وصف قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في اليوم الأول من عام 1404 الهجري الشمسي (21/3/2025)، خلال لقائه مع مختلف فئات الشعب، تقليد الإيرانيين في بدء العام الجديد بالدعاء والتوسل والاجتماع في الأماكن المقدسة بأنه دليل على النظرة الروحانية للشعب تجاه عيد «النوروز». وأوضح سماحته آثار الدعاء والاستقامة في تحقيق الانتصارات الكبرى لجبهة الحق على مرّ التاريخ، مشيرًا إلى أن العام الماضي كان عامًا للصبر والصمود وبروز القوة الروحانية لدى الشعب الإيراني.

ولفت الإمام الخامنئي إلى أن هذه الأيام تتعلق بأمير المؤمنين (ع)، وأضاف: «ينبغي أن يرجع الشعب الإيراني والشعوب الإسلامية إلى نهج البلاغة للاستفادة من دروس الإمام علي (ع)، باعتباره أفضل إنسان بعد النبي (ص)، كما ينبغي أن يولي الناشطون في المجال الثقافي اهتمامًا خاصًا بدراسة هذا الكتاب العظيم وتعليمه».

وعدّ سماحته ليالي القدر فرصة ثمينة للدعاء والتضرع إلى الله، وقال: «كل ساعة من هذه الليالي تساوي عمراً كاملاً، وإن التوجه والتوسل بالأئمة (ع) وأدعية الناس، ولا سيما الشباب، هي أمور يمكنها أن تغيّر مصيرهم ومصير حياة شعب بأكمله».

وفي جزء آخر من كلمته، أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن التهديدات الأمريكية لن تجدي نفعاً مع إيران، قائلاً: «فليعلم الأمريكيون أنهم لن يصلوا إلى نتيجة أبدًا بتهديدهم لإيران».
وتابع سماحته: «إذا أقدم الأمريكيون أو غيرهم على أي خباثة تجاه إيران، فسيتلقون صفعة قاسية».
وأكّد الإمام الخامنئي أن وصف الساسة الأمريكيين والأوروبيين لقوى المقاومة بأنها «قوات إيرانية بالوكالة» هو خطأ فادح وإهانة لهذه القوى، موضحًا: «ما معنى قوات بالوكالة؟! الشعب اليمني يمتلك دافعه الخاص، وحركات المقاومة في المنطقة تمتلك دوافعها الخاصة أيضًا في مواجهة الصهاينة، وجمهورية إيران الإسلامية ليست بحاجة إلى قوات بالوكالة. رأينا واضح، ورأيهم واضح أيضًا».

وأوضح قائد الثورة الإسلامية أن الصمود والمقاومة في وجه فظائع الكيان الصهيوني وأنواع الظلم الذي يمارسه أمران متجذران في المنطقة، مضيفًا: «منذ بداية اغتصاب فلسطين، كان اليمن في طليعة الدول التي تصدت لهذا العدوان، حيث وقف حاكمه آنذاك في المحافل الدولية معارضًا لهذه الخطوة».

كما أشار سماحته إلى اتساع نطاق الاحتجاجات المنددة بجرائم الكيان الصهيوني ليشمل حتى الشعوب غير المسلمة، بالإضافة إلى المظاهرات الطلابية والشعبية في أمريكا والدول الأوروبية، منتقدًا: «يلجأ الساسة الغربيون إلى إجراءات مثل قطع الميزانية عن الجامعات التي شهدت تظاهرات طالبية داعمة لفلسطين، وهذا بدوره يعكس حقيقتهم في ما يخص مزاعمهم حول حرية التعبير، الليبرالية، وحقوق الإنسان».

وشدّد الإمام الخامنئي على رفض الشعوب لفظائع الكيان الصهيوني ومقاومتها بكل الوسائل المتاحة، مشدّدًا: «تقف جمهورية إيران الإسلامية بثبات في مواجهة هذه الفظائع، وتعلن بصراحة مواقفها ونهجها الدائم في دعم المناضلين الفلسطينيين واللبنانيين المدافعين عن أوطانهم».

