وفي مايلي الترجمة العربية الكاملة للكلمة التي ألقاها قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي في هذه المناسبة:

 

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين، سيما بقية الله في الأرضين. اللهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها بعدد ما أحاط به علمك.

استمتعنا كثيراً واستفدنا وانتفعنا من هذه الجلسة الزاخرة البركات والمعاني والمضامين التي تضمنت بياناً للحقائق ممتزجاً بالفن وتعبيراً عن فضائل أسمى من عقل الإنسان العاقل العالم، وذلك بلغة الأدب والإيحاء والكناية والتعابير الجمالية المشيرة إلى ذلك المعنى السامق، وهذه هي خصوصية الشعر.

تعقد هذه الجلسة المباركة هنا في هذه الحسينية في هذا اليوم منذ سنين طويلة. وبركات وتأثيرات هذه الجلسة مهمة وملحوظة من الناحية المعنوية والروحية وما تفيض به على قلوب المؤمنين والمتوسلين، وكذلك من حيث تأثيراتها الاجتماعية والسياسية. نحن نعرف قدر هذه الجلسة، ونشكر الله تعالى على أن أمهلنا فرصة أخرى لنحضر سنة أخرى ومرة أخرى في هذه الجلسة، كما نشكركم ونشكر الإخوة الذين قدموا برامجهم وقصائدهم.

إن كلام شخص مثلي حول سيدة نساء العالم، سيدة نساء كل العوالم وجميع العصور، ليس ناقصاً وغير بليغ وحسب بل إن ألسنتنا لكناء حتى في التعبير عن جزء من تلك الفضائل. ما عدا المراتب المعنوية والملكوتية والإلهية - التي لا يمكن لأحد غير المعصومين أنفسهم (عليهم السلام) أن يدركها، ناهيك عن أن يصفها - فمن حيث المعايير الظاهرية والعقلانية أيضاً تمتاز سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى (سلام الله عليها) بأبعاد وأحجام لا يمكننا تصورها. طيب، نقول إن هذه السيدة العظيمة دافعت عن الولاية، وضحّت بروحها، وتحدثت بفصاحة وبلاغة وما إلى ذلك، بيد أن هذا الكلام يقال باللسان فقط، ولا يمكننا أن نتصور تلك المرتبة بتاتاً.

تمتاز سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى (سلام الله عليها) من حيث المعايير الظاهرية والعقلانية بأبعاد وأحجام لا يمكننا تصورها

لو اتضحت لنا ظروف المدينة المنورة بعد رحيل الرسول الأكرم (ص) والوضع الذي كان آنذاك وتصورنا القضية بصورة صحيحة، عندها سنستطيع أن ندرك أي عمل عظيم قامت به فاطمة الزهراء. كانت ظروفاً صعبة جداً ولا يمكن إيضاحها حتى للخواص. ولم يقم من كل أصحاب الرسول الأكرم (ص) سوى عشرة أشخاص أو إثني عشر شخصاً في المسجد ليدافعوا عن الإمام علي بن أبي طالب وعن حقه.. كل أولئك الأصحاب، وكل أولئك الأجلاء، وكل أولئك التالين للقرآن، وكل أولئك الذين سجّل التاريخ أسماءهم، وقد كان الزبير طبعاً من ضمنهم، فتذكّروا ذلك. هكذا كانت الظروف. في مثل هذه الظروف تأتي ابنة الرسول الأكرم (ص) إلى المسجد وتلقي تلك الخطبة الغراء بذلك البيان العجيب والأداء الرائع وتبيّن الحقائق. أو تلك الخطبة التي ألقتها على نساء المدينة وهي على فراش المرض وهي مثبتة وموجودة. هذه ليست أبعاداً معنوية بل هي الأبعاد التي بوسعنا فهمها. يمكن فهمها بهذه النظرة العادية العقلائية، بيد أنها من العظمة والجلال بحيث لا يمكن حصر حجمها وقياس أبعادها، بمعنى أنها لا تقبل المقارنة بأية تضحية أخرى. كما لو يقال مثلاً كم هو طول المجرات وعرضها؟ نعم، يمكن قياسها وتعيين أمتارها وسانتيمتراتها، ولكن من الذي يستطيع ذلك؟ من الذي يفهم ذلك؟ من الذي يقدر عليه؟ هذه ليست جوانب إلهية ومعنوية وملكوتية وعرشية، بل هي جوانب أرضية ولكنها من العظمة بحيث لا يستطيع الناس العاديون حصرها. نحن نتحدث ونتلو مراثيها وعزاءها، وتتحرق قلوبنا ونبكي، لكننا لا نستطيع تصور ما حدث حق تصوره وكم هو عظيم ما قامت به السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).

