التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم (الإثنين) 17/2/2025، في الذكرى السنوية لانتفاضة أهالي تبريز العظيمة في 29 بهمن 1356 (18/2/1978)، مع جمع من أبناء هذه المدينة. وفي كلمته بالمناسبة، رأى سماحته أن إيمان شباب في تبريز وروحهم المعنوية اليوم، هما إرث تركه صنّاع انتفاضة «29 بهمن 1356».
ووصف الإمام الخامنئي بعض التحليلات التي تزعم أن الشعب الإيراني يصنع الأعداء لنفسه بغير الصحيحة، وأضاف: «إن عداء الأجهزة السياسية لصنّاع القرار في أمريكا المتجبرة لا يعود إلى إطلاق شعار "الموت لأمريكا"، بل ينبع من حقيقة أن إيران، بفضل همة شعبها وتضحياته، استطاعت التحرر من نير الاستعمار ورفضت الخضوع لفرض إملاءاته».
كما وصف سماحته تصريحات الأمريكيين المتجبرة ومطالبتهم بالاستيلاء على أجزاء من الدول أو تسجيلها باسمهم بأنه تجسيد لباطن المستكبرين والشبكة الصهيونية المعقدة، القبيح والوحشي والناهب والمهيمن، وأضاف: «لا يستطيعون تحمّل حقيقة أن الشعب الإيراني، بالاعتماد على نفسه والاعتراض على ظلمهم وعدوانهم، قد أسس حكومة باتت، بعد 46 عاماً، قوية أكثر يوماً بعد يوم».
وأكد قائد الثورة الإسلامية أنّ مستوى القدرة الدفاعية لإيران عالٍ في مواجهة التهديدات الصلبة، وأضاف: «الأصدقاء والأعداء على حد سواء يدركون هذه الحقيقة، والشعب أيضاً يشعر بالأمن من هذه الناحية. لذلك، فإن مشكلتنا اليوم ليست التهديدات الصلبة، بل التهديدات البرمجية».
ورأى الإمام الخامنئي أن التهديد البرمجي يتمثّل في التلاعب بالرأي العام عبر إثارة الخلافات وزرع الشكوك حول «مُحكمات الثورة الإسلامية وضرورة الثبات في مواجهة العدو»، وقال: «لقد وصل المغرضون إلى هذه النتيجة أن الطريق للتغلب على الشعب الإيراني وإبعاد الجمهورية الإسلامية عن مواقفها القوية هو استخدام التهديدات البرمجية، ولكنهم لم ينجحوا حتى الآن ولم يتمكنوا من أن يثنوا الشعب الإيراني والشباب عن عزيمتهم وحركتهم بتلك الوساوس».
كما عدّ قائد الثورة الإسلامية المسيرات العظيمة في 22 بهمن دليلاً واضحاً على فشل التهديدات البرمجية، وأضاف: «إن الحضور المهيب والعظيم للشعب، وذلك بعد مرور 46 عاماً على انتصار الثورة، هو أمر غير مسبوق في العالم، وقد أثبت الناس أن المشكلات والتوقعات المحقّة، لا تحول دون حضورهم للدفاع عن الثورة».
ولفت سماحته إلى أن الدفاع البرمجي في الظروف الحالية هو أكثر أهمية من الدفاع الصلب، وشرح سبب هذه الأهمية قائلاً: «يمكن تعويض نقص الدفاع الصلب بالدفاع البرمجي، وهذا ما حصل مرات عدة حتى الآن، لكن لا يمكن حل المشكلات البرمجية بالأدوات الصلبة».
ودعا الإمام الخامنئي الشباب إلى تعزيز الدفاع البرمجي عبر الأنس بمفاهيم وخصائص الثورة وخطابات الإمام الخميني الجليل، وأضاف: «لقد كانت ثورتنا بمعناها الحقيقي صراعاً بين النور والظلام، والحق والباطل، وتهدف إلى رفع مكانة الشعب الإيراني وإضفاء العظمة إلى مستقبله وإبراز هويته الوطنية».
كذلك أشار قائد الثورة الإسلامية إلى التقدم في مسار تحقيق أهداف الثورة، وأضاف: «تمكنت الثورة من الحفاظ على هويتها المستقلة كقاعدة عظيمة تبثّ الأمل في شعوب المنطقة وخارجها، وإنّ سبب غضب المستكبرين والمستعمرين في العالم والعناصر الشريرة المجرمة تجاه الجمهورية الإسلامية هو قدرتها على البقاء والصمود وإبراز قبضتها المُحكمة في وجههم».
وفي جزء آخر من كلمته، وصف سماحته محافظة ذربيجان الشرقية ومدينة تبريز بالسدّ المنيع لإيران في مواجهة الاعتداءات الأجنبية، وقال: «لقد أرغم أهالي تبريز الأعداءَ على الفرار في محطات متعددة وذلك بصبرهم وثباتهم وإيمانهم».
كما لفت الإمام الخامنئي إلى أن «الإيمان الإسلامي» و«الغيرة الدينية» لدى أهالي تبريز هما العاملان الرئيسيان لانتفاضة «29 بهمن»، وأضاف: «إن عظمة تلك الانتفاضة لا تكمن فقط في أنها أجبرت نظام الطاغوت على إرسال الدبابات إلى الشوارع، بل تكمن عظمة تلك الحادثة في أنها أصبحت نموذجاً لجميع الشعب وأنزلت الناس من مدن مختلفة إلى ميدان النضال».