بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين، سيما بقية الله في الأرضين.
أرحب بكم جميعاً أيها الإخوة الأعزاء و الزملاء المحترمون. من الأمور التي من المناسب أن يعتبرها الإنسان من مفاخره المهنية، و هذا ما أفعله أنا، هو الخدمة في موقع إمامة المسجد. إننا و إياكم زملاء في هذا المجال. مرحباً بكم كثيراً، و الجلسة كما قال السيد حاج علي أكبري جلسة مهمة و مختلفة حقاً. إن لها مواطن اختلاف أساسية مع جلساتنا الأخرى التي نعقدها هنا. أشكر للسيد حاج علي أكبري كلمته المفيدة و الجامعة التي ألقاها هنا، فقد كانت كلمة جميلة و حسنة البنية و التركيب. إننا نرتاح حينما نشاهد الألسن البليغة لرجال الدين تتمتع و الحمد لله بامتيازات و محسنات بيانية و فكرية. لقد أشار إلى نقاط مهمة و بشائر لم أكن على اطلاع كامل بها. و أشير إلى عدة نقاط في هذا المضمار.
القضية الأولى تتعلق بأهمية المسجد نفسه، و هذا الإبداع الذي اختاره الإسلام في بداية ولادته، و جعله محلاً لاجتماع الناس حول محور ذكر الله و الدعاء له و التوجه إليه تعالى. تجمعات الناس لها تأثيراتها بشكل طبيعي. يجتمع عدد من الناس حول بعضهم و يتحدثون و يستمعون و يتخذون القرارات و يتواصلون فكرياً، و يكون ثمة تعاط و تبادل فكري فيما بينهم. أين يحدث هذا؟ يحدث مثلاً في الأندية الأرستقراطية لأجل أعمال مختلفة، و هذا ما هو دارج في الغرب. أو يحدث في المقاهي. أو في روما القديمة مثلاً كانت تعقد مثل هذه التجمعات في الحمامات، حيث يجتمع عدد من الناس حول بعضهم، و كان الذهاب إلى الحمام ذريعة لكي يتحدثوا و يستمعوا. أو تقام هذه التجمعات في أماكن محورها إقامة الصلاة. هذا شيء مختلف جداً. عندما يعقد الاجتماع حول محور الصلاة و ذكر الله، فسوف يكون له معنى آخر و اتجاه آخر، و يأخذ القلوب نحو جهة مختلفة. كان هذا إبداع الإسلام.
نعم، المعبد شيء موجود في كل الديانات - يجتمعون هناك و يمارسون عباداتهم - لكن المسجد يختلف عن المعابد المسيحية و اليهودية و البوذية و بعض الأماكن الأخرى التي شاهدناها أو سمعنا بها. لم يكن الرسول الأكرم (ص) يذهب إلى المسجد لأداء الصلاة فقط ثم يخرج. حين كان يحدث حدث مهم يجب أن يجتمع له الناس، كانوا ينادون: الصلاة جامعة (2). توجّهوا إلى مكان الصلاة، لماذا؟ لأجل أن نتشاور في قضية الحرب، أو نخبر بشيء، أو نتعاون، أو نعبّئ الإمكانيات و سائر الأمور. و أنتم تلاحظون في تاريخ الإسلام أن المساجد كانت مراكز للتعليم. نسمع و نقرأ في الروايات أن المسجد الحرام أو مسجد النبي كان يشهد حلقات دروس زيد و عمرو و بكر من مختلف النحل الفكرية و المذهبية. معنى هذا مختلف جداً عن الكنيسة أو الكنيست اليهودي حيث يذهبون هناك ليعبدوا فقط ثم ينصرفوا. المسجد مقر، و هو مقرّ قائم حول محور الصلاة و ذكر الله.
من هنا تتجلى أيضاً أهمية الصلاة. نحن بأشخاصنا نحتاج إلى أن ننظر للصلاة نظرة أخرى. و بالطبع فإنكم جميعاً تتحلون بالقدرة الفكرية و المنطق و العلم بالمعارف الإلهية و الدينية، و أنا أقول ذلك تذكرة لنفسي، نحن و عموم الناس لا نزال لا نعرف قدر الصلاة كما ينبغي. الصلاة عمود الدين بالمعنى الحقيقي للكلمة. معنى العمود أنه إذا لم يكن انهار السقف، و سيفقد البناء شكله. هذه هي الصلاة. إذن، الهيكلية العظيمة للدين قائمة على الصلاة. أي صلاة تستطيع الحفاظ على هذه الهيكلية؟ إنها الصلاة التي تمتاز بالخصوصيات المطلوبة: «قُربانُ كلِّ تَقي» (3)، و التي تنهى عن الفحشاء و المنكر، و التي تكون مصحوبة بذكر الله، «وَ لَذِكرُاللهِ اَكبَر» (4). هذا الذكر الذي في الصلاة يجب أن نعمل به و نروّج له.
