تمّ في شهر أيلول من العام 2020 توقيع اتفاقيّة «آبراهام» بين بعض الحكومات العربيّة والكيان الصهيوني وتحوّلت إلى رمز لتطبيع العلاقات مع تل أبيب. منذ ذلك الزمان، أقدمت بعض الحكومات على تطبيع العلاقات مع الصهاينة. واجهت هذا التطبيع طبعاً معارضة واسعة من الشعوب. ما هي الآثار والتداعيات التي يمكن أن يتركها في أوساط الأمّة الإسلاميّة؟ وما هي الأضرار التي قد يُلحقها تطبيع العلاقات مع الصهاينة بالأمّة الإسلاميّة وتعاظم قوّتها؟

لا شك أن التطبيع عبارة عن عملية تنازل عن حقوق الأمة وعن مقدسات الأمة ونحن عندما نتكلم عن عدو محتل غاصب يحتل أرض فلسطين ويحتل القدس ويحتل الأقصى إنما نتكلم عن عدوان يجب على الأمة بأسرها أن تواجهه والعاجز عن مواجهة هذا العدوان ليس عليه أن يذهب للمصالحة مع هذا العدو. التطبيع خطورته أنه يمثل إعترافا وإقرارا للصهاينة بأن لهم حقوقا في أرض فلسطين وهم ليسوا أصحاب حق فيها والإقرار بالعدوان والإحتلال والتطبيع أيضا هو تمكين للعدو من أن يخترق جسد الأمة وأن يخترق جسدها.

نحن نعتقد أن التطبيع شراكة في الجريمة ضد القدس وفلسطين وهذا التطبيع لن يحمي أصحابها، بل على العكس، سيكتشفون أنهم أصبحوا أدوات لخدمة المشروع الصهيوني وأن كل ما يقومون به من تطبيع هو وهم إذا ظنوا أن فيه مصلحة. أما محاولة تجميل التطبيع بالقول إنه إتفاقيات إبراهيمية فإن إبراهيم (عليه السلام) بريء من اتفاقياتهم. إبراهيم (عليه السلام) كان حاملاً لراية الإسلام مدافعاً عنها، ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً. هذا نص القرآن، ومحاولة إلصاق إتفاقيات الإستسلام للعدو بأنها إتفاقيات إبراهيمية هو أيضا عدوان على ديننا وعقيدتنا وعلى سيدنا إبراهيم.

لطالما اعتبر الإمام الخامنئي قضيّة فلسطين أهمّ قضيّة في العالم الإسلامي، كيف يُمكن برأيكم أن تُطرح هذه القضيّة كموضوع يؤدّي إلى الوحدة بين الأمّة الإسلاميّة؟   

لا شك في أن الأمة تحتاج إلى قضايا تجمعها وقضية فلسطين هي قضية جامعة للأمة، ذلك أن الكيان الصهيوني ومشروعه يهدد الأمة بأسرها ولا يهدد الشعب الفلسطيني فقط. إصطفاف أبناء الأمة المجاهدين والمدافعين عن الأقصى والقدس معاً إنما يقرّبهم من بعضهم البعض وهم يشتركون في الجهاد والتضحية والشهادة والنصر بإذن الله سبحانه وتعالى، كل هذا يجعل المسلمين أمة واحدة. ولذلك إنّ حديث السيد القائد حول الوحدة الإسلامية حديث واضح، أنها ليست تكتيكا وليست سياسة وإنما هي إيمان وعقيدة وقضية إستراتيجية.

كيف يُمكن لمختلف فئات الأمّة الإسلاميّة المساهمة في تحرير فلسطين؟

هناك نموذج واضح في المساهمة في تحرير فلسطين تقدمه الجمهورية الإسلامية في دعم المقاومة ودعم صمود الشعب الفلسطيني ودعم الجهاد في أرض فلسطين بكل أشكاله ووسائله بل بوجود شهداء أيضاً من أبناء إيران في هذا المشروع، هذا النموذج الأمثل، لكن من لا يستطيع ذلك فالأصل أن يدعم بالمال أو أن يدعم بالموقف السياسي والحد الأدنى أن ينكر الاحتلال ويدينه ويدعم صمود الشعب الفلسطيني.

ما هي الخطوات المشتركة التي يُمكن للدول الإسلاميّة والنخب المسلمة كذلك الأمر  أن تقوم بها من أجل منع تكرّر الإهانة للإسلام والمقدّسات الإسلاميّة كالإهانة التي حدثت في بعض الدول الغربية مؤخرا؟

أولا يجب أن تكون هناك رسالة سياسية لكل هذه الدول الغربية أن المساس بمقدسات المسلمين يثير غضبهم ويستوجب ردهم، ثانيا، يجب على المسلمين أن يقاطعوا الدول التي تهين مقدسات المسلمين وتجارتها وأن يقاطعوا الإستيراد منها وأن يمارسوا كل ضغط سياسي عليها حتى تحاكم هؤلاء المجرمين وتمنع عدوانهم على مقدسات المسلمين وشعائرهم.

والسؤال الأخير ما هي الأهداف التي يتبعها الغرب لهتكه للمقدسات الإسلامية؟

هدفه توهين هذه الأمة وإظهارها أمة عاجزة وغير قادرة عن الدفاع عن نفسها وهي في جانب آخر تعكس قلقه من نمو الإسلام وقدرة الإسلام ونحن نعرف أن الإسلام اليوم ينتشر في الغرب بشكل كبير جدا وهذا يهدد مصالح الغرب بشكل كبير. نحن نعتقد أن الغلبة لدين الله سبحانه وتعالى وأن هذا الإسلام ينتشر رغم أنوفهم وأن حرق كتاب الله عزوجل جريمة كبرى لا يمكن أن تغتفر.