التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم الأربعاء 2/11/2022، مئات التلاميذ على أعتاب «13 آبان» (4 تشرين الثاني/نوفمبر)، اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي. وقال في بداية حديثه إن «13 آبان» يومٌ تاريخي ومعلّم للتجارب، مضيفاً: «الأمريكيون والتوجه الأمريكي غاضب، وأعصابهم تالفة من هذا اليوم المهم وتجمعاته التعاطفية والباعثة على الوحدة، لأن هذا اليوم هو تجسيد لشرور أمريكا وتجسيد وإثبات أيضاً لهشاشة أمريكا وإمكانية هزيمتها». 
في استعراضه الأحداثَ التاريخية ليوم «13 آبان»، تحدث الإمام الخامنئي عن «الخطاب الصارخ للإمام الخميني (قده)» ومن ثم نفيه في 13 آبان 1343 (4/11/1964)، قائلاً: «لم يتحمّل الإمام قانون الحصانة لعشرات الآلاف من الأمريكيين المتمركزين في إيران من التبعات القانونية للجرائم، الذي أقرّه محمد رضا بهلوي في البرلمان في ذلك اليوم، ولذلك جاء قرار نفيه». 
بالإشارة إلى مقتل عدد من التلاميذ أمام جامعة طهران في 13 آبان 1357 (4/11/1978)، وهجوم طلاب الجامعة على السفارة الأمريكية في 13 آبان 1358 (4/11/1979)، قال سماحته: «عُثر في ذلك الهجوم على كثير من الوثائق حول الخيانات والتدخلات والنهب لموارد إيران من الحكومة الأمريكية في عهد النظام الملكي الجائر، وحول مؤامراتهم المختلفة ضد الثورة الإسلامية أيضاً». 
مع ذلك، رأى قائد الثورة الإسلامية أن إصرار الأمريكيين على «بدء تحدٍّ بين شعب إيران وأمريكا عبر الهجوم على وكر التجسس هو كذبة كبيرة». وقال: «بدأ هذا التحدي في 28 مرداد 1332 (19/8/1953)، عندما أطاحت أمريكا، بمساعدة بريطانيا، بحكومة مصدق الوطنية بانقلاب مخزٍ. مصدق لم يكن "حجة الإسلام"، ولم يكن من الدعاة للإسلام، وجريمته حصراً أنه قال إن نفط إيران يجب أن يكون بيد الشعب الإيراني وليس البريطانيين، لكن الأمريكيين لم يطيقوا هذا الشخص بسبب المصالح، وعلى عكس توقعات مصدق من المساعدة الأمريكية له، طعنوه في ظهره، وأطاحوا به عبر إنفاق المال وبمساعدة بعض الخونة والبلطجية».

ووصف سماحته كلام السياسيين الأمريكيين هذه الأيام حول مناصرتهم الشعب الإيراني بأنه «ذروة الوقاحة والنفاق»، وخاطبهم متسائلاً: «هل هناك شيء كانت لديكم القدرة على فعله ضد الشعب الإيراني خلال هذه العقود الأربعة ولم تفعلوه؟ وإذا لم تفعلوا شيئاً مثل الحرب العسكرية مباشرة، فهذا إما لأنكم لم تستطيعوا وإما لأنكم خفتم من الشباب الإيرانيين». 
وفي استعراض لجرائم أمريكا ومؤامراتها بعد انتصار الثورة، شرح الإمام الخامنئي أنّ دعم واشنطن الجماعات الانفصالية في بداية الثورة، وانقلاب قاعدة الشهيد نوجِه (نوژه) في همدان، ودعم إرهاب المنافقين، والدعم الشامل لصدّام المتوحّش في الحرب المفروضة، والهجوم الصاروخي وإسقاط طائرة الركاب الإيرانية واستشهاد نحو 300 شخص، وتكريم الجنرال الذي استهدفت سفينته طائرة الركاب هذه، وفرض الحظر على الشعب الإيراني منذ العام الأول لانتصار الثورة، ودعم الفوضى والفتنة في إيران، كلها جوانب من جرائم أمريكا. 
وأشار سماحته إلى جريمة اغتيال الشهيد قاسم سليماني ورفاقه، مخاطباً الأمريكيين: «أنتم الأمريكيين أعلنتم صراحة أنكم قتلتم لواءنا الباسل وتفاخرتم بذلك. لم يكن الشهيد سليماني مجرد بطل قومي بل كان بطل المنطقة. كان دور الشهيد سليماني في حل المشكلات لدول عدة في المنطقة دوراً كبيراً وفريداً. أنتم قتلتم هذا الرجل العظيم، واغتلتم الشهيد أبا مهدي المهندس، ورفاقهما. لن ننسى أبداً استشهاد سليماني. لقد قلنا كلاماً في هذا الصدد، ونحن عند كلامنا. سيحدث ذلك في وقته ومكانه المناسبين، إن شاء الله».
