وفيما يلي الترجمة العربية الكاملة للكلمة التي ألقاها سماحة قائد الثورة الإسلامية في حرم الإمام الرضا عليه آلاف التحية والسلام:

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين، سيّما بقية الله في الأرضين. اللهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها عدد ما أحاط به علمك، اللهم صلّ على وليك عليّ بن موسى‌ الرّضا عدد ما أحاط به علمك، صلاةً دائمةً بدوام ملكك وسلطانك، اللّهمّ سلّم على وليك عليّ بن موسى‌ الرّضا عدد ما أحاط به علمك سلاماً دائماً بدوام مجدك وعظمتك وكبريائك. اللّهمّ كن لوليك الحجّة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه السّاعة وفي كلّ ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً، حتّى تسكنه أرضك طوعاً وتمتّعه فيها طويلاً.

سنة أخرى ومرة أخرى يوفقنا الله تعالى للحضور تحت ظل البقعة المباركة لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) وسط اجتماعكم أيها الإخوة والأخوات، لنكون قلباً واحداً ولساناً واحداً مع كل واحد من هذه الحشود الهائلة المؤمنة المتحمسة، ولنطرح نقاطاً حول قضايا البلاد وقضايا الثورة والقضايا الأساسية الأصلية. أشكر الله تعالى على هذا التوفيق. الحشود المتحمسة المتراكمة في هذا الرواق الطاهر (2) وفي أطراف هذا المكان، سواء من سكان مدينة مشهد المقدسة أو الزوار المحترمين الذين جاءوا إلى هذه المنطقة وهذه المحافظة وهذه المدينة انجاذباً لهذا الإمام العظيم، كلهم راغبون ومشتاقون لسماع الكلام الصميمي للثورة والنظام الإسلامي حول مختلف المسائل والقضايا. إنني في الفرصة المتاحة اليوم أستطيع الإشارة طبعاً إلى جانب مما يجب قوله، وأتمنى أن يكون هذا القول موضع هداية الله ورضاه وقبوله.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، هذه السنة سنة مهمة بالنسبة للبلاد، سواء من حيث حاجة البلاد لحراك اقتصادي مهم، وهذا ما سوف يفكّر به مسؤولو البلاد ويعملوا فيه، أو من حيث الانتخابات القادمة لرئاسة الجمهورية وانتخابات المجالس البلدية في المدن والقرى، وهي أيضاً مهمة جداً في موضعها.

في سنة 95 - السنة التي مضت - [21 آذار 2016 - 20 آذار 2017 م] مع أن البلاد عانت مشكلات اقتصادية إلّا أن الشعب الإيراني تألق من وجهين. أولاً من وجه الالتزام بقضايا الثورة وقيمها وقيم النظام الإسلامي، ومظهر ذلك الحالة الحماسية الملحمية في مظاهرات الثاني والعشرين من شهر بهمن العظيمة (مسيرات إحياء ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في تاريخ 10 شباط 2017)، وتجمعات الجماهير في القضايا المتعلقة بالثورة، مما يدل على التزام الشعب الإيراني وحماسه وهياجه وحبّه لقضايا الثورة، وثانياً من وجه التزام الشعب بالشؤون الإيمانية والدينية. في هذه السنة، وحسب التقرير الموثوق الذي رفع من كافة أنحاء البلاد في شهر رمضان المبارك وفي شهري محرم وصفر وباقي المراسم الدينية، كان حماس الجماهير وحضورهم وشوقهم تجاه الشؤون الإيمانية أكثر من السابق. سواء في الشؤون المتعلقة بالثورة أو في القضايا الدينية والإيمانية، كان حضور الشعب وبروز الهمم العالية للشعب أكثر من أي وقت سابق. هذا مهم جداً أولاً لأنه يعرض أمام الأصدقاء والأعداء اتجاه حركة الشعب الإيراني وهويته، فمظاهرات الثاني والعشرين من بهمن لا ترتبط باتجاه سياسي معين، وكذلك جلسات محرم وشهر رمضان والاعتكاف ومظاهرات الأربعين لا ترتبط بمذاق سياسي معين، إنما ترتبط بكل الشعب الإيراني وبكل الأذواق والاتجاهات في البلاد. إذن، في هذا دلالة على أن اتجاه حركة الشعب الإيراني اتجاه ثوري وديني مهما كان الاتجاه السياسي للمشاركين، وهو ما استعرض هوية الشعب الإيراني أمام الصديق والعدو. هذا أولاً.

وثانياً عرض اجتماعَ الشعب العام ووحدته الوطنية أمام الجميع. عندما تنظرون لهذه السنة 95 من بدايتها إلى نهايتها، تجدون أن كل الأحداث والأمور فيها تدل على هاتين الحالتين المهمتين: فهي تدل على تضامن الشعب في القضايا الحياتية الأساسية على الرغم من الاختلاف في وجهات النظر حول القضايا الفرعية والسياسية المتعددة، لكن الشعب ذو اتجاه واحد في الأمور الأساسية التي تتعلق بالنظام الإسلامي والثورة الإسلامية. هذا أولاً ومن ثم يدل على حبّ الشعب للثورة والنظام الإسلامي وقضايا الدين والإيمان. هذا ما أُفصح عن نفسه في العالم وعُرض أمام العدو والصديق. هذا ما يتعلق بسنة 95 ه ش.

الشعب ذو اتجاه واحد في الأمور الأساسية التي تتعلق بالنظام الإسلامي والثورة الإسلامية

طبعاً كانت هناك أحداث مريرة طوال العام آخرها حادثة عمّال الإطفاء الأعزاء الذين قضوا نحبهم وضحّوا بأنفسهم فكانت حادثة مريرة. الأحداث المريرة تقع دائماً، والمهم هو أن تبشر همم الشعب وإرادته واتجاهات حركته بالتقدم وتدل على التطور، وهذا ما كان حاصلاً والحمد لله.

أريد أن أقول إن هذه الحاجة الوطنية لا تزال قائمة وموجودة بنفس الدرجة في هذه السنة أيضاً. في هذه السنة أيضاً ينبغي أن يثبت الشعب الإيراني اتحاده الوطني ويجب أن يعرض التزامه بالثورة والنظام والقضايا الدينية ويثبته، كما ينبغي أن يثبت لأعداء إيران ولأعداء الجمهورية الإسلامية ولأعداء الشعب الإيراني اتجاه مسيرته وحركته. وقد اخترتُ الكلام الذي أروم طرحه اليوم بهذه المناسبة.  

