بسم الله الرحمن الرحيم،

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا أبي القاسم المصطفى محمد وآله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، [ولا] سيما بقية الله في الأرضين.

أيها الشباب الأعزاء والخريجون والحائزون الرتب، إنني سعيد جداً وشاكرٌ اللهَ أنه بعد عطلة طويلة نسبياً من لقائكم الحضوري قد تحقق هذا التوفيق مرة أخرى هذا العام.[1] إنّ دخول آلاف عدة من الشباب إلى القوات المسلحة هو بشرى وبشارة تتكرر كل عام، سواء أكانوا الشباب الخريجين في الجامعات ممن ينالون رتبة ضابط ويدخلون وينخرطون في العمل، أم أولئك الذين يدخلون الجامعة وينالون الرتب وينخرطون في الدراسة؛ إن كلاً منهم يضخون بطريقة ما روحية جديدة في القوات المسلحة. هذا الالتحاق من الشباب يحمل رسالة تجديد وصلابة. أينما يدخل الشباب في أي مؤسسة أو منظمة، فإنهم في الحقيقة يحملون معهم رسالة الصلابة والتجديد لذلك المركز. إن حضور الشباب الإيرانيين في المجالات كلها باعث على الأمل، أي في مختلف القطاعات العلمية والاقتصادية والسياسية والمؤسساتية والعسكرية وما إلى ذلك، فأينما يدخل الشباب، يجلبون معهم بشرى الأمل والتجديد والابتكار.

يوجد اليوم تيار دِعائي مضلل يريد الترويج لعكس ذلك. مسعى هذا التيار الدِّعائي هو أن يُظهر أن الشباب الإيرانيين منفصلون عن القيَم ومحبطون من المستقبل ولا يشعرون بالمسؤولية. هذا ما يسعى إليه تيارٌ دِعائي. هذا بخلاف الحقيقة. إنه في النقطة المخالفة للحقيقة في بلدنا. لقد كان لجيل شبابنا حركة مشرقة في الساحات والميادين كافة حتى اليوم، وستكون على النحو نفسه أيضاً في المستقبل، إن شاء الله، سواء في الدفاع عن الوطن، أو الأمن، أو في مساعدة جبهة المقاومة في المنطقة كافة - في هذه الحركة العظيمة والمقدسة للدفاع عن العتبات المقدسة - أو الخدمات الاجتماعية، أو التقدم العلمي – إذ عندما تنظرون، [تجدون] التقدم العلمي في أي مكان على أكتاف الشباب في الحقيقة، فهم المحركون لهذه الحركة - أو في الشعائر الدينية كافة، ومسيرة الأربعين هذه - سواء ملايين الشباب الإيرانيين الذين ذهبوا ومشوا الطريق من النجف إلى كربلاء أو ملايين الشباب الذين ساروا في البلد نفسه والمدن مثل الأربعين، ومثل المتغرّبين عن منزل البشارة والروحانية المنشود ذاك -، أو في ميدان الإنتاج والابتكار، الذي تشاهدون أخباره في التلفاز حيث يُظهر شبابنا حركةً جديدة كل يوم في جزء من قطاعي الإنتاج والصناعة في البلاد، أو في مواجهة الوباء، أو نهضة المساعدة الإيمانية، أو الجهاد الثقافي، أو الإغاثة عند الكوارث الطبيعية والسيول والزلازل وما إلى ذلك. أينما تنظرون، ترون حضور الشباب لافتاً. هذا الشاب لا يمكن أن يكون محبَطاً، وهذا الشاب لا يمكن أن يكون منفصلاً عن القيم، وهذا الشاب قوة وسط الجبهة لا تعرف الكلل، وبالطبع الشباب الثوريون والمؤمنون هم الروّاد في هذه الأمور كلها. هذه هي حال الشباب [لدينا].

حسناً، إذا نظرنا إلى حضوركم بهذه النظرة – إنكم اجتمعتم في جامعة الإمام الحسن المجتبى (ع)، و[ثمة من] يسمعون هذا [الخطاب] من جامعات أخرى - فإن حضوركم والتحاقكم بالقوات المسلحة يُعدان ثروة عظيمة. إن حضوركم ثروة عظيمة، وبالطبع إلى جانب خبرة الرعيل الأول ومعرفة القادة.