اعتقد أن من الأعمال المهمة لأئمة الجماعة المحترمين في المساجد تبيين قضية الصلاة للناس حتى نعرف قدر الصلاة. فإذا كان هذا كان للصلاة جودتها و كيفيتها. و الواقع أن صلواتنا في الكثير من الأحيان إما إنها تفتقر للجودة و الكيفية في كثير من الحالات، أو إن كيفيتها ليست بالدرجة المنشودة. ينبغي التوصل إلى عمق أذكار الصلاة. ينبغي أن تكون صلاتنا مصانة من آفات الإهمال، أي آفة الغفلة عند الصلاة، و عدم التوجّه لمفاهيم الصلاة و لمن نتحدث معه أثناء الصلاة، أي الذات الإلهية المقدسة. هذه من الآفات. و على حد تعبير المرحوم الشيخ مشكيني حيث كان يقول هنا في هذه الحسينية إنه لو اخترعوا جهازاً يمكن للإنسان أن يربطه بدماغه ليسجّل ما يخطر في الذهن من أول الصلاة إلى آخرها، لكانت النتيجة شيئاً عجيباً غريباً. منذ أن ندخل في الصلاة إلى آخر الصلاة يذهب الذهن لأماكن شتى و يسير في مجالات مختلفة، و يحلّ مسائل عديدة، و يبدي انشداداً و ولهاً و عشقاً لأمور كثيرة. هذه من الآفات التي أعبّر عنها بآفات الإهمال. إذا استطعنا صيانة أنفسنا من هذه الآفة، و من آفة أخرى هي الرياء «وَ ابرَأ قَلبي مِن الرِّياءِ وَ السُّمعَةِ وَ الشَّك في دينِك» (5) كما ورد في الدعاء، و استطعنا إنقاذ أنفسنا فستكون صلاتنا عندئذ صلاة عادية، و لن تبلغ مرحلة الصلاة المصانة بعد.
طيب، عندما نقول: «سُبحانَ رَبِّي العَظيمِ وَ بِحَمدِه» فكيف نفهم هذه العظمة؟ ما هو التصور الذي نحمله في قلوبنا عن هذه العظمة؟ ما هي هذه العظمة التي نعظمها و نسبّح لها و نقدّسها؟ أين هو معدن العظمة الذي يتركّز عليه الاهتمام في هذا الدعاء «هَب لي كمالَ الاِنقِطاع اِلَيك» إلى أن يصل «إلى مَعدِنِ العَظَمَة» (6)؟ و ما هو؟ «سُبحانَ رَبِّي العَظيم، سُبحانَ رَبِّي الاَعلى، اِياك نَعبُدُ وَ اِياك نَستَعين» (7). هل لدينا توجّه و تركيز على هذه المعاني و هذه المفاهيم العميقة، و العبودية الحصرية لله، و الاستعانة الحصرية من الله، و هل تعرف قلوبنا هذه المعارف، و هل نقيم الصلاة بهذه الكيفية؟ يجب أن نتمرّن قليلاً حتى نصل لهذه المواطن.
طبعاً غالبية المجتمعين الحاضرين هنا هم من الشباب و الحمد لله، و هذه الأعمال سهلة جداً في فترة الشباب. و هي صعبة جداً في أعمار أمثالنا. إذا أردنا البدء في أعمار أمثالنا فستكون هذه الأعمال أعمالاً صعبة. و هي سهلة جداً في أعمار الشباب. أضفوا هذه الكيفية على الصلاة، و أسبغوا عليها هذه الألوان و الأريج، و عندها ستخلق الصلاة في داخل الإنسان رونقاً. و سوف يفيض هذا و ينهمر على كل الذين يتوجّهون لصلاتنا و يصلون معنا. في بعض الروايات حول إمام الجماعة أن حسنات المأمومين و أوزارهم تقع على عاتقه. ليس المراد من هذا مبطلات الصلاة، بل تلك المفاهيم السامية. إذا توفرت هذه المفاهيم فسوف تفيض و تنهمر على المأمومين. هذه هي الصلاة على كل حال. أن يكون في مجتمعنا - في المجتمع الإسلامي - أشخاص غرباء على الصلاة فهذا شيء كبير و مهم جداً. ينبغي أن نسعى إلى الصلاة في مجتمعنا كشيء محبوب و مرغوب فيه، و ليس كتكليف يراد التخلص منه، بل كشيء شيّق و جذاب.
طيّب، يتكوّن المسجد حول محور مثل هذه الجوهرة. تجمع حول مثل هذه الحقيقة المتألقة. إذن، المسجد مهم، و هو مقرّ. إنه مقرّ حقيقي كما عرف عنه في اللغات. إنه ليس فقط مقراً للقضية الاجتماعية الفلانية، إنما يمكن للمسجد أن يكون مقراً لكل الأعمال الحسنة. مقرّ لبناء الذات و بناء الإنسان، و مقر لإصلاح القلب و عمارة الدنيا و مواجهة العدو، و ممهّد لصناعة حضارة إسلامية و رفع مستوى البصيرة عند الأفراد، و هلمّ جرا. المسجد مثل هذا المقر.
