وفي مايلي النص الكامل للمقابلة التي أجراها موقع arabic.khamenei.ir مع سماحة الشيخ محمد طاهر انعم:

 

ما هو معروف عن أمريكا أنها الشيطان الأكبر ومعها حليفتها إسرائيل أينما حلّا خلّفا وراءهما الظلم والعدوان، هل ترون أنّ مشهد اليمن شبيه بالاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين والغزو الأمريكي للعديد من الدول في المنطقة؟ هل تصبّ أهداف الحرب التي تشنّها السعودية في خانة الأهداف الأمريكية وكيف يمكن تبرير الدعم اللوجستي المخابراتي الكبير الذي تقدمه أمريكا في حرب السعودية ضد اليمن تماماً كما تدعم إسرائيل في اعتداءاتها ضد الفلسطينيين؟

للأسف الشديد فقد استمرأ النظام السعودي دور العمالة للغرب الذي يظن أنه يحميه ويوفر له الحصانة الأممية من المساءلة عن دكتاتوريته في الداخل وتدخلاته الإجرامية في الإقليم.

وبدل أن تكون الدولة السعودية عاملاً من عوامل العز والنصر والتمكين للمسلمين في كل مكان، إذا بها تصير مصدراً للإشكالات السياسية والاقتصادية والطائفية لكثير من الدول في المنطقة، والسبب هو النظام الفاسد الغارق في التحلل الأخلاقي والقيمي والذي يحكم تلك الأراضي العزيزة من بلاد المسلمين.

النظام السعودي نظام فاسد غارق في التحلل الأخلاقي والقيمي

ومما يزيد في الأسف أن السعودية تعتبر أمريكا هي حليفتها الرئيسية والوثيقة منذ فترة بعد الحرب العالمية الثانية حين بدأ نجم بريطانيا يأفل وتنكفئ على نفسها بسبب إفلاسها إبان الحرب العالمية، فارتبط النظام السعودي بأمريكا من حينها ارتباطاً جوهرياً وجودياً، ورمى كل أوراقه في تحالفها، ووضع كل بيضه في سلتها مما سبب فجوة كبيرة عن الواجب على الدولة المسلمة في مناصرة قضايا المسلمين والبراءة من الدول الداعمة لإسرائيل ولغيرها من الأنظمة السياسية المعادية للمسلمين.

وأمريكا الآن تحاول أن تظهر للسعودية أنها حليف موثوق في تواطئها الكامل مع العدوان السعودي ضد بلادنا، وإمدادها بالسلاح والدعم اللوجستي العسكري، مقابل تسارع خطوات التطبيع غير المعلن بين المملكة السعودية والكيان الصهيوني، والذي يلحظ بعض المتابعين تسارعاً ملموساً في خطواته.

ونسأل الله العظيم أن يخيب هذه المساعي، وأن يبدل أهلنا وإخواننا في أرض الحجاز ونجد وماحولها حكاماً أفضل يخافون الله ويعملون لمصلحة الأمة المسلمة.

 

تدّعي السعوديّة أنها رائدة وقائدة العالم الإسلامي بينما تمارس شتّى أنواع الجرائم دون أدنى مراعاة لحرمة الأشهر الحرام التي يحرم القتال فيها حسب الدين الإسلامي، كيف تعلّقون على هذا التناقض؟

يحرص نظام آل سعود على أن يقدم نفسه في ثوب إسلامي مزور استغلالاَ للعاطفة الدينية لدى كثير من العامة داخل السعودية وفي كثير من الدول.

المطلعين على بواطن الأمور يعرفون مدى الظلم والدكتاتورية والفساد والطغيان لدى أسرة آل سعود

وينفق النظام السعودي مئات ملايين الدولارات سنوياَ لمحاولة عكس صورة دينية جيدة عنه لدى المسلمين، ولكن المطلعين على بواطن الأمور يعرفون مدى الظلم والدكتاتورية والفساد والطغيان لدى أسرة آل سعود، ومدى استخدامهم السيء للغة الطائفية وتلاعبهم بالمصطلحات الدينية وسجنهم لعدد من الدعاة والمصلحين والسياسيين في بلادهم، وعدوانهم على كثير من الدول العربية الأخرى وخاصة بلادنا، والتي قتلوا فيها آلاف البشر خلال السنة والنصف الماضية (سبعة آلاف قتيل حسب إحصائية الأمم المتحدة وآلاف المصابين) بضربات طائراتهم العبثيّة على المستشفيات والطرقات وقاعات العزاء وصالات الأفراح والبيوت والتجمعات السكنية، دون أي خوف من الله عز وجل، أو تعامل بأخلاقيات الحرب الإنسانية التي تحرّم استهداف المدنيين، والله المستعان.

