بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيما بقية الله في الأرضين. 
أرحّب بكم كثيراً أيها الشباب الأعزاء، أبناء هذا الشعب الأعزة الأحبة، الجيل الصاعد المتحمس المتعطش للجد والعمل. الجيل الشاب في بلادنا اليوم يتحلّى بهذه الخصوصيات والحمد لله: مفعم بالطاقة والقدرة والتحفز والاستعداد لأيّ عمل يشعر أنّ من واجبه القيام به. هذا ما يلاحظه المرء لدى الغالبية من الجيل الشاب في البلاد. هذا رصيد كبير وهو شيء قيم جداً. وجود عدد كبير من الشباب – ملايين الشباب – في البلاد لديهم كل الطاقة للعمل والجد والجهد لهو نعمة كبيرة. 
وأنبّه هنا إلى الفكرة التي كررتها مراراً (1) وهي أن هناك سياسة تريد سلب شعب إيران هذه النعمة، نعمة وجود عدد كبير غفير من الشباب. ستكون نتيجة الحدّ من النسل هذه بعد عشرة أعوام وخمسة عشر عاماً أنكم لن تشاهدوا البلد مكتظاً بالشباب، ولهذا أكرر هذه القضية وأشدد عليها وأحذر منها. هناك مخاطر وممارسات خطيرة تظهر آثارها بعد عشرة أعوام أو عشرين عاماً، وعندئذ لن يكون مقدوراً فعل شيء. طبعاً وعدني المسؤولون المحترمون بمتابعة هذه القضية بكل جد ورفع المشكلات ويجب أن يقوموا بهذا الشيء إن شاء الله وسيقومون به، ونحن سوف نتابع الموضوع. 
على كل حال وجود الشباب، وجودكم أيها الأعزاء نعمة للبلاد، حافظوا على صراطكم وخطكم المستقيم. هذا البلد بحاجة إليكم. إنه بحاجة إليكم بالمعنى الحقيقي للكلمة. يجب عليكم أنتم أن تبنوا هذا البلد. أنتم من يجب أن يتقدم بهذا البلد إلى الأمام. الجيل الشاب هو من يجب أن يقوم بهذه المهمة. طبعاً لا توقع من ذلك الشاب المنشغل بالقضايا المادية التافهة والمخدرات وما إلى ذلك، إنما الشاب المتحفز صاحب الشعور والذي يشعر بالمسؤولية – أي أنتم مجموعة الشباب المتدين في البلاد – هو الذي سوف يبني المستقبل. 

سأشير اليوم إلى نقطة فيما يخص أمريكا – لأن مناسبة اجتماعنا ولقائنا هذا تتعلق بأمريكا – ونقطة أخرى أشير لها لاحقاً إن شاء الله إذا سنح الوقت حول قضايانا الداخلية، قضايا البلاد. 
حول أمريكا أقولها لكم إن أمريكا منذ [شهر] آبان سنة 43 [نوفمبر 1964 م] حيث قام النظام العميل لأمريكا في إيران بنفي إمامنا الخميني العزيز وحتّى آبان سنة 98 [نوفمبر 2019 م] أي إلى هذا اليوم لم تتغير أبداً، أمريكا هي نفسها أمريكا. حالتها الاستذئاب في ذلك الحين لا تزال ترافقها إلى اليوم، نفس تلك الدكتاتورية العالمية الدولية موجودة اليوم في أمريكا أيضاً. في ذلك الحين أيضاً كانت أمريكا دكتاتوراً دولياً ولها شرطتها في مناطق مختلفة من العالم، وكان شرطيها ومرتزقها في هذه المنطقة محمد رضا بهلوي. وقد كان هناك أفراد آخرون في أماكن أخرى. واليوم أيضاً لا تزال تلك الدكتاتورية على حالها وموجودة، طبعاً بأساليب أحدث، وبأدوات أحدث. حالة الاستذئاب نفسها والدكتاتورية الدولية نفسها والشرور نفسها والجشع والطمع والاستزادة نفسها – لا تعرف أية حدود تقف عندها – أمريكا هي أمريكا تلك. نعم، أصبحت أمريكا اليوم أضعف من سنة 43 [1964م] لكنها أصبحت مع ذلك أكثر توحشاً وأكثر وقاحة، هذه هي أمريكا. 
