أكّد قائد الثورة الإسلاميّة، الإمام الخامنئيّ، في كلمةٍ له اليوم الأربعاء، 25/09/2024، أمام الآلاف من الرّعيل الأوّل وناشطي «الدفاع المقدّس» والمقاومة، أنّ السببين الرئيسيّين لبدء الحرب المفروضة هما «المقولة الجديدة» و «جاذبيّة» الجمهوريّة مقابل النظام الفاسد والباطل الحاكم على العالم.
وشدّد الإمام الخامنئيّ على أنّ الدفاع المقدّس، بالإضافة إلى كونه دفاعًا قيّمًا عن الوطن، كان دفاعًا عن الدين وجهادًا في سبيل الله، ممّا أحيا الإسلام وأعزّ الشعب الإيرانيّ، ونشر الروح المعنويّة في البلاد.
وأشار قائد الثورة إلى أنّ الأحداث الجارية في فلسطين ولبنان تشبه تمامًا أحداث فترة الدفاع المقدّس، وتعدّ مصداقًا للجهاد في سبيل الله، قائلًا: «لقد اغتُصِبت دولة إسلاميّة، أي فلسطين، على يد أخبث الكفّار في العالم، والحكم الشرعيّ القطعيّ هو أنّه يجب على الجميع السعي والمساعدة لإعادة فلسطين والمسجد الأقصى إلى أصحابها الحقيقيّين».
وأضاف سماحته: «حزب الله، الذي يجعل صدره درعًا من أجل غزّة ويتعرض لهذه الأحداث المؤلمة، يجاهد في سبيل الله».
ولفت الإمام الخامنئيّ إلى تشابه آخر بين هذه المعركة والحرب المفروضة، موضّحًا: «في هذه المعركة أيضًا، يمتلك العدوّ الكافر والخبيث كمًّا هائلًا من المعدّات والتجهيزات؛ وأمريكا، التي تقف وراءه، تزعم أنّها ليست متورّطةً وليس لديها علم بما يجري، لكنّها تتحدّث بما يتعارض مع الواقع؛ فهي على علم بما يحدث، ومتورّطة، وتحتاج إلى انتصار الكيان الصهيونيّ أيضًا»، وتابع: «الحكومة الأمريكيّة الحاليّة، ومن أجل الانتخابات القادمة، تحتاج إلى إظهار أنّها هي من حقّقت انتصار الكيان الصهيونيّ. بالطبع، هم يحتاجون أيضًا إلى أصوات المسلمين، ولذلك يتظاهرون بعدم التدخّل».
وأشار قائد الثورة الإسلاميّة إلى أنّ العدوّ الصهيونيّ يمتلك المال والسلاح والدعاية العالميّة، في حين أنّ إمكانيّات المؤمنين والمجاهدين أقلّ بكثير، وقال: «يمتلك العدوّ المال، السلاح، الإمكانات والإعلام العالميّ، في حين أنّ المؤمنين والمجاهدين في سبيل الله، في الجانب الآخر، لا يمتلكون حتى عُشر مِعشار هذه الإمكانات. ومع ذلك، فإنّ المُنتصر هو الطرف المجاهد في سبيل الله».
وأوضح سماحته أنّ الدليل على انتصار جبهة المقاومة هو الأعمال الإجراميّة التي يقوم بها الكيان الصهيونيّ من قتل الأبرياء والنساء والأطفال وقصف المدارس والمستشفيات. وأضاف: «لو استطاع الكيان الصهيونيّ الخبيث إلحاق الهزيمة بالقوى المناضلة، سواء في غزّة أو الضفّة الغربيّة أو لبنان، لما اضطرّ إلى إظهار صورته بهذا القبح والبشاعة أمام العالم، ولما ارتكب هذه المجازر للتظاهر بتحقيق الغلبة».
وعدّ الإمام الخامنئيّ الضربات التي تعرّضت لها قوى المقاومة، والتي أدّت إلى استشهاد بعض أفراد حزب الله المؤثّرين والقيّمين، خسارة بلا ريب، لكنّه أوضح: «هذه الضربات لا تنال من بنيته التنظيميّة والبشريّة، فهو أقوى بكثير من ذلك. إنّ اقتدارهم وقدراتهم وصلابتهم تفوق بكثير ما يجعل هذه الشهادات توجّه إليهم ضربة قاصمة».