لقد قامت فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بدور القائد الحقيقي. وكما قال إمامنا الخميني الجليل لو كانت فاطمة الزهراء رجلاً لكانت رسولاً (2). هذه كلمة عجيبة جداً وكبيرة جداً، ولا يمكن للمرء أن يسمعها إلّا من لسان شخص مثل الإمام الخميني الجليل الذي كان عالماً وكان أيضاً فقيهاً وكان إلى ذلك عارفاً، لكنه قال هذه الكلمة. هذه هي فاطمة الزهراء. إنها قائد بكل معنى الكلمة ومثل رسول من الرسل، ومثل هاد لعموم البشرية، فقد ظهرت الزهراء الطاهرة هذه البنت الشابة وتجلت بهذه الحدود والأبعاد والحجم. وهذه هي المرأة في الإسلام.

لقد قامت فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بدور القائد الحقيقي

طيب، نحن نمدحها ونثني عليها دوماً، وفائدة ذلك أن ذكر مناقب هؤلاء العظماء ينير قلب الإنسان ويزيد من عقيدة الإنسان وحبّه ومودّته. هذه ممارسات جيدة ولكن ثمة حقائق أخرى وراء هذه الممارسات. هذه هي المرأة في منطق الإسلام. ويوجد هنا وهناك عدد من الأفراد الجهلاء غير المطلعين ينالون من نظرة الإسلام للمرأة ويكرّرون الكلام الناقص المعيب المليء بالإشكالات والمؤاخذات الذي يطرحه الغربيون، فياله من انحراف وياله من خطأ؟!

فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) امرأة إسلامية، إمرأة في أعلى مراتب المرأة المسلمة، أي إنها في حدود قائد. لكن نفس هذه المرأة التي هي من حيث الفضائل والمناقب والحدود بحيث كان يمكنها أن تكون رسولاً نفس هذه المرأة كانت أمّاً وكانت زوجة وكانت ربّة بيت، ينبغي فهم هذه الأمور. هؤلاء المخدوعون الغافلون - وما عسى أن يقول المرء عنهم؟ - لا يروّجوا كل هذا الترويج لكلام الغربيين الفارغ ولا يهينوا مهام ربّة البيت. معنى ربّة البيت الذي تقوم به المرأة هو تربية الإنسان، معناه إنتاج أسمى وأرقى ثمرة ومتاع في عالم الوجود، ألا وهو البشر. هذا هو معنى ربة البيت.

فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) امرأة إسلامية، إمرأة في أعلى مراتب المرأة المسلمة ..وفي نفس الوقت كانت أمّاً وكانت زوجة وكانت ربّة بيت

من المناسب في يوم ولادة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أن نعرف حدود المرأة المسلمة بشكل صحيح. أطلقوا على هذا اليوم يوم المرأة ويوم الأم، وهذا حسن جداً جداً، وكان يمكن أن يسمّى يوم القائد، ولا أشكال في ذلك، وكان يمكن أن يسمّى يوم أسمى البشر وأرقاهم، بيد أن ما يحتاج له مجتمعنا اليوم هو أن يعرف ما معنى الأمومة؟ وما معنى ربّة البيت؟ ما معنى سيدة المنزل؟ فاطمة الزهراء بذلك الشأن وبتلك المرتبة وبذلك المقام والعظمة كانت ربّة بيت، وهذا ليس حطاً من شأنها، إذ لا يمكن الحط من قدرها وهي بتلك العظمة، أو يمكن التقليل من شأن تلك العظمة؟ هذه العظمة محفوظة في محلها، ولكن من شؤون ومن مشاغل نفس هذه العظمة أنها كانت زوجة وأمّاً وربّة منزل. لننظر لهذه المفاهيم من هذه الزاوية.