عادت أمريكا إيران، على مدى تاريخ علاقة أمريكا بإيران كانت أمريكا دوماً عدوة لإيران، حتى في زمن ذلك النظام الطاغوتي. كان عداء أمريكا لإيران قبل الثورة أنها أسقطت حكومة وطنية في عام 1332 [1953م] بانقلاب. جاء موفد أمريكي بحقيبة من الدولارات إلى طهران وذهب واختفى في السفارة البريطانية، وبدأ من هناك بتوزيع المال والدولارات واستخدم بعض الأفراد وأوجدوا انقلاباً وأسقطوا الحكومة الوطنية. طبعاً كان لتلك الحكومة تقصيرها وأخطاؤها أيضاً – كان خطؤها أنها وثقت بأمريكا كثيراً – لكنهم فعلوا فعلتهم هذه وأقاموا حكومة فاسدة تابعة لهم في هذا البلد، ولا يوجد عداء فوق هذا. تسلطوا على قواتنا المسلحة وتسلطوا على نفطنا وسيطروا على السياسة في بلادنا، وهيمنوا على ثقافتنا، هيمنة كاملة. استمرت هذه الحالة منذ عام 1332 حيث وقع انقلاب الثامن والعشرين من مرداد [19 آب 1953م] وحتى أوان الثورة أي حتى عام 1357 [1979 م]. كان هذا هو عداؤهم في تلك الفترة ضد إيران وضد شعبنا. وبعد الثورة كان واضحاً ما الذي حصل فإلى اليوم إما تهديدات أو حظر أو تصريحات معادية أو خلق مشاكل وعراقيل أو تغلغل ونفوذ. إنهم سيئوا العلاقة دوماً مع إيران والإيرانيين. 
البعض يحرفون التاريخ. الأمريكيّون أنفسهم يفعلون ذلك. عندما كنت رئيساً للجمهورية وذهبت إلى منظمة الأمم المتحدة، أجرى مراسل أمريكي مشهور في حينها لقاء معي في منظمة الأمم المتحدة، وقال إن بدء الخلافات بين إيران وأمريكا كان من حادثة السفارة – وكر التجسس – وقال منذ أن هب شبابكم واستولوا على السفارة دب الخلاف بين إيران وأمريكا. هذا تحريف للتاريخ، فالقضية ليست هذه. لقد بدأ الخلاف بين شعب إيران وأمريكا منذ الثامن والعشرين من مرداد بل حتى قبل ذلك. وصل إلى ذروته في الثامن والعشرين من مرداد سنة 32 [19 آب 1953م]. هم الذين تعاملوا بطريقة بعيدة عن المروءة وبخبث وفرضوا على الشعب الإيراني بالانقلاب نظاماً فاسداً تابعاً لهم. القضية ليست مزاحاً، سنين طويلة تعرض هذا البلد لضغوط نظام تابع لأمريكا وتعذب تحت سلطته. إذن بداية الخصومة كانت من الثامن والعشرين من مرداد سنة 32 ، منذ ذلك الحين. طبعاً كانت هناك بعض الأمور والبرامج والخطط قبل ذلك؛ برامج ترومان (2) – وهي فترة شبابنا وأنا أتذكر تلك الفترة إلى حد ما – حيث كان لهم ظاهر صديق وباطن مخاصم، ولكن في أحداث الثامن والعشرين من مرداد اتضح كل شيء ونزل الأمريكيّون إلى وسط الساحة ودبروا انقلاباً في بلد مستقل ذي حكومة كان حكومة وطنية وشعبيّة أيضاً، وقد وثقت بهم الحكومة – وثق مصدق بالأمريكيين وتلقى جزاءه منهم – دبروا انقلاباً في مثل هذا البلد وأوصلوا نظاماً فاسداً خبيثاً ظالماً قاسياً إلى سدة الحكم. وفي تلك الأيام اتخذ الشعب الإيراني من أمريكا موقفه القلبي الحقيقي. لاحظوا، قال إمامنا الخميني الجليل في عام 42 [1963م] أي بعد عشرة أعوام من حادثة انقلاب الثامن والعشرين من مرداد حيث بدأ الكفاح الإسلامي الشعبي، قال إنه ما من أحد مبغوض عند شعبنا الإيراني أكثر من رئيس جمهورية أمريكا. أي إن الإمام الخميني كان يعرف شعبه في سنة 42 ، كانت هناك مثل هذه الحالة. 