وأكّد قائد الثورة الإسلاميّة أنّ جبهة المقاومة هي المنتصرة حتّى اليوم، وسيكون النصر النهائيّ في هذه المعركة، بتوفيق من الله، وبحول الله وقوّته، حليف جبهة المقاومة وجبهة حزب الله.

وفي جزء آخر من كلمته، تحدّث الإمام الخامنئيّ عن أسباب بدء الحرب ضد الشعب الإيرانيّ في العام 1980، موضّحًا أنّ دافع الهجوم على حدود إيران لم يكن مقتصرًا على صدّام وحزب البعث فحسب، بل كان زعماء النظام العالميّ آنذاك، أي أمريكا والاتّحاد السوفيتي وأتباعهم، يمتلكون دافعًا كبيرًا للهجوم أيضًا.
وعدّ سماحته السبب في عداء القوى العظمى للثورة الشعبيّة الفريدة في إيران هو عدم تحمّلهم للفكر الجديد ورسالة هذه الثورة، وأضاف: «سبب خصومتهم هو أنّ الثورة الإسلاميّة كانت صرخة صريحة ضدّ النظام الباطل والمدمّر الحاكم على العالم، أي نظام الهيمنة الذي يقوم على تقسيم العالم إلى مُهيمِن، ومُهَيمَن عليه، ويسعى لفرض ثقافته على الشعوب».
وأوضح قائد الثورة الإسلاميّة أنّ المستكبرين لا يمكنهم تحمّل "الكلام الجديد" للثورة الإسلاميّة، الذي كان جذّابًا للشعوب وقابلًا للتوسّع، وأشار إلى أنّهم كانوا يتحيّنون الفرصة للهجوم على إيران، وأنّ صدام، الذي كان لاهثًا خلف السلطة، طامعًا ووقحًا وظالمًا، أتاح لهم هذه الفرصة، وبإثر تحريضهم، عمد إلى مهاجمة إيران.
وشدّد الإمام الخامنئيّ على أنّه بفضل صمود الشعب الإيرانيّ وحضوره في مختلف الساحات، لم يعد هناك جرأة على الهجوم على حدود إيران اليوم، وتابع: «إنّهم اليوم يمارسون الخداع والعناد بطرق أخرى، ويجب أن نفهم جيّدًا أنّ سبب عداواتهم ليس قضايا مثل الطاقة النوويّة أو حقوق الإنسان أو حقوق المرأة، بل لإنّهم يعارضون الكلام الجديد للجمهوريّة الإسلاميّة في مواجهة النظام الفاسد العالميّ».
ولفت سماحته إلى الحالة المتردّية التي كانت تعاني منها البلاد من حيث المعدّات العسكريّة والتنظيم العسكريّ في بداية الحرب، مذكّرًا بأنّه وفقًا للتوقّعات والقواعد المادّيّة، كان من المُفترض أن تصل القوّات المعتدية إلى طهران في غضون أسبوع إلى عدّة أسابيع. ولكن، بعد مرور عام، وبفضل الانتصارات الباهرة لقوّاتنا التي كانت ضعيفة في بداية الحرب، تلقّى جيش صدّام المجهّز بأحدث المعدّات ضربة موجعة، وبعد ثماني سنوات تمّ طردهم من أراضي بلدنا، وكان العامل الرئيسيّ في هذا الانتصار هو الإيمان والجهاد.
وذكّر قائد الثورة الإسلاميّة بأنّ الحرب المفروضة لم تكن مجرّد دفاعٍ عن الوطن، على الرغم من أنّ الدفاع عن الوطن قيمة سامية، بل كانت قضيّة أكبر وأسمى، ألا وهي الدفاع عن الإسلام والعمل بأوامر القرآن الكريم، وهو ما يُطلق عليه في الأدبيّات الإسلاميّة "الجهاد في سبيل الله".
وأكّد الإمام الخامنئيّ أنّ الدفاع المقدّس أبقى الثورة والإسلام حيّين، مضيفًا: «وبناءً على ذلك، تحوّلت جميع جبهات القتال إلى محاريب عبادة، ودعاء، وتوسّل، وبكاء في منتصف الليل، وخدمات مخلصة بلا رياء. ومع وجود مثل هذه الروحيّة، أسبغ الله تعالى عزّته ونصره وانتصاره على الشعب الإيرانيّ».