كلام اليوم سيكون حول موضوعين: أحدهما شؤون البلاد الاقتصادية، وطبعاً بعيداً عن مصطلحات أهل الفن، وسوف أذكر في هذا الجانب الاقتصادي ما يبدو من المناسب أن يعلمه شعبنا العزيز ويهتم به ويسير باتجاهه ليكوِّن مطالباته من المسؤولين،. وسوف أشير إن شاء الله إلى نقاط حول موضوع الانتخابات وهو الموضوع الثاني في كلامي هذا اليوم.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، قضية الاقتصاد قضية ذات أولوية بالنسبة للبلاد، وليس بالنسبة لهذا العام فقط بل منذ سنين وهذه القضية تقف على رأس الأولويات الفورية للبلاد، والحاجة إلى الحراك الاقتصادي بالشكل الصحيح وببرمجة وتخطيط صحيحين حالة محسوسة في هذه السنين، وقد تم إنجاز بعض الأعمال والمهام سوف أشير لها. قضية الاقتصاد هي أولوية الشعب الإيراني اليوم، وتنبّهوا إلى أن القضية الاقتصادية هي أولوية العدو أيضاً. أي إن أعداء الجمهورية الإسلامية من أجل أن يستطيعوا تحقيق أهدافهم بخصوص إيران والإيرانيين والجمهورية الإسلامية يحاولون العثور على سبل اقتصادية أو بتعبير أصح يسعون إلى توجيه ضربات اقتصادية لشعب إيران. ما يهدف له العدو هو أن يستطيع عن طريق الضغوط الاقتصادية دفع الشعب الإيراني إلى اتخاذ مواقف باردة من النظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية تعبّر عن خيبته، وأن يخلق بوناً فاصلاً بين شعب إيران والنظام الإسلامي، ليتابع أهدافه عن هذا الطريق. وأقول لكم طبعاً إن عدونا الجاهل العديم الإيمان يحاول منذ سنين فصل الشعب عن النظام لكنه لم ينجح، ولن ينجح بعد الآن أيضاً بحول الله وقوته. العدو لا ينجح، لكن من واجبنا طرح هذا الموضوع بسبب أهميته ولتنبيه المسؤولين له ولخلق أواصر وعلاقات تعاون بين الشعب والمسؤولين في المجال الاقتصادي، لأن قضية الاقتصاد وقضية معيشة الناس قضية على جانب كبير من الأهمية، وسوف أشير إلى نقاط في هذه المجالات. طبعاً أشرنا على نحو الإجمال في نداء بداية العام يوم أمس إلى بعض الأمور طرحناها على الشعب الإيراني، وسوف أفصّل الكلام فيها اليوم بمقدار معين. يقول الإمام السجاد (عليه الصلاة والسلام) في دعائه لله تعالى: «ونَعوذُ بِك مِن تَناوُلِ الاِسرافِ ومِن فِقدانِ الكفاف» (3). وفي هذا دليل على أهمية القضية الاقتصادية حيث يطلب الإمام السجاد من الله تعالى ويستعيذ به من الإسراف ومن عدم وجود المصادر المعيشية للناس بالقدر الكافي. هذا يدل على أهمية القضية الاقتصادية. إذن، ينبغي النقاش في هذا المجال.

قضية الاقتصاد قضية ذات أولوية بالنسبة للبلاد، وليس بالنسبة لهذا العام فقط بل منذ سنين وهذه القضية تقف على رأس الأولويات الفورية للبلاد

ولكن قبل أن أدخل في البحث أود التأكيد على نقطتين وتذكيركم بها أنتم الأعزاء الحاضرين هنا والذين سيستمعون لهذا الكلام لاحقاً:

النقطة الأولى هي أن العدو يحاول في إعلامه الواسع أن ينسب النواقص المعيشية والاقتصادية في البلاد للنظام الإسلامي وللجمهورية الإسلامية. هذا هو مخطط الأعداء. يريدون الإيحاء والقول بأن النظام الإسلامي لم يكن قادراً وليس قادراً على حل المشاكل الاقتصادية للشعب الإيراني والمشكلات الأساسية لشعب إيران، وحل العقد التي تواجهه. يريدون ممارسة مثل هذا الاستغلال من أجل ضرب النظام الإسلامي وتشويه سمعته. وهذا ناجم عن بغضهم وعداوتهم وحقدهم على النظام الإسلامي. وهو كلام بخلاف الواقع، فالخدمات التي قدمها النظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية لإيران ولشعب إيران خلال هذه الفترة كانت خدمات مميزة واستثنائية. لو قارنا وضع الشعب ووضع البلاد بفترة ما قبل الثورة الإسلامية أي بعهد الطاغوت، سيتضح ما الخدمات الكبيرة والقيمة التي قدمها النظام الإسلامي. نعم، توجد نقاط ضعف، ونقاط الضعف هذه عائدة إلى إدارتنا والنواقص وعدم القدرة لدى مدرائنا الذين يعملون في قطاعات مختلفة، بيد أن النظام الإسلامي أعدّ وربّى في داخله قدرات وطاقات ومدراء استطاعوا إنجاز أعمال كبيرة للبلاد طوال هذه الثلاثين ونيّف من السنين، وفي ظروف كان الشعب الإيراني فيها معرضاً من كل حدب وصوب لضغوط الأعداء الاقتصادية وحظرهم.

لو قارنا وضع الشعب ووضع البلاد بفترة ما قبل الثورة الإسلامية، سيتضح ما الخدمات الكبيرة والقيمة التي قدمها النظام الإسلامي

أذكر بعض الأمثلة هنا. وهذه طبعاً مجرد أمثلة ونماذج أشير لها وإلّا فلائحة خدمات نظام الجمهورية الإسلامية أطول بكثير من هذا. لاحظوا أن عدد سكان البلاد ازداد منذ بداية الثورة إلى اليوم بمقدار ضعفين. أي ازداد من نحو أربعين مليون نسمة إلى قرابة ثمانين مليون نسمة، لكن ما حدث والأعمال التي أنجزت في المجالات المختلفة لم تتطور بمقدار الضعفين والثلاثة أضعاف بل كانت الأرقام استثنائية وملحوظة للغاية.

في مجالات البنى التحتية أنجزت في البلاد أعمال تعدّ بحق من حيث المعايير والمقاييس، إذا ما قارنها المرء بباقي البلدان، عظيمة وكبيرة جداً. من باب المثال ازدادت الطرق في البلاد خلال هذه الفترة ستة أضعاف. وازدادت طاقات موانئ البلاد خلال هذه المدة بمقدار عشرين ضعفاً. وازدادت سدود البلاد التي تؤمّن مياه الشرب والزراعة بمقدار ثلاثين ضعفاً، وازداد إنتاج الكهرباء في البلاد إلى أربعة عشر ضعفاً، وارتفعت صادرات البلاد غير النفطية إلى 57 ضعفاً - ولم يكن للبلاد في عهد الطاغوت قبل الثورة من صادرات سوى النفط وبعض المنتجات القليلة الأخرى التي كانت في عداد اللاشيء مقابل الصادرات النفطية، بينما ارتفعت هذه الصادرات غير النفطية في الوقت الحالي إلى 57 ضعفاً - وازداد إنتاج البتروكيمياويات إلى ثلاثين ضعفاً وإنتاج الفولاذ إلى خمسة عشر ضعفاً. هذه إنجازات على مستوى البنى التحتية. أي بلد يروم التحرك والتقدم اقتصادياً يحتاج إلى هذه الأمور وقد أنجزت كل هذه الأعمال خلال فترة الثورة.

في مجال العلم والتقنية ازداد عدد الطلبة الجامعيين منذ بداية الثورة وإلى الآن بمقدار 25 ضعفاً. في بداية الثورة كان مجموع كل الطلبة الجامعيين في البلاد مائتي ونيّف ألف طالب وهم اليوم قرابة الخمسة ملايين طالب جامعي يدرسون في البلاد، وارتفع عدد الدراسات والبحوث العلمية إلى ستة عشر ضعفاً، وكذا الحال بالنسبة للنشاطات العلمية والتقنية الكثيرة الأخرى.

في بداية الثورة كان مجموع كل الطلبة الجامعيين في البلاد مائتي ونيّف ألف طالب وهم اليوم قرابة الخمسة ملايين طالب جامعي

على صعيد التنمية الاجتماعية والإنسانية تسجّل المؤشرات تطوراً كبيراً جداً. في مجال الخدمات وتقديم الخدمات للناس مثل الكهرباء والغاز والهاتف وعمارة القرى وبنائها، هناك إحصائيات جيدة ومبشّرة للغاية. وفي إطار النشاطات العسكرية تشير الإحصائيات لتطور استثنائي. البلد الذي كان قبل انتصار الثورة تابعاً محضاً للخارج بل لأعدائه مثل أمريكا، حقّق في الوقت الحاضر من حيث التقدم العسكري إنجازات بهرت حتى أنظار العدو وأثارت غضبه وقلقه.

