نعرض لكم فيما يلي أهمّ ما جاء في هذه المقابلة:
لطالما كان لدينا منطق قوي بشأن الاتفاق النووي والسياسة النووية. أي أن السياسة التي نتبناها تقوم على مجموعة من المبادئ، وهذه المبادئ منطقية. بطبيعة الحال، لا يترك هذا المنطق أي مجال للشك والشبهة عند مناقشته مع الدول المختلفة. في ما يتعلق بالسياسة النووية، عندما توصلنا إلى اتفاق نووي، اتفقنا على تقديم سلسلة من الالتزامات في إطار محدد ولفترة محددة من أجل رفع الحظر الذي فُرض بشكل غير قانوني وظالم على الشعب الإيراني خلال فترة زمنية معينة. لكن منذ البداية، فعلوا شيئاً مخالفاً لم يترك مجالاً للشك والشبهة. خلال إدارة أوباما، أرسلنا تقارير إلى منسق الاتفاق النووي، احتجاجاً على أفعال الإدارة الأمريكية المخالفة للوفاء بالتزاماتها في تلك الفترة. خلال عهد ترامب، عندما حدث الانتهاك الجسيم للاتفاق النووي بالانسحاب غير القانوني لأمريكا من الاتفاق، أعلنّا على الفور أن هذا كان مخالفاً للاتفاق وأخبرنا الأعضاء المشاركين في الاتفاق أن الإجراء الأمريكي يجب ألا يمرّ دون رد. أخبرونا أيضاً أن ننتظر بعض الوقت وسنقوم بالتعويض، لكن للأسف لم يقوموا بتعويضهم فحسب، بل لم يفوا بالتزاماتهم أيضاً.
يجب رفع كافة أنواع الحظر الثلاثة
كما ذكرنا، كان أساس الاتفاق قبول سلسلة من القيود من قبل إيران على الملف النووي مقابل رفع حظر مجلس الأمن من قبل الأوروبيين والأمريكيين. في الواقع، لو أردنا أن نتصرف بنحو مجتزء من أجل رفع الحظر، فإن التوازن الذي تم تشكيله في الاتفاق منذ البداية سوف يختّل. وهذا ما حدث، ومع انسحاب الإدارة الأمريكية السابقة من الاتفاق، حصل خلل شديد في التوازن. لقد قلنا منذ البداية أن عليهم معالجة الخلل في التوازن. لأنه إذا كان هذا الخلل موجوداً، فلن يكون للاتفاق معنى. أعلنت إيران للطرف المقابل أنه من واجبك رفع هذا الخلل، إذا لم تتمكنوا من حلّه، فعلينا أن نحقق توازناً بنحو مختلف. لهذا السبب انتظرنا لمدة عام ثم اتخذنا خطوات في المقابل من أجل تحقيق التوازن في الاتفاق النووي. عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي، عادت سلسلة من الحظر التي كان ينبغي رفعها في ظل الاتفاق، وأضيف عدد من آخر من أنواع الحظر. بالإضافة إلى ذلك، فرض الأمريكيون أنواع أخرى من الحظر تحت عناوين جديدة (غير نووية). في الواقع، لم يتم رفع الحظر في إطار الاتفاق النووي فحسب، بل غيّروا أيضاً عناوين الحظر نفسها وأدرجوها كعناوين حظر جديدة.
إجمالاً، منذ انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وضعوا ثلاثة أنواع من الحظر ضدنا. إذا لم يتم رفع أيّ منها، فإن عودة أمريكا لن تكون ذات معنى. وهذا يعني أن أمريكا لا يمكنها أن تقول عُدت إلى الاتفاق النووي إلّا عندما ترفع الحظر كلّه. إن القول بأننا مستعدون للعودة إلى الاتفاق أو لقد عُدنا إلى الاتفاق، ولكن بالفعل لم يُرفع هذا الحظر، فهذا لا قيمة له بالنسبة لنا.
التوقيع لا معنى له دون "التحقق"
إضافة إلى ذلك، فإن مسألة "التحقق" من أهم القضايا التي يجب أن نؤكد عليها. عندما نفي بالتزاماتنا في إطار الاتفاق، فإن ممثل الوكالة يُشرف على ذلك. هذا ما يفعله ممثلو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهم يقررون ما إذا كان التزام إيران قد تم الوفاء به أم لا. تاريخ عملنا واضح. عندما نقبل قضية ما، فإننا نفي أيضاً بالتزاماتنا، ولكن فيما يتعلق برفع الحظر الذي يتعيّن على الأمريكيين القيام به، ينبغي علينا كدولة مستفيدة أن نتحقق من ذلك. أي، إذا قال الأمريكيون إننا رفعنا الحظر عن النفط أو البتروكيماويات الإيرانية، فلا يمكننا أن نرضى فقط من خلال توقيع بيان أو إعلان موقف. فلا معنى لذلك إذا كان التوقيع غير مصحوب بعملية للتحقق من الإجراءات. على سبيل المثال، إنّ بيعَ نفطنا له لوازم عدّة. يجب ألّا تخشى الشركة التي تريد شراء النفط من إيران من الحظر الأمريكي. في الواقع، يجب رفع سلسلة الحظر حتى تكون مبيعات النفط دقيقة ومتكاملة. أي إذا تم الإعلان عن رفع الحظر عن النفط الإيراني، فلن يكون ذلك كافياً بمفرده. يجب أن تكون هناك أيضاً ضمانات بأنه لن تكون هناك مشكلة في بيع النفط.
