بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا أبي القاسم محمد، و على آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين، سيما بقية الله في الأرضين.
اللهم صل على فاطمة بنت محمد، اللهم صل على فاطمة بنت رسولك و زوجة وليك، الطهرة الطاهرة المطهرة التقية النقية الزكية سيدة نساء أهل الجنة أجمعين.
اللهم صل على وليك علي بن موسى صلاة دائمة بدوام ملكك و سلطانك، اللهم سلم على وليك علي بن موسى سلاماً دائماً بدوام مجدك و عظمتك و كبريائك.
نشكر الله تعالى على أن وفقنا مرة أخرى للقاء بكم أنتم أهالي مشهد الأعزاء، و الزوار الأعزاء الأودّاء، الذين سافرتم إلى هذه العتبة المقدسة من أنحاء البلاد في بداية السنة الهجرية الشمسية. أولاً أبارك السنة الجديدة ثانية لكل الإخوة و الأخوات.
تحظى هذه السنة بخصوصية أن أيامها الأولى تصادف ذكرى الولادة السعيدة لسيدتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) - بحسب الأشهر القمرية - و تصادف نهايتها نفس هذه الولادة الكريمة العزيزة. نسأل الله تعالى بيُمْن وجود فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) و هي سيدة الدارين و سيدة نساء العالمين أن يبارك هذه السنة لشعب إيران و لكل المسلمين في العالم و لمحبّي أهل البيت، و أن ينتفعوا و ينتهلوا إن شاء الله من بركات هذه الولادة الكريمة.
النقص الوحيد الذي نشعر به هذه السنة و في هذا الاجتماع هو فقدان إخينا العزيز حضرة الشيخ طبسي (1) العالم المجاهد المناضل و الخادم المخلص لهذه العتبة المقدسة. كان وجوده وجوداً مغتنماً. و كان من السبّاقين في الثورة، و فقدانه خسارة كبيرة بالمعنى الحقيقي للكلمة لكل الذين عرفوه. نسأل الله تعالى أن يشمل روحه الطاهرة بظلال سيدنا أبي الحسن الرضا (سلام الله عليه) و يمنّ عليه برحمته و مغفرته.
أبدأ كلام اليوم من شعار هذه السنة، و سأتابع الحديث إن شاء الله بتقديم إيضاحات لكم أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء الحاضرون هنا و للذين سيسمعون هذا الكلام لاحقاً. أرغب في أن يكون الكلام الذي يطرح كلاماً متقناً منطقياً. الكلام الشعاراتي لم يعد له اليوم مكانة تذكر في أذهان شعبنا، شعبنا و شبابنا و كل أبناء مجتمعنا أناس فاهمون و ينظرون للأمور بعين المنطق و البرهان. ما نقوله نرغب أن يعرض على الرأي العام لشعبنا العزيز على شكل بحث متقن و منطقي. و السبب في أننا اخترنا شعار هذا العام شعاراً اقتصادياً (2) هو تحليل و نظرة لمجموع قضايا البلاد. ربما مرّ بذهن البعض أن من المرجّح لو كان شعار هذه السنة شعاراً ثقافياً أو أخلاقياً، و لكن بالنظر لمجمل قضايا البلاد بدا أن نختار شعار هذه السنة أيضاً مثل شعارات السنين الأخيرة الماضية شعاراً اقتصادياً، و هو شعار ينبغي أن ينتشر كخطاب بين الشعب و الرأي العام في البلاد. أقدّم هذا التحليل و أرغب أن يقوم شبابنا الأعزاء بتحليل و مناقشة ما يسمعونه و التفكير فيه.
في هذه الفترة الزمنية، تقتضي سياسات الاستكبار و خصوصاً السياسات الأمريكية نشر فكر معين بين شعبنا، بين نخبة المجتمع أولاً، و بعد ذلك إشاعته تدريجياً بين الرأي العام، يريدون نشر و بث فكر خاص بين الرأي العام. السياسة التي يقصدونها هي أن يتظاهروا بأن الشعب الإيراني على مفترق طريقين و لا سبيل أمامه سوى اختيار أحد هذين الطريقين. و الطريقان هما إما أن يتصالحوا مع أمريكا أو يبقوا دائماً تحت ضغوط أمريكا و يتحملوا المشكلات الناجمة عن هذه الضغوط. على الشعب الإيراني أن يختار أحد هذين الخيارين. هذا ما يريدونه. طبعاً التصالح مع أمريكا لا يعني التصالح مع أية دولة أخرى. لأن أمريكا لها ثروة و أجهزة إعلامية واسعة و أسلحة خطيرة و إمكانيات كبيرة فإن التكيف و التصالح مع الحكومة الأمريكية يعني القبول بما تفرضه هذه الحكومة. هذه هي طبيعة التوافق مع أمريكا. و هكذا هو الحال في كل مكان. البلدان الأخرى أيضاً التي تتفق مع أمريكا في خصوص أية قضية، معنى ذلك أن تتراجع عن مواقفها لصالح الطرف المقابل من دون أن يتراجع الطرف المقابل تراجعاً يذكر لصالحهم. في هذا الاتفاق النووي الأخير، مع أننا أيّدنا هذا الاتفاق و أعلنا أننا نؤيد القائمين عليه و نقبل بهم، لكن المسألة كانت على نفس المنوال هنا أيضاً. قال لي وزير خارجيتنا المحترم في بعض الحالات بأننا هنا مثلاً لم نستطيع مراعاة الخطوط الحمراء. و هذا هو معنى ذلك، أي عندما يكون الطرف المقابل حكومة مثل الحكومة الأمريكية لها وسائل إعلام و قدرات و إمكانيات و أموال و دبلوماسية ناشطة و عوامل متنوعة في أطراف العالم، فإن الدول و الحكومات التي تضغط عليهم سيكونون في قبضتها و تحت تصرفها، و التصالح معها يعني غض النظر عن بعض الأمور التي يصرّ عليها المرء. هذا مفترق طريقين طبقاً لما تروم أمريكا نشره و بثه في أذهان شعبنا، مفترق طريقين لا مناص منه، و ثنائية لا محيص منها: إمّا أن نتنازل أمام أمريكا و إراداتها في الكثير من الأمور و الحالات، أو نتحمّل ضغوط أمريكا و تهديداتها و الأضرار الناتجة عن مخالفة أمريكا. يريدون أن تصبح هذه الفكرة خطاباً بين نخب المجتمع و تنتقل تدريجياً إلى كل الشعب و الرأي العام. يروّجون لهذه الفكرة داخل البلاد و خارجها و ينشرونها بأشكال مختلفة و عبارات متنوعة في وسائل التواصل و الإعلام العامة في العالم. يعيّنون أشخاصاً ليستطيعوا نشر هذه الفكرة بين أبناء شعبنا. طبعاً ثمة في الداخل كما قلنا أفراد يوافقون هذه الفكرة و قد قبلوها، و يسعون إقناع الآخرين بها.