تعزيز القوات المسلحة هو تعزيز للبلاد. هذه القوات إحدى الركائز المتينة في تعزيز البلاد. بالطبع إن تعزيز البلاد لا يعتمد على القوات المسلحة فقط، فهناك ركائز متينة أخرى أيضاً: التقدم العلمي هو مصدر تقدم البلاد، والإيمان العام لدى الناس ورسوخ الإيمان في القلوب هو مصدر المتانة الوطنية، والحكومة المنبعثة من الناس والمرتكزة إليهم هي مصدر شموخ أيّ بلد. هذه الأمور كلها موجودة، لكن حضور القوات المسلحة والقوة العسكرية أيضاً وسيلة مهمة لتعزيز بُنية البلاد. يمكن لهذه العوامل المتنوعة أن تحافظ على البلاد وتحميها من الأضرار والعداوات. طبعاً، هذا يخص البلدان كلها وليس خاصاً ببلدنا. البلدان كافة بحاجة إلى أدوات القوة هذه، لكن في بلد مثل بلدنا الذي يواجه أعداء عنجهيّين ومتغطرسين كأمريكا وأمثال هؤلاء، تكون لها أهمية أكبر. لذلك، يجب تعزيز القوة الدفاعية.

لقد قلت هذا دائماً وسأكرره مرة أخرى: يجب تعزيز القوة الدفاعية. ثمة جزء من خارج القوات المسلحة وجزء من داخلها [لكن] سأتطرق إلى الثاني. على مسؤولي القوات المسلحة اتخاذ طرق جديدة وحديثة لتقوية القوات المسلحة، ومن بينها اعتماد الذكاء والتدريبات والأدوات العسكرية، الأمر الذي بدأ - بحمد الله - في قواتنا المسلحة ولكن ميدان العمل لا يزال واسعاً جداً. فاليوم يُعد من القضايا المهمة جعلُ تحركات القوات المسلحة كلها ذكية ومن جملتها الأدوات العسكرية والأسلحة وحتى الذخيرة، أو التقدم البحثي والعلمي في القوات المسلحة، فهذا تعزيزٌ لهذه القوات، أو تصميم ألعاب معقدة للحرب التركيبية. الحروب في العالم اليوم حروب تركيبية. أنتم تعرفون أن الحرب الصلبة والناعمة والفكرية والثقافية والحرب بأسلحة مختلفة، والحرب المعرفية وأمثال هذه مع بعضها بعضاً، هي أدوات الهجوم على شعب أو بلد. يجب أن تكون الألعاب الحربية قادرة على توفير هذه الطبقات والشرائح كلها بأساليب جديدة وطرق حديثة، إن شاء الله.

إذن، ما المسؤولية الرئيسية للقوات المسلحة؟ صون الأمن الوطني. هذا ما يجب أن تتباهوا به، أيها الشباب الملتحقون حديثاً بهذا الطريق وتفخروا وتعتزوا به. مسؤولية القوات المسلحة هي مسؤولية الأمن العام للبلاد. ماذا يعني الأمن؟ الأمن هو البنية التحتية لجوانب الحياة كافة لمجتمع ما. إنه بنية تحتية عامة: من المسائل الشخصية، إلى القضايا الاجتماعية، إلى القضايا العامة، إلى القضايا الخارجية... الأمن هو البنية التحتية لها كلها. معنى الأمن في المسائل الشخصية هو أن تستطيع النوم مرتاح البال في منزلك ليلاً، وأن تستطيع إرسال ابنك إلى المدرسة في الصباح دون قلق، وأن تستطيع الذهاب إلى مكان العمل أو صلاة الجمعة دون هاجس. لاحظوا! انظروا إلى تلك البلدان التي ليس لديها هذه الطمأنينة في أيّ من هذه المراحل؛ لا يستطيعون النوم ببال مرتاح في الليل، ولا يمكنهم الذهاب إلى العمل في النهار، ولا مشاهدة الألعاب الرياضية ببال مرتاح، ولا الذهاب إلى صلاة الجمعة، ولا السفر. لا يختص الأمر بالبلدان الصغيرة فقط، [بل] في الدول الكبرى، والأسوأ منه كله في أمريكا [حيث] لا يوجد أمن في المطاعم، ولا في الجامعات، ولا في مدارس الأطفال، ولا في المتاجر. هذا معنى الأمن في المسائل الشخصية، أي يمكنكم وأبناؤكم وعائلاتكم العيش مع الشعور بالأمان، وأن يكون عملكم وتكسّبكم وسفركم وترفيهكم مصحوباً بالأمان.

