أكد الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في كلمة متلفزة حول الإستراتيجية الدفاعية المقاومة هي ردة فعل على الاحتلال الذي احتل الأرض، وأن حزب الله يؤمن بالمقاومة باعتبارين، الاعتبار الأول هو اعتبار إيماني، بأننا يجب أن نحرر الأرض ونواجه العدوان، الاعتبار الثاني هو الاعتبار الوطني.

إنجازات المقاومة والتحدّيات الراهنة
وشدّد الشيخ قاسم على الإنجازات التاريخية للمقاومة في لبنان، مستهلاً حديثه بالقول: «ميزة المقاومة في لبنان أنها بدأت بإنجازات عظيمة وكبيرة ومؤثرة: في سنة 1985 أخرجت "إسرائيل" إلى حدود الشريط المحتل. في سنة 2000 أخرجت "إسرائيل" من لبنان ما عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. في سنة 2006 استطاعت أن تمنع "إسرائيل" من أن تدخل إلى لبنان أو أن تجدّد احتلالها.» وشدد على أن هذه الإنجازات تحققت بفضل تضحيات المقاومين والجيش والشعب اللبناني. وأشار إلى أن المقاومة حققت ردعاً استراتيجياً لـ"إسرائيل"، مما منعها من تحقيق أهدافها التوسعية في لبنان، كما في عدوان أيلول، حيث تمكنت المقاومة من تثبيت معادلة ردع جديدة.

وأضاف الشيخ قاسم أن هذه الإنجازات لم تكن مجرد انتصارات عسكرية، بل كانت أيضًا انتصارات سياسية وإنسانية، حيث ساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق الاستقرار في لبنان. وأشار إلى أن المقاومة استطاعت أن تحافظ على قوتها وتطور قدراتها، مما جعلها قوة إقليمية مؤثرة.

وفي معرض حديثه عن التحديات الراهنة، أشار الشيخ قاسم إلى استمرار الاعتداءات الـ"إسرائيلية" رغم اتفاق وقف إطلاق النار، قائلاً: «إذا فكرتم أن "إسرائيل" تريد أن تعتدي لقطعة أرض بسيطة أو لتقدم بسيط أو لمعالجة مسألة سلاح، فأنتم واهمون. "إسرائيل" تريد أن تحتل القسم الأكبر من لبنان لتضمه إلى فلسطين المحتلة، ولتُنشئ مستوطنات على الأرض اللبنانية، وتريد أن تستخدم لبنان من أجل توطين الفلسطينيين الذين تُخرجهم من الكيان الـ"إسرائيلي" من فلسطين المحتلة. هذا هو المشروع الـ"إسرائيلي".» وحذر من الأهداف التوسعية لـ"إسرائيل" وسعيها للسيطرة على لبنان، معتبرًا أن المطالبة بنزع سلاح المقاومة تخدم هذا المخطط. وأكد أن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التحديات، وستواصل الدفاع عن لبنان وسيادته.

وأشار الشيخ قاسم إلى أن "إسرائيل" تسعى إلى استغلال الأوضاع الداخلية في لبنان لتحقيق أهدافها، وأنها تحاول إثارة الفتن والنزاعات بين اللبنانيين. ودعا اللبنانيين إلى التوحد والتعاون لمواجهة هذه التحديات، مؤكدًا أن المقاومة هي الضمانة الحقيقية لحماية لبنان من العدوان الـ"إسرائيلي". وأكد أن المقاومة ستظل قوة ردع في وجه أي عدوان "إسرائيلي".

فكرة نزع السلاح يجب أن تُزال من القاموس
وتطرق الشيخ قاسم في كلمته إلى موضوع سلاح المقاومة، معتبرًا أن «المشكلة الأولى ليست سلاح المقاومة، المشكلة الأولى في لبنان هي طرد الاحتلال الـ"إسرائيلي".» واستنكر الأصوات الداخلية التي تطالب بنزع سلاح المقاومة، قائلاً: «هل تعرفون ما معنى نزع سلاح المقاومة بالقوة؟ أولاً: أنتم تقدّمون خدمة مجانية لـ"إسرائيل" التي جلبت كل جيوشها وكل إمكاناتها وحشدت أمريكا وأوروبا وراءها، ولم تستطع أن تنزع قطعة واحدة من السلاح، وليس أن تنزع السلاح. أنتم اليوم تدعون إلى نزع السلاح بالقوة؟ هذا خدمة للعدو الـ"إسرائيلي".»

