بمناسبة الذكرى السنوية لصلاة جمعة النّصر التاريخيّة وانطلاق المرحلة الرابعة من حملة «إيران المتضامنة»، أُقيمت صباح الثلاثاء 7/10/2025، في حسينية الإمام الخميني (قده)، الفعاليّة الوطنيّة لهذه الحملة التي تروي مظاهر تضامن الشعب الإيراني من مرحلة «جائحة كورونا»، مرورًا بـ«حادثة بندر عباس»، وصولًا إلى «طوفان الأقصى» و«حرب الأيّام الـ12» التي شنّها الكيان الصهيوني ضدّ الشعب الإيراني.

وفي هذه المراسم، وصف رئيس مكتب قائد الثورة الإسلامية، حجة الإسلام والمسلمين محمدي الكلبايكاني، التحرّك العظيم لحملة «إيران المتضامنة» بأنه استجابةٌ لدعوة قائد الثورة الإسلاميّة، الذي دعا إلى المسارعة في مساعدة المتضرّرين ضمن مسار مقارعة العدوّ الصهيوني.

وأشار سماحته في حديثه إلى بعض مصاديق المساعدة الإيمانية للشعب الإيراني، مثل التبرّع بخواتم الزواج أو بيع شقق شخصية للمشاركة في هذه الحملة.

كما أشاد رئيس مكتب قائد الثورة الإسلامية بروح الإيثار لدى مجاهدي المقاومة، مبيّنًا الدور المحوري  للإمام الخامنئي في مسيرة النّضال، وتابع قائلًا: «لقد حمل سماحته الراية في هذا الطريق بالتوكّل على الله والتوسّل بأهل البيت عليهم السّلام».

كما تطرّق حجة الإسلام محمدي الكلبايكاني في جانبٍ آخر من كلمته إلى الشهيد السيّد حسن نصر الله، قائلًا: «نقل أحد علماء قم، ممن كانت له علاقة وثيقة بالشهيد السيد نصر الله، عنه أنّ السيد حسن كان يقول: لا أستطيع أن أتخيّل يومًا أكون فيه موجودًا ولا يكون قائد الثورة الإسلاميّة».

وأكد سماحته أنّ دور قائد الثورة الإسلاميّة يأتي امتدادًا لدور علماء الشيعة والإسلام في إحياء الدين، وأضاف: «إنّ هذا السيد الجليل يحمل الراية الآن أيضًا ويقف في وجه الطاغوت، وقد وهبه الله خصالًا فريدة أوّلها الشجاعة المنقطعة النظير».

وفي ختام كلمته، أشار رئيس مكتب قائد الثورة الإسلامية إلى جرائم الكيان الصهيوني في غزّة، منتقدًا حالة التخبّط التي يبديها حكّام ورؤساء بعض الدول الإسلامية تجاه هذا الكيان.

بدوره، وجّه الأمين العام لحزب الله في لبنان، الشيخ نعيم قاسم، رسالةً مصوّرة إلى هذه الفعالية، استذكر فيها ذكرى الشهيد السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي ‌الدین، وشكر قيادة إيران وشعبها وحكومتها على دعمهم للمقاومة.

ووصف الأمين العام لحزب الله، في إحياء الذكرى السنويّة لاستشهاد السيّد حسن نصر الله والسيّد هاشم صفي ‌الدین، هذين القائدين بأنّهما شخصيّتان عظيمتان اتّسمتا بالإيمان والولاية والإخلاص والتضحية، وقامتا عبر التربية الإسلامية للأجيال ببناء مجتمع مقاوم ومجاهدين أشدّاء.

وأكد الشيخ نعيم قاسم أنّ نتاج المقاومة في لبنان هو من نبع ولاية الإمام الخامنئي، التي تسير على نهج الإمام الخميني (قدّس سرّه)، وأضاف: «إننا نحصل على كل هذه النتائج العظيمة ببركة الدعم اللامتناهي الذي كان في كل الحقول على مستوى الوضع الجهادي أو المالي أو التربوي أو البنيوي أو الولائي أو الاجتماعي».

ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أنّ المقاومة خاضت هذه معركة صعبة ومعقدة جدًا لم يمرّ عليها مثلها خلال الأربعين سنة ونيّف، وأضاف: «أبشركم أن أبناء السيد حسن هم من المجاهدين الأبطال، وأن العوائل والشهداء وكل القادة الذين استمرّوا في عطاءاتهم وفي عملهم وفي حياتهم سيبقون إن شاء الله؛ لن يمكّنوا إسرائيل من أن تحقق أهدافها. نحن أقوياء بتوفيق الله تعالى».

وفي جزء آخر من رسالته المصوّرة، شكرَ الشيخ نعيم قاسم دعم القيادة والدولة والشعب في إيران للمقاومة، قائلًا: «الشكر كل الشكر للدعم الذي قدمته الجمهورية الإسلامية؛ القائد الإمام الخامنئي (دام ظله) والحرس الثوري الإسلامي، والشعب الإيراني المجاهد البطل، والحكومة، وكل القوى الأمنية. نحن نشعر أن إيران كلّها، من أولها إلى آخرها، معنا؛ أعطتْنا وقدمت لنا وجعلتنا نشعر بهذه العزيمة وبهذه القوة».