فدعوى انطلاق النظام السعودي من الإسلام هي دعوى فارغة كنا من المنخدعين بها زمناً طويلاً قبل أن نرى هذا القتل المستشري في بلادنا بحجج واهية وظالمة.

 

كلّنا يعلم أن شعار الثورة اليمنية العريض كان الموت لأمريكا والموت لإسرائيل وهذا يظهر عدائية الشعب اليمني الواضحة والعلنية للاستكبار العالمي، لماذا نلاحظ مساع كبيرة وواسعة في الإعلام العربي والعالمي لإغفال هذه الحقيقة وحرف الأنظار نحو تصوير حقيقة زائفة أخرى لثورة الشعب اليمني؟

الشعب اليمني شعب حر ينطلق من منطلقات الإسلام، وتصفه جميع مراكز البحوث والدراسات في العالم بالشعب المحافظ والمتدين، ولهذا فإن أي تحرك للشعب اليمني هو تحرك مواز للمثل الإسلامية الكبرى والمتمثلة في انطلاق الأمة الإسلامية وتخلصها من أي هيمنة أجنبية ضدها، وفي مقدمتها هيمنة الدول الكبرى المتغطرسة.

أي تحرك للشعب اليمني هو تحرك مواز للمثل الإسلامية الكبرى والمتمثلة في انطلاق الأمة الإسلامية وتخلصها من أي هيمنة أجنبية ضدها

إن كثيراً من الدول الوظيفية في المنطقة الإسلامية تحاول أن توجه بوصلة العداء للداخل المسلم، بحجة هذا سني وهذا شيعي، أو بحجة هذا يساري وهذا يميني، أو بحجة هذا محافظ وهذا متشدد، وفي هذا مخالفة للمبادئ الإسلامية العليا التي جاء بها الرسول الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، والذي أكد تعاليم القرآن أن المؤمنين إخوة، وأنهم رحماء فيما بينهم وأشداء على الكفار.

 

ما هي المهمة الملقاة على عاتق علماء العالم الإسلامي إزاء كذب الحكومة السعودية واستغلالها السيء لتوصيف خادم الحرمين الشريفين وتجييش مشاعر العالم الإسلامي تحت عنوان كاذب هو الدفاع عن الحرمين الشريفين في وجه "الاعتداء اليمني" والتذرّع بهكذا عناوين للإمعان في القتل الظالم للنساء والأطفال؟

مهمة العلماء المسلمين في كل مكان هي العمل بكتاب الله عز وجل الذي أمر بالتثبت، (يا أيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين)(1)

إن هذا الانخداع بالإعلام السعودي والخليجي الفاجر المحرض على استمرار الحرب في بلادنا ورفض دعوات السلام وإيقاف إطلاق النار، لهو أمر محزن أن يصدر من كثير من العلماء والدعاة انسياقاً لخديعة إعلامية، وتلاعب بالأخبار.

فدور العلماء هو التبين والتثبت وهم تحت المسؤولية أمام الله يوم القيامة وأمام المؤمنين في الدنيا.

 

تقوم الحكومة السعودية في الآونة الأخيرة بإنكار مسؤوليتها عن المجزرة الأخيرة التي تمّت إثر القصف الذي استهدف مجلس عزاء في صنعاء بينما تصوّر القصف الذي استهدف مدينة جدّة بأنه استهدفٌ لمكة المكرمة. كيف تعلّقون على هذا الكذب الإعلامي؟

هذا من الفجور في الخصومة، ومن صفات المنافقين، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (آية المنافق ثلاث: إذا خاصم فجر، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر)

والنظام السعودي نظام فاجر في الخصومة، يصور كل شيء بشكل مزور ومحرف، وقد استفدنا كثيراً في اليمن من هذا الغش والخداع فانكشف عن أعيننا غطاء الثقة بهذا النظام السيء الذي كنا منخدعين به.

صارت عندنا قناعة كاملة أننا أمام نظام كاذب مخادع تجب مقاومته والتصدي له

تفجر الطائرات السعودية المستشفيات وقاعات العزاء وصالات الأعراس ونرى ذلك بأعيننا ويشاهده ملايين اليمنيين، ثم يخرج الإعلام السعودي لينكر حدوث أي شيء وينفيه نفياً قاطعاً، وهكذا صارت عندنا قناعة كاملة أننا أمام نظام كاذب مخادع تجب مقاومته والتصدي له، ونتمنى أن يستفيد إخواننا المسلمون من تجربتنا مع هذا النظام السيء قبل أن يجربوا كذبهم وتعاملهم المخادع مثلنا، والله المستعان.

 

 

1- سورة الحجرات الآية 6