دققوا جيداً لاستطيع أن أوضح. أبيّن كلام الطرف المقابل ثم أقول ما يقتضيه الحق و الحقيقة. كلام الطرف المقابل يعني كلام الأجهزة الإعلامية و الأجهزة الصانعة للأفكار و التيارات، و التي تقول إن لإيران إمكانيات اقتصادية كبيرة و قد كان الهدف من الاتفاق النووي أن يسطيع بلد إيران الاستفادة من هذه الإمكانيات و الطاقات الكامنة، طيب، حصل هذا الاتفاق، لكن هذا الاتفاق لا يكفي و هناك قضايا أخرى يجب أن يتخذ فيها الشعب الإيراني و الحكومة الإيرانية و المسؤولون الإيرانيون القرار، و يعملوا. مثلاً، ثمة اليوم في منطقة غرب آسيا - أي نفس هذه المنطقة التي يسمّيها الغربيون الشرق الأوسط - فوضى و اضطرابات كثيرة، طيّب، هذه مشكلة لكل المنطقة، و إذا كنتم تريدون أن يتخلص بلدكم من هذه المشكلة فيجب أن تحاولوا أن تخمد هذه الاضطرابات. ماذا نفعل؟ نتعاون مع أمريكا و نبادلها الأفكار و نتداول معها و نجتمع معها و نجلس و نتحاور و نختار نموذجاً طبقاً لرغبة الأمريكيين أو بما يتطابق و الاتفاق مع الأمريكيين. هذه أيضاً مسألة أخرى.
أو: لدينا مشكلات أخرى و خلافات كثيرة مع أمريكا، و يجب أن نحل هذه الاختلافات و ينبغي لهذه الاختلافات أن تنتهي. و في حلّ هذه الاختلافات لنفترض أن الشعب الإيراني قد يضطر لغض النظر عن مبادئه و أصوله و خطوطه الحمراء، فليكن، أما الطرف المقابل فلا يتنازل عن أصوله و قيمه، و لكن إذا اقتضت الضرورة فيجب علينا نحن أن نتنازل لنعالج المشكلات، و ليستطيع البلد في نهاية المطاف الاستفادة من إمكانياته و يتحول مثلاً إلى اقتصاد بارز. هذا هو كلامهم. و على ذلك تم الاتفاق في خصوص الملف النووي، و جعلنا اسم ذلك برجام، و يجب أن يكون هناك برجام آخر حول قضايا المنطقة، و برجام آخر بخصوص دستور البلاد، و برجام الثاني و الثالث و الرابع و إلى آخره حتى نستطيع العيش براحة. هذا منطق يحاولون نقله إلى نخبة المجتمع، و من نخبة المجتمع إلى الرأي العام للمجتمع. ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن تصرف الجمهورية الإسلامية الإيرانية النظر في أمور أساسية تلتزم بها بحكم الإسلام و بحكم ما يميز نظام الجمهورية الإسلامية، يجب أن تغض الطرف عن قضية فلسطين، و عن دعم المقاومة في المنطقة، و عن دعم المظلومين في المنطقة - مثل شعب فلسطين، و أهالي غزة، و شعب اليمن، و شعب البحرين - و لا تدعمهم و لا تسندهم سياسياً، و ينبغي على نظام الجمهورية الإسلامية أن يعدّل و يغيّر من مطاليبه و إراداته ليقترب مما يريد الطرفُ المقابل أي أمريكا تحقيقه. معنى هذا الكلام هو كما أن بعض بلدان و حكومات المنطقة تصالحت اليوم مع الكيان الصهيوني على الرغم من حكم الإسلام و على الرغم من إرادة شعوبهم، و تركت قضية فلسطين لصالح قضايا أخرى، ينبغي للجمهورية الإسلامية أيضاً أن تعمل على هذا النحو. و معناه كما أن بعض الحكومات العربية اليوم تمدّ يد الصداقة بكل وقاحة نحو العدو الصهيوني يجب على الجمهورية الإسلامية أيضاً أن تتصالح مع العدو الصهيوني.
و بالطبع فإن القضية لن تنتهي عند هذا الحد. معنى ما يطرح في ذلك التحليل السياسي للأعداء هو أن تصرف الجمهورية الإسلامية النظر عن أدواتها الدفاعية إذا رغبت أمريكا في ذلك. تلاحظون أية ضجّة يثيرونها في العالم حول قضية الصواريخ و لماذا تمتلك الجمهورية الإسلامية صواريخ، و لماذا تمتلك صواريخ بعيدة المدى، و لماذا تصيب صواريخ الجمهورية الإسلامية أهدافها بدقة، و لماذا تقومون باختبارات، و لماذا تقومون بتمارين عسكرية، و لماذا و لماذا و لماذا؟ أما الأمريكان فيطلقون مناورات بين الحين و الآخر بالاشتراك مع أحد بلدان المنطقة في منطقة الخليج الفارسي التي تبعد آلاف الكيلومترات عن بلدهم - و الحال أنهم ليست لهم أية مسؤولية هنا - بينما عندما تجري الجمهورية الإسلامية مناورات في دارها و في بيئتها و في حريمها الأمني فيرتفع الضجيج أنْ لماذا أجريتم مناورات، و لماذا عملتم و بادرتم، و لماذا قامت قواتكم البحرية و الجوية بهذه الأعمال؟ معنى تحليل العدو هو أن نصرف النظر عن كل هذا. و القضية فوق حتى هذا المستوى. سوف يجرّون الموضوع تدريجياً إلى لماذا تشكلت قوات القدس أساساً؟ و لماذا تأسّس الحرس الثوري، و لماذا يجب أن تتطابق السياسات الداخلية للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الإسلام بحسب دستور البلاد؟ سوف تصل الأمور إلى هذا الحد. عندما تتراجعون أمام العدو و أنتم قادرون على الصمود و الوقوف - و سأتحدث عن هذا لاحقاً - سيتقدم العدو - فالعدو لا يتوقف - و تصل به الأمور رويداً رويداً إلى أن ما تقولونه من إن حكومة الجمهورية الإسلامية و مجلس الشورى الإسلامي و السلطة القضائية يجب أن تكون طبقاً لأحكام الإسلام و الشريعة الإسلامية، هذا الكلام بخلاف الحرية، و الليبرالية لا توافق هذا الشيء. تصل الأمور شيئاً فشيئاً إلى هذه الحدود. إذا تراجعنا فإن التراجع سوف يفضي إلى هذه المحطات بأنْ يقولوا ما هو دور مجلس صيانة الدستور في المجتمع، و لماذا ينبغي لمجلس صيانة الدستور أن يرفض القرارات بسبب معارضتها للشريعة؟ هنا الكلام. هذا هو الشيء الذي ذكرتُه مراراً و قلتُ إنه تغيير مضمون الجمهورية الإسلامية. قد يبقى شكل الجمهورية الإسلامية على حاله لكنه سيفرغ بالكامل من محتواه و مضمونه. هذا ما يريده العدو. طبقاً لهذا التحليل الذي يريده الأعداء و الذي يشيعونه و ينشرونه في أذهان النخبة و بين الرأي العام للشعب، إذا أرادت الجمهورية الإسلامية و شعب إيران التخلص من شرور أمريكا فيجب عليها التخلي عن مضمون الجمهورية الإسلامية، و التخلي عن الإسلام و عن المفاهيم الإسلامية و عن أمنها.