كما أشار الأمين العام لحزب الله إلى الحرب الأخيرة وصمود الشعب الإيراني في مواجهة العدوان الصهيوني–الأمريكي المشترك، وقال: «وهنا أهنئ إيران الإسلام على الصمود الأسطوري الذي حصل في مواجهة العدوان الإسرائيلي–الأمريكي لمدة اثني عشر يومًا؛ والحمد لله أنكم أعطيتم نموذجًا للدنيا بأسرها في كيفية المواجهة، وكيفية الوقوف والقدرة على تحقيق الإنجازات العظيمة ببركة قيادة الإمام القائد الخامنئي، دام ظله، وهذا التكاتف الشعبي الكبير وعمل القوى المسلحة التي تواجه بكل عزيمة وصدق. هذا الانتصار يُسجَّل في الحاضر وفي التاريخ».

وفي ختام رسالته، أشار الشيخ نعيم قاسم إلى ردود الفعل الغربية المعادية لإيران، وقال: «اليوم قرّروا فرض العقوبات مجدَّدًا على إيران؛ وهل توقفت العقوبات يومًا من الأيام؟ منذ انتصار الثورة الإسلامية المباركة والعقوبات قائمة، منذ ستٍ وأربعين سنة العقوبات قائمة، ولكن الشعب الإيراني يتألّق يومًا بعد يوم في المواجهة، فيثبت أنه أهل الميدان وأهل الحق».

في ختام هذه الفعاليّة، أكد ممثل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في إيران، الدكتور خالد قدومي، أن عمليّة «طوفان الأقصى» كانت يومَ عزّةٍ للمؤمنين وبدايةً لانهيارِ الكيان الصهيوني، وقال: «أشكر السيد علي الخامنئي، قائد إيران، وكذلك الشعب الإيراني الشريف على مواقفهم الدائمة إلى جانب المستضعفين وشعب غزة ولبنان واليمن. شعبٌ امتزجت دماؤه الطاهرة بعروق الفلسطينيين. أنتم شركاءُ مستقبل المقاومة والمنطقة».

وأضاف ممثل حركة حماس في إيران، مستذكراً الشهيد السيد حسن نصر الله، أنّه بحقّ شهيد فلسطين وعمليّة «طوفان الأقصى»، وتابع قائلًا: «نحن لسنا قلقين، وكما عبّر الشهيد إسماعيل هنية: إذَا غابَ سَيّدٌ قامَ سيّد. العدوّ واهمٌ أنّه سيحوّل المسار باغتيال القادة، ونحن اليوم صامدون. هذا الطريق مستمرّ حتى التحرير التام لفلسطين واستعادة المسجد الأقصى».

من جهتها، قدّمت السيّدة زینب نصر الله، كريمة الشهيد السيّد حسن نصر الله، وأخت الشهيد السيّد هادي نصر الله، السلام والتحية إلى الإمام الخميني (قده) وشهداء الثورة الإسلامية وشهداء «طريق القدس»، معلنةً أنّ مشاركتها في هذه المراسم تهدف إلى تجديد العهد مع الإمام الخامنئي.

كما شكرت السيدة زینب نصر الله الشعب الإيراني وقالت: «لقد كنتم دائمًا سندًا لنا، أنتم مَن قدّمتم كل ما تملكون لدعم المقاومة، واحتضنتم الجرحى، ووقفتم إلى جانب المقاومة».

وخاطبت كريمة الشهيد نصر الله قائد الثورة الإسلامية قائلة: «يا سيّدنا! جئنا مفعمين بمحبّتك من عيون سيّدنا (الشهيد السيّد حسن نصر الله) الذي ذاب في عشقك، والذي رغم مكانته الاجتماعية بين شعبه لم يرَ نفسه سوى جنديًّا».

ولفتت السيدة زینب نصر الله إلى أنّ دعاء السيّد حسن كان أن يأخذ الله ما تبقّى من عمره ويضيفه إلى عمر الإمام الخامنئي، وقالت: «يا سيّدنا ومولانا! جئنا اليوم لنجدّد العهد معك. نحن أبناء السيّد حسن جئنا لنقول لك إنّنا جنودك المخلصون والسائرون على هذا الطريق».

وفي مستهلّ هذه الفعاليّة، قدّم معاون الشؤون الاجتماعية في مكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي، وأمين عام حملة «إيران المتضامنة»، إيمان عطار زاده، تقريرًا عن آلية تنفيذ المرحلة الأولى من هذه الحملة التي انطلقت عام 2020 لمساعدة المتضرّرين من جائحة «كورونا»، واستمرّت حتى اليوم. حملةٌ أثبتت في ميادين مختلفة، من حادثة بندر عباس والكوارث الطبيعية والحوادث الطارئة، إلى «طوفان الأقصى» ودعم وأهالي غزّة ولبنان، وصولًا إلى الحرب التي استمرّت اثني عشر يومًا، تضامنَ الشعب الإيراني في مؤازرة أبناء وطنه وأبناء الإنسانية في المنطقة وجبهة المقاومة.

واستعرض عطار زاده نماذج من المساعدات الشعبية، ولا سيّما تبرّع النساء بمئات الكيلوغرامات من الذهب لمصلحة الشعبين المظلومين في غزّة ولبنان، ثمّ تابع قائلًا: «أصبح حلّ مشكلات الآخرين هاجسَ "إيران المُتضامنة"، وقد شهد شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2024 فصلًا جديدًا من هذه المسيرة في دعم حزب الله الباسل وأهالي لبنان وغزّة، وكانت راية هذا العمل بأيدي النساء الإيرانيات اللواتي لم يتركن توجيهات قائد الثورة الإسلاميّة بنصرة أهالي غزّة ولبنان دون تنفيذ».