يطلق البعض تحت طائلة الدفاع عن حقوق المرأة كلاماً لا يعدّ عدم احترام للمرأة وحسب بل ويعتبر إضعافاً للمرأة. وأنا أقصد بعض الأشخاص في الداخل، وإلّا فإن هذه الأعمال في الثقافة الغربية الأوربية هي على أغلب الاحتمالات وباحتمال قريب من اليقين مؤامرة صهيونية يريدون من ورائها إفساد المجتمع الإنساني وقلب الطاولة عليه، وجعل المرأة متاعاً للذة الرجل. هذه مؤامرتهم ولا شأن لنا بها الآن، فقضيتهم قضية أخرى، ولكن في بيئتنا الإسلامية - سواء في داخل بلادنا أو في بعض البيئات الإسلامية الأخرى - يطرحون من أجل دعم المرأة أشياء وواجبات وتوقعات حول المرأة تعدّ إهانة للمرأة وتصغيراً لها. يقولون مثلاً لماذا لا تسمحون للمرأة بالعمل خارج المنزل. أولاً من الذي لم يسمح بذلك؟ وما الإشكال في ذلك؟ وثانياً هل العمل خارج المنزل كأنْ تكون المرأة كاتبة طابعة في الدائرة الفلانية شأن ومنزلة عالية للمرأة حتى نحارب من أجله؟ هل هذا هو معنى العدالة؟ معنى العدالة أن نعرف ما أودعه الله تعالى في قرارة كل موجود ونعرف قدره وننمّيه ونطوّره. هذه هي العدالة.

هذه الأعمال في الثقافة الغربية الأوربية هي على أغلب الاحتمالات وباحتمال قريب من اليقين مؤامرة صهيونية يريدون من ورائها إفساد المجتمع الإنساني وقلب الطاولة عليه، وجعل المرأة متاعاً للذة الرجل

جعل الله تعالى الرجل والمرأة مثل بعضهما من بعض الجوانب، فهما غير مختلفين من حيث العروج للمراتب والمنازل المعنوية، والنموذج على ذلك فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، ولا فرق بينهما من حيث القدرة على القيادة، والنموذج على ذلك فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، ولا تفاوت بينهما من حيث القدرة على هداية البشر، ومثال ذلك فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). لكنهما مختلفان من حيث واجبات إدارة الحياة، والنموذج على ذلك هو أيضاً فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). الذين يريدون الدفاع عن حقوق المرأة يعملون بطريقة مقلوبة ولا يدركون ما الذي يقولونه وعن أي حقوق المرأة يدافعون. يقولون لماذا لا تتولى المرأة مهام الإدارة؟ وهل الإدارة فخر للإنسان حتى نقول لماذا تختص الإدارة بالرجل؟ ويسمّون ذلك عدالة جنسية. هل هذه عدالة؟ الذين أطلقوا المساواة الجنسية في العالم وسعوا لتحقيقها هم اليوم من التعاسة والفساد إلى درجة راحوا هم أنفسهم يبدون الندم على ما فعلوه. وبالطبع فإن الكثيرين منهم لا يعترفون بذلك صراحة، والكثيرون منهم تربّوا ونشأوا على هذه الثقافة ولا يفهمون ما الذي يحدث، لكن مفكريهم يدركون ويفهمون ويتحدثون بذلك ويبدون قلقهم. عسى أن لا يكون قصد الذين يطرحون اسم العدالة الجنسية في الداخل ذلك الشيء الذي طرح بعنوان المساواة الجنسية. نتمنى أن ننتفع كلنا من فيض هذا اليوم إن شاء الله ومن اسم فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).

وأشير إلى نقطة بشأن مدح أهل البيت. مدّاحو أهل البيت (عليهم السلام) كُثرٌ اليوم والحمد لله - سواء في طهران أو في المدن الأخرى، وقد لاحظتم اليوم أنهم قدموا من مدن متعددة، وقدموا برامجهم وتراتيلهم وكم كانت جميلة حسنة - وهذه ظاهرة، ظاهرة نادرة النظير. طبعاً كان هناك مثل هذا الشيء في الفترات سابقة وفي فترة شبابنا لكنها كانت محدودة جداً، هذا أولاً وثانياً لم تكن تقبل المقارنة أبداً بما عليه الوضع حالياً من حيث السلوك والقراءات والمضامين والقوالب. لقد شهدت هذه الظاهرة في الوقت الحاضر نمواً وانتشرت بشكل عجيب في كل أنحاء البلاد. طيب، هذه الظاهرة ظاهرة إنسانية، وهي بالإضافة إلى ذلك ظاهرة إيمانية، وبالإضافة إلى ذلك فهي ظاهرة فنية. فما الذي ينبغي فعله تجاه هذه الظاهرة؟ كيف يمكن الاستفادة من هذه الظاهرة لصالح الإسلام والمسلمين بما يرضي الله؟ الذي أرجوه هو أن تفكروا بهذا الشيء. ينبغي أن يكون رضا الله غايتنا من كل تحركاتنا وأعمالنا. إننا نذكر أسماء أشخاص لم يكونوا في أيّ حال من الأحوال غافلين عن ذكر الله وعن الشعور بالواجب وعن العمل في سبيل الله، ويجب أن تكون أعمالنا في سبيل الله، فهذا ما سوف ينفعنا، ولا قيمة لهذا المتاع الدنيوي ولهذا المدح والثناء الدنيوي ولهذه الفائدة التي يجنيها الإنسان في هذه الفترة من حياته وما شاكل ذلك من منافع، إنما ينبغي إرضاء الله تعالى فرضا الله هو الذي له قيمة بالنسبة للإنسان.

