في ما يلى الترجمة العربية للنص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيما بقية الله في الأرضين.

أرحّب بكم جداً أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات، المجموعة المنتمية إلى العمل والعمال، والنخبة العاملة، وصنّاع فرص العمل، والمسؤولين الحكوميين ذوي الصلة بهذا الشأن، وعيدكم جميعاً مبارك إن شاء الله. صادف الميلاد السعيد لسيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (سلام الله عليه) في هذه السنة الأيام الخاصة بالعمل والعامل، ونحن نتفاءل خيراً بهذا الشيء، وسوف ننتهل إن شاء الله من الروح الطاهرة لسيد الشهداء (سلام الله عليه) لتشخيص الدرب والسير فيه حتى نستطيع إنهاء المشكلات الموجودة. أذكر بعض النقاط حول قضايا العمل والعامل وما يتعلق بهذه القضية المهمة، كما سأشير إلى بعض النقاط حول قضايا أخرى ذات صلة، لها علاقة بنا وبكم.

لحسن الحظ فإن محبة شعبنا وعشقه لسيدنا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) حالة بارزة وواضحة تماماً،  سواء في هذه الأيام بمناسبة ولادته أو بمناسبة استشهاده، أو بمناسبة الأربعين، يبدي الناس حقاً محبتهم للإمام سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام)، وهذا فخر لنا، فهذا الوفاء وهذا الحبّ فخر لشعبنا

حسناً، في يوم العامل وبمناسبة يوم العامل ينبغي التحدث عن قضايا العمال - أي موضوع العمال في البلاد - كما ينبغي أيضاً التطرق لأصل قضية فرص العمل، وهي قضية ذات صلة بقضايا العمل والعامل، لأن قضية فرص العمل إحدى معضلات البلاد التي ينبغي حلها بالمعنى الحقيقي للكلمة.

في خصوص قضية العمال، أشار الجميع مراراً وتكراراً لأهمية العمال بأساليب مختلفة. إذا أراد البلد أن يكون له اقتصاد متقدم ومستقل وأن يعيش الازدهار الاقتصادي بالمعنى الواقعي للكلمة فيجب أن يهتم لشريحة العمال، لأن العمال هم العمود الفقري في الاقتصاد الإنتاجي والعملي للبلاد، هكذا هو الحال بلا شك. حين نرفع راية الإنتاج الوطني في الفترة الأخيرة ونؤكد دائماً على الإنتاج الوطني فجزء كبير من هذه الحالة تتعلق بالعمال. إذا أردنا أن يتمتع مجتمعنا العمالي بالامتيازات والحقوق اللائقة به فيجب أن نشدد على قضية الإنتاج الوطني. إذا عقد العامل في المجتمع أمله على العمل وإذا روعيت اللوازم والمقتضيات - والتي سبق أن أشرت إليها وسأتطرق إليها الآن بمقدار معين - فسوف يتحسن الوضع الاقتصادي للبلاد. ليست مشكلتنا الاقتصادية مشكلة مستعصية على الحل، وليست هناك مشكلة ليس لها حل، ولا توجد عقدة لا يمكن حلها وفكّها. ينبغي أن نجد الطريق الصحيح ثم نعقد الهمم ونحاول ونسعى ونجد، وعلى المسؤولين أن يبذلوا جهودهم.