و عليه فإمامة المسجد ليست فقط إمامة صلاة جماعة. إمامة صلاة الجماعة أحد الأعمال. إقامة الصلاة، و إقامة الحق و العدل، و إقامة الدين، و إبلاغ الأحكام الدينية، هذه واجباتنا باعتبارنا أئمة جماعة. أي إن إمام الجماعة هو محور المسجد، و المسجد يدور حول محور إمام الجماعة. طيب، إذا كان هذا فسيكون شعور الإنسان بالمسؤولية ثقيلاً.
تصوري هو أن إمامة المسجد من الأعمال الأساسية. هذا عمل مهم. ينبغي عدم النظر له كعمل هامشي. أن نمارس أعمالنا اليومية و مشاغلنا المتنوعة، ثم حين يأتي الظهر أو المغرب نوصل أنفسنا على عجلة عبر زحام المرور و ما إلى ذلك - و يكون الوقت قد تأخر نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة - نذهب هناك لنقف للصلاة، فهذا تقصير في حق المسجد. ينبغي اعتبار هذا الشيء عملاً مهماً و أساسياً. لا نقول إننا إذا أصبحنا إمام جماعة نتخلى عن كل مشاغلنا و أعمالنا الأخرى، لا، يمكن للإنسان أن يمارس أعماله العلمية أو غير العلمية الأخرى حسب قدرته و استيعابه، و لكن ينبغي أداء حق المسجد. يذهب الإنسان قبل بدء وقت الصلاة إلى المسجد بطمأنينة و سكون نفس و يكون مستعداً للصلاة، و يؤدي الصلاة بكيفية حسنة. ثم إذا كان لديه فقرة حديث مع الناس يتوجّه صوب الناس و يتحدث معهم و يبين لهم، و لديكم برامج و نشاطات متنوّعة في المساجد و الحمد لله. في زماننا، في الزمن الذي كنتُ فيه مثلاً إمام جماعة في مدينة مشهد و كنتُ أقصد المسجد، لم تكن الكثير من الأمور و الأعمال دارجة، و لم يكونوا يجيدون أو لم نكن نجيد هذه الأعمال. كل ما كنا نقوم به كان يعتبر جديداً. و قد شاعت هذه الأعمال حالياً و الحمد لله. أن يقف إمام الجماعة بين الصلاتين أو بعدهما أو يرتقي المنبر و يتحدث للناس، أو أن تنصب سبورة في المسجد فيكتب عليها الأحاديث و يبيّن للناس، أو يجلس مع شباب المسجد و يشكلون حلقة معرفية للتبيين و يستمع لأسئلتهم، مثل هذه الأعمال اليوم شائعة كما يستشعر المرء من التقارير و الكلام، و لم تكن شائعة في زماننا. في ذلك الحين كان أئمة الجماعة يكتفون غالباً بأداء الصلاة ثم يخرجون من المسجد. و قد يجيبون عن مسألة أو مسألتين شرعيتين، و قد تطرح أسئلة أو لا تطرح. لم يكن أكثر من هذا. أما اليوم فهذه الأشياء دارجة شائعة و الحمد لله. و ينبغي رفع مستواها الكيفي يوماً بعد يوم.
إذن، إحدى القضايا قضية اجتماع الناس حول محور الصلاة و محور ذكر الله من وجهة نظر الإسلام. هذا شيء مهم. إذن، حين يكون هنا نشاط اجتماعي، كأن يقرروا إنشاء تعاونية مثلاً للفقراء أو أن يتعاونوا في أمر خيري مثلاً، فهذا في ظل الاهتمام بأداء الصلاة، و في ظل التوجّه إلى الله و ذكره، و هو في سبيل الله، و يدور حول محور الصلاة. و إذا تعبّأوا من المسجد ليسيروا لمواجهة العدو، فهذا بمعنى التحرك للجهاد في سبيل الله، و من أجل الله و من وحي ذكر الله. و إذا وجدوا أن واجبهم الاهتمام بشؤون المدن و شؤون المحلة مثلاً من النواحي الأمنية و ما تستلزمه من أمور، فهذا أيضاً حول محور ذكر الله.
من الابتكارات المهمة لإمامنا الخميني الجليل، و من الميزات الكبرى لهذا الرجل الكبير أنه جعل المساجد محوراً منذ بداية الثورة. في الأيام الأولى للثورة، بالنسبة للذين يتذكرون تلك الأيام، يعلمون أن الأمور كانت غير منتظمة: يأتون بالأسلحة و يجمعون و يأخذون، و الحذر من وقوع الأمور بأيد غير مأمونة، كل هذه النشاطات كانت بحاجة إلى مركز تنظيمي، و إلى نواة مركزية. و قد حدد الإمام الخميني هذه النواة المركزية على الفور و منذ اليوم الأول و حتى قبل إعلان الانتصار: المساجد. كل من يحصل على سلاح مثلاً من أي مكان ليذهب به إلى المسجد. ثم تكوّن تنظيم مساجدي هائل و هو لجان الثورة الإسلامية التي تولت أداء كل مهام الثورة لفترات طويلة، و الواقع أنها كانت تؤدي كل مهام البلاد. للمسجد مثل هذه الخصوصية القائمة على أساس ذكر الله و النظرة الإلهية و التوجّه إلى الله. طيب، كانت هذه نقطة حول اجتماع الناس حول محور ذكر الله و عبادته.