هذه كلها ميزات وحسنات للنظام الإسلامي، وهي إنجازات حققها النظام الإسلامي. وذكرت أنني إذا أردت سرد هذه اللائحة لكانت لائحة طويلة جداً والإنجازات أكثر وأعلى من هذا بكثير. الثورة طبعاً لا تتوقف والتقدم لا يتوقف، وهناك الكثير من الأعمال ينبغي إنجازها والقيام بها وسوف تنجز بحول الله وقوته، والسياسات العامة للنظام الإسلامي تصرّح بهذه الأعمال التي ينبغي إنجازها في المستقبل، فهي تذكر ما الأعمال التي يجب القيام بها وإنجازها.

وكانت لدينا نقاط ضعف ليست بالقليلة، وأنا مطلع على نقاط الضعف في نشاطات مسؤولي البلاد - وأنا واحد منهم - على مستوى عموم شعب إيران طوال هذه الأعوام، فقد كانت هناك الكثير من نقاط الضعف تتعلق بإدارتنا ولا ترتبط بالمسيرة العامة للنظام الإسلامي. أين ما كانت لدينا إدارة ثورية فعالة كثيرة الحراك تقدمت الأمور إلى الأمام، وأين ما كانت الإدارة ضعيفة وخاملة ويائسة وغير ثورية وعديمة الحراك توقفت الأعمال والإنجازات أو انحرفت. هذه قضية موجودة وهي إشكال وضعف موجود، وينبغي أن يكون مدراؤنا إن شاء الله أكثر تحفزاً وكفاءة ويبذلوا مزيداً من الجهد والمساعي، وهذا ما سيحصل بحول الله وقوّته. وأقولها على نحو قاطع إن الإدارة في قطاعات البلاد المختلفة إذا كانت متدينة وثورية وكفوءة فسوف تعالج كل مشكلات البلاد، فليس لدينا في البلاد مشكلة لا تقبل الحل. كانت هذه نقطة ذكرت.

أين ما كانت لدينا إدارة ثورية فعالة كثيرة الحراك تقدمت الأمور إلى الأمام، وأين ما كانت الإدارة ضعيفة وخاملة ويائسة وغير ثورية وعديمة الحراك توقفت الأعمال والإنجازات أو انحرفت

والنقطة الثانية هي أن طاقات البلاد وإمكانياتها عالية جداً. طاقاتنا ومواهبنا داخل البلاد كثيرة جداً. بمعنى أننا إذا كنا نبدي أملنا بالمستقبل ونتفاءل ونقول إنه يجب إنجاز هذه الأعمال ونقول إن هذه الأعمال سوف تنجز، فإنما نقول ذلك اعتماداً على الطاقات والقدرات الكامنة في البلاد. بلادنا، سواء من حيث الطاقات البشرية أو من حيث الطاقات الطبيعية - الطاقات الجوفية والطاقات على الأرض والإمكانيات المتنوّعة - تعتبر من البلدان الثرية. من حيث الطاقات البشرية - كما سبقت الإشارة - يعدّ خمسة ملايين طالب جامعي ثروة هائلة للبلاد. بالإضافة إلى ذلك هناك نحو عشرة ملايين خريج جامعي يمكنهم القيام بأعمال مختلفة. ولدينا في البلاد 33 مليون شاب في سنّ العمل - أي بين الخمسة عشر عاماً والأربعين عاماً - في البلاد، بمعنى أننا بلد شاب له قدرات عمل. طبقاً لما يراه أصحاب الاختصاص والخبرة فإن أفضل فترة يمكن للإنسان العمل فيها - رجلاً كان أو امرأة - هو بين سن الخامسة عشرة والأربعين، ووضعنا داخل البلاد من هذه الناحية جيد جداً ولدينا 44 مليون نسمة داخل البلاد في هذا السن يستطيعون العمل وتحمّل الأعباء الثقيلة على عواتقهم. ومن حيث المصادر الجوفية نعتبر بلداً متقدماً في العالم. قلتُ ذات مرة (4) إن عدد سكان البلاد قرابة واحد بالمائة من سكان العالم، لكن مصادرنا الأصلية كلها أكثر من واحد بالمائة، فبعضها يسجّل إثنين بالمائة وبعضها يسجّل ثلاثة بالمائة، وبعضها خمسة بالمائة، أي إننا مبسوطو الأيدي من حيث المصادر الطبيعية. قلتُ في نفس هذا الاجتماع الذي ينعقد بداية السنة - قبل سنة أو سنتين (5) - إننا من حيث مصادر النفط والغاز بمجموعهما نعتبر البلد الأول في العالم، أي إننا أفضل بلد وأثرى بلد في كل العالم من حيث مصادر النفط والغاز بمجموعهما. قلتُ إننا نحتل المرتبة الأولى في هذا المؤشر. وفي الآونة الأخيرة رفعوا لي إحصائيات وتبين أننا من حيث الغاز لوحده أول بلد في العالم، أي لا يوجد بلد في العالم يمتلك بمقدار ما نمتلك من النفط والغاز معاً، وفي خصوص الغاز لوحده أيضاً لا يوجد أي بلد في العالم يمتلك بمقدار ما نمتلكه من الغاز، والغاز في الوقت الراهن من مصادر الطاقة المهمة. طيب، هذا البلد بلد ثري، وليس بدعاً أن ينظر له الأعداء - أي قوى الهيمنة مثل أمريكا - بعين الطمع ويريدون إخضاعه لسلطتهم وهيمنتهم. هذا بالطبع أملهم الدائمي الذي لن يتحقق وسيموتون بالتأكيد قبل تحقيقه. 

طيب، لندخل في موضوع الاقتصاد فالوقت محدود ويجب أن أستطيع الإشارة ولو باختصار إلى كل ما أريد قوله.

لاحظوا، ما الذي نريده لبلادنا ولشعبنا؟ إلى أين نريد أن يصل الشعب والبلاد؟ إننا نريد لشعب إيران الأمن الوطني والعزة الوطنية والسلامة العامة والرفاه العام والتقدم الشامل والاستقلال عن القوى العالمية المهيمنة، ونريد له ازدهار المواهب، ونريد له التحرر والخلاص من الآفات الاجتماعية مثل الإدمان والفساد. نحن نروم هذه الأحوال للبلاد، فهي أشياء نريدها ونتابعها لبلادنا على صعيد الشؤون المادية. سوف يعيش الشعب حالة الدعة والراحة عندما تتحقق له هذه الأمور داخل البلاد. طيب، كيف يمكن تحقيق هذه الأحوال؟ كيف يمكن تحقيق العزة الوطنية والأمن الوطني والاقتدار الوطني والتقدم الشامل؟ ما أقوله هو أن هذه الأمور لن تتحقق من دون أن يكون للبلاد اقتصاد قوي. ما نحتاجه هو اقتصاد قوي وإنتاج قوي إلى جانب إدارة قوية. حاجتنا هي: اقتصاد قوي وموثوق ومعتمد على الذات بحيث لا تمتد أيدينا إلى الآخرين، ونستطيع أن نختار ونتحرك ونستطيع أن نبادر ونستطيع التأثير على أسعار النفط ونستطيع رفع قيمة العملة الوطنية ورفع القدرة الشرائية للناس. من دون اقتصاد قوي مثل هذا لن نصل لا إلى عزة مستمرة ولا إلى أمن مستمر، بل ينبغي تأمين هذه الأشياء. هذه هي أهمية الاقتصاد. وبالطبع فإنها لن تحصل ولن تتحقق من دون اتحاد وطني، فمن دون الاتحاد العام للشعب بالنظام لن تتحقق هذه المطالب، ولن تتحقق من دون ثقافة ثورية، ولن تتحقق من دون مسؤولين شجعان دؤوبين ناشطين. نحتاج إلى كل هذا ويجب تأمين كل هذا ونحن قادرون على تأمينه. إذن، الجانب الاقتصادي من مشكلاتنا الأساسية الحالية.