الشيء المفقود في هذا التحليل، و ما لم يؤخذ بنظر الاعتبار هو عدة نقاط أشير إلى واحدة منها، و هي أننا في هذا الاتفاق الذي عقدناه مع الأمريكيين في قضية خسمة زائد واحد و الملف النووي، لم يعمل الأمريكيون بما وعدوا به، و لم يقوموا بالعمل الذي كان ينبغي أن يقوموا به. نعم، على حد تعبير وزير خارجيتنا المحترم قاموا ببعض الأعمال على الورق، لكنهم حالوا بطرق ملتوية عديدة دون تحقيق الجمهورية الإسلامية لمقاصدها. لاحظوا أن معاملاتنا المصرفية اليوم في كل البلدان الغربية و مع الذين يخضعون لتأثيرهم لا تزال تعاني مشاكل و عقبات، و استعادة ثرواتنا في بنوكهم لا تزال تعاني مشكلات، المعاملات التجارية المتنوعة التي تحتاج إلى تدخل المصارف و البنوك تواجه مشكلات، و حينما نتابع الأمور و نحقق و نسأل لماذا هذه المشكلات و العقبات، يتبين أنهم يخافون من الأمريكان. قال الأمريكان إننا نرفع الحظر و رفعوه على الورق لكنهم يعملون عن طرق أخرى بشكل يحبط بالكامل تأثيرات و مردودات رفع الحظر هذا، فلا تتحقق الآثار المرجوّة من رفع الحظر. إذن، الذين يعقدون الآمال على أن نجلس و نتفاوض مع أمريكا حول القضية الفلانية و نصل إلى نقطة اتفاق - بمعنى أن نلتزم نحن بشيء و يلتزم الطرف المقابل بشيء - يغفلون عن أننا سنضطر للعمل بكل تعهداتنا و التزاماتنا بينما الطرف الآخر سيتملص بطرق و أساليب و حيل و مخادعات و حالات مختلفة من الغش، و لن يعمل بالتزاماته و العهود التي قطعها على نفسه. هذا هو الشيء الذي نراه اليوم أمام أنظارنا، أي إنه خسارة محضة.
بيد أن القضية أعلى حتى من هذا. من اللازم أن أذكر نقاطاً للشباب الأعزاء الذين لم يدركوا عهد النظام الطاغوتي، و لم يشهدوا فترة الطاغوت، و لا يدرون ما الذي حدث بانتصار الثورة الإسلامية في هذا البلد. لاحظوا، في هذه المنطقة التي نعيش فيها - منطقة غرب آسيا - يمثل بلدكم العزيز إيران زهرة المنطقة. إنه بلد منقطع النظير من الناحية الاستراتيجية و من حيث الموقع الاستراتيجي كما في التعبير الدارج. و هو صاحب امتيازات من حيث المصادر النفطية و الغازية الضخمة في كل المنطقة، بل و في كل العالم من زاوية معينة. و ثمة مصادر أخرى كثيرة ما عدا النفط و الغاز. إنه بلد كبير بسكان موهوبين و شعب موهوب و تاريخ ثر. هنا زهرة المنطقة. و لقد كانت زهرة المنطقة هذه في يوم من الأيام في قبضة أمريكا بالكامل، و كان الأمريكان يفعلون كل ما يريدون لهذا البلد و في هذا البلد: كانوا ينهبون و يأخذون الثروات، و يفعلون كل ما تفعله حكومة استعمارية استكبارية مع بلد ضعيف. كانوا يمسكون إيران في قبضة اقتدارهم، و جاءت الثورة فأخرجت هذا البلد من قبضتهم، لذلك فإن الحقد على الثورة لن يخرج من قلب السياسة الأمريكية. عداؤهم لن ينتهي إلّا عندما يستطيعون إعادة نفس تلك الهيمنة في هذا البلد. هذا هو هدفهم و هذا ما يريدونه و يتابعونه. هم طبعاً سياسيون و دبلوماسيون و يجيدون العمل السياسي و يعرفون أن لكل هدف طريقاً و ينبغي عليهم السير بشكل تدريجي و الدخول من الطريق المناسب. ينبغي أن تكون أعيننا مفتحة و تركيزنا عال.
الجمهورية الإسلامية لم تخرج إيران من أيديهم و حسب، بل أبدت روحاً مقاومة و شجاعة - و سوف أتحدث عن هذا الجانب لاحقاً - أدت إلى تشجيع البلدان الأخرى. لاحظوا أنهم يقولون اليوم «الموت لأمريكا» في بلدان متعددة من هذه المنطقة و حتى خارج هذه المنطقة، و يحرقون العلم الأمريكي. لقد أثبت شعب إيران أنه قادر على المقاومة، و تعلمت الشعوب الأخرى ذلك و خرج الزمام من يد أمريكا. أعلن الأمريكان أنهم يريدون إيجاد شرق أوسط كبير - قالوا ذات يوم الشرق الأوسط الجديد، و قالوا في يوم آخر الشرق الأوسط الكبير - و كان مرادهم أن تكون حكومة الكيان الصهيوني الزائفة هي المسيطرة على كل الأمور في هذه المنطقة من النواحي الاقتصادية و السياسية و الثقافية، في منطقة غرب آسيا هذه و في قلب البلدان الإسلامية، كان هذا هو هدفهم. لاحظوا الآن أن نفس هؤلاء الذين كانوا يرفعون شعار الشرق الأوسط الكبير، ظلوا حائرين في قضية سورية، و قضية اليمن، و قضية العراق، و قضية فلسطين، و هم يرون الجمهورية الإسلامية السبب في كل هذا. هكذا هو عداؤهم للجمهورية الإسلامية، فخلافهم مع الجمهورية الإسلامية ليس على ذرة و ذرتين أو على أشياء تافهة، القضية قضية أساسية، إنهم يعملون و يسيرون باتجاه أن يعيدوا هيمنتهم القديمة إذا استطاعوا.
شبابنا الأعزاء لم يشهدوا عهد النظام الطاغوتي، و أقولها لكم أيها الشباب الأعزاء إنه طوال تلك الخمسين عاماً أو الستين عاماً - أي طوال فترة الحكم البهلوي و قبل ذلك بفترة معينة - كان الزمام في بلادنا بيد البريطانيين أولاً و من ثم بيد الأمريكان، و كانوا يفعلون ما يشاءون، مثلاً يأتون بالحكم البهلوي إلى السلطة و يأتون برضا خان، ثم عندما ينزعجون منه لسبب من الأسباب يزيحونه و يأتون بمحمد رضا. أي في بلد بهذا الحجم و بهذه العظمة، و مقابل هذا الشعب، يزيح الأمريكان و البريطانيون رئيس هذا البلد بسهولة و يأتون بشخص آخر بحسب ما يتفقون عليه فيما بينهم. هكذا كان وضعهم في إيران. طيب، كيف استطاعوا فرض هذه السيطرة و الهيمنة؟ لقد أوجدوا هنا خنادق استخدمها النظام البريطاني أولاً و النظام الأمريكي بعد سنين و عقود لمواصلة هيمنتهم على هذا البلد. جاءت الثورة و هدمت هذه الخنادق بأيدي شبابها، هدمتها و بنت مكانها خنادق لصيانة الثورة و الحفاظ على الجمهورية الإسلامية و المصالح الوطنية. و هم يريدون أن يأتوا لترميم تلك الخنادق المهدمة السابقة و يدمروا الخنادق التي بنتها الثورة و الثوريون و الشباب. هذا هو الهدف.