فما الذي نفعله حتى يكون هذا العمل متطابقاً مع رضا الله؟ هناك شيئان: أحدهما القالب والثاني المضمون. القالب جيد جداً فمدح أهل البيت (ع) عمل فني قائم بذاته، وحاولوا أن لا تخلطوا أسلوب هذا العمل بأساليب القراءة الفنية الأخرى. لا نقرأ شعراً في مصيبة أهل البيت (ع) أو مدحهم ويكون قالب هذا الشعر قالب أغنية من الأغاني غنّاها الشخص الفلاني البعيد عن الدين والبعيد عن المعنوية والبعيد عن الأفكار والأقوال التي تطرحونها أنتم، والغارق في الماديات والفساد. دققوا في هذا الشيء فهو مهم. ما منحكم الله إياه - أي الصوت الحسن والحنجرة الدافئة والذهن المناسب والدوافع والتحفز – نعمة، فيجب شكر الله على هذه النعمة.

(يجب أن) لا نقرأ شعراً في مصيبة أهل البيت (ع) أو مدحهم ويكون قالب هذا الشعر قالب أغنية من الأغاني غنّاها الشخص الفلاني البعيد عن الدين والبعيد عن المعنوية والبعيد عن الأفكار والأقوال التي تطرحونها أنتم، والغارق في الماديات والفساد

 

وكذا الحال بالنسبة للمضمون. القضية فيما يخصّ المضمون هي أولاً مناقب أهل البيت (عليهم السلام) وتقريب القلوب إلى محبتهم ومعرفتهم. وللإنصاف فإننا متأخرون جداً من حيث معرفة أهل البيت، ومهما استطعنا أن نزيد من معرفتنا لهم فستكون هذه فضيلة لأيّ إنسان. إذن لنجعل هذه المهمة نصب أعيننا وموضوع هممنا ونزيد من معرفة الناس بهم. هذا أحد الواجبات التي ينبغي للمضمون أن يضطلع بها. ومن المهام المتوقعة من المضمون أيضاً تعريف الناس بواجباتهم الدينية. وقد كانت الأشعار التي قرأها بعض الإخوة اليوم من هذا القبيل. النظر للعالم المعاصر الحالي والنظر للواجبات والنظر للجبهات والاصطفافات القائمة، هذه مهمة تستطيعون الاضطلاع بها. يمكنكم صناعة خطاب. ما أتوقعه من مجتمع مداحي أهل البيت (ع) - وهم اليوم كثر وأداؤهم جيد وحسن ولهم أهميتهم وقيمتهم - هو أن تستطيعوا إيجاد خطاب وأفكار في المجتمع. الخطاب معناه الفكر العملي الذي ينتشر ويشيع ويتحول إلى عملة رائجة بين الناس. هذا هو الخطاب. في كل فترة من الزمن يجب أن تكون هناك عملة رائجة بيد جميع الناس، وهذا ما تستطيعون أنتم القيام به.