نريد لشعب إيران الأمن الوطني والعزة الوطنية والسلامة العامة والرفاه العام والتقدم الشامل والاستقلال عن القوى العالمية المهيمنة

 

طيب، طرحنا الاقتصاد المقاوم وتحدثنا عنه، وتابع الأصدقاء والناشطون المسؤولون في السلطة التنفيذية وسائر أجهزة البلاد هذه القضية بشوق ورغبة وخططوا لها وأنجزت بعض الأعمال. هذه الأعمال التي أنجزت جيدة وسوف أشير إلى بعضها، بيد أن المشهود بالنسبة لنا اليوم والذي نراه أمام أعيننا هو أن ثغراتنا الاقتصادية ثغرات كبيرة. إحدى الثغرات هي حالة البطالة وخصوصاً بطالة الشباب، وعلى الأخص بطالة الشباب المتعلم والخريجين. هذه ثغرة ونقص كبير يجب ردمها وحاجة ينبغي إشباعها. وقضية معيشة الطبقات المستضعفة مهمة. إننا نتابع المعلومات والمعطيات دائماً ونحن على علم بوضع الناس في قطاعات البلاد المختلفة، والناس تعاني مشاكل في وضعها المعيشي. هناك مشكلة البطالة وهناك صعوبة المعيشة والمشكلات المتنوعة التي تأتي تبعاً لذلك على المستويات الثقافية والاجتماعية.

طيب، أشرنا إلى أن العدو يركز على هذه الجوانب ويبث إعلامه ودعاياته في خصوصها. الخبراء الاقتصاديون ومن لديهم تجارب واختصاص وآراء في الشؤون الاقتصادية يرون أن المشكلة الأساسية تكمن في الركود والبطالة، والحق معهم. أولاً مشكلة البطالة وثانياً مشكلة ركود الإنتاج وقلة الإنتاج في داخل البلاد. طيب، هذا شيء موجود في الاقتصاد المقاوم بيد أن الاقتصاد المقاوم مجموعة. إذا استطعنا تجزئة هذه المجموعة والتركيز في كل فرصة زمنية على جانب من هذه القضايا المهمة أكثر فسوف نستطيع بالتأكيد الحصول على نتائج جيدة.

نحن على علم بوضع الناس في قطاعات البلاد المختلفة

أنجزت في سنة 95 أعمال جيدة. والحق هو أن نتطرق للمساعي التي بذلها المسؤولون المحترمون ونقدّرهم. في بداية العام الماضي حيث أكدت تأكيداً كبيراً في نفس هذا الاجتماع المنعقد في مستهل السنة على المعامل الصغيرة والمتوسطة قرّر المسؤولون مساعدة المعامل والورش الصغيرة والمتوسطة، وخصصوا ميزانية قدرها خمسة عشر مليار تومان لتفعيل ما يقارب عشرين ألف ورشة صغيرة وتنشيطها وإخراجها من الركود. وقد بادروا لذلك مع إن الأمر قد تأخر بعض الشيء لكن العمل بدأ وأنجز بالتالي. طيب، لقد كانت هذه المبادرة مبادرة جيدة، ولكن في أي عمل جيد لا بدّ من الإشراف والاستمرار. وإذا لم يحصل الإشراف اللازم والاهتمام والدقة اللازمة في المراحل القادمة من العمل فلن يصل المشروع إلى نهايته، أو لن يصل إلى نهايته المرتجاة. لقد طلبت إيضاحاً من القائمين على هذه القضية ونظرت وحققت من طرق مختلفة من الناحية الميدانية فتبين لي أن الأمور قد تقدمت إلى الأمام ولكن لا بالقدر الذي تمّ رصده وتخصيصه. شهد العمل بعض حالات التقدم ولكن ليس بالشكل المتوقع الذي كان ينبغي أن يتقدم ويحصل. ينبغي القيام بما يجعل تدابير المسؤولين والسياسات التنفيذية للمسؤولين تؤتي ثمارها النهائية.

إن مشكلاتنا اليوم كثيرة في جانب من المؤشرات. بعض المؤشرات جيدة. على سبيل المثال مؤشر التضخم يسجّل انخفاضاً وهذا شيء حسن، لكن مؤشر البطالة يسجل ازدياداً، بمعنى أن البطالة قد ازدادت. وهذه هي الإحصائيات الرسمية التي يرفعها المسؤولون أنفسهم. أو النمو الاقتصادي يسجّل ارتفاعاً إيجابياً بينما نمو الاستثمار يسجّل مستويات سلبية، وهذا من المعايب الأساسية الكبيرة. أو إن لدينا تقدماً في بعض القطاعات مثل قطاع النفط، لكن لدينا تراجعاً في قطاعات أخرى مثل قطاع المعادن والسكن. أي إن الإحصائيات الرسمية لا تقنع المرء بأن المسيرة العامة متجهة صوب رفع المشكلات الاقتصادية.

طيب، لنتجاوز الماضي الآن ولننظر إلى المستقبل. ما أنظر له بشأن المستقبل كنقطة مفتاحية ذات أولوية هو الإنتاج، الإنتاج الوطني، الإنتاج الداخلي. توصيتي ومطالبتي هي التأكيد على الإنتاج الداخلي. الإنتاج الداخلي مفردة مفتاحية أساسية. أقول هذا أولاً لأنه حين يقال في محضر الشعب الإيراني سيهتم به المسؤولون ويشددوا عليه. وثانياً سوف تتجه مطالبات الشعب والرأي العام أيضاً بنفس هذا الاتجاه. سوف تتجه مطالبات الشعب بهذا الاتجاه الذي نطرحه ونتطرق له اليوم. الذي أشعر به هو أن أساس القضية في الوقت الحاضر ولهذه الفترة من اقتصاد البلاد هو قضية الإنتاج الوطني والإنتاج الداخلي. هذه مفردة أساسية تتفرع منها فصول متعددة. إذا استطعنا تحقيق ازدهار في الإنتاج الداخلي فسوف تتحقق العمالة وتتوفر فرص عمل وترتفع مشكلة البطالة - وبطالة الشباب من مصائب البلاد اليوم، حيث تسجل معدلات البطالة مستويات عالية - أو تنخفض.

سجلت هنا عدة خصوصيات لأذكرها وكل واحدة من هذه النقاط العشرة تحتاج إلى فصل واف من البحث والنقاش، وأنا مضطر هنا للإشارة إلى لائحة العناوين فقط. من هذه العناوين فرص العمل. ومن العناوين التي تترتب على الإنتاج ازدهار مواهب الشباب وإبداعاتهم. عندما تكون سوق الإنتاج مزدهرة وذات رونق سوف تزدهر مواهب الشباب وتطرح إبداعات في الساحة.

ثالثاً عدم استهلاك العملة الصعبة - والعملة الصعبة في البلاد ذات أهمية - على البضائع الاستهلاكية. ففي حالة الإنتاج سوف لن تستهلك العملة الصعبة على البضائع الاستهلاكية. ثم هناك تشغيل الإيداعات ومبالغ التوفير الراكدة بالنسبة لمن لديهم مثل هذه المبالغ. إذا ازدهر الإنتاج في البلد سوف تتحرك المدخرات الراكدة وسوف تنتج الثروة للبلاد.