النقطة الثانية هي أن المسجد مقر لشتى صنوف النشاطات الاجتماعية. أي إننا حين جمعنا الناس حول هذا المحور فما الذي نريده منهم؟ من الأمور التي نريدها أن ينهضوا بالنشاطات الاجتماعية. لكل واحد من أفراد المجتمع الإسلامي واجبات و مسؤوليات و ينبغي أن يقوم بأعمال معينة، أعمال لتقدم المجتمع و لأجل الأمة. إذن، هنا مكان لضخّ الأفكار و نشر الواجبات المختلفة و استقطاب الناس نحو أعمال متنوعة. المسجد لأجل أداء نشاطات اجتماعية و مقر للفعاليات الاجتماعية.
قضية أخرى بخصوص المسجد هي نواة المقاومة. حين يقال مقاومة ينصرف الذهن فوراً نحو المقاومة العسكرية و الأمنية و ما شاكل. نعم، هذه أيضاً مقاومة بلا شك، و لكن فوق هذا هناك المقاومة الثقافية. إذا تزعزع السور الثقافي و الساتر الثقافي في البلاد فسوف يذهب كل شيء أدراج الرياح. أقولها لكم: اليوم بعد 37 أو 38 سنة من انتصار الثورة ازدادت دوافع الأعداء للتغلغل داخل السور الثقافي أكثر من اليوم الأول، لا أنها لم تقل، بل ازدادت بالتأكيد. و أنتم تشاهدون الأساليب: أساليب الفضاء الافتراضي، و الإعلام على اختلاف أنواعه، و الفضائيات، و ما شاكل، أي إن الدوافع و المحفزات قد ازدادت. و المستهدف بهذه التحركات هو ما يعتبر بالضبط رصيد النظام الإسلامي و نواته الأساسية الموجدة له، و هي الإيمان الديني. ذلك أنهم يعلمون أنه لو لا الإيمان الديني لما انتصرت هذه الثورة و لما وجد هذا النظام و لما حصل هذا الزلزال و الاهتزاز الشديد في أركان نظام الهيمنة. لقد أوجدت الحركة الإسلامية و الثورة الإسلامية اهتزازاً شديداً في نظام الهيمنة، نعم، كان النظام نظام قطبين، و كان القطبان متعارضين، و الوضع هكذا الآن أيضاً - القوى الكبرى مثل ذئاب مفترسة تترقب الفرص لتمزق المنافسين، هذا مما لا شك فيه - لكنهم كانوا جميعاً متفقين على مبدأ واحد و هم متفقون عليه اليوم أيضاً، و هو التمتع بالقوة و فرض منطق القوة على الشعوب الضعيفة و الحكومات الضعيفة و التجمعات المختلفة في العالم و نهب مصادرهم المالية و الاقتصادية، و تجميع القوة عندهم بشكل متصاعد. هذا هو الهدف. هذا الهدف و هو هدف نظام الهيمنة تزعزع بظهور الثورة الإسلامية.
لاحظوا الوضع حالياً في منطقة غرب آسيا - و التي يسمونها الشرق الأوسط - تجدون أن القوى المادية الأولى في العالم قد شلت و أقعدت. أمريكا اليوم مشلولة في منطقة غرب آسيا. إن لهم اليوم أهدافاً و أعمالاً و مقاصد في هذه المنطقة. جانب من هذه المقاصد هو تقوية الموقع الاستكباري للكيان الصهيوني في هذه المنطقة. و جانب منه عبارة عن السيطرة على كل منافذ و مصادر القوة في المنطقة لتنخرط الحكومات و الدول تحت مظلتهم و يستفيدوا من إمكاناتها و طاقاتها. السيطرة و السيادة على المنطقة، لكنهم لم يستطيعوا ذلك اليوم. ما الذي حال دون تحقيق مقاصدهم؟ إنه الإسلام الثوري أو الثورة الإسلامية - و كلا التعبيرين صحيح، الإسلام الثوري صحيح، و الثورة الإسلامية أيضاً تعبير صحيح - المتبلورة اليوم في نظام الجمهورية الإسلامية. هذا هو الذي حال دون ذلك. لو لم يكن الإسلام، و لو لم يكن الإيمان بالله، و لو لم يكن الإيمان بالمعارف الإسلامية، و لو لم يكن الالتزام بالواجبات الدينية، لانخرط نظام الجمهورية الإسلامية أيضاً كالآخرين تحت مظلة نظام الهيمنة هذا و القوة الاستكبارية الأمريكية و غير الأمريكية، كما انخرط الآخرون. و عليه، فالمستهدف في هجماتهم هو الشيء أوجد هذا البناء الإسلامي، أي الإيمان. لو لا الإيمان الإسلامي، ما كان لهذا البلد الذي شاهدناه و لهذا النظام الذي جرّبناه بجلودنا و عظامنا أن يتغير، لكن الإيمان الإسلامي فعل ذلك. مرجع تقليد بتأييد إلهي و بهداية إلهية و بمعرفة لأساليب الكفاح و العمل، نزل إلى الساحة و وجّه إيمان الشعب نحو هذا الهدف السامي و نزل الشعب إلى الساحة. و حين يكون الشعب في الساحة فلن تستطيع أية قوة مادية فعل شيء. المهم هو تواجد الشعب، و هذا ما استطاع إمامنا الخميني الجليل فعله بفضل إيمان الشعب و بالاعتماد على إيمان الشعب. لذلك فالمستهدف بهجمات العدو هو إيمان الشعب و إيمان الشباب.