في القضايا الأكثر عمومية أن تكونوا قادرين على الجلوس والتفكير في الجامعة أو الحوزة العلمية أو المؤسسة البحثية أو الفكرية والعمل والبحث والمطالعة... لا يمكن ذلك دون الأمن. لو لم يكن هناك أمن، ما تحقق هذا التقدم. أينما أُحرِز تقدم، كان ذلك ببركة الأمن. من دون الأمن، يصير العمل شاقاً وصعباً. [وصولاً] إلى الاستثمار الاقتصادي. [إذا] كنتم ترغبون في الاستثمار من أجل التقدم الاقتصادي للبلاد، فلا يمكن أن يتم ذلك دون الأمن. لا يمكن الشحن والنقل دون الأمن، ولا الإنتاج دونه؛ الأمن هو البنية التحتية لهذه الأشياء كلها.

حسناً، المؤسسات المسلحة هي التي توفر هذه الحاجة الدائمة والعامة للبلاد ولعموم الناس، وهذا ليس بالمفخرة القليلة. الجيش بطريقة ما، و«حرس الثورة» بطريقة ما، ومؤسسة الشرطة أيضاً، والتعبئة كذلك، كل واحد منهم يوفر الأمن بأسلوب ما. ذاك الذي يهاجم مخفر الشرطة هو يهاجم أمن البلاد. مَن يهاجم مقر التعبئة، فإنه يهاجم أمن البلاد. مَن يتهكّم على الجيش أو «حرس الثورة الإسلامية» بتصريحاته وخطابه وكلامه، فإنه يهين أمن البلاد. إن إضعاف مؤسسات القوات المسلحة هو إضعاف لأمن البلاد. إضعاف الشرطة يعني تقوية المجرمين. الشرطة مكلفةٌ الوقوفَ في وجه المجرم وتوفير أمن الناس كلهم. الشخص الذي يهاجم الشرطة هو في الحقيقة يجعل الناس بلا دفاع أمام المجرمين والأراذل والأوباش واللصوص والغاصبين. الميزة الكُبرى لبلدنا أنّ الأمن الذي لدينا أمن نابعٌ من الداخل. يختلف الأمر إذا قامت دولة أو شعب على توفير الأمن لنفسها من داخلها، وبقواتها وبقدراتها الخاصة، وبفكرها وتفكيرها، [عما] إذا جاء شخص ما من الخارج ويقول: سأوفر لكم الأمن وسأحميكم... مثل مَن يحمي بقرته الحلوب. إنهما مختلفان عن بعضهما بعضاً جداً. أمننا نابع من الداخل. نحن لا نعتمد على أي أحد من أجل أمننا. لقد استطعنا أن نوفر هذا الأمن ونحافظ عليه بقوة من الله، وباللطف الإلهي، وبتوفيق من الله، ومساندة ولي العصر - أرواحنا فداه - وبمساندة الشعب، وبثبات مسؤولي القوات المسلحة. مَن يعتمد على القوة الخارجية، فسوف تتركه هذه القوة الأجنبية نفسها وحيداً في اليوم الحرج، لأنها لا تريد ولا تستطيع أن تحميه وتصونه. حسناً، كانت هذه جملٌ حول قضايا القوات المسلحة. تذكروها دائماً، وافخروا بأنفسكم، وتابعوا هذه الحركة، وانظروا إلى عملكم على أنه عمل مطابق لرضا الله، وتابعوا هذا العمل لله.

