سلام عليكم ورحمة الله، حبّذا لو تتفضّلوا بإخبارنا عن بعض تفاصيل لقاءاتكم مع الشهيد سماحة السيّد حسن نصرالله وتحدّثونا عن بعض السمات والصفات البارزة من وجهة نظركم لدى سماحته.
*اغتال الكيان الصهيوني خلال الأيام العشر الأخيرة عددًا من القادة العسكريّين والسياسيّين لحزب الله، وعلى رأسهم سماحة السيّد حسن نصر الله، وكان الهدف من هذه الخطوة القضاء على حركة المقاومة هذه. مع الأخذ بعين الاعتبار مسار العمليّات التي نفذها حزب الله ضد الصهاينة قبل وبعد اغتيال القادة. هل كان لسياسة الاغتيال تأثير على الأداء العسكري لحزب الله؟
في الفترة الماضية، لجأت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى تكثيف عمليات اغتيال قيادات المقاومة، ولكن هذا الأمر كان قائمًا ومستمرًّا منذ فترة طويلة. ويتمثّل الهدف الإسرائيلي من ذلك بتدمير مايسمى بالقيادة والسيطرة، وبشلّ المقاومة. نعم، بالتأكيد هناك تأثير إلى حد ما، ولكن استمرار المقاومة بالعمليات العسكرية، والتصدّي، وإطلاق الصواريخ، يدل على أنّ هذا التأثير لم يكن بالقدر الذي تتمناه إسرائيل. ومن جهة أخرى، فإن التأثيرات المطلوبة من الاغتيالات كانت بهدف إحداث صدمة قبل الهجوم البري. وبالتالي، بالنسبة لمنظومة مرنة أو قادرة على التكيف، هذه الاغتيالات يمكن التأقلم معها بشكل أو بآخر، ولكن ذلك يحتاج إلى بعض الوقت. البارحة تكلّم الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، وقال بأن التعيينات - أي تعيين البدلاء - تمّت، والأمور تسير على أحسن وجه، ولكن الأمر أيضًا يحتاج إلى بعض الوقت؛ لكي تستعيد المقاومة عافيتها بشكل كامل.
*كيف ترون الهيكليّة العسكريّة لحزب الله؟ وما هو تقييمكم لصلابة هذه البنية العسكريّة، وقدرتها على حفظ قوّة حزب الله في مختلف الساحات في مرحلة ما بعد استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله؟
بخصوص هيكل المقاومة، يجب القول إن هذا الهيكل يتمتع بمرونة عالية، نتيجة لأنه انطلق من كونه هيكلًا لحركة مقاومة، ثم أصبح شكله أكثر تعقيدًا مع تزايد عديد المقاومة، ودخول الأسلحة الجديدة، والوحدات الجديدة في فترة مابعد 2006. إن قوّة هذا الهيكل تأتي من قدرة وحداته على العمل بنحوٍ مستقل عن القيادة، وهذا جزء أساسي من طريقة عمل المقاومة. إذن، حتى لو انقطع التواصل لفترة ما، فإن المقاومة قد تدرّبت على هذا الأمر، وهي قادرة على العمل في هكذا الظروف.
*أعلن سماحة الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله في لبنان، في أول كلمة له بعد استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله، أن عمليّات حزب الله ستتواصل بعد اغتيال السيد حسن بنفس الوتيرة، بل بوتيرة أشد. ما هي الرسائل الموجّهة للعدوّ الصهيوني ضمن هذه الآليّة التي اتّبعها حزب الله بعد اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله؟
تأكيد نائب الأمين العام لحزب الله على أن العمليات ضد الصهاينة ستستمر بوتيرة أكبر هو دليل على أن الحزب يخطط لخوض المعركة حتى النهاية، ولو تبدلت الحرب إلى حرب استنزاف، وطالت مدّتها. أي أنه يقوم بوضع السيناريو الممكن أمام العدو الإسرائيلي لكي يعرض الخسائر أمامه، والإمكانيات التي يمكن أن تمتلكها المقاومة لإيذاء العدو. وبالتالي، هو يحاول إيصال فكرة أن هذا العدو لن يتمكن من تحقيق أي من أهدافه في المرحلة المقبلة، ويحاول إظهار عبثية محاولات الدخول البري إلى لبنان، أو الإستمرار في المعركة.
*الصهاينة يشعرون بأمل كبير بأن يتمكنوا - بعد اغتيال السيد حسن نصر الله - من تحقيق أهدافهم العسكريّة في لبنان، ومن ضمنها إعادة المستعمرين إلى بيوتهم في الجبهة الشماليّة، والقضاء على القدرات الصاروخيّة لحزب الله. نظرًا إلى صلابة البنية العسكريّة لحزب الله، هل تعتقدون أنّهم سيكونون قادرين على تحقيق هذه الأهداف العسكريّة؟
من الصعب جدًّا أن يحقق الطرف الإسرائيلي أهدافه في الحرب، خصوصًا في احتلال جنوب لبنان، وخلق حزام أمني كما هو معلن ،في حال تمكنت المقاومة هنا من الصمود. ونحن هنا لا نتحدث عن جيش نظامي، بل نتحدث عن قوة عسكرية بإمكانها الانتقال السريع من طور الدفاع الثابت إلى الدفاع المتحرك، أو حتى عمليات حرب عصابات المجموعات، لمحاولة تكبيد العدو الخسائر، ورفع ثمن بقائه على الأرض، فتدفعه لكي ينسحب أو يقرر عدم البقاء؛ لأن الكلفة هنا تتجاوز المردود المطلوب تحقيقه من بقائه في لبنان. العدو الإسرائيلي الآن يحاول بأقصى قوته، ليس فقط احتلال حزام أمني أو منطقة محدودة، بل هو سيحاول تحقيق أقصى قدر ممكن من الأهداف. وهذا يعني إذا - لا سمح الله - تمكن من الدخول عدة كيلومترات؛ سيقول يمكنني الدخول أكثر، وسترتفع أهداف الحرب. بالتالي، أهداف الحرب الإسرائيلية الحالية غير واضحة. وهنا فإن قوة حزب الله العسكرية ستكون أمام تحدٍّ كبير لإيقاف الإسرائيليين قبل التوغل بشكل كبير في لبنان، وعندها فقط يمكن الحكم على أهداف العملية الإسرائيلية.