التقى الإمام الخامنئي صباح اليوم الأربعاء حشداً ضمّ الآلاف من أهالي مدينة قم المقدّسة حيث كان ممّا صرّح به قائد الثورة الإسلاميّة اعتباره أنّ الهجمات الصاروخيّة التي استهدفت قاعدتين عسكرريّتين أمريكيّين في العراق فجر اليوم هي مجرّد صفعة، ثمّ شدّد سماحته على أنّ الردّ الأساسي يجب أن يتمثّل بإنهاء التواجد الأمريكي المُفسد والمدمّر في المنطقة وأردف الإمام الخامنئي قائلاً: من بركات روحانيّة اللواء الحاج قاسم سليماني وشهادته العظيمة كانت الجموع الحاشدة التي دوّى صداها في مدن إيران والعراق خلال مراسم التشييع في إيران والعراق. مراسم التشييع هذه استعرضت أمام العالم كون الثورة الإسلاميّة حيّة وإنّني أنحني إجلالاً أمام ما وهبته روح ذلك الشهيد العزيز العظيمة لإيران والمنطقة.
وفي معرض إشارته إلى شهادة لواء الإسلام شامخ القامة الحاج قاسم سليماني وصف قائد الثورة الإسلامية ذلك الشهيد العزيز بالصّديق الصالح، والعظيم والشجاع الذي التحق لحُسن الحظّ بالرّفيق الأعلى.
وأردف الإمام الخامنئي قائلاً: لقد كان الحاج قاسم منذ الدفاع المقدّس وحتّى اللحظة الأخيرة من عمره يقتحم الأخطار بمنتهى الشجاعة لكنّه في نفس الوقت كان يعمل بحكمة وتدبير وفكر ومنطق ولم تكن الشجاعة والحكمة تترافقان في الساحة العسكرية فقط بل في الساحة السياسيّة أيضاً.
ثمّ اعتبر قائد الثورة الإسلامية أنّ إحباط كافّة مخطّطات أمريكا غير المشروعة في غرب آسيا يشكّل نموذجاً لتدبير وشجاعة الشهيد سليماني وأضاف سماحته قائلاً: الحاج قاسم أحبط كافّة المخططات التي كانت تُدبّر بأموال، وقدرات وتأثير سياسي وتنظيمي أمريكي واسع وأفشلها.
وفيما يخصّ الدّور الاستثنائي الذي لعبه اللواء سليماني في قضيّة فلسطين قال الإمام الخامنئي: الأمريكيّون عملوا على إيداع قضيّة فلسطين غياهب النّسيان وأن يقوموا بما يجعل الفلسطينيّين في حالة من الضّعف لكي يفقدوا الجرأة على التصدي والكفاح لكنّ هذا الرّجل العظيم دعم الفلسطينيّين بشكل كبير وضخّ فيهم الجرأة والقدرة على المواجهة.
ثمّ لفت قائد الثورة الإسلامية إلى تصريح القادة الفلسطينيّين المتكرّر في هذا الشّأن قائلاً: لقد قام الحاج قاسم بما جعل منطقة صغيرة مثل غزّة تصمد أمام الصهاينة المتبجّحين بحيث أجبر الكيان الصهيوني في غضون 48 ساعة على طلب وقف إطلاق النّار.
وأوضح الإمام الخامنئي الدور المصيري الذي لعبه اللواء سليماني في إلحاق الهزيمة بمخطّطات أمريكا في العراق قائلاً: الأمريكيّون كانوا يعملون على أن يكون العراق إمّا شبيهاً بنظام الطاغوت أو حتّى شبيهاً بأنظمة مثل السعوديّة التي يُعبّرون عنها بالبقرة الحلوب، لكنّ الحاج قاسم وبمساعدة المجاهدين المؤمنين والشّباب الشّجعان العراقيّين ومرجعيّة العراق ذهب وتصدّى لهذا المخطّط وأحبطه.
أضاف قائد الثورة الإسلامية قائلاً: في لبنان أيضاً كان الأمريكيّون يرمون إلى حرمان لبنان من أهمّ عنصر لاستقلاله أي حزب الله لكي يحتلّ الصّهاينة لبنان الأعزل كسائر المناطق. لكنّ حزب الله ازداد قوّة يوماً بعد يوم بحيث أنّه يمثّل اليوم عين ويد لبنان؛ وقد كان دور شهيدنا الشجاع والحكيم بارزاً ومميّزاً في هذه القضيّة.
وشدّد الإمام الخامنئي على أنّ الشعوب صاحية اليوم، ثمّ أردف سماحته قائلاً: الشهيد سليماني ومعه رفاقه الأعزّاء كالشهيد أبومهدي المهندس ذلك الرّجل المؤمن والشّجاع وصاحب الهيئة النورانيّة والإلهيّة، استطاعوا إنجاز هذه الأعمال العظيمة.
