أشار قائد الثورة الإسلامية في ايران الإمام الخامنئي في كلمة متلفزة اليوم إلى الحظر الذي تطبقه أمريكا ضد الجمهورية الإسلامية، وتطرق خلال هذه الكلمة إلى أهداف العدو من هذا الحظر الذي يستهدف الشعب الإيراني.
كما اعتبر سماحته أن الهدف القريب للحظر هو انهاك الشعب الإيراني وأضاف قائلاً: العدو يريد أن يحرّك الشعب، كي ينزل إلى الشوارع ضد نظام الحكم، ولهذا كان يتحدث دائماً وما يزال عن الصيف الساخن, لكنهم هم أنفسهم اليوم من ابتلي بهذا الصيف الساخن.
وأكد قائد الثورة الإسلامية أن هدف الأمريكيّين متوسّط المدى من الحظر، هو التضييق على ايران ومنعها من التقدم لا سيما على الصعيد العلمي، وقال فيما يخص الهدف البعيد للحظر: إن العدو يسعى على المدى البعيد إلى جر الاقتصاد الإيراني إلى الإفلاس والانهيار، لاعتقاده أن ذلك يخنق هذا البلد ويمنعه من إمكانية الاستمرار في الحياة.
كما اعتبر الإمام الخامنئي أن هناك هدفاً جانبياً من هذا الحظر، هو قطع علاقة الجمهورية الإسلامية بقوى وحركات المقاومة في المنطقة. وخلص سماحته في هذا الجزء من كلمته إلى ما يلي:
بفضل من الله، وبفضل الوعي الذي أبداه الشعب الإيراني، فشل العدو في تحقيق جميع أهدافه، وسيفشل في المستقبل، وكما يقال في الأمثال الشعبية، إنه حلم إبليس بالجنة.
وأضاف قائد الثورة الإسلامية: طبعاً، تعاني البلاد من مشاكل، بعضها تسبّب به الحظر، وبعضها سببه ضعف الإدارة، وبعضها يعود لمرض كورونا، لكن وكما اعترف بعض المحللين الغربيين بكل صراحة، إن الأمريكيين ورغم تطبيقهم لأقصى درجات الحظر، لم يتمكنوا من تحقيق الأهداف المبتغاة منه.
وضمن تأكيده على وجود مسار لحرف الحقائق وقلبها، يوازي مسار الحظر قال الإمام الخامنئي: الهدف من هذا المسار هو اضعاف معنويات الناس، وسوقهم باتجاه العلاج والمواجهة الخاطئة للحظر.
كما أشار سماحته إلى كلمات المسؤولين الأمريكيين و الحملة الإعلامية الواسعة التي يثيرونها بهدف قلب الحقائق الموجودة في إيران، مشيراً إلى أن الهدف منها هو زرع اليأس في نفوس الشعب الإيراني، وسلب الحيوية والنشاط منه، والإيحاء بأن إيران باتت أمام طريق مسدود.
واعتبر سماحته أن النهج الثابت لوسائل الإعلام الغربية كان منذ بداية الثورة وما يزال قائماً على حرف وتزييف الحقائق. ولفت إلى أن هذا النهج يقوم على إنكار وتهميش نقاط القوة، وتضخيم نقاط الضعف مئات المرات إن وجدت.
وقال قائد الثورة الإسلامية حول حملة التضليل التي يمارسها العدو لرفع الحظر: يقولون في هذا المسار الدعائي، إن كنتم تريدون أن يُرفع عنكم الحظر، تراجعوا، وكفوا عن المقاومة، والمؤسف أن البعض في الداخل يرددون نفس كلام العدو، لكن هذا المسار الإعلامي لن ينطلي على أكثرية الشعب الإيراني، الذي خبر العدو وأهدافه المغرضة.
وأكد الإمام الخامنئي أن مسار تحريف الحقائق لم يحقق أهدافه قائلاً: إن هُزم مسار التحريف فهذا يعني بلا شك الهزيمة لمسار الحظر أيضا، فالحرب اليوم هي حرب إرادات، وإن حافظ الشعب الإيراني على قوة إرادته، فسيقهر إرادة العدو لا محالة.
وأشار قائد الثورة الإسلاميّة إلى استفادة الشعب الإيراني من الحظر لتحقيق الازدهار العلمي، قائلاً: مع أن الحظر هو جريمة كبرى، إلا أن الشعب، ولا سيما شريحة الشباب، والمسؤولين، والعلماء، والسياسيين، استفادوا من هذا الموضوع في زيادة الاعتماد على الذات.
وأضاف الإمام الخامنئي في هذا الإطار: هناك الكثير من الإنجازات التي تحققت خلال الحظر، منها صناعة الطائرات الحربية، وقطع غيارها الحساسة، وتأسيس آلاف الشركات التنموية، وبناء مصفاة نجمة الخليج الفارسي من قبل الحرس الثوري، والكثير من الأعمال الكبيرة في حقل بارس الجنوبي، ومشاريع وزارة الطاقة على صعيد الماء والكهرباء، ومشاريع وزارة النقل، فضلاً عن الإنجازات المذهلة على صعيد الصناعات الدفاعية.
واعتبر الإمام الخامنئي أن أحد الآثار الإيجابية للحظر هو تعميق تجربة تحرير اقتصاد البلاد عن النفط، وتابع سماحته قائلاً: بسبب تراجع معدل تصدير وبيع النفط، فمن الطبيعي أن يحصل فك ارتباط اقتصاد البلاد بالنفط الخام.
