إذا أردت الحديث حول الشخصيات التي كان لها تأثيرٌ علي فعليّ أن أقول بأنّها كانت شخصيات متعدّدة. الشخص الذي كان له تأثيرٌ كبيرٌ عليّ في مرحلة الشباب كان بالدّرجة الأولى المرحوم "نوّاب صفوي".
ربّما كنتُ أبلغ من العمر خمسة عشر أو ستّة عشر عاماً عند قدوم المرحوم "نوّاب صفوي" إلى مشهد. كنت ألحظ في المرحوم نوّاب صفوي جاذبيّة خاصّة وقد جذبني إليه بشكل كامل. كما أنّ كلّ من كان حينها من جيلنا كان ينجذب لنوّاب صفوي؛ لما كان يملكه هذا الشّخص من حماس وإخلاص، صدقٍ كبير وصفاء وقد كان شجاعاً أيضاً وواضحاً وصريحاً. بإمكاني القول بأنّني تعلّقت حينها بشكل جدّي بالقضايا النّضاليّة وما نطلق نحن عليه اصطلاح الكفاح السياسي. طبعاً كنت قبل تلك المرحلة على علم ببعض الأمور. صادفت مرحلة شبابنا فترة "مصدّق" (1). أذكر العام ١٩٥١ عندما تقلّد مصدّق منصب رئاسة الوزراء حديثاً وكان المرحوم "آية الله الكاشاني" يتعاون معه أيضاً.
لذلك فقد كنت على علمٍ تامٍّ بالمقولات السياسيّة وكنت متابعاً لها؛ لكنّني تعلّقت بالكفاح السياسي بمعنى الكلمة منذ قدوم المرحوم نوّاب. بعد أن غادر المرحوم نوّاب مشهد، لم يطل الأمر كثيراً واستشهد بعدها. وقد أحدثت شهادته فورة داخل قلوب الشباب الذين شاهدوه وعرفوه. في الحقيقة فإنّ تاريخ عملنا النّضالي يعود إلى تلك المرحلة؛ أي منذ عامي ١٩٥٥ و١٩٥٦ والفترة التي تلتهما.
حينها أوجد نواب صفوي بداخلي شرارات الاندفاع نحو الثورة الإسلامية ولا يراودني أدنى شكّ أنّ المرحوم نواب هو من أشعل في أعماقنا الشعلة الأولى.
كان قد لجأ وأصرَّ على ذكر معايب الشاه والأجهزة البريطانية ذات النفوذ. كانت خلاصة قوله: يجب أن يتمّ إحياء الإسلام؛ يجب أن يكون الحكم للإسلام وأنّ هؤلاء الذين يقبعون على رأس السلطة يكذبون. هؤلاء ليسوا بمسلمين."

الهوامش:
1-  محمد مصدق: رئيس الوزراء الإيراني قبل الثورة الإسلامية، انتخب مرتين سنة 1951 و1953. إلا أن المخابرات الأمريكية السي آي ايه والبريطانية MI6 خلعتاه في عملية مشتركة سميت بعملية أجاكس؛ وذلك بسبب مواقفه المعارضة لاستبداد الشاه والداعية إلى الملكية الدستورية.