وهناك أيضاً ازدياد التصدير، فإذا كان هناك إنتاج سوف يشهد التصدير قفزات كبيرة ويعود على البلاد مرة أخرى بالثروة وإنتاج الثروة. وفائدة أخرى هي التقليل من حمّى سباق التفاخر بالماركات الأجنبية. من البلايا الاجتماعية والأخلاقية الكبيرة التي نعاني منها اليوم التفاخر فيما بيننا بالماركات الأجنبية الخارجية، هذه الثياب وهذه الأحذية وهذه الحقائب وهذه البضائع من صناعة المعمل الأجنبي المعروف الفلاني. أنا أفاخر الشخص الآخر بهذا وهو يفاخر غيره به فينطلق سباق في هذا المجال. والواقع أننا نستطيع عن طريق ازدهار الإنتاج في البلاد التقليل من هذه البلية والمشكلة الثقافية أو الحؤول دونها.

ومن منافع الإنتاج زوال أو تقليل المشكلات والآفات الاجتماعية. فالبطالة تستدعي الفساد وتأخير الزواج والإدمان، فإذا زالت البطالة زالت هذه التبعات أيضاً، ويمكن اعتبار الإنتاج علاجاً لهذه الآفات.

إفشاء الحيوية الوطنية. عندما ينطلق الإنتاج الداخلي في البلاد سيستتبع نشاطاً وطنياً عاماً، وهذا بحد ذاته عامل مهم في تقدم البلاد. وسوف تتحرك الإمكانيات والطاقات الكامنة في البلاد - ونحن اليوم للأسف متأخرون جداً على هذا الصعيد - ونستطيع الاستفادة من المصادر الإلهية التي منّ الله تعالى بها على هذا الشعب. هذه عدة عناوين ونقاط أساسية، وإذا تأملتم فستجدون عناوين أخرى، وكلها من نتائج وآثار وفوائد ازدهار الإنتاج في البلاد.

طيب، نحن نقول كلمة واحدة هي الإنتاج - الإنتاج الوطني، الإنتاج الداخلي - لكن هذا الإنتاج بحاجة إلى إمكانيات، فهل نمتلك هذه الإمكانيات أو نستطيع الحصول عليها؟ جوابي هو نعم. نحن نمتلك اليوم هذه الإمكانيات، فبعضها نمتلكه بالفعل ونستطيع الحصول على البعض الآخر. وهذه الإمكانيات في غالبها طاقات بشرية ومهارات وأرصدة وأدوات عمل لازمة ومتطورة. هذه أشياء لازمة لإنتاج ناجح في بلد من البلدان. أعتقد أن لدينا الآن بالفعل داخل البلاد بعض هذه الوسائل والإمكانيات، ونستطيع توفير وإيجاد بعضها الآخر داخل البلد من دون مواجهة صعوبات كبيرة.

أما الطاقات الإنسانية فقد أشرنا إلى أن 33 مليون نسمة من سكان البلاد هم في سن العمل، أي إن أعمارهم تتراوح ما بين الخامسة عشرة والأربعين. وبالطبع فالقادرون على العمل أكثر عدداً، أي إن من هم في أعمار الخامسة عشرة إلى الخامسة والستين - إذا اعتبروا سن الخامسة والستين سن التقاعد وعدم القدرة على العمل - عددهم 55 مليون نسمة، لكن الشباب منهم ومن يستطيعون مزاولة نشاطهم في ساحة العمل هم لا أقل من 33 مليون نسمة. ولدينا عشرة ملايين خريج جامعي وقرابة الخمسة ملايين طالب جامعي. هذه ثروة للبلاد. المطلعون أطلعونا على أن عدد متخصصي الهندسة في البلاد من أعلى أعداد المهندسين في بلدان العالم بما في ذلك البلدان المتقدمة الكبرى. أي إن القدرات من الناحية الإنسانية كبيرة إلى هذه الدرجة.

وهناك رأس المال، فرأس المال والأرصدة من الأمور اللازمة للإنتاج. كثيراً ما يقال إننا لا نمتلك الأرصدة اللازمة لحضّ المنتج على الإنتاج، لكنني لا أوافق هذا القول. فضلاً عن الإمكانيات الشخصية - حيث يمتلك الأشخاص إمكانياتهم الخاصة - استطاعت الحكومة إيجاد صندوق التنمية الوطنية. وأريد تقديم إيضاح حول صندوق التنمية الوطنية. لقد كان هذا الصندوق من ضمن السياسات المدرجة قبل سنين من الآن ضمن السياسات العامة واضطرت الحكومات إلى إدراج صندوق التنمية الوطنية ضمن خططها وبرامجها. ما هو صندوق التنمية الوطنية؟ معنى صندوق التنمية الوطنية أن توضع جانباً نسبة مئوية معينة من عائدات نفط البلاد - النفط الذي نستخرجه من الآبار ونبيعه من دون أن يحقق قيمة مضافة - كل سنة حتى تقل تبعية اقتصاد البلاد للنفط. قلنا لتكن هذه النسبة في البداية عشرين بالمائة، ثم تزداد هذه النسبة كل سنة بمقدار قليل أي بمقدار ثلاثة بالمائة، ولو أضيفت هذه النسبة المئوية القليلة كل سنة لوجب أن ندّخر الآن 36 بالمائة من عائدات النفط في صندوق التنمية الوطنية ليتحرر البلد بهذه النسبة من التبعية للنفط. وعندما نستمر في هذه الخطة وتتقدم الأمور إلى الأمام سوف ينفصل النفط تماماً في غضون عدة سنوات قادمة عن اقتصاد البلاد، وستكون هذه فرصة كبيرة وفوز عظيم للبلاد. من تعاسات بلادنا وبعض البلدان الأخرى هو أن اقتصادها مرهون للنفط، وقرار النفط ليس بيد البلدان المنتجة للنفط بل بيد المستهلكين والقوى العالمية، فهم الذين يقررون السعر ويرفعونه ويخفضونه. والواقع أن منتج النفط في هذا الخصوص منفعل حيال هذه القوى.

إذا استطاع بلد فصل اقتصاده عن النفط ويكون في الوقت نفسه ممن يمتلكون النفط فإنه سيحقق بالتأكيد تقدماً مضاعفاً عدة أضعاف. لقد تأسس صندوق التنمية الوطنية بهذا الهدف. طبعاً في سنة 94 (2015) قال المسؤولون الحكوميون إن عائدات النفط قد انخفضت - فقد كان البيع قليلاً وكانت الأسعار منخفضة - فطلبوا وأبدوا حاجة ضرورية لاستخدام صلاحيات القيادة بأن لا يضاف على تلك العشرين بالمائة، بل تدّخر العشرون بالمائة فقط، ووافقنا وسمحنا للحكومة بأن يدخروا العشرين بالمائة فقط في صندوق التنمية الوطنية. وهذا الصندوق من أجل أن يمنحوا المال للقطاع الخاص - أي للمنتج الداخلي - ويؤهلونه ليكون قادراً على الإنتاج، وسيكون هذا رصيداً. أي إن تأهيل القطاع الخاص عن طريق صندوق التنمية الوطنية عملية ضرورية جداً. ينبغي اعتبار صندوق التنمية الوطنية فرصة للبلاد، ويمكن لهذه الفرصة أن تصب في خدمة الإنتاج ويجب أن توضع في خدمة الإنتاج. بمعنى أن المنتج الداخلي يستطيع الاستفادة من هذا الصندوق حسب السياسات والتخطيط الصحيح للحكومات. ذاك عن الطاقات الإنسانية وهذا عن الأرصدة ورؤوس الأموال.

