مبحث الغفلة في القرآن لافت، فقد جرى التطرّق إلى قضيّة الغفلة بمنتهى الصّراحة؛ «وَدَّ الَّذينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَميلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً». لاحظوا قضيّة الطائرات المسيّرة والصواريخ وأمثال هذه الأمور كيف تبدّلت هذه الأيّام إلى قضيّة أساسيّة ومهمّة يجري طرحها في العالم. العدو يريدكم أن تغفلوا عن هذه الأمور وتغضّوا الطّرف عن هذه القدرات حتّى يهجم عليكم بسهولة.
ما يجعل النخبة نخبة ليس مجرد الموهبة والقابلية الذهنية فقط. هناك كثيرون لديهم الموهبة لكنها تُضَيّع ولا تبرز. ما يجعل النخبة نخبة، بالإضافة إلى الموهبة والقابلية الذهنية، هو تقدير هذه الحقيقة والنعمة. الإنسان الموهوب وصاحب القدرات لن يصير نخبة إطلاقاً مع الكسل والخمول وقلة الاهتمام والغفلة.
جزءٌ مهمٌّ من الحرب الناعمة التي يشنّها المستعمرون هو جعل الشعب يغفل عن موهبته ولا يكترث لها، بل يوصلونه إلى حالة يُنكر فيها هذه الموهبة... عندما تُسيطر الغفلة عن القدرات على شعبٍ ما، يَسهُل نهب ذاك الشّعب. الغفلة والنّهب يُكمّلان بعضهما بعضاً. الغفلة مقدّمة للنّهب، والنّهب يرفع مستوى الغفلة.
هناك أعمالٌ علميّة كثيرة تُنجز في البلاد، لكنّ غالبية هذه الأعمال متفرّعة عن علومٍ أنشأها الآخرون. خذوا مثالاً الطاقة النوويّة التي اكتشفها أحدهم، وها نحن نعمل عليها الآن. ما يُشكّل حاجة ولا بدّ أن يجري العمل عليه هو خلق العلم، فلا بدّ أن تكونوا مبدعين. عليكم أن تُنتجوا العلم الذي يتكوّن غالباً عبر اكتشاف طاقة ما في الطّبيعة. الإبداع في العلم عادة ما يكون ناجماً عن قانون موجودٍ في الطبيعة ولم يجرِ اكتشافه حتّى اليوم. تكتشفون اكتشافاً معيّناً، فيُنتج ذاك العلم، وبناء عليه تتكوّن تقنيّات متعدّدة. يجب أن تتابعوا هذا الأمر.
العوائق الثقافيّة هي أهمّ العوائق أمام الإنتاج، وتمنعه أكثر من العوائق العمليّة والماديّة وأمثالها كاليأس، والشعور بالقنوط وبالعجز وبغياب المستقبل، أو الكسل وفقدان الهمّة وأمثال ذلك. وسائل التسلية المضرّة أيضاً، فالشّاب لدينا، القادر مثلاً على تأسيس شركة معرفية وإنجاز جزء مهمّ من الأعمال يُكسبه مدخولاً ماديّاً ويعود بالنّفع على البلاد، يلجأ إلى وسائل التسلية الإضافيّة، وغالباً ما يقضي وقته من المساء إلى الصباح، أو الصباح إلى المساء، في المواقع الافتراضيّة ويجول فيها بعبثيّة ودون هدف وبلا نفع أو فائدة.