حين أكرر مراراً بأن شباب اليوم إذا لم يكونوا أفضل من شباب مطلع الثورة و فترة الحرب و أكثر تقدماً فإنهم غير متأخرين عنهم - و أنا أعتقد أنهم متقدمون على شباب مطلع الثورة - فالسبب هو أن الشاب الثوري صامد رغم كل هذه الأدوات الإعلامية و الدعائية اليوم و بكل هذه الأساليب المتنوعة لهدم أسس الإيمان. لدينا إلى ما شاء الله من الشباب المتدين المؤمن في المجال الثقافي و في المضمار السياسي و على الصعيد الاجتماعي و في المجالات الفنية. طبعاً يوجد عدد من غير المؤمنين و غير الملتزمين، هذا ما نعلمه و لسنا غافلين عنه، بيد أن هذه الجموع الهائلة من الشباب المؤمن من معجزات الثورة. هذا هو شباب الحاضر. شاب يكتب رسالة لي - و ليست أمثال هذه الرسائل واحدة و اثنتين و عشرة، بل هي كثيرة - و يتوسل و يبكي بأن اسمحوا لنا بالذهاب للقتال دفاعاً عن حرم أهل البيت (عليهم السلام)، و أن نترك الحياة المريحة و الزوجة و الأطفال. يكتبون الرسائل - و هي حقاً رسائل يشوبها البكاء - بأننا أقنعنا آباءنا و أمهاتنا، فاسمح لنا أن نذهب لنقاتل. هذا هو حال الشباب اليوم. يريدون القضاء على إيمان هؤلاء الشباب. و هذا السور الثقافي من أجل الحفاظ على هذا الإيمان.
المسجد مقر كبير للتعبئة الثقافية و الحراك الثقافي. ينبغي معرفة أسلوب العمل و ما ينبغي فعله في المسجد. أولاً أقول لكم إن الكلام الذي تتحدثون به لمأموميكم و رواد مساجدكم أجدى و أكثر تأثيراً من المحاضرات التلفزيونية و ما شاكل. قلنا هذا مراراً بأن النظرات عيناً بعين، و الجلسات المباشرة حيث تختلط أنفاس الخطيب بالمستمع، هي شيء آخر. و هذا ما يتجلى في تجمعاتنا فقط. و هو شيء موجود طبعاً في كل الإسلام، في صلوات الجمعة و ما شاكل، لكن له بين الشيعة ظهوراً و بروزاً أكبر. مجالس التعزية هذه و مجالس الوعظ و الخطابة و المجالس المختلفة حالة على جانب كبير من الأهمية، و ينبغي عدم الاستهانة بها، فهي أكثر تأثيراً من الفضاء الافتراضي، و أكثر تأثيراً أيضاً من الإذاعة و التلفزيون، لكن دائرتها محدودة بالتالي. إذا عملتْ هذه السلسلة العظيمة و هذه التشكيلات الهائلة بصورة جيدة و في كل مكان فإن تأثيراتها ستتغلب على كل هذه الوسائل، و سيكون بوسعكم أن تصونوا هذا الشاب و هذا المتلقي بالمعنى الحقيقي للكلمة، و أن تمنحوه المناعة حيال هذه الميكروبات و الفايروسات التي تتدفق دائماً على هذا البلد و النظام. إذن، المسجد نواة مقاومة، و لكن المقاومة بأنواعها، المقاومة الثقافية و المقاومة السياسية، و المقاومة الأمنية و العسكرية أيضاً في مواطنها.
هذه الإحصائيات التي أشار لها سماحة السيد حاج علي أكبري إحصائيات مهمة للغاية. حين قال إن 97 بالمائة من شهدائنا كانوا من رواد المساجد - إذا جرى التحقيق في ذلك - فهذا كلام مهم للغاية. و من كل الصنوف و الشرائح: الطالب الجامعي المتردد على المسجد، و الكاسب المتردد على المسجد، و تلميذ المدرسة المتردد على المسجد. التحرك من المساجد، و السير نحو ساحات الحرب، و وضع الأرواح على الأكف سهل بالكلام. وضع الأرواح على الأكف و التضحية بها سهل باللسان «وَ لَقَد كنتُم تَمَنَّونَ المَوتَ مِن قَبلِ اَن تَلقَوهُ فَقَد رَاَيتُموهُ وَ اَنتُم تَنظُرون» (8). يقول الإنسان: نعم، نحن نضحي بأرواحنا، و لكن عندما يصل الدور إلى الفعل و العمل و يواجه الموت فعلاً سيتغير حاله و تكون العملية صعبة جداً بالنسبة له. سار هؤلاء الشباب من المساجد و ضحّوا بأنفسهم في سبيل الله. المنطلق كان المسجد، و هذا كلام كبير و مهم جداً.