ذات يوم كان الزمن زمن الدفاع المقدس والحرب المفروضة وكان من اللازم أن يستعد الناس للدفاع والإسناد، وقد مارس شعراؤنا ومداحو أهل البيت في ذلك الزمن أدواراً جيدة. وبالطبع اعتزل البعض وتركوا هذه المهمة، كان لدينا أفراد من هذا القبيل، لكن البعض نزلوا إلى الساحة وتركوا بصماتهم وتأثيرهم. حين تتحدثون اليوم عن فكّة وشلمجه (3) فهذا ما يعود إلى ثلاثين عاماً، لكن فكّة وشلمجه لن تنسى وستبقى في تاريخ هذا البلد، لماذا؟ لأن لها دوراً ولأنه إذا كنتم تتمتعون اليوم بالاستقلال والحرية والعزة والهوية وإذا لم يكن العدو مسيطراً عليكم وإذا كانت أعراضكم مصانة فهذا بسبب فكّة وشلمجه. لقد مارس الشعراء ومداحو أهل البيت دورهم في هذا المجال. كان الخطاب يومذاك خطاب التواجد في ساحات الدفاع المقدس. لكل فترة من الزمن حاجتها الفكرية، وهذا غير الألاعيب السياسية وغير السياسية، بل هي نظرة لاحتياجات البلد، تنظرون لتروا ما هي حاجة بلدكم وشعبكم وما هي حاجة هذا الفترة من تاريخكم فتجعلون ذلك موضوع هممكم.  

إذا كنتم تتمتعون اليوم بالاستقلال والحرية والعزة والهوية وإذا لم يكن العدو مسيطراً عليكم وإذا كانت أعراضكم مصانة فهذا بسبب (ما حدث في) فكّة وشلمجه

 

ولحسن الحظ فإن شعراءنا الدينيين اليوم الذين ينظمون الأشعار في مراثي أهل البيت ومدائحهم - وقد جاءوني في الآونة الأخيرة بكتب حول التوحيد وعاشوراء ومواضيع أخرى جرى العمل فيها بشكل جيد جداً - شعراء مفوّهون وأصحاب ذوق وقرائح وقابلية على اكتشاف المضامين وصناعتها وأصحاب لفظ حسن ومعان حسنة. والحمد لله يوجد مداحون لأهل البيت أقوياء الحناجر وحسنو الصوت ودافئو وجذابو الأداء. هذه فرصة كبيرة جداً للبلاد والشعب، وينبغي الاستفادة منها، فلا تدعوها تنحرف. أشرت في سنوات ماضية إلى قضايا مداحي أهل البيت وبعض الآفات في هذا المضمار ولا أروم التحدث أكثر، ولكن فكروا أنتم مجتمع مداحي أهل البيت وكل واحد ممن يرتقي المنبر لمدح أهل البيت (عليهم السلام) ويحمل وسام فخر هذه المهمة، فكروا وشخصوا الآفات وحاربوها، واجعلوا هذه المهمة متاعاً كاملاً، وسوف يتطور ويرشد يوماً بعد يوم، وسترضون الله عنكم بهذا الجهد وترضون أهل البيت أيضاً.

خدمة الإمام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) بالمعنى الحقيقي للكلمة هي أن يستطيع الإنسان نشر أفكارهم ومنهجهم واتجاهاتهم في المجتمع يوماً بعد يوم

 

خدمة الإمام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) بالمعنى الحقيقي للكلمة هي أن يستطيع الإنسان نشر أفكارهم ومنهجهم واتجاهاتهم في المجتمع يوماً بعد يوم. وهذا هو ما يبعث على عزة بلادنا ومجتمعنا ونظامنا وشعبنا ويثبته ويعالج المشكلات. إذا كان لنا شعب ذو هوية وثبات واستقرار وبإدارة جيدة واستقلال وحرية فسوف يتجسد الإسلام تجسداً حقيقياً في شعبنا وسيكون ذلك إعلاماً ودعاية للإسلام أفضل بكثير وأوسع بكثير من هذا الإعلام الذي نقوم به. والمهام التي تقومون بها من أركان ذلك.

نسأل الله تعالى أن يوفقكم، وأشكركم جميعاً وأشكر مدراء الجلسة ومن كان لهم دور فيها، سواء الذين أنشدوا أشعاراً أو الذين قدموا برامجهم وتراتيلهم وأفاضوا على المستمعين، وأدعو لكم الله جميعاً بالتوفيق والرحمة والفضل.

والسّلام عليكم ورحمة الله.

                              

الهوامش:

1 - في بداية هذا اللقاء قدم عدد من مداحي وشعراء أهل البيت (ع) أشعارهم في فضائل ومناقب السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).

2 - صحيفة الإمام الخميني، المجلد 7 ، ص 337 .

3- مدينتان في جنوب غرب إيران تتبعان لمحافظة خوزستان.