التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، مجموعة من مسؤولي النظام والضيوف المشاركين في مؤتمر الوحدة الإسلامية، اليوم الجمعة 14/10/2022، في ذكرى الولادة السعيدة للنبي محمد المصطفى (ص) والإمام جعفر الصادق (ع).
وقد بارك الإمام الخامنئي مولد النبي الأعظم (ص) والإمام الصادق (ع)، مؤكداً أن شخصية نبي الإسلام (ص) استثنائية، وأن البعثة كانت نقطة ذروتها. وقال: «يجب أن يكون الاحتفال بعيد مولد نبي الإسلام (ص) فرصة للأمة الإسلامية لنهل الدروس واتخاذه (ص) قدوة كونه أسوة حسنة».
وأشار سماحته إلى الآيات القرآنية التي تصف معاناة الأمة الإسلامية ومشقتها بأنها مؤلمة للنبي (ص) ومفرحة لأعداء المسلمين، متطرقاً إلى التبيين والتحليل لأسباب معاناة الأمة الإسلامية في عالم اليوم. وأضاف: «مشكلات العالم الإسلامي ومشقاته لها أسباب متعددة، ولكن أهمها فرقة المسلمين وانفصالهم عن بعضهم بعضاً».
ورأى قائد الثورة الإسلاميّة أن حاجة الأمة الإسلامية إلى تحقيق مكانة رفيعة في الهندسة الجديدة للقوة تكمن في الاتحاد والانسجام، وقال: «الوحدة الإسلامية والحضور المؤثر في العالم الجديد أمر ممكن وعملي شرط السعي العملي والصمود أمام المصاعب والضغوط، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك جمهورية إيران الإسلامية التي كانت شتلة صغيرة وقفت بتوجيه الإمام الخميني (قده) أمام القوتين العظميين في ذلك الوقت، وتحولت الآن إلى شجرة ضخمة واهمٌ أن يفكر حتى أيّ شخص في اقتلاعها».
ومع طرحه سؤال: «ما المقصود بالوحدة؟»، لفت سماحته إلى أن المراد من الوحدة في العالم الإسلامي هو الوحدة في حماية مصالح الأمة الإسلامية وليس الوحدة العرقية والجغرافية، مستدركاً: «الفهم الصحيح لمصالح الأمة الإسلامية وتحديد مع مَن وأيّ صداقة أو عداوة تنبغي أن تكون للمسلمين، والعمل معاً ضد مخططات الاستكبار... كله مهم جداً لتحقيق الوحدة».
مع تأكيد الإمام الخامنئي أن النقطة المهمة والأساسية في العمل معاً هي الوصول إلى فهم مشترك حول تغيير الهندسة السياسية في العالم، قال إن «الخريطة السياسية للعالم آخذة بالتغير، والنظام الأحادي القطب يتجه نحو الإلغاء، وهيمنة الاستكبار العالمي تفقد شرعيتها كل يوم أكثر مما كانت عليه في الماضي، ولذلك يجري تشكّل عالم جديد».
وتابع سماحته: «في مثل هذه الظروف يمكن للأمة الإسلامية أن تتمتع بمكانة رفيعة، وأن تكون أنموذجاً ورائدة في العالم الجديد، شرط أن تستطيع الوصول إلى وحدة الكلمة وتحرر نفسها من الفرقة والوساوس الأمريكية والصهيونية والشركات الكبيرة».
مع تشديده على أن لازمة تحقيق الوحدة الإسلامية هي الحؤول دون تحول الخلافات المذهبية إلى تنازع وصراع، قال قائد الثورة الإسلامية: «السياسيون الأمريكيون والبريطانيون المعارضون مبدأ الإسلام تطرقوا في محافلهم الخاصة إلى نقاش "شيعة وسنة"، وهذا أمر خطير للغاية».
في سياق متصل، رأى سماحته أن تطبيع العلاقات بين بعض الدول الإسلامية والكيان الصهيوني من أكبر الخيانات، وقال: «قد يقول بعض الأشخاص إن الوحدة غير قابلة للتحقق في الظروف الحالية مع وجود بعض رؤساء الدول الإسلامية، لكن يمكن لمفكري وعلماء وحكماء ونخب العالم الإسلامي أن يجعلوا الأجواء مختلفة عن إرادة العدو، وفي هذه الحالة، تصير إمكانية تحقيق الوحدة أسهل».
مع التذكير بعبارته السابقة «التشيع البريطاني» و«التسنن الأمريكي»، ومساعي بعض الأشخاص لتحريفها، قال الإمام الخامنئي: «التشيع البريطاني والتسنن الأمريكي يعنيان أن الشخص في أي منصب ومقام وبلد يكون في خدمة العدو عبر صنع النزاع والفرقة والتكفير، مثل "داعش"».
وعبّر سماحته عن أسفه تجاه جرائم «داعش» في العراق وسوريا وبخاصة قتل التلاميذ في أفغانستان. وقال: «يوجد متطرفون في كِلا الجانبين الشيعي والسني ولا علاقة لهم بالتشيع ولا بالتسنن، فلا ينبغي استخدام هؤلاء المتطرفين كأساس لتوجيه اتهامات ضد أصل المذاهب، بل يجب التصرّف بحزم مع أولئك الذين يجرحون مشاعر الطرف الآخر تحت عنوان نصرة المذهب».
ورأى قائد الثورة الإسلامية أن المشقات والضغوط والمذابح المتزايدة كل يوم في فلسطين وسائر أنحاء العالم الإسلامي هي نتيجة «تشتت الأمة الإسلامية». وبالإشارة إلى القواسم المشتركة والوفيرة بين المسلمين، قال: «بذلت جمهورية إيران الإسلامية حتى الآن كل ما في وسعها من أجل تحقيق الوحدة الإسلامية، والمثال الواضح على ذلك الدعم الشامل للإخوة من أهل السنة في فلسطين، وسيستمر هذا الدعم بعد الآن أيضاً وبكل قوة».
تشديداً على أن جبهة المقاومة التي تشكلت في العالم الإسلامي مدعومة من الجمهورية الإسلامية، أوضح الإمام الخامنئي: «لدينا إيمان بلطف الله وعنايته، ويحذونا الأمل في التحقيق العملي لأمنية الوحدة الإسلامية العظيمة».
في بداية هذا اللقاء، وصف رئيس الجمهورية، السيد إبراهيم رئيسي، في كلمة، النبيَّ الأعظم (ص) بأنه «أفضل داعٍ للبشرية إلى العدالة والعقلانية والروحانية والأخلاق». وبعد حديثه عن مساعي أعداء الحركة النبوية لاغتيال شخص وشخصية ودعوة الرسول (ص)، قال: «اليوم أيضاً في خضم اصطفاف الجبهة المناهضة للإسلام ضد أتباع الرسول (ص)، تستمر المساعي نفسها في إطار إرهاب ثقافي واقتصادي، ولكن كما أنهم لم يتمكنوا من منع عالَمية الحركة النبوية في ذلك اليوم، اليوم أيضاً لن يتمكنوا من إيقاف الشعب المتمسك بقيم الرسول (ص)».