و سوف أعدد لكم الآن بعض هذه الخنادق. الخندق الأهم للأنظمة الاستكبارية - أي بريطانيا أولاً و من ثم أمريكا - هو نفس النظام الطاغوتي العميل الذي نصبوه في بلادنا. كان النظام الطاغوتي المنصوب من قبلهم خندقهم، و كان يفعلون ما يريدون في هذا البلد عن طريقه. كانوا يمارسون أية نشاطات اقتصادية و أية فعاليات ثقافية و أية نشاطات سياسية و أي تغيير و أي اتخاذ موقف كيفما يرغبون و يحبون في هذا البلد، و يجرجرون حكومة البلد بهذا الاتجاه و ذاك الاتجاه. أي إن النظام الطاغوتي نفسه كان أهم خندق لأمريكا و بريطانيا في هذا البلد. هذا خندق، و جاءت الثورة فدمرت هذا الخندق و قضت عليه و استأصلته، و استأصلت الحكم الملكي في هذا البلد و أقامت بدل الحكم الملكي الشخصي حكماً شعبياً. ذات يوم كانوا يقولون في هذا البلد إن له مالكاً و صاحباً. فمن هو مالك البلاد؟ صاحب الجلالة هو المالك. كانوا يفشون هذا القول كثيراً على الألسن بأن للبلد مالكاً و صاحباً. من هو صاحب البلد؟ الشاه هو مالك البلد، أي إن مالك البلد عنصر فاسد غير لائق عميل و في الغالب عديم الغيرة الوطنية. طيب، جاءت الجمهورية الإسلامية و أزاحت هذا المالك الغاصب الزائف، و أعطت البلاد لأيدي أصحابها الأصليين و هم الشعب، حيث ينتخبون و يشاركون و يريدون و يثبتون و يرفضون. كان هذا خندق الأعداء الأول الذي نسفته الجمهورية الإسلامية و الثورة الإسلامية.
لكن هذا لم يكن الخندق الوحيد، فقد كانت هناك خنادق أخرى. العوامل النفسية و العوامل العينية كانت خنادق أشير لكم إلى إثنين أو ثلاثة منها. أحد هذه الخنادق هو الخوف، خندق الخوف، الخوف من القوى. فعلوا في البلاد ما جعل الخوف من القوة الأمريكية مخيماً على كل القلوب. و قلنا إن أمريكا جاءت خلال العقود الأخيرة قبل الثورة، و كانت من قبلها بريطانيا. أي حدث يقع في البلد كانوا يقولون إنه من صنع البريطانيين، أي إنهم كانوا يعتبرون البريطانيين قوة مطلقة. و لم يكن هذا الخوف مختصاً بالناس و الشعب، فساسة النظام أيضاً كانوا يخافون من أمريكا. هذه المذكرات التي كتبها عناصر نظام الطاغوت و نشرت بعد ذلك - بعد الثورة - تدل على أنه في بعض الحالات كان محمد رضا نفسه و العناصر القريبة منه غاضبين من الأمريكيين بسبب إهاناتهم و عدم اكتراثهم، لكنهم لا يملكون مفراً و كانوا مضطرين للانقياد لهم، و مجبرين على إطاعتهم خوفاً منهم، كانوا يخافون. جاءت الثورة الإسلامية و هدمت خندق الخوف هذا. في الجمهورية الإسلامية اليوم لا تجدون عنصراً مطلعاً واعياً معتمداً على القيم الدينية يخاف من أمريكا، لقد نبذ الشعب الخوف عنه جانباً. لقد نبذ الشعب عنه لا الخوف من أمريكا فقط بل الخوف من كل جبهة الاستكبار. خلال فترة الحرب المفروضة التي طالت لمدة ثمانية أعوام - و هي أيضاً فترة ذهبية نورانية لم يشهدها شبابنا للأسف - كانت أمريكا تساعداً صداماً، و كان الناتو يساعد صداماً، و الاتحاد السوفيتي آنذاك كان يساعد صداماً، و الرجعية العربية بكل ضعفها و عدم جدارتها كانت تساعد صداماً، الكلّ كانوا يساعدوه، أي إن الشرق و الغرب تحوّلا إلى جبهة واحدة لصالح صدام و ضد الجمهورية الإسلامية، و لم يفت ذلك في عضد الجمهورية الإسلامية، بل صمدت و تغلبت عليهم جميعاً بتوفيق من الله. انتصرت عليهم كلهم، و لم يستطيعوا بعد ثمانية أعوام من الحرب اقتطاع شبر واحد من الأراضي الإيرانية من إيران. هكذا قضوا على الخوف. نعم، قلتُ إن الأفراد الواعين الحاذقين المعتمدين على القيم الإسلامية لا يخافون من أمريكا، و لكن قد يكون هناك اليوم أيضاً أفراد يخافون، بيد أن خوفهم هذا غير عقلائي. إذا كان خوف محمد رضا من أمريكا خوفاً عقلائياً، فإن خوفهم هذا غير عقلائي، لأن أولئك لم يكن لديهم سند و دعامة مثل الشعب الإيراني، بينما تحظى الجمهورية الإسلامية حالياً بدعامة و سند كالشعب الإيراني الكبير.
و كان من خنادق العدو للسيطرة على بلادنا بث عدم الثقة بالذات و عدم الاعتماد على النفس. عدم الثقة بالذات الوطنية. كانوا يشاهدون أمامهم بهرجات البلدان الغربية و حالات التقدم العلمي و التقني و بريق حضارتهم المادية، و لم تكن مثل هذه الأشياء في بلادهم، بل كان هناك تخلف، لذلك كانوا يشعرون بعدم الثقة بالذات و عدم تصديق الذات. قال أحد شخصيات الحكومة في الفترة البهلوية إن الإيراني يجب أن يذهب و يصنع «لولهنگ»! و أنتم لا تعلمون ما هو الـ «لولهنگ»، إنه الأبريق الفخاري. ليس الأبريق المعدني. في الماضي السحيق كان من الدارج أن يصنعوا أباريق فخارية من الطين. يقول إن مستوى الإيراني و جدارته هي أن يصنع لولهنگ، فما شأن الإيراني و الاختراعات؟! هكذا كانوا يقولون في ذلك الحين. و شخص آخر من المشهورين في تلك الحقبة كان يقول إن الإيراني إذا أراد التقدم يجب أن يصبح غربياً أوربياً من قمّة رأسه إلى أخمص قدميه. يجب عليه أن يجعل كل أموره شبيهة بالغربيين عسى أن يستطيع التقدم. أي إنهم لم يكونوا يثقون بأنفسهم. طيّب، جاءت الثورة و بدّلت عدم الثقة بالذات هذا تبديلاً تامّاً إلى ثقة بالذات، و إلى اعتماد على النفس الوطنية. الشباب الإيراني اليوم يقولون إننا قادرون. في الكثير من الحالات و في مجالات التقدم العلمي - ما عدا الأمور التي أصبحت حالياً متاحة و الحمد لله و باستثناء حالات التقدم التي تحققت فعلاً - يطرح شبابنا أحياناً أفكاراً جديدة لا تستطيع الأجهزة المسؤولة استيعابها و إدارتها. الشاب الإيراني يتمتع بالثقة بذاته. عندما لا تتوفر الثقة بالنفس فلن يحصل تقدم، و عندما تكون هناك ثقة بالذات يرفع شعار «نحن قادرون»، و تكون هناك قدرات و إمكانيات، و يغدو البلد قديراً و يصبح الشعب قادراً. هذا ما نشاهده اليوم أمامنا.