هناك نقطة أخرى مهمة للغاية في مجال التحقق وهي القضية المصرفية. على سبيل المثال، يجب أن تكون الشركة التي تشتري النفط من إيران قادرة على تحويل أموالها بسهولة إلى إيران من خلال النظام المصرفي العالمي، وهذا يعني أن التحويلات المصرفية يجب أن تكون بسيطة للغاية بحيث لا يبقى مجال للشك والشبهة في ذلك. ينبغي ألّا تقلق البنوك من تعرّضها للحظر من قبل أمريكا إذا كان لها تعاملات تجارية مع إيران. إن الأمريكيين أنفسهم يعرفون جيداً العناصر اللازمة إذا أرادوا حقاً فعل الإجراء الدقيق بشأن رفع الحظر. لذلك فإننا نقبل رفع الحظر عندما ندرك ونشعر بأن الخطوات تسير على ما يرام. عندما يحدث ذلك، سنكون مستعدين وراغبين في العودة إلى التزاماتنا.
تعويض الأضرار هو أحد مطالبنا
إن تعويض الضرر الذي لحق بإيران في الاتفاق النووي من أكثر القضايا حساسيّة، وهو أحد مطالبنا. بالطبع، هذا ليس شرطاً مسبقاً للبدء في تنفيذ أمريكا التزاماتها. لقد أعلنت إيران عن هذا الموضوع مرّات عديدة، وسنتطرق إليه بالتأكيد في اجتماعات اللجنة المشتركة بعد تنفيذ أمريكا التزاماتها.
إن قضيّة التعويضات مهمة بالنسبة لنا لأننا خلال السنوات القليلة الماضية تكبّدنا الكثير من الأضرار البشرية والمالية جرّاء الحظر. فالأمريكيون، على سبيل المثال، زعموا أن "الدواء" ليس مشمولاً في الحظر، وزعموا زوراً أنه خارج نطاق الحظر، لكنه كان، وألحق ضرراً كبيراً بالناس، خاصة في أزمة كورونا. لذلك، فقد عانينا الكثير من الأضرار البشرية والمادية خلال هذه السنوات. تعتبر الأضرار قضية مهمة ويجب معالجتها، فمن المسؤول عن ذلك وكيفية معالجة مسألة الأضرار والتعويضات ودفعها للناس.
حتى لو تم رفع الحظر، فلا يجب أن نرتاح
إن قضية تحييد وإبطال مفاعيل الحظر وأرجحيتها على رفع الحظر، كما قال قائد للثورة الإسلاميّة، مهمّة للغاية. نحن بحاجة إلى الوصول إلى نقطة يمكننا فيها مواجهة آثار الحظر داخلياً، ولكن كيف؟ على سبيل المثال، إذا تم فرض الحظر على نفطنا، فيجب علينا تقليل اعتماد اقتصادنا على النفط بمرور الوقت إلى الصفر، حتى لا يكون له تأثير كبير على اقتصادنا عندما يتم فرض الحظر عليه. بالطبع، نحاول رفع الحظر، لكن يجب أن نفعل شيئاً لتحييد وإبطال تأثير الحظر. لقد بدأنا هذا العمل وحاولنا في السنوات القليلة الماضية، لكن يجب أن نضاعف هذه الجهود حتى نتمكن من تحييد الحظر. حتى لو رُفعَ الحظر ونفّذ الأمريكيون التزاماتهم، فلا ينبغي لنا أن نرتاح، لأن الأمريكيين قد يفعلون ذلك مرّة أخرى في المستقبل. لذلك، يجب أن تكون حماية الاقتصاد من تأثير الحظر على رأس أولوياتنا وأن تستمر بقوة أكبر.
بالطبع نحن لدينا علاقات مع العالم والجمهورية الإسلامية تريد أن يكون لها علاقات مع جميع الدول. بطبيعة الحال، لدينا علاقات أكثر مع عدد من الدول الصديقة، وأقل مع دول أخرى. إن مبدأ العلاقات الدولية مقبول لدى الجميع، لكن القضية التي تهمنا هي تعزيز الاقتصاد من الداخل. بينما لدينا تجارة دولية، يجب ألا نعتمد على اقتصادنا في الخارج لئلّا ندخل في مشاكل مع الحظر. وبالنظر إلى الإمكانات العظيمة للبلاد، يجب أن نكون قادرين على تعزيز اقتصادنا من الداخل. لذا فإن مفتاح حل المشكلات هو التركيز على قدراتنا وإمكاناتنا الداخلية لنكون قادرين على تعزيز اقتصادنا.
الوحدة هي أيضاً قضية مهمة جداً وأساسية، خاصة في السياسة الخارجية. عندما يتوصل نظام الجمهورية الإسلامية في إيران برمّته إلى قرار موحّد في مجال السياسة الخارجية والدولية، فمن الطبيعي أن يتصرف المسؤولون في البلاد ويتخذون موقفاً في إطار تلك السياسة، لأنه بخلاف ذلك، سيتم استغلاله من قبل الأعداء. إذا تحدثنا إلى الأطراف الخارجية بكلمة موحّدة، فبطبيعة الحال سيكون تأثير استغلال الأعداء أقل وطأة على شؤوننا. ولكن إذا لم يكن هناك كلمة موحدة، فإنه يتسبب تلقائياً في حدوث مشكلات ويطمع الآخرون. بالطبع يمكن للجميع التعبير عن وجهات نظر وآراء مختلفة، ولكن عندما نتوصل إلى رأي وقرار واحد فهو رأي الجمهورية الإسلامية، يجب على الجميع التحدث في هذا السياق، وتقديم رأي الجمهورية الإسلامية على المستوى الدولي واتخاذ المواقف بلغة واحدة.