق النار بنحو مباشر على الأطقم الطبية، وتفجير أبواب وجدران المستشفيات وإخراج الجثث من المقابر ووسحقهم بالجرافات؛ هذا كلّه ليس إلّا جزء بسيط من وحشية الصهاينة اليوم.
 

الشفاء؛ مستشفى الذي يكره الصهاينة مقاومته

25 مارس 2024، وهو اليوم الثامن من هجوم الصهاينة الثاني على مستشفى الشفاء في غزة. خرجت مقاطع مصورة وقصص مريرة جراء هذا الهجوم. وتفيد بعض الأخبار أن الجنود الصهاينة يعتقلون ويعذبون ويستجوبون ويعدمون الأشخاص داخل المستشفى ويمنعون إخراج الجثث ووصول المساعدات إلى المستشفيات.[1] وفي بعض الحالات، أدى إطلاق النار المباشر من الجنود الصهاينة إلى استشهاد عدد من الأهالي والطاقم الطبي في هذا المستشفى. كما أدى نقص الغذاء والمستلزمات الطبية إلى استشهاد أكثر من عشرة فلسطينيين بسبب الجوع ونقص الإمكانات. [2]كما دخل الصهاينة قبل ليلتين دون رادع إلى المستشفى بذريعة اكتشاف شبكة أنفاق للمقاومة، واعتقلوا بعض الأشخاص وقتلوا آخرين.[3]

وكان قد هاجم الصهاينة مستشفى الشفاء في السابق بنفس الذريعة. في صباح يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر، اقتحم الصهاينة قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء وفجّروا جزءاً من المجمع الطبي.[4] كما أدى هذا الهجوم في الأيام الأولى للحرب إلى ردود فعل عالمية. وفي ما يتعلق بوضع الأطفال في مستشفى الشفاء بغزة، جدد تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية، الدعوة إلى وضع حد فوري للصراع، وقال: «لا يمكن للعالم أن يبقى صامتاً بينما المستشفيات، التي ينبغي أن تكون ملاذاً آمنا، تصبح مسرحاً للموت والدمار واليأس»[5].

لقد أوصل الناس والمقاومة في شمالي قطاع غزة لشعوب العالم رسالةً مفادها هزيمة الصهاينة في هذه الحرب من خلال تواجدهم في هذه المنطقة. ويبدو أن الصهاينة يريدون الانتقام لفشلهم أمام أهالي شمالي القطاع من المستشفى الكبير في هذه المنطقة.
 

المستشفيات تحت مرمى الميران منذ الأيام الأولى

في 17 أكتوبر 2023، صدم خبر قصف مستشفى المعمداني شعوب العالم وأصابهم بالغضب والحزن. هذا المستشفى الذي كان مأوى لعشرات الآلاف من النساء والأطفال، تحوّل إلى مكان استشهاد نحو 500 فلسطيني وجرح نحو 10 آلاف منهم.[6] دفعت ضغوط الرأي العام من مختلف أنحاء العالم سلطات الكيان الصهيوني وحليفته الغربية أمريكا إلى محاولة إلقاء اللوم على المقاومة. استمرار اعتداءات الكيان الصهيوني على المستشفيات منذ ذلك التاريخ خفف من الحساسية تجاه جريمة الحرب الواضحة هذه، وجعل الصهاينة أكثر إصراراً على ارتكاب جرائم في مستشفيات غزة دون حد ورادع، وبعد ذلك لم يعد يرى الكيان الصهيوني حاجة إلى إنكار اتهامه بالهجوم على المستشفيات.

في 16 ديسمبر/كانون الأول، هاجمت القوات الصهيونية مستشفى كمال عدوان في شمالي قطاع غزة، ثم أقدمت على تجريف المقابر الجماعية المؤقتة المحيطة بالمستشفى وانتشال جثث الشهداء الفلسطينيين منها. [7] تروي أسماء طنطيش، رئيسة قسم التمريض في مستشفى كمال عدوان، الأحداث الصادمة التي وقعت في هذا المركز الطبي: «لقد سحقوا (الصهاينة) الجثث أمام أعيننا. كنا نصيح ونصرخ فيهم، لكن صراخنا لم يُسمع»[8]. مقارنةٌ بين صور الأقمار الصناعية الملتقطة[9] قبل وبعد هذه الحادثة تظهر الأراضي المجروفة حول مستشفى كمال عدوان. كما تم نشر مقاطع فيديو وصور لأشلاء الجثث المتحللة المتناثرة في أنحاء المستشفى.
 