كانت هناك جامعات في هذا البلد طوال خمسين عاماً قبل الثورة و خلال فترة حكم الطاغوت. في هذه الجامعات كان هناك أساتذة ملتزمون صالحون و كان ثمة أيضاً طلبة جامعيون موهوبون - و كان العدد قليلاً بالمقارنة إلى ما هو موجود في الوقت الحاضر، من حيث النسب كان العدد أقل بكثير مما هو عليه اليوم، و لكن حتى أولئك الذين كانوا يومذاك كانوا على كل حال شباب إيرانيين موهوبين - و لكن لم تظهر حركة علمية و ظاهرة علمية جديدة على مدى تلك السنين الخمسين في إيران. لماذا؟ لأنهم لم يكونوا يصدّقون و لم يكونوا مطمئنين إلى أنفسهم، كانوا قد نشروا عدم الثقة بالذات هذه في أذهان الشعب. و في الوقت الراهن لدينا كل يوم إبداع و تجديد علمي و ابتكار تقني. عندما يرى أعداؤنا هذه الإبداعات يغضبون. بلادنا اليوم على الرغم من الحظر تعدّ ضمن البلدان العشرة الأولى عالمياً في حقول علمية متعددة. و الموجود أمام أنظار الناس هو الأدوات العسكرية و الوسائل الحربية التي تلاحظونها عند الحرس الثوري و الجيش و آخرين. حالات التقدم التي حققوها في ميادين شتى، منها علوم النانو و المجال النووي، جاءت بسبب الثقة بالذات. كان من خنادق العدو في إيران عدم ثقة الشعب بنفسه، و من الخنادق الكبيرة لانتصار الشعب و شباب الشعب ثقته بنفسه و روحية «نحن قادرون». هذا بدوره خندق آخر من خنادق العدو.
خندق آخر من خنادق العدو كان يتمثل في فكرة فصل الدين عن السياسة. كانوا قد أدخلوا في أدمغة الجميع أن الدين يجب أن لا يتدخل في المناخ السياسي و في بيئة الحياة و النظام الاجتماعي. كانوا قد نشروا هذه الفكرة. الذين لم يكن لهم شأن مع الدين كان وضعهم معلوماً، و لكن حتى المتدينين و حتى بعض علماء الدين لم يكونوا يصدقوا أن بمستطاع الإسلام التدخل في الشؤون السياسية. و الحال أن أساس ولادة الإسلام منذ البداية كان بمنحى سياسي. أول ما قام به الرسول الأكرم (ص) في المدينة المنوّرة هو تأسيس نظام حكم، لكنهم حشوا الأذهان بهذه الفكرة و كانوا يمارسون نشاطاتهم من هذا الخندق ضد النظام الإسلامي و ضد البلد و ضد الشعب، فجاءت الجمهورية الإسلامية و هدمت هذا الخندق و قضت عليه. شبابنا و طلبتنا الجامعيون في الجامعات يعملون و يجدون اليوم حول قضايا البلاد من زاوية الرؤية الإسلامية و القرآنية، ناهيك عن علماء الدين و الحوزات العلمية و ما شابه.
طيّب، أنا حينما أقول العدو أقصد الحكومة الأمريكية، و لا نجامل في ذلك. طبعاً هم يقولون إننا لسنا بأعدائكم، بل نحن أصدقاؤكم. يرسلون نداء لشعبنا بمناسبة النوروز و يبدون تحرّقهم و إخلاصهم لشباب بلادنا، أو يمدّون في البيت الأبيض مائدة «هفت سين» [الإيرانية التراثية بمناسبة النوروز]! هذه ممارسات لخداع الأطفال، و لا أحد يصدق هذه الأعمال. من ناحية يبقون على الحظر، و تعمل وزارة الخزينة الأمريكية بطرقها الخاصة و التي يعترفون هم أنفسهم بها بحيث لا تتجرّأ الشركات الكبرى و المؤسسات العملاقة و البنوك الكبيرة على الاقتراب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية و التعامل معها، من ناحية يقومون بمثل هذه الأعمال - الحظر و التهديد - و هي عداء محض، و من ناحية أخرى يمدون في البيت الأبيض مائدة «هفت سين» أو يقولون في ندائهم بمناسبة النوروز إننا نريد فرص عمل للشباب الإيراني! لا أحد يصدق هذا الكلام. إنهم لم يعرفوا شعبنا لحد الآن، لم يعرفوا شعب إيران بعد. الشعب الإيراني شعب فاهم و واع و يعرف أعداءه و يعرف أساليب عداء العدو. نعم، نحن لا مشكلة لنا مع الشعب الأمريكي، لا مشكلة لدينا مع أي شعب و مع أبناء و أفراد أي شعب، إنما شأننا مع السياسات و السياسيين. إنهم أعداء.
ألخّص الفكرة لكي لا يضيع علينا أساس ما أردتُ قوله. هناك حقائق و واقعيات: أحد هذه الواقعيات هو الإمكانيات الهائلة و الأرصدة الضخمة الموجودة في بلادنا، الأرصدة الطبيعية و كذلك الأرصدة الإنسانية التي نمتلكها، مضافاً إلى الأرصدة الدولية. بسبب هذه الأرصدة يمتلك بلدنا اليوم قدرة استثنائية على التقدم في داخله. هذه حقيقة. لقد تحولت الجمهورية الإسلامية اليوم إلى قوّة مؤثرة على مستوى المنطقة و في بعض الحالات على مستوى العالم. هذه حقيقة قائمة على الأرض. فلنعرف قدر أنفسنا و لنعرف قيمتنا و أهميتنا، و لنعرف عظمة هذا الشعب.