أما بضع جمل بشأن الأحداث الأخيرة... أول شيء أريد أن أقوله هو أنه خلال أحداث الأيام الأخيرة هذه ظُلمت المؤسسة الأمنيّة في البلاد أكثر من الجميع، وظُلمت التعبئة وظُلم الشّعب الإيراني. لقد مارسوا الظلم [عليهم]. طبعاً، الشعب الإيراني ظهرَ قوياً في هذه الحادثة كما في الحوادث الأخرى، قوياً تماماً كعادته دوماً وكما في السابق، وسيكون على هذا النحو في المستقبل أيضاً. في المستقبل أيضاً، لو أراد الأعداء إحداث خللٍ ما، فإنّ من سيتصدّون بصدورهم ويتركون الأثر أكثر من الجميع هم الشعب الإيراني الشّجاع والمؤمن؛ سيدخلون الميدان، وقد دخلوه. نعم، الشعب الإيرانيّ مظلومٌ، لكنّه قوي مثل أمير المؤمنين ومولى المتّقين، مثل سيّده عليّ (ع) الذي كان الأقوى والأكثر مظلوميّة.

خلال هذه الحادثة التي وقعت توفّيت شابّة. طبعاً، كانت حادثة مريرة، وقد احترق قلبي أيضاً، لكنّ ردّ الفعل على هذه الحادثة دون أن يُجرى أيّ تحقيق ودون أن يتوفّر أيّ أمرٍ مسلّم به لا يكون بأن ينزل بعض الأشخاص إلى الشوارع ويزعزعوا أمنها وأن يُحدثوا انعدام الأمن للنّاس وأن يُخلّوا بالأمن ويحرقوا القرآن وينزعوا الحجاب عن رأس سيّدة محجّبة ويضرموا النيران في المساجد والحسينيّات ويحرقوا المصارف ويُحرقوا سيّارات النّاس. ردّ الفعل على هذه القضيّة التي هي بالطبع قضيّة مؤسفة أيضاً لا يؤدّي إلى مثل هذه التحرّكات؛ هذه التحرّكات لم تكن عاديّة ولا طبيعيّة.

كان هناك مخطط لأعمال الشغب. لقد كانت أعمال الشغب هذه مخططة. حتى لو لم تكن قضية هذه الشابة موجودة أيضاً، لكانوا أوجدوا ذريعة أخرى من أجل زعزعة الأمن وإثارة الشغب في البلاد في بداية شهر مهر (أواخر أيلول/سبتمبر) هذا العام للسبب الذي سأذكره. من خطّط لهذا الأمر؟ أقولها بصراحة: هذا التخطيط من صنع أمريكا والكيان الصهيوني الغاصب والزائف وأتباعهم، لقد جلسوا وخطّطوا، وساعدهم عملاؤهم ومرتزقتهم وبعض الخونة من الإيرانيّين خارج البلاد.

بعض الناس... لا نلبث أن نقول إن «عدوّاً أجنبياً تسبّب في الحادثة الفلانيّة» - يبدو أن لديهم حساسية على كلمة «عدو أجنبي» هذه - ولا أن نقول: «يا سادة! هذا العمل من فعل الأجانب، ومن فعل العدو الأجنبي»، حتى يتصدّون بصدورهم فوراً للدفاع عن وكالة التجسس الأمريكية أو الصهاينة! يستعملون أنواع التحليلات والأقاويل المُضلّلة ليُثبتوا أنْ لا، ليس هناك أثر أو دخالة للأجانب في هذه القضيّة! تحدث أعمال شغب كثيرة حول العالم. انظروا إلى أوروبا، وفرنسا حيث تندلع أعمال شغب كبيرة كلّ مدة في شوارع باريس، وأنا أسأل: هل حدث حتى الآن أنْ دعم الرّئيس الأمريكي ومجلس النواب الأمريكي مثيري الشغب؟ هل سبق أن أصدر بياناً وقال فيه: إننا بجانبكم؟هل حدث أن تقوم وسائل الإعلام التابعة للرأسمالية الأمريكية والحكومة الأمريكيّة وعملاؤهم، للأسف مثل بعض الحكومات في المنطقة - بما في ذلك الحكومة السعودية -، لتدعم مثيري الشغب؟ هل سبق أن حدث ذلك؟ هل سبق أن أعلن الأمريكيون أننا نضع الأجهزة الفلانية أو برامج الإنترنت الفلانية بين أيادي مثيري الشغب حتى يتمكنوا من التواصل بسهولة ومتابعة أفعالهم؟ هل سبق أن حدث هذا في أيّ مكان من العالم وأيّ دولة من الدول؟ لكن حدث هنا، ليس مرّة أو اثنتين، بل مرّات ومرّات. إذاً، كيف لا ترون الأيادي الأجنبية؟ كيف يمكن لشخص فَطن ألا يشعر بأن وراء كواليس هذه الأحداث أيادٍ وسياسات أخرى؟