لقد كانت الثورة الإسلامية أساساً ثورة ضد أمريكا، اعلموا هذا أيها الشباب الأعزاء! الثورة الإسلامية التي حدثت في عام 57 بقيادة الإمام الخميني وبمشاركة عموم الشعب الذي نزل إلى الساحة وأسقط النظام الملكي الفاسد وأسس للجمهورية الإسلامية، كانت في الأساس ضد أمريكا. شعارات الشعب وشعارات الجماعات التي تسير في الشوارع وتعرض نفسها للمخاطر كان شعارات ضد أمريكا. وقد فعلت أمريكا خلال هذه المدة – منذ عام 57 وإلى اليوم أي طوال 41 عاماً – كل ما تجيده من الأعمال في معاداة الشعب الإيراني. كل عمل تستطيع القيام به وتجيد وتحسن القيام به قامت به ضد شعب إيران من تدبير الانقلاب إلى التحريض إلى محاولات التجزئة إلى الحظر وما شاكل، وأنتم تلاحظون بالتالي. والحمد لله على أن شباب اليوم واعون أذكياء، في فترة شبابنا لم يكن الشباب مثل شباب اليوم عارفين بالأمور والأوضاع. تلاحظون أن الأمريكيّين فعلوا خلال هذه الفترة كل ما استطاعوا، خصوصاً مع المؤسسات المنبثقة من الثورة، ومن ذلك مع النظام الإسلامي نفسه، ومع الجمهورية الإسلامية نفسها المنبثقة من الثورة. مارسوا العداء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. وبالطبع لم نكن في هذا الجانب مكتوفي الأيدي وعديمي الفعل والتحرك، فنحن أيضاً في هذا الطرف فعلنا كل ما نستطيعه لمواجهة أمريكا، وفي مواطن كثيرة حصرناهم في زاوية الحلبة ولم يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم بشكل مناسب. هذا أيضاً شيء واضح تماماً والعالم كله يرى ذلك. 
لكن أهم رد ردت به الجمهورية الإسلامية على مؤامرات أمريكا – أريد أن تتنبهوا أنتم الشباب لهذه النقطة – هي أنها سدّت طريق عودة التغلغل السياسي الأمريكي في هذا البلد. أغلقت الجمهورية الإسلامية طريق الدخول الأمريكي مجدداً إلى البلاد وتغلغل أمريكا ثانية في أركان البلاد. منع المفاوضات هذا الذي يجري الحديث عنه «لا نفاوض، لا نفاوض» من حالات وأدوات منع أمريكا وسد الطريق أمامها. وهي حالة صعبة جداً على الأمريكيّين طبعاً. أمريكا المتكبرة المستكبرة التي تمنّ على رؤساء البلدان ومسؤولي البلدان بالجلوس والتحدث معهم، تصرّ منذ سنين على التفاوض مع رؤساء الجمهورية الإسلامية، والجمهورية الإسلامية تمانع، وهذا شيء صعب جداً على أمريكا. معنى ذلك أنه يوجد في العالم شعب ودولة لا ترضى بسلطة أمريكا الغصبية وهيمنتها الطاغوتية ودكتاتوريتها الدولية ولا ترضخ لها. منع التفاوض هذا ليس مجرد ممارسة عاطفية إنما يوجد خلفها منطق رصين، فهي تحول دون نفوذ العدو وتسد عليه الطريق وتعرض على العالم اقتدار الجمهورية الإسلامية وهيبتها وأبهتها، وتحطم الهيبة الخاوية للطرف المقابل أمام أنظار كل العالم، لأنها لا تجلس معها خلف طاولة المفاوضات. 