ثانياً أمريكا عدوّتنا لأسباب واضحة. كما قلنا: ما نقصده هو الساسة الأمريكان و السياسات الأمريكية. لقد نكثوا العهود في قضية برجام و هددونا بمزيد من الحظر. كما قلتُ: وزير الخزينة الأمريكية يعمل ليل نهار بشدة من أجل أن لا يسمح للجمهورية الإسلامية الإيرانية الانتفاع من نتائج برجام. هذه ممارسات عدائية. يهددون دوماً و يهددون دائماً بمزيد من الحظر. ستقام الانتخابات الأمريكية بعد أشهر - بعد سبعة أو ثمانية أشهر - و ستتغير هذه الحكومة الأمريكية الحالية بعد تسعة أشهر، و لا توجد أية ضمانة بأن تعمل الحكومة اللاحقة بهذا القدر الضئيل من الالتزامات التي تعمل بها هذه الحكومة الحالية. مرشّحو رئاسة الجمهورية في أمريكا الآن يتسابقون في خطاباتهم الانتخابية في الإساءة لإيران. هذا بالتالي عداء. فما هو شكل العداء إذن؟ حين نقول إن أمريكا عدو، ينزعج البعض أنْ لماذا تقولون عدو؟ لإنها عدو و هذا الذي تقوم به عداء. هذه أيضاً حقيقة (3). لا تنسوا أننا قلنا إن الشعب و الحكومة يجب أن يكونوا متحدين قلباً و لساناً، لا تنسوا هذا. على الكل أن يعملوا و يساعدوا الحكومة. و إذا كانت لديهم إرشادات فليقدموا إرشاداتهم و توجيهاتهم للحكومة. يجب مساعدة الحكومة.
الحقيقة الثالثة هي أن أدوات عداء هذا العدو المقتدر في ظاهره غير محدودة. لديه عدة أدوات أساسية و هي أدواته الفعالة، و إحداها الإعلام - التخويف من إيران - و إحداها النفوذ و التغلغل، و إحداها الحظر. لقد تحدثت مراراً عن النفوذ في الأشهر الأخيرة، و لا أكرّر هنا. و الكلام عن الإعلام كثير أيضاً. لكنني أروم التحدث عن الحظر.
الحظر هو أحد الأدوات المؤثرة الثلاث للعدو. شعر العدو أن بلادنا و شعبنا يتضرران من الحظر، و للأسف نحن أنفسنا عززنا هذا التصور لديه. في بعض المواطن و في بعض الفترات ضخّمنا الحظر دائماً و قلنا إنه حظر و حظر و يجب رفعه، و إذا كان الحظر فسنتضرر بكذا و كذا و ما شابه. و من جهة ثانية عزّزنا رفع الحظر و ضخّمناه و قلنا إذا رفع الحظر سيحدث كذا و كذا، و هي أحداث لم تقع و سوف لن تقع إذا استمر بنا هذا الحال. لكن العدو شعر أنه يستطيع الضغط على شعب إيران بأداة الحظر. هذا ما شعر به العدو. إذن، الشيء الأساسي الموجود حيالنا اليوم هو الحظر.
ما الذي ينبغي أن نفعله من أجل مواجهة الحظر؟ قلتُ في بداية الحديث إن العدو يطرح لنا مفترق طريقين، و يقول إما أن تستسلموا لأمريكا و تصغوا لكل ما تقوله، أو يستمر الضغط و الحظر. هذا هو مفترق الطريقين الذي قلنا إنه خطأ و زائف. و لكن ثمة مفترق طريقين آخر هو إما أن نتحمّل مشكلات الحظر، أو نصمد بمعونة الاقتصاد المقاوم (4). طيّب، استعدادكم جيد، و لكن لا يكفي مجرد الاستعداد للاقتصاد المقاوم، لذلك قلنا «المبادرة و العمل». و بالطبع فإن الحكومة المحترمة قامت ببعض الأشياء في مجال الاقتصاد المقاوم. قلنا لتتشكل هيئة قيادة للاقتصاد المقاوم فشكلوها و جعلوا على رأسها النائب الأول لرئيس الجمهورية المحترم، و قاموا ببعض الأعمال، و رفعوا لي تقريرها و هذا ما قلته اليوم في ندائي لشعبنا العزيز بمناسبة بداية السنة، بيد أن هذه الأعمال أعمال تمهيدية. رفعوا لي تقرير يقول إنه نتيجة النشاطات المتخذة أصبح المستوى التجاري إيجابياً، أي إن صادراتنا غير النفطية فاقت استيراداتنا. طيب، هذا خبر جيد جداً. أو على سبيل المثال كانت استيراداتنا أقل من السنة التي سبقتها. هذه أخبار جيدة، لكنها لا تكفي و الأعمال لا تنتهي عند هذه الحدود. يجب القيام بأعمال أساسية، و قد سجّلتُ هنا عدة أعمال لأذكرها من باب ما ينبغي القيام به من أعمال على صعيد «المبادرة و العمل».
أولاً ينبغي على المسؤولين المحترمين في الحكومة تشخيص النشاطات و السلاسل الاقتصادية ذات المزايا و المميزات في البلاد و التركيز عليها. بعض النشاطات الاقتصادية في البلاد ذات أولوية و أهمية، إنها أشبه بالأمّ التي تنتج عنها أبواب و مجالات اقتصادية و إنتاجية متعددة. يجب التركيز عليها و تشخيصها و تحديد خارطة الطريق و تشخيص واجبات الجميع.
القضية الثانية في هذه «المبادرة و العمل» التي قلنا إنه يجب الاهتمام بها هي إحياء الإنتاج الداخلي. كما رفعوا لي من تقرير فإن ستين بالمائة من قدراتنا الإنتاجية اليوم معطلة. بعضها تعمل بأقلّ من قدراتها الإنتاجية و بعضها لا تعمل. يجب أن نحيي الإنتاج، يجب أن نحيي الإنتاج. طبعاً لهذه العملية طريقها، و الكثير من علماء الاقتصاد الملتزمين يعرفون هذا الطريق. قلتُ دائماً للمسؤولين المحترمين في الحكومة اطلبوا هؤلاء الناقدين و اسمعوا كلامهم، لديهم في بعض الأحيان اقتراحات جيدة. يمكن إحياء الإنتاج و تفعيله وتحريكه في البلاد.
العمل الثالث هو إن لدينا بالتالي تجارة خارجية و استيراد و نحتاج لبعض الأشياء نستوردها من الخارج. نحن مضطرون لشرائها، و لا إشكال في ذلك، و لكن لنتنبّه لنقطة و هي أن لا تؤدي مشترياتنا هذه إلى زعزعة قدرات إنتاجنا الداخلي. على سبيل المثال نريد أن نستورد أو نشتري طائرات، و يقال لنا - المسؤولون الحكوميون أنفسهم يقولون - بأنه لو تم استثمار كذا بالمائة من هذه الأسعار في الصناعات الداخلية للطيران فسنستفيد أكثر مما لو اشترينا من الخارج، و سيتطور إنتاجنا الداخلي في الوقت نفسه. أنْ نستورد كل شيء من الخارج و لا ننظر ما الذي تفعله مشترياتنا و استيراداتنا هذه بالإنتاج الداخلي، فهذا خطأ. إذن، لنفعل ما من شأنه أن لا تضرّ هذه المشتريات بالإنتاج الداخلي.