وقال سماحته في إطار مواجهة الحظر: لا شك أن للحظر علاج، لكن علاجه لا يكون بالتراجع، وتقديم التنازلات أمام أمريكا، لأن التراجع يجعل المعتدي يطمع بالتقدم.
وأضاف الإمام الخامنئي: ما تريده أمريكا اليوم من إيران هو أن توقف بشكل كامل برنامجها النووي. وتقلّص قدراتها الدفاعية ما أمكن. وتتخلّى عن مكانتها وقدرتها في المنطقة، لكن الموافقة على هذه المطالب، لن يجعل أمريكا تنسحب وتتراجع، ولا يحكم العقل بأن الطريق إلى وقف المعتدي يكون بقبول طلباته.
وأكد الإمام الخامنئي أنه رغم الأضرار الكثيرة التي لحقت بالاتفاق النووي، إلا أن برنامج إيران النووي لا يزال محفوظا. وأشار إلى ادعاءات أمريكا حول التفاوض مع إيران قائلاً: إن هدف أمريكا من هذه الادعاءات، هو سلب الشعب الإيراني قدراته الحياتية، طبعاً، الرئيس الأمريكي الحالي يبحث أيضاً عن تحقيق مكاسب شخصية وانتخابية كما فعل خلال دعاية المفاوضات مع كوريا الشمالية.
وأكد قائد الثورة الإسلامية أن الجمهورية الإسلامية مستعدة للتفاوض مع جميع دول العالم باستثناء أمريكا والكيان الصهيوني المصطنع، وأضاف سماحته قائلاً: إن علاج الحظر لا يكون بتقديم التنازلات، والتفاوض مع العدو، بل علاجها الحقيقي يكون بالاعتماد على الذات والقدرات الوطنية، وزجّ الشباب إلى الساحات، واستثمار الطاقات والإمكانات الكثيرة الموجودة في البلاد. وبكلمة واحدة، العمل وفق أسس ومباني الاقتصاد المقاوم، أي التركيز على الإنتاج الداخلي والانفتاح على الخارج.
وأكد الإمام الخامنئي أن لدى الجمهورية الإسلامية أصدقاء مؤثرون في العالم، لكن الاعتماد الحقيقي للنظام الإسلامي هو على الله، وعلى الشعب، ثمّ تابع سماحته قائلاً: إن الاعتماد على الذات، وتحقيق الاستقلال الداخلي، له أعداؤه في الخارج، كما هناك من يضمر له السوء في الداخل.
ورفض قائد الثورة الإسلاميّة التعلق بالوعود الجوفاء التي يطلقها الآخرون حول الحظر، مشيراً إلى وعود الدول الأوروبية، وأضاف سماحته قائلاً: بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، بقيت بلادنا تنتظر للأسف الوعود الأوروبية، لكنهم لم يُقدموا على أي عمل يخالف الحظر الأمريكي، وما طرحوه تحت عنوان "اينستكس" لم يكن سوى لعبة، لم تتحقق.
وأشار الإمام الخامنئي في قسم آخر من كلمته إلى الأحداث التي تقع في أمريكا، معتبراً أنها نار تحت الرماد. وأضاف: مع أنهم يقمعون هذه التظاهرات، إلا أنها ستشتعل من جديد، وستقضي على النظام الأمريكي الحالي، لأن الفلسفة السياسية والاقتصادية التي يقوم عليها هذا النظام خاطئة، ومحكومة بالزوال.
ورأى سماحته أن المشاكل التي يعاني منها النظام الأمريكي كبيرة جداً، ولا تقارن بالمشاكل الموجودة في إيران، وأشار إلى بعض هذه المشاكل، مثل الشرخ الطبقي الكبير، التمييز العنصري، المشاكل الاقتصادية والبطالة الواسعة، الإخفاق الإداري في مواجهة كورونا، والضعف في الإدارة المجتمعية الذي جر إلى ارتكاب القسوة، والقتل، والتعذيب على يد الشرطة الأمريكية، وقال سماحته: إن أمريكا اليوم تعاني من العزلة والنفرة على مستوى العالم.
ورأى سماحته أن الكلام المكرر الذي يطلقه المسؤولون الأمريكيون ضد إيران إنما يدل على مدى ضياعهم، وأضاف قائد الثورة الإسلاميّة: إن الإدارة الأمريكية تعاني من الإرباك والضياع. يبحث الأمريكيّون عن عدو. لذا تراهم تارة يتحدثون عن إيران، وتارة عن روسيا، وأخرى عن الصين. لكن في الحقيقة، إن أكبر عدو للنظام الأمريكي اليوم هو شعبه، وهذا العدو هو من سيُركع هذا النظام.
وأشار الإمام الخامنئي في نهاية كلمته إلى موضوع مجالس العزاء في محرم قائلاً: الوضع يحدده خبراء الصحة في الهيئة الوطنية لمكافحة كورونا. بالنسبة لي سأراعي كل ما يرونه لازماً. كما أوصي جميع المشاركين في مراسم العزاء، والهيئات، وأهل المنابر، وقرّاء العزاء بضرورة أن يراعوا الضوابط التي تحددها الهيئة الوطنية لمكافحة كورونا، لأن أي تراخٍ أو تساهل في هذا الموضوع، من شأنه أن يتسبب بكارثة كبيرة.