بالطبع، يُظهرون زوراً تأثرهم لوفاة شخص ما؛ إنهم يكذبون وهم ليسوا متأثرين إطلاقاً. إنّهم سعيدون وفرحون لأنّهم حصلوا على ذريعة تخوّلهم اختلاق الأحداث؛ إنّهم يكذبون. مسؤولو القوى الثلاث أعربوا عن مواستهم وتعاطفهم. بعد ذلك عمدت عناصر محدّدة - سوف أشير إلى ذلك الآن – إلى قتل أشخاص آخرين دون ذنب أو جرم. وعدت السلطة القضائية بمتابعة الأمر حتى النهاية. حسناً، هذا ما يعنيه التحقيق؛ يعني متابعة الأمر لمعرفة النتيجة، ولمعرفة هل هناك مذنب أم لا، ومن المقصّر. كيف تتّهمون وتُهينون جهازاً ومجموعة خدومة كبيرة لاحتمال حدوث خطأ من شخص أو اثنين، وهو أمر غير مؤكد ولم يتم التحقيق فيه؟ لا يوجد أيّ منطق وراء هذا الكلام. هذا ليس سوى عمل أجهزة التجسس، وليس سوى عمل السياسيين الأجانب الخبيثين المُعاندين، ولا شيء آخر.

حسناً، ما دافع الحكومات الأجنبية؟ ما أشعر به في دافعهم هو شعورهم أن البلاد تتقدم نحو القدرة الشاملة ولا يمكنهم تحمل ذلك. إنّهم يشعرون ويرون ذلك. يرون - بحمد الله - أنّ بعض العُقد القديمة في طور الحلّ. بالطبع هناك مشكلات كثيرة في البلاد، وقد مرّت سنوات على هذه المشكلات [لكن] هناك تحرك جاد لمعالجة هذه المشكلات وحلّ تلك العُقد. يرون تسارعاً في حركة البلاد نحو التقدم. هذه حقيقة. يلاحظ المرء ويشعر بحركة متسارعة في القطاعات جميعها، وهم أيضاً يشعرون بذلك ولا يريدون أن يحدث. يرون أن المصانع المعطّلة جزئياً قد شُغّلت، وأن الشركات المعرفية قد فُعّلت، وأن الإنتاج المتقدم يُظهر نفسه يوماً بعد يوم في بعض القطاعات، وأن الأشياء التي تُنجز يمكن أن تُبطل هجوم الحظر الذي يُعدّ فعلياً السلاح الوحيد بيد العدوّ. إنّهم يرون هذا. ومن أجل أن يوقفوا هذه الحركة، جلسوا وخطّطوا. خططوا للجامعة وللشارع... لقد خطّطوا لذلك. خطط العدو لإغلاق الجامعة، وإلهاء جيل الشباب، وإشغال مسؤولي البلاد بقضايا جديدة في الشمال الغربي والجنوب الشرقي من البلاد. هذا كله من أجل الإلهاء. هذه الأشياء التي جرى افتعالها وتأجيجها هي من أجل وقف الحركة التقدمية للبلاد. بالطبع هم مخطئون في حساباتهم سواء في الشمال الغربي أو الجنوب الشرقي للبلاد. لقد عشتُ بين القوم البلوشيين، وهم يُكنّون وفاء عميقاً للثورة والجمهورية الإسلامية. كما أن الكرد من أكثر الأقوام الإيرانية تقدماً وهم محبّون لوطنهم ولإسلامهم ونظامهم الإسلامي. لن تنجح خطتهم، لكنّهم سيبثّون سمومهم ويفعلون فعلتهم.