النقطة الرابعة هي أن لنا أموالاً في الخارج. مثلاً بعنا نفطاً و لم نستلم أثمانه. المقرر في قضية برجام هو أن تعود هذه الأموال - طبعاً معظم هذه الأموال لم ترجع، أغلبها لم تعد و تواجه مشكلة، و المرء يشاهد أيدي الأمريكان خلف هذه القضية. طبعاً توجد دوافع أخرى أيضاً، لكن خبث بعض الأجهزة الأمريكية أدى إلى أن لا تعود هذه الأموال، لكنها ستعود بالتالي - عندما تعود هذه الأموال الموجودة في الخارج و هي عشرات المليارات، يجب أن لا تنفق على أشياء تهدرها. البلد بحاجة إلى أشياء يمكنه أن يستعين بتلك الأموال عليها، و أولها الإنتاج مثلاً. ليحذروا من إهدار هذه الأموال التي تدخل و تبديدها و إنفاقها على مشتريات غير ضرورية و في غير محلها، أو إنفاقها على الإسراف. أي يجب إدارة المصادر المالية التي تدخل إلى البلاد من البنوك و المراكز الخارجية.
القضية الخامسة هي أن في اقتصادنا جوانب و قطاعات مهمة. مثلاً قطاع النفط و الغاز أو قطاع إنتاج المحركات التي تستخدم في صناعة السيارات أو الطائرات أو القطارات أو السفن، هذه قطاعات حسّاسة و مهمة، و يجب أن تكون علمية المحور. و لهذا ننادي بالاقتصاد العلمي المحور. لقد أثبت شبابنا و علماؤنا بأنهم قادرون على الإبداع و قادرون على رفعنا إلى مستوى أعلى مما نحن عليه في التقنية. هل هو عمل صغير أن ينظموا صواريخ بعيدة المدى تقطع ألفي كيلومتراً بانحراف و خطأ لا يتجاوز المترين إلى خمسة أمتار في إصابة الهدف؟ هذا الدماغ الذي يستطيع فعل هذا يستطيع فعل الكثير في مجالات متنوعة أخرى، منها على سبيل المثال رفع مستوى المحرّكات بحيث يقل استهلاكها للطاقة مثلاً، أو إنتاج محركات قطارات بالشكل الفلاني، إنهم قادرون. في الوقت الحاضر توجد في بلادنا مرافق اقتصادية و إنتاجية تنتج بضائع إمّا إنها أفضل من مثيلاتها الأجنبية أو مكافئة لها. لدينا مثل هذا الإنتاج حالياً، و يجب بالتالي تقوية هذه المرافق و المراكز. إذن، جعل القطاعات الاقتصادية الداخلية المهمة علمية المحور من الأعمال التي تعتبر شرطاً في الاقتصاد المقاوم، و يجب أن تتم.
النقطة السادسة هي أننا استثمرنا في بعض القطاعات في الماضي، و يجب أن ينتفع و يستفاد منها الآن. لقد استثمرنا استثماراً جيداً في مجال بناء محطات الطاقة في البلاد، و استثمرنا استثماراً جيداً في مجال البتروكيمياويات. و البلد اليوم بحاجة إلى محطات طاقة، و البلدان الأخرى أيضاً تحتاج إلى محطات الطاقة الزهيدة الأثمان التي نصنعها. يجب أن لا نذهب بعد الآن إلى الخارج و نشتري محطات طاقة و نستوردها، أو نأتي بأفراد من الخارج يبنون لنا محطات طاقة. هذه الأشياء التي تم الاستثمار فيها يجب أن تبذل فيها جهود و يتم إحياؤها ليستفاد منها.
النقطة السابعة هي أننا يجب في كل المعاملات الخارجية التي نقوم بها أن نشترط فيها نقل التقنية. طبعاً قال لنا إخوتنا في الحكومة إننا عملنا و نعمل بهذه الطريقة. و أنا أؤكد و أكرر من أجل عدم الغفلة عن هذا الجانب. من باب المثال إذا أرادو شراء شيء حديث الإنتاج، فلا يشتروا الشيء على شكل بضاعة منتجة كاملة، بل يشترونه مع تقنيته الخاصة، بمعنى أن ينهضوا بتقنيته في داخل البلاد. يجب أن يتنبهوا بشدة لهذا الشيء في إبرام العقود.
القضية الثامنة هي ضرورة محاربة الفساد بجد. يجب محاربة الاستئثار و احتكار الفرص بجد، و ينبغي محاربة التهريب بجد. هذه ممارسات توجّه ضربات لاقتصاد بلادنا و الناس هم الذين يتضررون منها. إذا تساهلنا مع تلك المجموعة التي تبرم الصفقات غير الشرعية في المجالات الاقتصادية و تنال حظوظاً خاصة و تتمتع بامتيازات خاصة أو تتخبط في فساد مالي و اقتصادي، فإن البلد سيتضرر بالتأكيد. يجب عدم التسامح. طبعاً تطرح كلمات جميلة جيدة على مستوى الكلام و الصحف و الضجيج و خصوصاً باتجاهات سياسية، لكن هذا لا فائدة منه. يقبضون مثلاً على مجرم اقتصادي فتكتب الصحف عنه و تنشر الصور و التفاصيل و الأعمال و ما إلى ذلك بأهداف فئوية و سياسية، هذه ممارسات لا فائدة منها، فلا يعادل مائتا قول نصف عمل، كما يقول الشاعر. يجب أن يمنعوا الفساد الذي قد يظهر في الوقت الحاضر. و كذا الحال بالنسبة للتهريب، يجب أن يمنعوا التهريب. ينبغي محاربة التهريب بالمعنى الحقيقي للكلمة.
النقطة التالية هي الانتفاع من الطاقة. ذات مرة هنا و في إحدى كلماتي الخاصة ببداية العام، قبل سنوات من الآن، قلتُ (5) إنه ثمة ادعاء و رأي بأننا إذا استطعنا رفع الاستفادة من الطاقة و الاقتصاد في هذا المجال فإن ذلك سيوفر لنا مائة مليار دولار، و هو مبلغ ليس بالقليل، إنه مبلغ كبير. ليهتموا بهذا الأمر اهتماماً جاداً. تحصل في هذا البلد أعمال و نشاطات كثيرة متنوّعة، بعضها غير ضروري و بعضها مضر. ليركزوا العمل على القطاعات النافعة، و سيكون هذا «مبادرة و عمل»، المبادرة معناها مثل هذه الأعمال - طبعاً سمعتُ أن هذا أدرج في قرار لمجلس الشورى الإسلامي، و هو رفع مستوى الفائدة من الطاقة - ليبحثوا الأمر بجدّ و بشكل حقيقي، و إذا كان الأمر صحيحاً فيجب أن يركزوا عليه و يعملوا في إطاره.
و النقطة العاشرة هي الاهتمام الخاص بالصناعات المتوسطة و الصغيرة. ثمة اليوم في أنحاء البلاد عشرات الآلاف من المعامل و المصانع المتوسطة و الصغيرة. إذا صحّت هذه الإحصائيات التي رفعوها لي و قلتُ إن ستين بالمائة منها معطل الآن، فهذه خسارة. الشيء الذي يوفر فرص عمل في المجتمع و يخلق حراكاً و ينفع الطبقات المستضعفة هو الصناعات الصغيرة و المتوسطة، ليقوّوا هذه الصناعات و يطوّروها و يدعموها.