إذن، المسجد مقر مقاومة و هو أيضاً مقر تنمية للنشاطات الثقافية و الهداية الثقافية و البصيرة الثقافية. و الثقافة تشتمل في داخلها على السياسة أيضاً. و نقول هنا إن معنى السياسة لا ينحصر فقط في أن يكون الإنسان متحيزاً لزيد و معارضاً لعمرو أو بالعكس. السياسة معناها النظر للحركة العامة للمجتمع لنرى بأيّ اتجاه نسير، هل نحن نسير نحو الأهداف أم إننا انحرفنا عن الأهداف و رحنا نبتعد عن الأهداف؟ هذا هو المعنى الحقيقي للسياسة. و في إطار هذه النظرة سيتحدد الموقف من الأشخاص و الجماعات و الأحزاب و التيارات، فهل نحن سائرون نحو العدالة الاجتماعية؟ هل نحن نسير صوب الاستقلال الديني الواقعي؟ هل نتحرك نحو إيجاد حضارة إسلامية أم نحن سائرون صوب التبعية للغرب و لأمريكا و للتأثر بالمعطيات و الاستنتاجات الغربية الخاوية؟ هذه قضية على جانب كبير من الأهمية أن نرى بأيّ اتجاه يأخذنا أسلوب حياتنا. هذه النظرة نظرة سياسية تنبع من الثقافة. إذن، تستبطن الثقافة في داخلها السياسة. ينبغي النظر لأحداث المجتمع بهذه النظرة. البعض يصابون بقصر في النظر و يختزلون كل شيء في صداقة أو معاداة شخص ما. ما أهمية الشخص أو التيار؟ ينبغي النظر و معرفة التيارات. و غالبية الذين تنزلق أقدامهم ينظرون نظرة ضيقة.
في أيام الفتنة سنة 88 [2009 م] طلبت أحد زعماء الفتنة في بداية الأمر، و قلتُ له إن هذا العمل الذي بدأتموه و تفعلونه سيقع بيد الأجانب، و سوف يستغله العدو. إنكم الآن داخل النظام الإسلامي حسب الظاهر، و أنتم مع النظام، و على حد تعبيركم تمارسون الاعتراض المدني - اعتراض على الانتخابات مثلاً - لكن هذا الفعل الذي تقومون به سوف يستغل من قبل من يعادون أساس النظام الإسلامي، فلم يصغ، أي إنهم لم يفهموا ما الذي نقوله. و هذه طبعاً نظرتي الإيجابية حيث أقول إنهم لم يفهموا، و قد يفكر آخرون بطريقة أخرى. دخلوا و نزلوا، ثم رأيتم ما الذي انبثق من تلك الأعمال. قالوا: «الانتخابات ذريعة، و أصل النظام هو المستهدف». هل نقول الآن إنهم كانوا حفنة شباب قالوا شيئاً فارغاً خاوياً؟ لا، ليس الأمر كذلك. إذا تحدث من تحت عباءتي شخص بكلام أعارضه أنا، فيجب عليّ إخراجه من تحت عباءتي. يجب أن أعلن أنني أعارض هذا الكلام، و إلّا سجّل هذا الكلام في ملفي، و سيكون كل رصيد و ثقل صاحب العباءة رصيداً لذلك الكلام. هذا هو المهم، لاحظوا. هكذا ينبغي أن تكون النظرة للأمور الجارية. و هذا هو معنى البصيرة السياسية التي نتحدث عنها. لنفهم من الذي يأخذنا إلى أيّ مكان؟ و إلى أين يدعونا و إلى إين يجرنا؟ هل نحن سائرون صوب الأهداف الإسلامية؟ هل نحن نسير نحو تدين المجتمع بشكل مطرد؟ أم نسير كما يرغب الأعداء نحو مزيد من اللاأبالية و نحو مزيد من الوله بالأقطاب المعارضة للدين؟ هذه هي تلك البصيرة السياسية. إذا فهمنا هذا فسيتضح هل يجب أن نكون مع زيد أم مع عمرو، و هل ينبغي أن ندعم هذا أم ذاك؟ ينبغي فهم الأمور في ظل هذه النظرة العامة. هذه مسألة.
و نقطة ذكرتها مراراً هي أن المسجد يجب أن يكون دائراً قائماً، و بالنظر للإحصائيات التي عرضوها يبدو أن الأمر على هذا النحو إلى حد ما و الحمد لله، و هذا ما تحقق فعلاً و لكن ينبغي استكماله. ينبغي أن يكون المسجد مفتوحاً في وقت الصلاة، و يجب إقامة صلاة الجماعة في المساجد في الأوقات الثلاثة كلها. ينبغي أن يكون هذا هو الأساس. و قد أكون أنا مثلاً غير قادر على الذهاب في الأوقات الثلاث فيذهب شخص آخر أكلفه حتى تقام الصلاة في المسجد في الأوقات الثلاثة كلها. و ليبقى باب المسجد مفتوحاً منذ أن تفتحوه قبل الظهر لصلاة الظهر و العصر إلى الليل، أي إلى ما بعد صلاة العشاء. يجب عدم إغلاق باب المسجد. سمعتُ أن البعض يقولون «دخلنا وقت العصر إلى طهران فأردنا أداء صلاتي الظهر و العصر، و كانت أبواب كل المساجد مغلقة». هذا يعود طبعاً إلى ما قبل سنوات. لا، يجب أن يكون المسجد مفتوحاً.