استهداف الأطفال الفلسطينيين المرضى؛ ممارسة شائعة لدى الصهاينة المتعطشين للدماء

في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قصف الصهاينة مستشفى الرنتيسي للأطفال وأحرقوه.[10] إن رؤية طفل مريض بحاجة إلى دخول المستشفى كافية لكسر قلوب البشر، ورغم أن المراكز المتخصصة في علاج الأطفال تحاول أداء عملها بأقل الألم والضغط النفسي، إلّا أنه لا يزال من المزعج لكل إنسان أن يرى مشاهد حقن طفل بمصل أو إبرة أو رؤية طفل مغطى بالضمادات. كما إن حرق مستشفى هؤلاء الأطفال مؤلم حتى في الخيال! إلّا أن الصهاينة لم يترددوا في ممارسة المزيد من الضغوط على أهالي غزة للتخلي عن قضيتهم. لكن الهجوم على مستشفى الأطفال ضاع وسط سيل الأخبار المريرة القادمة من غزة.

السرطان والكيان الصهيوني؛ كيانان من جذر واحد

في 30 أكتوبر 2023، هاجم الكيان الصهيوني مستشفى السرطان التخصصي الوحيد في قطاع غزة، مما ألحق أضراراً جسيمة بهذا المجمع الطبي، وعطّل هذا المستشفى عملياً.[11] يسعى الكيان الصهيوني، يداً بيد مع هذا المرض، بجدية إلى القضاء على حياة الفلسطينيين. وما زال هذا الكيان يمنع دخول الأدوية التي يحتاجها مرضى السرطان إلى قطاع غزة.

لقد انتهك الكيان الصهيوني مراراً وتكراراً قرار الأمم المتحدة رقم 2675،[12] وهاجم مراكز تجمع المدنيين الفلسطينيين تحت ذرائع كاذبة. هذا اليكان الغاصب، الذي لا يحق له حتى الاشتباك مع القوات العسكرية الفلسطينية؛ يلاحق الأشخاص العزل إلى المستشفيات ويزيد من ضغط الحرب عليهم.

يفسّر الإمام الخامنئي، في كلمته بتاريخ 19 نوفمبر 2023، سبب هذه الهجمات على المستشفيات على النحو التالي: «قالوا منذ البداية إنَّ هدفهم هو مثلاً القضاء على حماس أو المقاومة وأن يشلُّوها ويركّعوها، ولم يتمكنوا إلى الآن من إنجاز هذا العمل... السبب أيضاً في أنَّهم يرمون القنابل على رؤوس الناس كونهم استشاطوا غضباً، فهم غاضبون بسبب هذا العجز. إن الكيان الصهيوني غاضب الآن بشدة وساخط، ولهذا يرتكب هذه الجرائم، فيقصف المستشفيات والمرضى والأطفال والنساء لأنه مُني بالهزيمة».

إنّ حجم الجرائم التي ارتكبها كيان الاحتلال في قطاع غزة، وخاصة في المستشفيات، أظهرَ الوجه الحقيقي للصهاينة لدى شعوب العالم أكثر من أي وقت مضى، وصارت تتجلى أكثر يوماً بعد يوم ضرورة تطبيق هذه المقولة بأن السبيل الوحيد لوقف هذه الجرائم هو وإزالة هذا الغدة السرطانية من غربي آسيا.

 

 


[1] https://www.nytimes.com/2024/03/24/world/middleeast/al-shifa-hospital-gaza-israel.html

[2] https://www.nytimes.com/2024/03/24/world/middleeast/al-shifa-hospital-gaza-israel.html

[3] https://www.reuters.com/world/middle-east/israel-says-170-gaza-gunmen-killed-hospital-raid-2024-03-23/

[5] https://news.un.org/es/story/2023/11/1525612

[11]https://www.aa.com.tr/fa/%D8%AA%D8%B1%DA%A9%DB%8C%D9%87/%D8%AA%D8%B1%DA%A9%DB%8C%D9%87-%D8%AD%D9%85%D9%84%D9%87-%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%DB%8C%D9%84-%D8%A8%D9%87-%D8%A8%DB%8C%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D9%88%D8%B3%D8%AA%DB%8C-%D8%AA%D8%B1%DA%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%DB%8C%D9%86-%D8%AF%D8%B1-%D8%BA%D8%B2%D9%87-%D8%B1%D8%A7-%D8%A8%D9%87-%D8%B4%D8%AF%D8%AA-%D9%85%D8%AD%DA%A9%D9%88%D9%85-%DA%A9%D8%B1%D8%AF/3038285