هذه [الأعمال] تظهر باطن أعدائنا. ذاك العدو الذي يقول في تصريحاته الدبلوماسية إننا لا ننوي مهاجمة إيران ولا تغيير نظام الجمهورية الإسلامية، ولا عداء لنا معكم، ونحن نوافق الشعب الإيراني، باطنه هو ما تشاهدونه. باطنه المؤامرة وافتعال أعمال الشغب، وباطنه القضاء على أمن البلاد، وباطنه إثارة حماسة أولئك الذين يمكن تحريضهم بتحمّس ما وجرّهم إلى الشارع. هذا هو باطنه.

إنهم ليسوا ضد الجمهورية الإسلامية فقط؛ إنهم ضد إيران. أمريكا ضد إيران القوية وإيران المستقلة. ليست سجالاتهم ولا نزاعاتهم كلها حول الجمهورية الإسلاميّة - طبعاً، هم معادون بشدة وبعمق للجمهورية الإسلامية، ولا شكّ في ذلك – لكنّهم ضدّ إيران القويّة وضدّ إيران المستقلّة حتى دون الجمهورية الإسلامية. إنهم يحبون إيران في العهد البهلوي: بقرة حلوب مطيعة لأوامرهم وملك البلاد يضطر في قرار ما أن يطلب السفير البريطاني أو الأمريكي ويأخذ الأوامر منه! كيف يمكن للشعب الايراني أن يتحمّل هذا العار؟ إنّهم يريدون هذا، وهم ضد إيران.

حسناً، قلنا إنّ المتجبرين هم هؤلاء، والقرار بأيدي الذين هم خلف الكواليس. لذلك النزاع ليس حول قضيّة الحجاب والحجاب الرديء، ولا حول وفاة شابّة. المسألة ليست هذه الأمور. كثيرات من هؤلاء النساء اللواتي لا يرتدين حتى حجاباً كاملاً هنّ من الأنصار الحقيقيين لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة. أنتم ترون أنّهن يشاركن في المراسم الدينية والاحتفالات الثورية. المسألة ليست هذه الأمور، بل حول أصل الاستقلال والصمود والقوّة لإيران الإسلاميّة واقتدارها. هذه هي المسألة.

حسناً، سوف أشير إلى نقطتين وأنهي حديثي. النقطة الأولى أن هؤلاء الذين يرتكبون الفساد والتخريب في الشارع ليس لهم جميعاً الحُكم نفسه. بعضهم من الشباب والمراهقين المتحمسين وترجع حماستهم إلى برنامج الإنترنت الفلاني الذي يشدّهم إلى الشارع، فهم متحمسون انفعاليون ويتأثّرون وينزلون. بالطبع كلهم ​​في المجموع قلة قليلة جدّاً أمام الشعب الإيراني والشباب المؤمنين والغيورين لإيران الإسلامية، ولكن أولئك بعضهم تجرّهم الأحاسيس إلى الميدان وتجرّهم الحماسة إلى الشارع. إنّ مشكلة أولئك يمكن أن تعالج بتأنيب ما، أي هدايتهم وإفهامهم أنّهم مخطئون. لكن بعضهم ليسوا كذلك. بعض أولئك هم من بقايا العناصر التي تلقت الضربات خلال أربعين عاماً: المنافقين، الانفصاليين، بقايا نظام بهلوي المشؤوم، عائلات السافاكيين المطرودين والمبغوضين... وقد أوضح البيان الأخير لوزارة الأمن إلى حد كبير بعض هذه الأمور[2]، وبالطبع هناك المزيد منها أيضاً. على السلطة القضائية أن تعاقبهم وتحاكمهم وفق مدى مشاركتهم في تخريب الأمن في الشوارع وزعزعته.