نقطة أخرى هي أن البعض يريدون عزل المسجد - بخلاف ما قلناه - عن الشؤون السياسية بالكامل. يقولون لا تتدخل في السياسة يا أخي، و قم بما يجب القيام به. ما معنا ما يجب القيام به؟ معناه أدوا صلاتكم هذه و انصرفوا، إمامة الصلاة الصرفة؟ هذه هي العلمانية. ليس معنى العلمانية اللادين، إنما تعني العلمانية أن لا يكون للدين أي دور و ظهور في غير الأعمال الشخصية. النظام الاجتماعي لا شأن له بالدين. نعم، ليكن لكل شخص داخل النظم الاجتماعية المتنوعة الشرقية و الغربية و ما شابه، ليكن له و لنفسه و في عمله صلته بالله، هذه هي العلمانية. هذا هو الشيء الذي يريده الأعداء. هذا هو الشيء الذي يريده العدو. الدين الذي يعارضونه و الإيمان الذي يحاربونه هو ذلك الإيمان الذي يفضي لإيجاد نظام إسلامي و يقوّي الإسلام، هذا ما يعارضونه. إنهم يخافون الإسلام، فأيّ إسلام يخافونه؟ الإسلام المتحلّي بالقوة و المقدرة و صاحب النظم، و السياسة، و الحكومة، و الجيش، و القوات المسلحة، و القدرات العلمية، و القدرات الدولية. إنهم يخافون مثل هذا الإسلام، أما الإسلام الذي حتى لو كان هناك مليون من الأنصار للتيار الفلاني أو للحزب الفلاني في طرف من بلد ما أو في كل العالم، لكنه بلا قدرة، فهذا إسلام لا يخافونه، و لا يفعلون شيئاً حياله. الإسلام الذي يواجهونه و يعارضونه و يعادونه و يحقدون عليه هو الإسلام المقتدر. و إذا بنا نأتي إلى الإسلام في مراكزه الأصلية أي المساجد لنصرفه عن قضايا المجتمع و قضايا السياسة و مسار المجتمع و مصير المجتمع؟ هذا جفاء كبير بحق المسجد.
نقطة أخرى هي أنه ينبغي تخصيص موقع خاص للشباب في المسجد. أي ينبغي حقاً البرمجة لاستقطاب الشباب. لا أننا نعارض تواجد الكهول و الشيبة في المسجد، لا، على المؤمنين جميعاً أن يقصدوا المساجد و ينتفعوا منها، و لكن ينبغي استقطاب الشباب إلى المساجد. أن يعتبر الشاب المسجد بيته و موقعه و يأنس به و يتردد عليه ففي هذا بركات كثيرة. الشباب هم الذين ينجزون الأعمال في المجتمع، و هم محرك الحركات الاجتماعية، فهم الذين يعملون و ينشطون و يسعون. استقطاب الشباب خلافاً لما يتصوره البعض ليس في نصب طاولة كرة منضدة. يخال البعض أنه من أجل استقطاب الشباب للمسجد يجب توفير أدوات التسلية، كما فعلت كنيسة في أمريكا في حادثة، حيث يقول ذلك الكاتب المصري إنني ذهبتُ فوجدتُ أن الكنيسة أعلنت عن إقامة برنامج يقول تقام من الساعة الفلانية إلى الساعة الفلانية في الصالة المجاورة للكنيسة، ذلك الجانب من محراب الكنيسة، البرامج و الفعاليات التالية: برامج رقص و غناء و موسيقى و عشاء خفيف و أنس و ما إلى ذلك. يقول شعرتُ بالفضول فذهبت و شاهدت و وجدت أن هناك صالة كنيسة و إلى جانبها صالة تشبه الكاباريه يقصدها البنات و البنون و الرجال و الكهول ليتفرجوا، و البنات و البنون هم أبطال الحلبة. موسيقى و رقص و غناء، و جاء القس في النهاية و أخفت الأضواء قليلاً لتكون الأجواء أجواء خاصة (9)، يقول خرجتُ، و عدتُ في اليوم الثاني و وجدتُ ذلك القس فقلتُ له إنني كنت البارحة في برامجكم هذه، فما معنى هذه الأفعال؟ فقال له: يا سيدي نريد استقطاب الشباب! نريد استقطاب الشباب! إذا كان المقرر استقطاب الشباب بالرقص و الغناء و الموسيقى و ما شابه فليذهبوا إلى تلك الكاباريه نفسها، لماذا يأتون إلى هنا؟
أسلوب استقطاب الشباب هو الدخول إلى قلوبهم. قلوب الشباب قيامة و عالم عجيب. ميول الشباب إلى المعنوية من تلك الأسرار الإلهية الكبرى. حين تقولون كلاماً معنوياً لأمثالي فإنني ساستمع بالتالي و أتأثر تأثراً بسيطاً في أقصى الحدود. و لكن قولوا نفس ذلك الكلام لشاب فإنه سيعيش انقلاباً روحياً هائلاً و يتغيّر تغيّراً عظيماً. قلوب الشباب تتقبل الحقيقة، و هي أقرب إلى الفطرة الإلهية «فِطرَتَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها» (10). قلوب الشباب تستأنس بسرعة بالنصائح و الطروحات المعنوية و السلوكية و العرفانية، و تعشق بسرعة. هذه هي جاذبيات الشباب. إمزجوا الكلام و الفعل بعض الشيء بالمعنويات و العرفان الحقيقي و ليس العرفان الخيالي الوهمي الصوري، و سترون كيف ينجذب الشاب و يأتي. هذه هي جاذبيات الشباب في المساجد. و إلا إذا وضعنا هنا أدوات لعب و إذا كان المقرر أن يأتي الشاب للعب فليذهب إلى النوادي ليلعب.