يتصور البعض أن التفاوض مع أمريكا يحلّ مشاكل البلاد. هذا خطأ كبير، إنهم مخطؤون مائة بالمائة. الطرف المقابل يعتبر جلوسنا خلف طاولة المفاوضات وقبول التفاوض من قبل إيران بمعنى ركوع الجمهورية الإسلامية. يريد أن يقول إننا استطعنا أخيراً بالضغط الاقتصادي والحظر الشديد أن نركع إيران لتأتي وتجلس معنا خلف طاولة المفاوضات. يريد أن يقول هذا الشيء للعالم. يريد أن يثبت أن سياسة «الضغوط القصوى» سياسة صحيحة وقد تركت تأثيرها وجاءت بالجمهورية الإسلامية أخيراً إلى طاولة المفاوضات. ثم إنه لن يقدم أي امتيازات، أقولها لكم. قطعاً ويقيناً لو أن مسؤولي الجمهورية الإسلامية تعاملوا بسذاجة وذهبوا وتفاوضوا مع المسؤولين الأمريكيّين لما حصلوا على أي شيء، لا الحظر كان سيقل وينخفض ولا الضغوط كانت ستنخفض وتقل. بمجرد أن تبدأ المفاوضات يطرحون توقعات جديدة وأشياء جديدة يريدون فرضها، ومن ذلك أن صواريخكم يجب أن تكون كذا ولا تكون لديكم صواريخ ومديات صواريخكم يجب أن لا تتجاوز الـ 100 والـ 150 كيلومتراً. بتوفيق من الله صنع شبابنا في الوقت الحاضر صواريخ دقيقة مداها 2000 كيلومتر فهي تصيب أي هدف تريده بخطأ في الإصابة لا يتجاوز المتر الواحد عن بعد 2000 متر. وهذا شيء صعب بالنسبة لهم. يقولون إنكم يجب أن تدمروا هذه الصواريخ ولا تكون مديات صواريخكم أكثر من 150 متراً. هذا ما يطرحونه. إذا وافقتم على هذا فالويل لكم وإن لم توافقوا فالحالة نفسها ستبقى، ويعاودون ما يقولونه الآن. الطرف المقابل لن يمنحكم أي تنازل. 
وهذه تجارب كوبا وكوريا أمام أعينكم. تبادلوا مع مسؤولي كوريا الشمالية التعابير الودية والمجاملات الحميمة ناهيك عن المفاوضات! هذا قال إنني أحب ذاك وذاك قال أنا أيضاً (3) فما كانت النتيجة؟ لم يقللوا من الحظر حتى بمقدار ذرة. هكذا هم، لا يمنحون التنازلات، ويريدون منكم أن تتراجعوا عن مواقفكم ويعرضوا على العالم أننا ركّعنا إيران وسياستنا في الضغوط القصوي كانت ناجحة، وفي نهاية المطاف لا تحصلون على أي شيء. هذه هي المفاوضات. وتأتي بعض الحكومات – الحكومة الفرنسية مثلاً – فتتوسط وتصر وتبعث الرسائل وتجري مكالمات هاتفيّة وتذهب وتأتي وتقيم لقاءات متعددة في نيويورك وما إلى ذلك بأنه «يجب أن تلتقوا». قال رئيس جمهورية فرنسا (4) إذا أجريتم لقاء واحداً فسوف تحل كل المشاكل. والإنسان يستغرب حقاً من ذلك، فإما أن نقول إنه ساذج جداً أو نقول إنه متفق معهم. أحد هذين الاحتمالين. لن تحل أية مشكلة باللقاء والتفاوض، أية مشكلة! كنت على يقين أن هذا الشيء لن يكون ممكناً عملياً، ولكن من أجل أن يتضح الأمر للجميع قلنا لا بأس، فليعودوا عن الخطأ الذي ارتكبوه حين خرجوا من الاتفاق النووي ويرفعوا كل الحظر ثم ليشاركوا في مجموعة 5+1، عندها لا نمانع. وكنت أعلم أن هذا لن يحصل ولم يحصل ولم يوافقوا. إذا لم يكن فيهم مرض وإذا كانوا صادقين لوافقوا على هذا. لا، لا يريدون حل أية مشكلة. سيطرحون مطالب جديدة ولن يقبلها الجانب الإيراني بالتأكيد، وهذا واضح. يقولون لا تكونوا ناشطين في المنطقة، ولا تساعدوا المقاومة، ولا يكن لكم دوركم في البلد الفلاني والبلد الفلاني، ولا يكن لكم صواريخكم، ومن أمور مفروضة من هذا القبيل يصلون شيئاً فشيئاً إلى مراحل أخرى. سيقولون لا تشددوا على قضية الحجاب ولا تركزوا على قضية القوانين الدينية، سيثيرون كلاماً من هذا النوع، فمطالبهم ليس لها حدود تقف عندها. قبل سنوات قلت هنا للمسؤولين في هذه الحسينية أخبروني بالحدود التي تقف عندها أمريكا ولن يعود لها توقعاتها الجديدة، متى توقفت أمريكا عن توقعات جديدة، حتى نعلمها. ليس لها حدود تقف عندها. إنهم يريدون أن يستعيدوا الحالة نفسها التي كانت في هذه البلاد قبل الثورة. لقد كانت هذه الثورة ضد أمريكا. وهم يريدون إعادة هذه الحالة، لكن الثورة أقوى من ذلك، والجمهورية الإسلامية أصلب من ذلك، والإرادة التي تحكم الجمهورية الإسلامية إرادة حديديّة وعزيمة راسخة بتوفيق من الله ولن تسمح لأمريكا بالعودة إلى البلاد بهذه الحيل والأساليب. حسناً، هذا المقدار يكفي لأمريكا (5). 