مرة أخرى خاطَبَ قائدُ الثورة الإسلامية المسؤولين في واشنطن: «لقد دعمتم قتلة علمائنا النوويين، أي الصهاينة، وحبستم مليارات الدولارات من أموال الشعب الإيراني في أمريكا ودول أخرى، وحرمتم الشعب الإيراني استخدامَ أصوله المالية في التقليل من مشكلاته... آثار أقدامكم واضحة أيضاً في غالبية الأحداث المعادية لإيران، ثم بكل وقاحة تقولون الأكاذيب المحضة وتدّعون أنكم حريصون على الشعب الإيراني». 
في الوقت نفسه، عدّد سماحته علامات أفول أمريكا، وقال: «تُمكن مشاهدة العلامات لهذا الأفول الواضح من مشكلات أمريكا الداخلية غير المسبوقة بدءاً من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، إلى الانقسامات الداخلية الدموية». كما رأى أن خطأ حسابات أمريكا بشأن القضايا العالمية علامة أخرى على أفولها، وقال: «من الأمثلة على هذه الأخطاء في الحسابات الهجوم الأمريكي على أفغانستان قبل 20 عاماً للقضاء على "طالبان"، الأمر الذي رافقه كثير من الجرائم والقتل، لكن بعد 20 عاماً، وبسبب سوء فهمهم القضايا، اضطروا إلى الخروج من أفغانستان وسلّموا هذا البلد لـ"طالبان"». 
كذلك، رأى الإمام الخامنئي أن الهجوم على العراق والإخفاق في تحقيق الأهداف المنشودة لذلك مثال آخر على خطأ حسابات الأمريكيين. وأضاف: «سعى الأمريكيون منذ البداية إلى تعيين أشخاص أمريكيين أو تابعين لهم لكن الوضع الحالي في العراق ووجود سياسيين عراقيين على رأس السلطة لم يكن ما أرادوا إطلاقاً، ولذلك هم أخفقوا هنا أيضاً».

كذلك، أشار سماحته إلى هزيمة أمريكا في سوريا ولبنان، ولا سيما في القضية الأخيرة بشأن تحديد حقول الغاز، على أنها أمثلة أخرى على الإخفاقات بسبب أخطاء في الحسابات. وقال: «تصويت الناس لأشخاص مثل الرئيس الحالي والرئيس السابق لأمريكا هو من العلامات الأخرى على انحطاط أمريكا».  
واستكمل قائد الثورة الإسلامية في إشارة إلى الدور الواضح للأعداء في أعمال الشغب التي شهدتها إيران في الأسابيع الماضية: «لم تكن مجرد أعمال شغب في الشارع، بل برامج أعمق بكثير... لقد بدأ العدو حرباً تركيبية، وقد أدخلَ العدو، أي أمريكا وإسرائيل وبعض القوى الأوروبية الشريرة والخبيثة وبعض المجموعات والفصائل، إمكاناته كلها إلى الميدان».  
في جزء آخر من كلامه، وصف سماحته حادثة شاهچراغ وقتل الناس والأطفال بأنها «جريمة كبيرة»، وتساءل: «ما ذنب تلاميذ المدارس الأطفال الذين استشهدوا في هذه الحادثة؟ ما ذنب الطفل الذي فقد والديه وأخيه في هذه الجريمة وحُمِّلَ هذا الحزن الكبير؟ ما ذنب ذلك الطالب الحوزوي الشاب والمتدين والحزب-اللهيّ الذي استشهد تحت التعذيب في طهران وألقوا جسده في الشارع؟».  
عند هذه النقطة، لفت الإمام الخامنئي إلى «صمت أدعياء حقوق الإنسان إزاء هذه الجرائم»، مستدركاً: «لماذا لم يُدِن هؤلاء المُدّعون حادثة شيراز، ولماذا يكررون قضية كاذبة ومخالفة للواقع آلاف المرات على منصاتهم على الإنترنت لكنّهم يمنعون اسم آرشام؟ هل هؤلاء المُدّعون يدعمون حقوق الإنسان حقّاً؟».  
من جهة أخرى، تحدث سماحته عن علامات التغيير في النظام العالمي ونشوء نظام جديد بالقول إنّ «أبعاد النظام الجديد وطبيعته ليسا واضحين تماماً، لكن خطوطه العريضة قابلة للتصور: الخط العريض الأول للنظام الجديد هو انزواء أمريكا، والخط الثاني سيكون انتقال مراكز القوة السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى العلمية من الغرب إلى آسيا، والثالث سيكون توسّع فكر المقاومة ضد الغطرسة، الذي ابتكرته الجمهورية الإسلامية».  
في ختام حديثه، قال الإمام الخامنئي: «الثورة الإسلامية أيقظت الشباب وأعطتهم قوة التحليل، فخلال مرحلة النهضة وبعدها أيضاً وحتى يومنا كان شبابنا ينمون يوماً بعد يوم... بدأ العدو من أجل تعطيل حالة شبابنا تلك صناعةَ المحتوى الذهني للشباب، فهذا هو السبب في الكم الهائل من الأكاذيب في الشبكات الافتراضية، وحقيقة أنني أقول دائماً "جهاد التبيين" هو من أجل ذلك، فقبل أن يصنع العدو محتوى زائفاً وانحرافياً وكاذباً، اصنعوا المحتوى الصادق والصحيح وانقلوه إلى أذهان الشباب».