أدوات العمل. يقول البعض إننا لا نمتلك أدوات حديثة ومتطورة. وأقول إن الشاب الإيراني الذي يستطيع الارتفاع بتخصيب اليورانيوم خلال مدة قصيرة من ثلاثة ونصف بالمائة إلى عشرين بالمائة - وقد كان هذا عملاً كبيراً جداً حصل في البلاد، وقد قلتُ في كلمة عامة إن المشكلة الأساسية في تخصيب اليورانيوم تكمن بين الثلاثة أو الثلاثة ونصف بالمائة وبين العشرين بالمائة، وعندما يستطيع البلد تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين بالمائة سيستطيع الوصول إلى التسعة وتسعين بالمائة بسهولة، إنما المرحلة الصعبة هنا، وقد استطاع شبابنا العلماء خلال مدة قصيرة شهدناها أن يتجاوزوا هذه المرحلة الصعبة وأن يقطعوا هذا الطريق ويرتفعوا بتخصيب اليورانيوم من ثلاثة ونصف بالمائة إلى عشرين بالمائة - الشاب الذي يستطيع النهوض بمثل هذه الحركة العلمية العظيمة أو الذي يستطيع العمل في صناعة الصواريخ والطائرات على الرغم من الحظر الدولي الشديد جداً بحيث يقول الضابط الصهيوني والمدير العسكري الصهيوني (7) إنني عدو للإيرانيين لكنني لا أستطيع كتمان إعجابي بالعمل الذي أنجزوه فقد قاموا بعمل كبير. طيب، الشاب الذي يقدر على صناعة مثل هذه الصواريخ والطائرات والأسلحة العسكرية المتطورة بحيث يخيف العدو ويستطيع الارتفاع بتخصيب اليورانيوم من ثلاثة ونصف بالمائة إلى عشرين بالمائة، أفلا يستطيع هذا الشاب تطوير مكائن لإنتاج السيارات أو أشياء أخرى؟ لماذا لا يستطيع؟ شبابنا قادرون على ذلك، طاقاتنا الإنسانية وعقولنا المفكرة الفعالة الشابة المتعلمة الموهوبة الإيرانية جاهزة لمثل هذه الأعمال، ونستطيع إنجاز الكثير من الأعمال.

عندما يستطيع البلد تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين بالمائة سيستطيع الوصول إلى التسعة وتسعين بالمائة بسهولة

لنفتح المجال للشباب، فبوسع الشباب حلّ وفتح الكثير من العقد الكبيرة الصعبة التي تعاني منها البلاد. جامعاتنا متعطشة للتعاون مع أجهزتنا الصناعية. لقد أوصيت منذ عدة سنين بالتعاون بين الصناعة والجامعة، وقد حصل هذا الشيء بمقدار معين، وحصل في القطاعات العسكرية بشكل جيد جداً، وكذا الحال بالنسبة لقطاعات أخرى. يمكن لجامعاتنا أن تساعد في هذا المضمار، فهو حسنٌ لجامعاتنا، وحسن لتقدم العلم، وصالحٌ لصناعاتنا. وعليه ليست لدينا مشكلة في الإنتاج من حيث الإمكانيات، إذ لدينا الطاقات والكوادر البشرية، ونستطيع إعداد أدوات العمل المتقدمة، ونستطيع الاستثمار بواسطة صندوق التنمية الوطنية وما شاكل وثروات الناس أنفسهم. إذن، الإنتاج حالة عملية ممكنة، ولوازم الإنتاج وإمكانياته متوفرة داخل البلاد.

ولكن هناك أيضاً لوازم وواجبات ينبغي علينا جميعاً تحملها على عواتقنا. سواء أبناء الشعب أو المسؤولين الحكوميين أو المسؤولين القضائيين أو المسؤولين في السلطة التشريعية تقع على عواتقهم واجبات وإلزامات إذا نهضوا بها سوف يزدهر الإنتاج. وسوف أشير إلى بعض هذه الواجبات واللوازم من أجل توعية الرأي العام الشعبي بهذه القضية ليعلموها، فنحن لسنا أمام طريق مسدود، وليس أمامنا طريق لا نستطيع السير فيه والتقدم إلى الأمام. نستطيع أن نتقدم وينبغي أن نحرك أنفسنا وننهض بها قليلاً. من إلزامات ذلك الإدارة الكفوءة الملتزمة المتدينة. ليضع المسؤولون الكبار في البلاد مدراء كفوئين للقطاعات المرتبطة بالإنتاج، مدراء نشطين حيويين راغبين في العمل ومتحفزين وأقوياء. هذه من لوازم العملية الإنتاجية وهي بيد مسؤولي البلاد رفيعي المستوى.

و من الأعمال اللازمة إشراك الناس في عملية الإنتاج. ينبغي إشراك الناس في عملية الإنتاج. عندما أبلغنا سياسات المادة 44 قبل سنوات قال كل خبراء الشؤون الاقتصادية إن هذه ثورة في العمل السياسي. ليتابعوا هذا الخط والمنهاج ويشركوا الناس في العمل الإنتاجي. لقد استطاعت الجمهورية الإسلامية في قضية الحرب والدفاع عن البلاد - وعادة ما تكون عملية الحرب والدفاع عن البلاد وعن الحدود من مهمات الحكومات وليس من مهمة الشعب، فهي من عمل الجيوش والحكومات - بإدارة صحيحة وبخيارات صحيحة أن تعبّئ الشعب وتأتي به إلى هذه الساحة وتربح الحرب. عندما نزل الشعب إلى الساحة في عملية الدفاع عن الحدود - وهي عملية تختص بالحكومات والجيوش - استطاعوا أن يتقدموا إلى الأمام. الكثير من عسكريينا البارزين كانوا شعبيين وتعبويين، كانوا تعبويين وكافحوا بطريقة تعبوية، واستشهدوا تعبويين. وهكذا هو العمل الاقتصادي من باب أولى. العمل الاقتصادي عمل شعبي. لو أخذنا الشعب إلى الساحة في ما يتعلق بالشؤون الاقتصادية ومارس الشعب دوره في الميدان الاقتصادي وفي ساحة الإنتاج سنحقق تقدماً يقيناً. هذا واجب آخر من الواجبات واللوازم.

والصادرات من اللوازم الأخرى التي ينبغي أن ينشط المسؤولون الحكوميون فيها. رفع لي المسؤولون الحكوميون تقريراً يفيد أن غالبية صادرات بلدنا بل معظم معاملاتنا التجارية من صادرات وواردات هي للأسف مع خمسة أو ستة بلدان فقط. هذا خطأ وبخلاف الاقتصاد المقاوم. وقد شددنا على هذا الجانب في بنود الاقتصاد المقاوم. من سياسات الاقتصاد المقاوم توسيع الصادرات وتنويع الأطراف التي نصدر لها. وليس من الصحيح أن نحدد أنفسنا بخمسة بلدان أو ستة بلدان. وهذا ما يستدعي حراك المسؤولين سواء في السياسة الخارجية أو في القطاعات الأخرى.

والنقطة الأخرى هي أمن الاستثمارات وهو من اختصاص مفتشي السلطة القضائية وقوى الأمن. ينبغي أن يفعلوا ما من شأنه صيانة أمن الاستثمار. ومن المهام الرئيسية ثبات السياسات والخطط واستقرارها، وذلك بأن لا تكون القوانين في حالات تغيير مستمر، وهذه المهمة تقع على عاتق مجلس الشورى الإسلامي. أولاً ينبغي حذف المقررات المقيدة والمعرقلة الإضافية، وثانياً يجب أن يجعلوا القوانين ثابتة مستقرة ولا يأتوا كل يوم بقانون جديد يحول دون الاستثمار.