لنخض في الشؤون الداخلية. أريد أن أشير إلى نقطة فيما يتعلق بالقضايا الداخلية جديرة بانتباه المسؤولين المحترمين والقطاعات المختلفة في الحكومة وهم من يرغبون حقاً في أن يعملوا. طبعاً لدينا الكثير من القضايا والأمور في النطاق الداخلي، في مجال الاقتصاد وفي مجال الثقافة وفي مجال العلوم والبحث العلمي وفي حيز الشؤون الاجتماعية، لكنني أروم التشديد على قضية واحدة وهي ما طرحته في نداء بداية العام للشعب الإيراني كشعار لهذه السنة، وهو قضية ازدهار الإنتاج. مضت ثمانية أشهر! طبعاً تم إنجاز أعمال جيدة في هذه الأشهر الثمانية، هذا شيء أقوله لكم، تم إنجاز أعمال جيدة، وهناك قطاعات تحتاج إلى عمل. وقد قلت هذا للشعب الإيراني في مطلع العام وهو أن مفتاح حل المشكلات والقضايا الاقتصادية للبلاد هو الإنتاج. وأنا لست خبيراً اقتصادياً لكن هذا كلام الخبراء الاقتصاديين، هذا شيء مجمع عليه من قبل كل الخبراء الاقتصاديين. وبعد أن أعلنا شعار السنة أيد جميع الخبراء والعلماء الاقتصاديين هذا الشيء فيما كتبوه وقالوه في الصحف وفي الفضاء الافتراضي وأكدوا أن ازدهار الإنتاج هو مفتاح حل المشاكل الاقتصادية في البلاد، وهو ما يوفر فرص العمل فبطالة الشباب مشكلة كبيرة والذي يقضي عليها ويوفر فرص العمل هو ازدهار الإنتاج، مضافاً إلى أنه ينتج الثروة الوطنية ويحقق الرفاه العام، بل ويساعد حتى على التقدم العلمي. عندما يزدهر الإنتاج ستشعر المعامل والمؤسسات الصناعية والزراعية بالحاجة لأساليب وطرائق علمية وستدخل الجامعات إلى الساحة فيتحقق بذلك ازدهار علمي. بمعنى أن مفتاح حل المشاكل الاقتصادية في البلاد عبارة عن ازدهار الإنتاج الذي أعلنا عنه هذه السنة. حسناً، أريد أن أقول إن لنا بالتالي مشكلاتنا في اقتصاد البلاد، فهذا الغلاء وهذا التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية، هذه أمور تضغط على الناس طبعاً. إذا أردنا معالجة هذه الأمور وإزالتها فالسبيل الوحيد لذلك هو التركيز على الإنتاج الوطني. 
قال أحد الوزراء المحترمين – وزير الصناعة المحترم – كلاماً حسناً جداً ارتحت له. وعد وقال أي مكان وأية وحدة إنتاجية صناعية تتعرض للمشاكل وتعتزم الإغلاق سنذهب إليها ونحول دون إغلاقها وتعطيلها. حسناً، هذا وعد، ويجب أن يفوا بوعدهم ويتابعوه ويعملوا به. هذا شيء رائع، وهو شيء يتعلق بالمجال الصناعي، لكن مسؤولي البلاد في مختلف المجالات والقطاعات يجب أن يكونوا هكذا، فلا يوجد سبيل آخر. 