من المهام الرئيسية في هذا المضمار مراعاة وملاحظة المجتمع العمالي في البلاد. ينبغي أن يشعر المجتمع العمالي بالاحترام والتقدير، وأن قدره معروف مقدر، وقدر العمل الذي يقوم به معروف مقدر محترم.إذا كان هذا فسوف لن تكون هناك حالات تعب من العمل وتبرم من العمل وعدم اهتمام بالعمل، وسوف تنجز الأعمال بشكل صحيح صائب. حسناً، من لوازم ذلك إشاعة ثقافة العمل وأهميته. نعم، هناك بعض الناس متعطشين للعمل ولا يجدون عملاً، وهناك البعض لا تسوؤهم البطالة وعدم العمل. علينا ترويج ثقافة العمل وقيمته وأهميته في المجتمع، بحيث تكون الأمور بالنحو الذي يكتسب العمل مكانته ومنزلته في الرؤية العامة للناس. هذه من الأمور اللازمة والضرورية. والعمل مهم، أما نوع العمل فيأتي بالدرجة الثانية من الأهمية. أن نقول إنني لا أريد هذا العمل ويجب أن أمنح ذلك العمل فهذا يأتي بالدرجة الثانية من الأهمية. القضية الأولى هي نفس حب العمل والرغبة والشوق إليه. هذا ما ينبغي ترويجه وإشاعته في المجتمع، بحيث يعتبر العمل قيمة، وحين يقول العامل إني عامل يشعر بالفخر والاعتزاز ولا يشعر بالمهانة، وهذا هو واقع القضية. لو جمعنا كل ثروات العالم في مكان واحد وجمعنا كل أموال الدنيا في موضع واحد من دون أن يوجد عامل يعمل فلن تكون هناك فائدة من هذه الثروات والأموال. العامل هو العمود الفقري للاقتصاد والإنتاج. وقد قلت مراراً إن لكل قطاع نصيبه، لكل من صانع فرص العمل، ورب العمل، والعامل، والمدير الحكومي، نصيبه من الأمر. عندما تتعاون هذه العناصر المتنوعة مع بعضها فسوف تنجز الأعمال بمنتهى الجمال والصلاح والحسن والكمال. هذا شيء واضح، وعلى الجميع أن يتعاونوا فيما بينهم، ولكن ينبغي اعتبار دور العامل بوصفه محور حركة العمل والنشاط في البلاد، ينبغي اعتباره قيمة ومبعث فخر وشموخ. بحيث لو سألوا شخصاً، وليكن مثلاً شاباً، ما هو شغل أبيك؟ لقال بفخر: أبي عامل. كما لو قال بفخر: أبي مدير. هذه خطوة مهمة جداً. الأمن المهني والشغلي من اللوازم والضروريات، وهذا أمر يرتبط بالمسؤولين الحكوميين. الأمن المهني للعمال قضية على جانب كبير من الأهمية. تأمين معيشة العمال قضية مهمة للغاية. كل كلمة من هذه النقاط التي ذكرها السيد الوزير يجب أن تتابع، وينبغي القيام بعمل لكل واحدة منها. ينبغي القيام بحراك وعمل ولا بد أن يشعر الجميع بالمسؤولية من أجل تحقيق هذه الحقائق. إذن، الجميع مسؤولون، الحكومة مسؤولة، ورب العمل مسؤول، والعامل مسؤول، وصانع فرص العمل مسؤول، الكل يتحملون مسؤوليات في حدود معينة. إذا تحمل كلّ مسؤوليته فسوف تنجز الأعمال بشكل صحيح.

والشيء الذي أقوله الآن ليس موعظة، فنحن هنا لا نعظ أو ننصح، إنما هذا الكلام وهذه الأقوال من أجل إيجاد أفكار عامة وإرادة عامة وأن يريد الجميع تحقق هذه المقاصد. عندما يطلق اسم على السنة وعندما يجري تكرار عنوان «الاقتصاد المقاوم» فمن أجل أن تتجلى هذه الإرادة العامة في القلوب وعلى الألسن وفي الأعمال، وأن يتحرك الجميع بهذا الاتجاه. عندما يتحول الشيء إلى خطاب عام وإرادة عامة فسوف يتحقق بالتأكيد، أي إن المسؤولين بدورهم سيسيرون بذلك الاتجاه.