و أشير إلى نقطة أخرى. مساجدنا، أعني المساجد الموجودة اليوم لحسن الحظ في نظام الجمهورية الإسلامية، و غالبها يعود عمرها لثلاثين أو أربعين عاماً، لها تواريخ جميلة جديرة بالرواية و الاستماع. هكذا هي في الغالب. حضر في هذه المساجد علماء دين و أئمة جماعة و كانت لهم سلوكياتهم و تعاملهم، و حضر فيها أناس مؤمنون و تربى فيها شباب، و انطلقت منها تعبئات و قدموا الشهداء، و عادت جثامين شهداء إلى هذه المساجد. هذا تاريخ و هي سيرة جذابة للمسجد. ينبغي الحفاظ على هذه السير. كل واحد من هذه المساجد يمكنه أن يكون سيرة و ماض حقيقي جذاب زاخر بالدروس للذين يحضرون اليوم في المساجد و للذين سيحضرون غداً في المساجد. يمكن صياغة هذه السير و التواريخ بأشكال متنوعة على شكل كتاب أو مقالات في مجلات أو صور أو كليبات. يمكن طرح هذه التواريخ و السير. كم من هذه المساجد خرّجت شهداء كباراً خرجوا منها و استشهدوا في سبيل الله. ينبغي أن نحافظ على هذا التاريخ.
و لا ننسى بأن يوم المسجد هو في الأساس يوم ثوري، أي إن تعيين هذا اليوم جاء بطلب من الجمهورية الإسلامية، و قد صودق عليه في منظمة المؤتمر الإسلامي تحت عنوان «يوم المسجد»، و هو بمناسبة إحراق المسجد الأقصى، و بمناسبة مواجهة العدو الصهيوني. هذا هو أساس هذا اليوم. أنظروا ليوم المسجد بهذه النظرة، و اجعلوا الحراك بهذا الاتجاه.
و أقولها لكم إنه على الرغم من كل العداء الذي يمارس اليوم - و لدينا طبعاً اطلاع واسع جداً تجاه ما يحدث في الوقت الراهن، سواء على الصعيد الصلد، أو على الصعيد نصف الصلد، أو على المستوى البرمجي الناعم، و سواء بالأشكال العلنية أو الخفية، هناك الكثير من الأمور تحدث و الكثير من العمل يجري ضد نظام الجمهورية الإسلامية بأشكال مختلفة - هذه الكلمة الطيبة التي هي حقاً «كشَجَرَةٍ طَيبَةٍ اَصلُها ثابِتٌ وَ فَرعُها فِي السَّمآء» (11)، أي نظام الجمهورية الإسلامية يزداد قوة و متانة يوماً بعد يوم. الحمد لله تعالى على أنه أتمّ فضله علينا، و ينبغي أن نكون شاكرين و نعرف قدر النعمة الإلهية، و نتقدم في هذا الطريق بروح آملة متفائلة إن شاء الله. حين أنظر لجمعكم أيها الإخوة الأعزاء الذين تفضلتم بالمجئ إلى هنا أشعر أن مستقبل مساجدنا سيكون إن شاء الله أفضل من ماضيها بكثير. نتمنى أن يشملكم الله بلطفه و هدايته و رحمته.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1 - في بداية هذا اللقاء الذي أقيم بمناسبة اليوم العالمي للمساجد، تحدث حجة الإسلام و المسلمين الشيخ محمد جواد حاج علي أكبري (رئيس مركز شؤون المساجد).
2 - من ذلك: وسائل الشيعة، ج 23 ، كتاب الإيمان، ص 243 .
3 - الكافي، ج 3 ، ص 265 .
4 - سورة العنكبوت، شطر من الآية 45 .
5 - الكافي، ج 2 ، ص 587 ، كتاب الدعاء.
6 - إقبال الأعمال، ج 2 ، ص 687 ، الباب التاسع.
7 - سورة الحمد، الآية 5 .
8 - سورة آل عمران، الآية 143 .
9 - ضحك الحضور.
10 - سورة الروم، شطر من الآية 30 .
11 - سورة إبراهيم، شطر من الآية 24 .