ثمّ خصّص قائد الثورة الإسلامية جزءاً آخر من كلمته للحديث حول بركات شهادة اللواء الحاج قاسم سليماني العظيمة وتابع سماحته قائلاً: عندما كان الشهيد سليماني يخبرني عن الأعمال التي قام بها، كنت أثني عليه كلامياً وفي قرارة نفسي. لكنني اليوم أنحني إجلالاً أمام ما شكّل هو منطلقاً له وما قدّمه للمنطقة ولبلدنا.
واعتبر الإمام الخامنئي أنّ هذه البركات العظيمة والصّدى المدوّي لتشييع جثمان ذلك الشهيد الجليل ورفاقه إنّما هو نتيجة لروحانيّته وتابع سماحته قائلاً: لقد خرج الإيرانيّون للتشييع وأيضاًُ العراقيّون في الكاظمين، وبغداد، والنّجف وكربلاء؛ هل رأيتم ماذا فعلوا بهذا الجسد المقطع إرباً إرباً! نتوجّه بعميق الشكر لروحه الطاهرة.
وشدّد قائد الثورة الإسلامية على أنّ الشهيد سليماني بشهادته جعل العيون المكدّرة تتفتّح وأجبر الأعداء على الخضوع لعظمة الشعب الإيراني، ثمّ قال سماحته: الشعب الإيراني بمشاركته الفريدة في مراسم التشييع، وجّه صفعة للأعداء والأمريكيّين عديمي الإنصاف والكاذبين الذين يتفوّهون بالترّهات ويعملون على تقديم هذا المجاهد عظيم الشأن واللواء والقائد المكافح للإرهاب كإرهابي.
ثمّ علّق الإمام الخامنئي على الهجمات الصاروخيّة التي تمّت فجر اليوم واستهدفت قواعد أمريكا الإرهابيّة في العراق قائلاً: قضيّة الانتقام قضيّة أخرى، ليلة البارحة تمّ توجيه صفعة إليهم لكنّ هذه الخطوات العسكريّة ليست كافية في معرض الرّد، بل يجب أن ينتهي التواجد الأمريكي المفسد في هذه المنطقة.
وبعد تأكيده على أنّ شعوب المنطقة والحكومات المنبثقة منها سوف ترفض استمرار التواجد الأمريكي المفسد في هذه المنطقة صرّح قائد الثورة الإسلامية قائلاً: لقد جلب الأمريكيّون لهذه المنطقة الحروب والنّزاعات والفتن والخراب وتدمير البنى التحتيّة، طبعاً لقد تصرّفوا على هذا النّحو أينما وطأت أقدامهم، ونحن معنيّون حاليّاً بما يجري في منطقتنا. هم يصرّون أيضاً على جلب هذا الفساد والدّمار إلى إيران العزيزة والجمهوريّة الإسلاميّة، إن المفاوضات وغيرها من المواضيع تعتبر مقدّمة لتدخلهم وتواجدهم؛ يجب أن ينتهي كلّ هذا.
ورأى الإمام الخامنئي أنّ مسؤوليّة كل فرد من الناس في ظلّ الظروف الرّاهنة هي "معرفة العدوّ" وشدّد سماحته قائلاً: ينبغي عدم الوقوع في الخطأ فيما يخصّ معرفة العدوّ ورغم أنّ الجميع يعلمون بأنّ العدوّ يتمثّل في "الاستكبار، الصهيونيّة وأمريكا" إلا أنّ جهوداً وسيعة ومن خلال استغلال الأساليب الدعائيّة المعقّدة تسعى إلى تغيير آراء النّاس بشأن العدوّ.
وأكّد قائد الثورة الإسلاميّة قائلاً: كما أنّ الإمام الخميني العظيم اعتبر أنّ فتح فتوح الثورة الإسلاميّة تمثّل في تربية شباب مؤمن، وشجاع وخبير، فاليوم أيضاً نلاحظ وجود العديد من المتربّين في مدرسة الإمام الخميني في أنحاء البلاد وينبغي أن تتمّ الاستفادة من قدراتهم في سبيل مواجهة مخطّطات الأعداء.
وشدّد الإمام الخامنئي على أنّ العدوّ يتمثّل في أمريكا، الكيان الصهيوني ومجموعة من الشركات واللّصوص والظالمين في العالم الذين ينضوون تحت عنوان نظام الاستكبار، وتابع سماحته قائلاً: يجب عدم وضع بعض الحكومات في داخل وخارج المنطقة في خانة العدوّ ما دامت لم تقدم على خطوة تصبّ في صالح العدوّ.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية أنّ مخطّط العدوّ الرّئيسي هو زعزعة إرادة وعزيمة الشعب والشباب وأردف سماحته قائلاً: هم يسعون من خلال بثّ الشكوك زعزعة إيمان وحميّة الناس الدينيّة، والقضاء على القوّة الهجوميّة والدفاعيّة للجمهوريّة الإسلاميّة. طبعاً لا تنحصر مؤامرة الأمريكيّين في هذه الخدعة بل إنّهم يسعون لتوجيه ضربة للنظام الإسلامي في الساحات السياسية، والاقتصادية والشؤون الأمنيّة.