طيب، كانت هذه عشر نقاط إذا أرادوا المبادرة و العمل من أجل تفعيل الاقتصاد المقاوم، يمكن النهوض بهذه الأعمال العشرة. طبعاً يمكن القيام بأعمال أخرى ينظر فيها المسؤولون و يدرسونها. و أنا أقترح عشرة نقاط على هذا النحو. سيكون هذا تيار الثورة، و سيكون هذا تحركاً ثورياً في البلاد، و سيكون هذا اقتصاداً مقاوماً ينقذ البلاد. إذا قمنا بهذه الأعمال فسنستطيع الوقوف بوجه أمريكا و لن يؤثر فينا حظرها. لا نحتاج إلى التخلي عن قيمنا و خطوطنا الحمراء و مبادئنا لكي لا تستطيع أمريكا فرض حظر علينا. نستطيع بمتابعة هذه السياسة الخاصة بالاقتصاد المقاوم و بالمعنى العملي للقضية و بمبادرات عملية، نستطيع صيانة البلاد و تحصينها، نستطيع جعل البلد منيعاً لكي لا نتزعزع و لا نرتعد مقابل الحظر، و لا نخاف من أنهم سيفرضون حظراً، فليفرضوا حظراً، إذا أصبح الاقتصاد مقاوماً فلن يكون لحظر الأعداء تأثير يذكر. ستكون هذه حركة ثورية و إيمانية. و إذا قمنا بهذه الأعمال فإن المسؤولين المحترمين في الحكومة سيستطيعون في نهاية سنة 95 [آذار 2017 م] رفع تقرير يقولوا فيه إننا أحيينا هذه الآلآف من المصانع و المعامل و المزارع و حقول التدجين و الرعي و ما إلى ذلك. يستطيعون أن يقولوا ذلك، و يمكنهم رفع تقرير للشعب، فيرى الشعب ذلك و يشعر به. عندما يشعر الشعب بذلك فسوف يثق و يطمئن.
طبعاً يجب على الشعب أن يساعد. أقولها لكم إن الشعب - سواء الشخصيات السياسية أو الشخصيات الاقتصادية أو كل واحد من أبناء الشعب - يجب أن يساعدوا الحكومة، و يعينوا مسؤولي البلاد. و هذه العملية ليست من مهمة الحكومة فقط، على السلطات الثلاث كلها أن تتعاون لتتقدم بالعمل إلى الأمام، و على الناس و الشعب أيضاً أن يساعدهم، فهذه المساعدة لازمة، كما أن جدية المسؤولين و خصوصاً في السلطة التنفيذية لازمة. إذا استطعنا إطلاق هذا الحراك فهو كما قلنا تيار ثوري و سياق ثوري و سيكون سريعاً و موفقاً. أين ما قمنا بعمل ثوري كان النجاح حليفنا. لاحظوا، العمل الذي كان رواده شهداؤنا النوويون في المجال الذري و هو مجال حساس للغاية، و العمل الذي كان رائده الشهيد طهراني مقدم، و العمل الذي كان رائده الشهيد كاظمي (6) في ميدان الخلايا الجذعية، إنها أعمال و مشاريع كبيرة جداً. و على الصعيد الثقافي هناك العمل الذي كان رائده الشهيد آويني، و في الفترة الأخيرة المرحوم سلحشور - و قد كان هؤلاء رواد العمل الثوري في هذا البلد - ينبغي إشاعة هذه الحالات، و يجب تقدير هؤلاء و ذكر أسمائهم بتكريم. هذا هو العمل الثوري. و لهذا أقول و أكرر دائماً إنه يجب تكريم القوى الثورية و قوى حزب الله، و المحافظة عليها، فعندما تجري الأمور بروح ثورية سوف تتقدم إلى الأمام.
تحدثت عن موضوع الاقتصاد المقاوم، و أقول كلمة واحدة فقط عن الشؤون الثقافية. تعلمون أن القضايا الثقافية من وجهة نظري مهمة جداً. إنني أولي الشؤون الثقافية أهمية بالغة، و ما أريد قوله اليوم هو نفس الفكرة التي طرحتها على ما أظن في السنة الماضية أو ما قبلها في نفس هذا الاجتماع الخاص ببداية السنة (7) و هي أن هذه المجاميع الشعبية التي تبادر تلقائياً للقيام بأعمال ثقافية - و ثمة في مختلف أنحاء البلاد اليوم آلاف المجاميع الشعبية التلقائية التي تعمل و تنشط و تفكر و تسعى و تعمل عملاً ثقافياً - يجب أن تتطور و تتنمّى يوماً بعد يوم، و على الأجهزة الحكومية أن تمد لها يد العون. الأجهزة الحكومية المختصة بالشؤون الثقافية بدل أن تفتح أذرعها و أحضانها للذين لا يؤمنون بالإسلام و لا بالثورة و لا بالنظام الإسلامي و لا بالقيم الإسلامية، لتفتح أذرعها بوجه الشباب المتديّن المؤمن الثوري الحزب اللهي، فهؤلاء هم الذين بوسعهم أن يعملوا و هم يعملون الآن و ينجزون أعمالاً ثقافية قيّمة. بوسع شبابنا الثوري أن يعملوا و يجدّوا في كل المجالات. أيها الشباب الأعزاء، البلد بلدكم و الغد لكم و الحاضر لكم أيضاً، فاعلموا أنكم إذا كنتم في الساحة و إذا سعيتم سعيكم من منطلق الإيمان بالله و التوكل عليه، و إذا كنتم واثقين من أنفسكم فلن تستطيع لا أمريكا و لا أكبر من أمريكا أن ترتكب أية حماقة.
اللهم اجعل ما قلناه و سمعناه لك و في سبيل رضاك، و تقبله منا بكرمك. اللهم بمحمد و آل محمد أرضِ أرواح الشهداء الأبرار عنا، و أرض الروح الطاهرة للإمام الخميني عنا. اللهم منّ على هذا الشعب بمزيد من العزة و الشوكة و القدرة و القدرات المطردة الشاملة. ربنا لا تحرمنا خدمة هذا الشعب و الإسلام و المسلمين و هذا البلد. ربنا بمحمد و آل محمد، مُنّ علينا بما قلناه و ما نريده و ما تعلم إننا بحاجة إليه حتى لو لم تلهج به ألسنتنا. اللهم احشر الروح الطاهرة لأخينا العزيز المرحوم الشيخ طبسي (رضوان الله تعالى عليه) مع أوليائك.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته. ‌

الهوامش:
1 - حجة الإسلام و المسلمين الشيخ عباس واعظ طبسي سادن العتبة الرضوية الشريفة في مدينة مشهد.
2 - «الاقتصاد المقاوم، المبادرة و العمل».
3 - شعارات الجماهير: «البصيرة البصيرة يا حكومة التدبير و الأمل».
4 - شعارات الجماهير: «أيها القائد الحرّ، مستعدون مستعدون».
5 - كلمته في حشود الجماهير بالحرم الرضوي الشريف بتاريخ 01/01/13988 هـ ش الموافق لـ 21 آذار 2009 م .
6 - الدكتور سعيد كاظمي آشتياني رئيس مركز رويان للبحث العلمي.
7 - كلمته في حشود الجماهير بالحرم الرضوي الشريف بتاريخ 01/01/1393 هـ ش الموافق لـ 21 آذار 2014 م .