حسناً، ثمة هنا نقطة يجب أن لا ننساها هي أن نظام الجمهورية الإسلامية يجب أن يكون بحق شاكراً للمجتمع العمالي من هذه الناحية. وأنتم تعلمون أن المجتمع العمالي له دوره في القضايا السياسية والاجتماعية. هكذا هو الحال في العالم. إضراب العمال في المعمل الفلاني أو المؤسسة الفلانية أو في العديد من المؤسسات مثلاً يوجه ضربات اقتصادية وسياسية مهمة للحكومات. منذ اليوم الأول لانتصار هذه الثورة حاول الأعداء استخدام هذا السلاح ضد الجمهورية الإسلامية. منذ اليوم الأول حاولوا أن يفرضوا على العمال بشكل من الأشكال ممارسة دور سلبي ضد نظام الجمهورية الإسلامية. لكن العمال التزموا دوماً جانب الجمهورية الإسلامية وانحازوا للنظام الإسلامي ودافعوا عنه. والواقع أن مجتمعنا العمالي وجه خلال هذه الثلاثين ونيف من السنين صفعة لأعداء النظام الإسلامي. وعلى الجمهورية الإسلامية وكل المسؤولين أن يكونوا شاكرين للمجتمع العمالي. وهكذا سيكون الوضع بعد الآن أيضاً بفضل من الله. مجتمعنا العمالي مجتمع متدين، فرغم كل المساعي التي يبديها الأعداء يتحرك هذا المجتمع طبقاً لواجبه الإلهي والإسلامي، ويقف إلى جانب النظام ولأجل النظام وفي خدمة النظام. هذا ما ينبغي أن يعرف الجميع قدره.

ولأطرح قضية فرص العمل أيضاً. قضية فرص العمل أوسع من قضية العمال. فرص العمل قضية مهمة بالنسبة للبلاد. كل مسؤول - والفترة الآن فترة انتخابات، وسوف أشير لنقاط حول الانتخابات أيضاً - وكل شخص مسؤول في البلاد أو مسؤول في الحكومة أو مسؤول في القطاعات الاقتصادية في الحكومة القادمة، يجب أن يعقد همته منذ اليوم الأول على قضية فرص العمل. هذه ليست أموراً يمكن أن يسمح الإنسان فيها بالتأخير، ويجب أن يخوضوا في قضية فرص العمل منذ اليوم الأول. إذا استطاع مسؤولونا تأمين فرص العمل في داخل البلاد بالشكل المناسب فسوف تنخفض الآفات الاجتماعية وسوف تقل المشكلات المتنوعة التي يعاني منها الشباب، سوف تنخفض الآفات المتعددة الموجودة والناتجة عن البطالة وعدم العمل. حينما نخصص كل هذه التكاليف لمواجهة المخدرات وتهريب المخدرات وما إلى ذلك فإن جزءاً من هذه الظواهر ناجمة عن البطالة ووجود عاطلين عن العمل وعدم توفر فرص عمل لهم. قضية فرص العمل على جانب كبير من الأهمية، وتقف في الدرجة الأولى من الأهمية.

وقلنا إن ثمة علاقة بين فرص العمل والإنتاج الوطني. إذا أردنا توفير فرص العمل في البلاد فيجب الاهتمام بالإنتاج الوطني - الإنتاج بالمعنى العام للكلمة، مثل الإنتاج الصناعي والإنتاج الزراعي وإنتاج الخدمات - وينبغي الاهتمام بكل هذه الأمور والبرمجة والتخطيط لها. هذه ليست أموراً يجوز أن نؤجلها ونتأخر فيها، بل يجب على المسؤولين المعنيين - كل من هو مسؤول، وكل من سيكون مسؤولاً - الخوض في هذه القضية في أول فرصة. إذن، هذه القضايا من القضايا ذات الأولوية ومن الدرجة الأولى للنظام.

وأشير لنقطتين أو ثلاث نقاط في خصوص الانتخابات. الحمد لله على أن أجواء الانتخابات آخذة بالحركة والسخونة تدريجياً، وهذا شيء مهم جداً ولازم جداً، وينبغي عدم إهمال هذا الجانب، فقضية الانتخابات على جانب كبير من الأهمية. لدينا كلمة نقولها للناس وكلمة أخرى نقولها للمسؤولين والمدراء، وهناك كلمة ثالثة نوجهها للمرشحين.