قضية الأمن الاقتصادي وأمن الاستثمار هذه التي ذكرتها على جانب كبير من الأهمية. وقد بدت منا حالات تقصير في هذه المجالات في بعض الأحيان. افترضوا مثلاً في منطقة من البلاد يحصل استثمار وضجيج وتتدخل الإذاعة والتلفزيون وتعمل دعاية ويأتي الناس وينفقوا كل ذهبهم وبيوتهم وأموالهم وكل ما لديهم لكي يستثمروا في ذلك المشروع، ثم يتضح أن المشروع كان فيه غشّ وتلاعب! هذا بخلاف الأمن الاقتصادي. ينبغي الحفاظ على أمن الإنتاج. إذن هذه أمور تعتبر من اللوازم الحتمية للإنتاج.

ومن الأمور المهمة للغاية في قضية الإنتاج الداخلي شعور أبناء الشعب بالمسؤولية. وأنا الآن اتخذ جانب الناس وأطرح مطاليبهم ومشكلاتهم، ولكن ليعلم أبناء الشعب الأعزاء بدورهم أن الأمور ليست على عاتق المسؤولين فقط، إنما تقع على عاتق الشعب أيضاً. حين نشدد على الإنتاج الداخلي فلا شك أن الاستهلاك الداخلي من الأمور المتوقعة أيضاً. لماذا لا يهتم الناس باستهلاك المنتجات الداخلية كثيراً؟ وطبعاً لحسن الحظ حصلت في الآونة الأخيرة بعض الأعمال وهي مستمرة وأخذت بعض المحلات التجارية لا تعرض إلّا المنتجات الداخلية. ليرجّح المستهلك الإيراني البضائع التي يتم إنتاجها في الداخل ولا يركض وراء الاسم الخارجي والماركة الخارجية والاسم الأجنبي. هذا أحد التوقعات.

ليرجّح المستهلك الإيراني البضائع التي يتم إنتاجها في الداخل ولا يركض وراء الاسم الخارجي والماركة الخارجية والاسم الأجنبي

ومن التوقعات أيضاً أن يسعى شباب إيران الأعزاء للعمل سعياً حقيقياً ولا تكون هناك حالات من الخمول وانعدام المسؤولية. من الأمور التي تقع فعلاً على عاتق عموم الشعب قضية الشعور بالمسؤولية هذه، ينبغي أن يشعروا بالمسؤولية. من نماذج انعدام المسؤولية أن يعمل بعض المصدرين على خلق نظرة سلبية لدى الزبائن الخارجيين تجاه إنتاجنا الداخلي في خصوص بعض البضائع والأشياء المصدرة، والأخبار تصلنا في هذا الخصوص. من قبيل أن نصفّ في علب البرتقال برتقالاً كبيراً جيداً في أعلى الصندوق ونضع في الأسفل برتقالاً فاسداً صغيراً. ما ينبغي فعله في صادراتنا يجب أن يمثل ويرمز لحسن أداء وصحة عمل الإيرانيين. وإذا لم نفعل ذلك كان ذلك انعدام مسؤولية. عندما نرسل البضائع الرديئة فمن الواضح أننا سنخسر أسواق التصدير. إنني أدعو صناع فرص العمل إلى خوض غمار ساحات الإنتاج والعمل وسوف ينجزون أعمالاً على هذا الصعيد إن شاء الله.

هناك قضيتان مهمتان على صعيد الإنتاج: إحداهما قضية الاستيراد والواردات، والثانية قضية التهريب. وسبق أن قلتُ ونبهتُ وأقولها الآن مرة أخرى: استيراد البضائع التي يتم إنتاجها في الداخل بالقدر الكافي يجب أن يتحول إلى حرام شرعي وقانوني. ما يتم إنتاجه في الداخل يجب أن لا يستورد من الخارج. أن نجد بضائعنا الاستهلاكية من الأطعمة إلى الألبسة إلى الوسائل المنزلية إلى بعض حقائب وأحذية السيدات إلى أدوات المدارس والدفاتر والأقلام وما إلى ذلك تستورد وتأتي من الخارج فهذا مبعث خجل! والإنسان ليشعر بالخجل والحياء، يشعر بالخجل مقابل المنتج الداخلي وكذلك مقابل ذلك الشخص الذي يبعث لنا هذه البضائع من الخارج. بمثل هذه الإمكانيات الموجودة في البلاد يجب أن لا نسمح لهذه الحالة بالاستمرار على هذا النحو، إذ ينبغي بالمعنى الحقيقي للكلمة الحيلولة دون الاستيراد. هناك بضائع أساسية يمكن إنتاجها في الداخل لكن مع ذلك تستورد من الخارج والحال أن بالمستطاع إنتاجها هنا، حتى  لو كانت غير موجودة في الوقت الحاضر ولا يتم إنتاجها حالياً لكنها ممكنة الإنتاج. سمعتُ قبل سنوات من الآن أنهم يستوردون حتى الأعلاف، فقلتُ إن الأعلاف بالتالي ليست مما يستورد مع وجود كل هذه المراتع والمزارع وما شاكل، فقالوا إن الأعلاف تحتاج إلى الشيء الفلاني الذي لا يتم إنتاجه داخل البلاد. فقلتُ إذن ليصار إلى إنتاجه داخل البلاد. بضاعة زراعية - وقد سجلتها هنا واسمها محدد لكنني لا أريد ذكر اسمها بشكل خاص - يمكن إنتاجها في الداخل. طيب، أنتجوها لكي لا تضطروا لاستيراد أعلاف أغنامكم من الخارج. إذن، قضية الاستيراد بدورها من القضايا التي تحظى بأهمية بالغة.

وهناك قضية التهريب. تهريب البضائع قضية على جانب كبير من الأهمية والخطورة. يقال إن 15 مليار دولار يتم إنفاقها على التهريب. وهذا الرقم هو الحدّ الأدنى الذي يذكر اليوم، وهو رقم كبير جداً. وتصل الأقوال إلى حدود العشرين والخمسة وعشرين مليار! هذه ضربة توجّه لاقتصاد البلاد. يجب الحيلولة دون التهريب ومنعه. طبعاً ينبغي على المسؤولين عن مكافحة التهريب أن لا يخطئوا الطريق فما ندعو له هو مكافحة عصابات التهريب. ما أقوله هو حصول تقصير في مداخل ومعابر البلاد حيث تدخل البضائع المهرّبة فالمأمور المختص بهذه القضية لا يخون بل يحصل تقصير وقصور، وليس في الأمر خيانة. رفعوا لي تقريراً يفيد أنه من الميناء الفلاني - ميناء محدد - يدخل يومياً إلى البلاد ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف كانتينر. ولا يفتح من هذه الثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف كانتينر سوى 150 كانتينر! لماذا؟ البقية لا تفتش وتدخل، وحينما تدخل إلى المخازن يتبين أنها بضائع مهرّبة دخلت، ومن الكمارك والمعابر الرسمية في البلاد! أما ما يدخل من الحدود والمعابر غير الرسمية فبحث آخر، أو من المناطق الحرة. يجب الحيلولة دون هذه الظاهرة ومنعها، وهو شيء نستطيع القيام به. وهذا ما قلته لرئيس الجمهورية المحترم ونبّهت له أن الخبراء والمطلعين قالوا إن بإمكاننا الإتيان بوسائل وأدوات يمكن من خلالها تفتيش هذه الكانتينرات والاطلاع على ما فيها في حال عبورها ومن دون حاجة إلى إيقافها. يجب أن يوفروا هذه الأدوات والوسائل وإذا لزم الأمر فليشتروها أو يستوردوها أو ينتجوها. نستطيع أن نمنع التهريب. إذن، التهريب من القضايا المهمة. هذا هو ما نقصده وليس الأمور الجزئية بأن يذهبوا إلى سوق الرضا في مشهد ويحاسبوا بائع الخواتم الفضية الفلاني ويقولوا له: أنت أدخلت بضائع مهرّبة، أو يذهبوا إلى العائلة الفلانية عند الحدود تحمل بضاعة قليلة لتنقلها من هذا الطرف من الحدود إلى ذاك الطرف لتوفر بذلك معيشتها. ليست هذه هي القضية، إنما القضية هي ذلك التيار الكبير من التهريب.