وحذر من أن هذه المطالبات تهدف إلى إثارة الفتنة بين المقاومة والجيش اللبناني، مؤكدًا على التنسيق والتعاون بينهما في مواجهة "إسرائيل". وأعلن بوضوح: «نحن لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح حزب الله أو أن ينزع سلاح المقاومة، لأن حزب الله والمقاومة واحد. فكرة نزع السلاح يجب أن تُزال من القاموس. لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح المقاومة، هذا السلاح هو دعامة للمقاومة. هذا السلاح هو الذي أعطى الحياة والحرية لشعبنا. هذا السلاح هو الذي حرّر وطننا وحمى سيادته. ‏هذا السلاح هو الذي حملته دماء الشهداء والجرحى والأسرى، وقاتلوا من أجل أن يكون الوطن عزيزاً وكريماً. ‏سنواجه من يعتدي على المقاومة، ومن يعمل من أجل نزع السلاح - بحسب التعابير التي يستخدمونها - كما ‏واجهنا "إسرائيل"، سواء كانت "إسرائيل" أم أمريكا أم أي أذناب لهما.» واستشهد بمقولة السيد موسى الصدر بأن «اقتناء السلاح في حالات الدفاع مشروع، بل واجب»، وقول الشهيد السيد  نصر الله بأن السلاح والمقاومة يحميان لبنان.

القرار 1701 والاستراتيجية الدفاعية
وأوضح الشيخ قاسم موقف حزب الله من القرار 1701، قائلاً: «نحن نفذنا كل ما علينا، الدولة اللبنانية نفذت ما عليها وتستمر، لكن "إسرائيل" هي التي لم تنفذ.» وطالب بتنفيذ التزامات "إسرائيل" أولاً، بما في ذلك الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف الاعتداءات.

وشدد على أن «الطريق الوحيد لمساهمتنا في تطبيق القرار 1701 بعد تنفيذ الاتفاق، هو الحوار والاتفاق ضمن قواعد وطنية ثابتة»، وحدد هذه القواعد بثلاثة أمور أساسية: حماية سيادة لبنان، استثمار قوة المقاومة في استراتيجية دفاعية، ورفض أي خطوة تضعف لبنان.

وفيما يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية، أكد الشيخ قاسم أن «هذا موضوع لا علاقة له بنزع سلاح أو سحب سلاح، لا، له علاقة كما قال الرئيس، هو مناقشة المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية في سياسة دفاعية متكاملة.» وأعلن استعداد حزب الله للمشاركة في الحوار حول هذه الاستراتيجية في الوقت المناسب، بعد أن تلتزم "إسرائيل" بتنفيذ الشق الأول من القرار 1701 وتوقف اعتداءاتها. وربط البدء في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية بوقف العدوان الـ"إسرائيلي" وإعادة إعمار المناطق المتضررة.

رفض الوصاية الأمريكية والمفاوضات النووية بين إيران وأمريكا
أكد الشيخ قاسم رفض حزب الله القاطع للوصاية الأمريكية على لبنان، قائلاً: «الوصاية الأمريكية على لبنان مرفوضة من قبلنا بالكامل. نعلم أن أمريكا تمد يدها وتستعمل جماعات السفارة الموجودين هنا، وتدعم بطرق مختلفة، وتهوّل بطرق مختلفة، وتتدخل في الصغيرة والكبيرة. لكن، فليكن عندهم علم، لا يمكن أن يسير لبنان بالوصاية الأمريكية. بالنسبة لنا، أمريكا هي الشيطان الأكبر، وبالنسبة لنا، هي ترعى "إسرائيل"، الغدة السرطانية التي يجب اقتلاعها، ليس من لبنان فقط، بل من كل المنطقة يجب أن تُقتلع.» واعتبر أن أمريكا هي مصدر الشرور في المنطقة، وأنها تسعى إلى فرض هيمنتها على لبنان.

وفيما يتعلق بالمحادثات الإيرانية الأمريكية، قال الشيخ قاسم: «نحن نأمل أن تصل إلى نتيجة، لكن نقول ما قاله الإمام الخامنئي دام ظله: 'قد تنجح المفاوضات أو تفشل، لسنا متفائلين كثيرًا، ولسنا متشائمين كثيرًا'.» وأشار إلى أن إيران تتعامل مع هذه المفاوضات بحذر، مع التأكيد على أن مسار البلاد لا يعتمد بشكل كامل على نتائجها. وأعرب عن أمله في أن تحقق هذه المفاوضات مصلحة للجميع، لكنه شدد على أن لبنان يجب أن يعتمد على نفسه في مواجهة التحديات.