لا يمكن انتظار الآخرين والأجانب لكي يرفعوا مشاكل البلاد، إنما يسبب هذا الانتظار ضرراً وخسائر لتقدم البلاد اقتصادياً. ننتظر مدة من الزمن بسبب الاتفاق النووي، وننتظر مدة من الزمن لنرى هل سيمدد رئيس جمهورية أمريكا تلك المهلة ذات الثلاثة أشهر الموجودة للأسف في الاتفاق النووي – وايفر – (6) أم لا، أي هل سوف يتم تمديد وايفر رئيس جمهورية أمريكا أم لا، ونتأخر لمدة من الزمن لنرى ما ستكون نتيجة برنامج الفرنسيين ورئيس جمهورية فرنسا، حسناً، هذا كله انتظار، وفي ظروف الانتظار سوف لن يستثمر المستثمر الاقتصادي لأن موقفه لن يكون واضحاً، والناشط الاقتصادي لن يكون موقفه ووضعه واضحاً، فهذا الانتظار بحد ذاته يسبب الركود والتأخر للبلاد. كم يجب أن ننتظر؟ اتركوا هذه الحالة، ولا أقول اقطعوا العلاقات، لا، لتكن هناك علاقات، وإذا استطاع أحد فعل شيء فليفعله، ولكن لا تنعقد قلوبكم عليهم، لتنعقد قلوبكم على الداخل، فالإمكانيات والطاقات في الداخل كثيرة جداً. محافظ إحدى المحافظات قال لي قبل مدة إنني استطعت طوال عدة أشهر إبرام 90 ألف مليار تومان من العقود في هذه المحافظة. أتعلمون ما معنى 90 ألف مليار تومان؟ معناه ربع ميزانية البلاد كلها. أحد المحافظين يقول هذا. هذه هي إمكانياتنا وطاقاتنا. ولو افترضنا أن نصف هذه الـ 90 ألف مليار لم تتحقق وحتى لو لم يتحقق ثلثا هذا المبلغ، فهل ثلاثون ألف مليار بالحجم القليل؟ هذا ما يخص إحدى المحافظات فقط. حسناً، تابعوا الأمور وحققوا ونفذوا فهذه إمكانيات البلاد وطاقاتها، ويجب الاستفادة من هذه الإمكانيات. 
حسناً، ازدهار الإنتاج. من طرق ازدهار الإنتاج الحؤول دون استيراد البضائع الخارجية، فلماذا لا يحولون دون ذلك؟ لديّ سؤال جاد من المسؤولين المحترمين، لا تسمحوا بذلك. هناك من يتنفسون وينتعشون بالاستيراد فحياتهم وثرواتهم السهلة وإمكانياتهم منوطة بالاستيراد، لذلك لا يسمحون بمنع الواردات الزائدة والمنفلتة، فهل هؤلاء لهم الأولوية أم ذلك الشاب العاطل عن العمل؟ الشاب الإيراني العاطل يبقى عاطلاً بالاستيراد المنفلت الذي يدمر الإنتاج الداخلي. العلاج القاطع هو أن نستطيع البرمجة لهذه الخطط الصحيحة والسياسات التي تم تبليغها للمسؤولين المحترمين – سواء الحكومة أو مجلس الشورى – وتنفيذها وتحقيقها. هذا هو السبيل لخروج البلاد من المشكلات. 

وأقول لكم في ختام كلمتي إن إمكانياتنا كثيرة، إمكانيات البلاد كثيرة جداً، وسوف نتجاوز كل المشاكل بحول الله وقوته وعلى الرغم من أنوف الذين لا يطيقون مشاهدة ازدهارنا. حفظكم الله للبلاد وأبقاكم، ووفق الله جميع المسؤولين المخلصين في البلاد إن شاء الله ليستطيعوا النهوض بواجباتهم على أحسن وجه. 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

الهوامش:
1 – من ذلك كلمة الإمام الخامنئي أمام أهالي مشهد وزوار الإمام الرضا في حرم الإمام الرضا (عليه السلام) بتاريخ 21/03/2018 م. 
2 – هري ترومان (رئيس جمهورية أمريكا الأسبق). 
3 – ضحك الحضور. 
4 – إيمانوئيل ماكرون. 
5 – ضحك الحضور. 
6 - Waiver غض الطرف، مواصلة الحظر.