انقضى الوقت وطال كلامنا كثيراً. أنهي الكلام عن الشؤون الاقتصادية هنا، وبالطبع هناك الكثير من الكلام الجدير بالطرح والذي لا بدّ أن يقال، وقد قلنا للمسؤولين ما ينبغي أن يقال لهم وسنتحدث معهم أيضاً إن شاء الله. ونفس هذه النقاط التي ذكرناها نعتقد أنه يمكن البحث فيها وتطويرها وإيضاحها والتفصيل فيها، وعلى المختصين بهذه الشؤون أن يقوموا بذلك.

الأعداء يتجاهلون الانتخابات في بلدنا ويوجّهون التهم من أجل ضرب الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية. وهذا يدل على أن الانتخابات مهمة جداً

أما قضية الانتخابات فيا أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، الانتخابات في بلادنا مهمة للغاية، وليس فقط انتخاب رئاسة الجمهورية بل انتخابات مجلس الشورى الإسلامي أيضاً وانتخابات المجالس البلدية أيضاً. الانتخابات أحد ركنين في الديمقراطية الدينية. تقف الديمقراطية الدينية على ركنين أحدهما أصوات الشعب والانتخابات. إننا نفخر على العالم بفضل الانتخابات. والأعداء يتجاهلون الانتخابات في بلدنا ويوجّهون التهم من أجل ضرب الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية. وهذا يدل على أن الانتخابات مهمة جداً (8). الانتخابات في غاية الأهمية، فهي مبعث عزة وطنية وسبب في تقوية الشعب الإيراني، ومدعاة سمعة طيبة لشعب إيران. طبعاً سوف أعاود الحديث عن الانتخابات مرة أخرى إن شاء الله. ما أقوله اليوم عن الانتخابات هو أنها ظاهرة باعثة على الاقتدار، فلقد انجدب الناس في العالم وأصحاب الرأي والخبرة في العالم لفكرة الديمقراطية الدينية التي طرحت في العالم. طرح الإمام الخميني الجليل أسلوب الديمقراطية الدينية وهي نفسها الجمهورية الإسلامية مقابل مدارس متنوعة مثل الليبرالية والشيوعية والفاشية وغيرها، فجذب إليه الشعوب والخواص في كل مناطق العالم وفي كل البلدان. تعتمد هذه الديمقراطية الدينية على الانتخابات ويجب أن يتألق الشعب الإيراني في الانتخابات تألقاً حقيقياً. ما أقوله وما يحظى بالأهمية الأولى بالنسبة لي هو المشاركة العامة في الانتخابات، وأن يشارك في الانتخابات كل الذين يستطيعون التصويت والمشمولين بالاقتراع قانونياً ليجعلوا بذلك الانتخابات انتخابات ملحمية حماسية. هذا هو أول مطاليبنا وأهمّها.

ما أقوله حول الانتخابات هو إنه ينبغي في الانتخابات العمل بالقانون بلا زيادة أو نقصان، ينبغي العمل بمحكم القانون. مهما كانت نتيجة انتخابات الشعب فهي معتبرة وقانونية. إنني لا أتدخل في الانتخابات ولم أقل للشعب في وقت من الأوقات ولا أقول انتخبوا هذا الشخص ولا تنتخبوا ذاك الشخص. إنما أتدخل في موضع واحد فقط وهو عندما يريد البعض الوقوف بوجه أصوات الشعب وانتخابهم وخلق مضايقات لأصوات الناس ونقض أصوات الشعب. كل من يريد الاشتباك مع نتيجة أصوات الشعب سوف أقف بوجهه. وهكذا كان الوضع في السنين الماضية والانتخابات الماضية، في سنة 76 [1997 م] وفي سنة 84 [2005 م] وفي سنة 88 [2009 م] وفي سنة 92 [2013 م]، حصلت بعض هذه الحالات أمام أنظار الشعب فاطلع عليها الشعب، وبعضها لم يطلع عليه الشعب، لكنني كنت مطلعاً. في كل هذه السنين التي ذكرتها كان هناك من يريد الوقوف بوجه الانتخابات، وقد ظهر الأمر إلى العلن في سنة 88 ونزلوا إلى الساحة علناً، لكن الوضع في السنوات الأخرى كان بشكل آخر. في كل هذه السنين وقفت وقلتُ يجب تحقيق نتيجة انتخابات الشعب مهما كانت. هذا هو الموضع الذي أتدخل فيه في الانتخابات وأقف فيه بوجه معارضي الانتخابات ومخالفيها، أما في باقي الأمور فلا، ينبغي العمل بأصل القانون، فليشخّص الشعب وليتحرّك.

إنني لا أتدخل في الانتخابات ولم أقل للشعب في وقت من الأوقات ولا أقول انتخبوا هذا الشخص ولا تنتخبوا ذاك الشخص. إنما أتدخل في موضع واحد فقط وهو عندما يريد البعض الوقوف بوجه أصوات الشعب وانتخابهم وخلق مضايقات لأصوات الناس ونقض أصوات الشعب

وتخميني هو أن انتخاباتنا ستكون بتوفيق من الله انتخابات حماسية وشاملة. ونتمنى أن تكون نتيجة الانتخابات إن شاء الله - سواء انتخابات المجالس البلدية أو انتخابات رئاسة الجمهورية - شيئاً يرضي الله ويحقق سعادة الشعب. وأوصي بإقامة الانتخابات بشكل جيد، فهذا من شأنه أن يرفع رأس الشعب ويجعله يتقدم إلى الأمام ولن يستطيع العدو بتوفيق من الله أن يرتكب أية حماقة.

اللهم اجعل ما قلناه وما سمعناه لك وفي سبيلك وتقبله منا بكرمك. اللهم احشر أرواح شهدائنا الطيبة والروح المطهرة للإمام الخميني الجليل مع الأرواح المطهرة لشهداء صدر الإسلام. اللهم أرضِ عنا هذه الأرواح المطهرة المنورة. اللهم أرض عنا القلب المقدس لإمامنا صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)، واجعلنا من جنود هذا الدرب. اللهم اختم بالخير كل أمورنا وحيواتنا وأعمارنا. وأجعل الشهادة لي ولكل من يرغب فيها خاتمة حياتنا.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الهوامش:

1 - في بداية هذا اللقاء تحدث حجة الإسلام والمسلمين السيد إبراهيم رئيسي (سادن الروضة الرضوية المقدسة).

2 - رواق الإمام الخميني (رض) في المرقد الطاهر للإمام الرضا (ع).

3 - الصحيفة السجادية، الدعاء الثامن.

4 - من ذلك كلمته في لقائه بمسؤولي النظام الإسلامي بتاريخ 14 حزيران 2016 م .

5 - من ذلك كلمته في المرقد الرضوي الطاهر بتاريخ 21 آذار 2014 م .

6 - كلمته في لقائه رؤساء الجامعات والمراكز البحثية والتنموية وواحات العلم والتقنية بتاريخ 11 تشرين الثاني 2015 م .

7 - يوزي رابين المدير الأسبق لخطط الدفاع الصاروخي الإسرائيلي.

8 - قال الإمام الخامنئي جواباً على شعار الحضور «هيهات منا الذلة»: انتبهوا، إذا لزم أن تقولوا هنا هيهات فقولوا: هيهات من عدم الانتخابات.