نقطة أخرى: في بداية الأمر، عمد بعض الخواص دون أي تحقيق - بسبب اللوعة، احترق قلبهم – إلى إصدار بيان وتحدّثوا وأدلوا بتصريحات دون تحقيق طبعاً. اتهم بعضهم قوى الأمن، واتهموا المؤسسة الأمنيّة في البلاد، واتهموا الشرطة، وبعضهم اتهم النظام... تحرّك كلّ واحد بطريقة ما. حسناً، هؤلاء حسابهم على حدة. لكن بعد أن رأوا ماهيّة القضيّة، وبعدما أدركوا ما يجري في الشوارع والطرقات العامة للناس نتيجة كلامهم والتماشي مع تخطيط العدو، كان ينبغي أن يعوّضوا عن أفعالهم، وأن يتخذوا موقفاً، وأن يعلنوا صراحةً أنهم معارضون لما يحدث، وأن يوضحوا أنهم ضد خطة العدوّ الأجنبي. لقد عُرف باطن الأمر. عندما ترى أن السياسي الأمريكي يقارن هذه القضايا بجدار برلين، يجب أن تفهم ماهية الغاية، وأن تفهم أن القضية ليست قضية تعاطف مع شابّة. كان يجب أن تفهم هذا. إذا كنت لا تعرف، فاعرف، وإذا عرفت، يجب أن تتخذ موقفاً. هذه نقطة أيضاً.

بعض الشخصيات الرياضية والفنية اتخذت مواقفاً. في رأيي لا أهميّة لذلك إطلاقاً، وينبغي ألا نقف عندها. مجتمعنا الرياضي مجتمع سليم، ومجتمعنا الفني سليم أيضاً. العناصر المؤمنة والمهتمة والشريفة في هذا المجتمع الرياضي والفني ليست قليلة. هم كُثُر. الآن يدلي أربعة أشخاص بتصريح ما. لا قيمة لكلامهم. والأمر في عهدة السلطة القضائية للبت في كون العناوين الجرمية تنطبق على كلامهم أم لا. لكن من ناحية الرأي العام لا أهمية ولا قيمة لها أبداً. لن يتلوث مجتمعنا الفني والرياضي بهذه الحركات والسلوكات التي تُفرح العدو.

كلمتي الأخيرة هي السلام الوفير على شهداء الشرطة وشهداء القوات المسلحة والشهداء المدافعين عن الأمن وعلى شهداء المرحلة الأخيرة وشهداء طريق الحق كافة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 


 [1]في بداية هذه المراسم التي أقيمت في جامعة الإمام الحسن (ع) للضباط وتدريب الشرطة، قدّم تقارير كل من اللواء محمد باقري (رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة)، والأدميرال آريا شفقت (القائد المنتخب من جامعات جيش جمهورية إيران الإسلامية)، والعميد نعمان غلامي (قائد جامعة الإمام الحسين (ع) لتدريب الضباط والحرس)، والعميد برويز آهي (قائد جامعة الإمام الحسن للضباط وتدريب الشرطة).

[2] جاء في بيان وزارة الأمن (30/9/2022) ضمن شرحه تفاصيل الاضطرابات التي وقعت في الأيام الأخيرة في بعض أنحاء البلاد أنه خلال هذه الأحداث بلغ عدد المعتقلين من العناصر والمرتبطين بمجموعة المنافقين 49 شخصاً، و77 من عناصر جماعات من قبيل «كوموله» والحزب الديموقراطي الكردي «وبيجاك» و5 أعضاء في الجماعات التكفيرية الإرهابية، و5 من الفرقة البهائية، و92 من أنصار الملكية وأتباع النظام البهلوي المشؤوم، و9 أجانب، وعدد من العناصر ذات الصلة بوسائل الإعلام الأجنبية، و28 شخصاً من الأراذل والأوباش (البلطجية) أصحاب السوابق.