وجدّد قائد الثورة الإسلامية تأكيده، ردًا على تهديدات أعداء إيران: «لم نكن يومًا البادئين بأي مواجهة أو اشتباك، ولكن إذا تجرّأ أحدهم على ارتكاب أي خباثةٍ، فسيتلقى صفعات قاسية».

وفي جانب آخر من حديثه، أشار سماحته إلى التضحيات المستمرة التي تقدمها جبهة الحق في مواجهة الباطل، موضحًا: «ينبغي النظر إلى أحداث العام الهجري الشمسي 1403 (من 21 مارس 2024 إلى 20 مارس 2025) من هذا المنظور، فانتصار الحق في هذه المعركة محسوم، لكنه يتطلب تضحية وثمن، مثلما جرت هذه السنة الإلهية في مرحلة الدفاع المقدس».

وأشار الإمام الخامنئي، في معرض حديثه عن فقد شخصيات بارزة خلال أحداث العام الماضي، إلى أن النتيجة الحتمية لتحمل هذه الأحداث المريرة و«الاستقامة والاستعانة بالله» هي هزيمة الأعداء، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني الفاسد والخبيث، مشدّدًا على أنّه «في العام 1403 ه.ش. الصعب، تجلّت القوة الروحانية والصبر والشهامة والشجاعة لدى الشعب الإيراني بصورة مشرقة».

إلى ذلك، عدّ سماحته التشييعَ المهيبَ للشهيد رئيسي، والمشاركة الحاشدة في «صلاة جمعة النصر» رغم تهديدات العدو، والمشاركة الفاعلة في الانتخابات الرئاسية، وتشييع قادة المقاومة الذين اغتالهم الكيان الصهيوني، تجليات واضحة للقوة الروحية والمعنوية للشعب الإيراني.

وأشار قائد الثورة الإسلاميّة إلى أن مسيرات «22 بهمن» التاريخية كانت ذروة هذا المسار، مؤكدًا أنها «أظهرت للعالم بأسره وفاء الشعب الإيراني للثورة الإسلامية وتمسّكه بالجمهورية الإسلامية، ووجهت رسالة قوية للمستكبرين والمنافقين، وعرّفت العالم إلى حقيقة الشعب الإيراني».

كما أكّد سماحته ضرورة فهم خصائص الشعب الإيراني وهويته، حتى داخل البلاد، موضحًا: «قد تؤدي الضغوط الاقتصادية والمعيشية إلى إحباط أيّ شعب، لكن الشعب الإيراني القوي والشجاع، ورغم كل الصعوبات، نزل إلى الساحة في العام الماضي مدافعًا عن النظام الإسلامي».

ورأى الإمام الخامنئي أن التركيز المتكرر على قضية الإنتاج في شعارات الأعوام الأخيرة ينبع من تأثيره الأساسي في تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وأشار قائد الثورة الإسلاميّة إلى أن أيّ استثمار في مجال الإنتاج، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، هو أمر مفيد وضروري، داعيًا الجميع إلى استثمار رؤوس أموالهم في الإنتاج، سواء أصحاب الإمكانيات المحدودة عبر إنشاء مشاريع إنتاجية صغيرة، أو كبار المستثمرين عبر مشاريع ضخمة.

وشدّد الإمام الخامنئي على أن تهيئة الظروف وتسهيل استثمار المواطنين هو الواجب الأهم للحكومة في تحقيق شعار العام.

كما أشار سماحته إلى هواجس المسؤولين بشأن تحسين معيشة الناس، موضحًا: «يسعى مسؤولو البلاد بجدية إلى تحسين الأوضاع المعيشية للناس، لكن هذا الهدف لا يتحقق بالإجراءات الداعمة فقط، بل يتطلب خطوات جذرية، ويُعدّ الاستثمار إحداها وأهمها».