معظم كلامي هو مع الناس والجماهير. على أبناء شعبنا العزيز أن يعلموا أن تواجدهم في الساحات المختلفة خطوة مصيرية حاسمة. ما الذي تحسمه وتحدده هذه الخطوة؟ إنها تحسم قضية الأمن الوطني. إذا تواجد الشعب في الساحة بقي البلد في حالة أمن. حين تشاهدون الأعداء الوقحين العتاة ذوي الفظاظة يتجنبون أي عمل صلد مقابل الجمهورية الإسلامية فالسبب في ذلك يعود إلى تواجد الشعب، فهم يخافون، إنهم يخافون بالمعنى الحقيقي للكلمة. وهذا ليس تحليلاً، بل ما أقوله واقع وواقعيات توثيقاتها من الأمور المسلم بها. عندما يتواجد الشعب في الساحة سيضطر العدو الذي يروم محاربة هذا النظام إلى التراجع وعدم التطاول. وعندما تكون هناك فاصلة بين الشعب والنظام ولا يكون الشعب متواجداً في الساحة فإن العدو سيستطيع القيام بأيّ شيء، والأمر ليس بصعب عليهم كثيراً، فهم يستطيعون العمل والمبادرة بكل الأشكال، وهو ما قاموا به في أماكن مختلفة من العالم. في إيران الإسلامية لم يستطع العدو فعل شيء بسبب تواجد الشعب في الساحة (2). سبب تواجد الشعب في الساحة لم يستطع الأعداء التطاول. نسمع أحياناً وسمعنا في الماضي أن البعض يقولون «إننا عندما جئنا وتولينا المسؤولية استطعنا إبعاد شبح الحرب عن البلاد»، لا، ليس هذا الكلام كلاماً صحيحاً. اسمعوا مني أنّ ما أبعد شبح الحرب وتطاول العدو طوال هذه الأعوام المتمادية عن هذا البلد هو تواجد الشعب ومشاركته في الساحة.

حسناً، كيف يتم إعلان هذا التواجد؟ المظهر الأهم لهذا التواجد هو الانتخابات. هذا هو ما أريد قوله للناس. إنني لا أقول للناس انتخبوا فلاناً ولا تنتخبوا فلاناً، هذا ما لن أقوله للناس مطلقاً، لكنني أقول لهم وأصرّ بأن يحضروا حتماً عند صناديق الاقتراع ويصوتوا لأيّ شخص يشخصونه. هذا ما يجب أن يحصل. كل من يحب البلاد، وكل من يحب النظام، وكل من يحب الأمن من أبناء الشعب يجب أن يحضر ويشارك في ساحة الانتخابات، يجب أن يحضر عند صناديق الاقتراع، فهذا ما يبعد شرور الأعداء.

أولئك الذين تدمّرت علاقتهم مع شعبهم يريدون استعراض مسرحية مناصرة الشعب لهم أمام أنظام القوى المختلفة، وبالطبع لن يكون لهذا الاستعراض من أثر. علاقة الشعب بنا حسنة، وهو مواكب للنظام، والشعب محب للنظام، وقد تحمل الصعاب إلى جانب النظام طوال هذه الأربعين عاماً تقريباً، وساروا في طرق وعرة وقدموا مساعدات حيوية لنظام الجمهورية الإسلامية. هذا التقدم الذي حققناه وهذا الاقتدار الذي تتمتع به الجمهورية الإسلامية اليوم، وهذا النفوذ الذي لها في المنطقة، كان بسبب تواجد الشعب في الساحة وبسبب مساعداته.

لاحظوا أن ابنكم الشاب الذي يستشهد في منطقة من المناطق - وقد تابعت هذه القضية بدقة - ولا فرق من أي مدينة يكون، وفي أي محافظة، وفي أي جانب من البلاد، يبدي الشعب حماساً وشوقاً تجاه مثل هذه العناصر والأفراد ويتحيزون لهم بشكل يبقى المرء معه حائراً. ما السبب في ذلك؟ مسيرة النظام واتجاهاته مطلوبة من قبل الناس، وهم يعلمون أن نظام الجمهورية الإسلامية يبذل مساعيه لأجل عزتهم وأمنهم وتقدمهم. لقد كفّ نظام الجمهورية الإسلامية يد العدو عن هذه البلاد، وهذا ليس بالإنجاز القليل، بل هو عمل كبير جداً. لاحظوا البلدان النفطية كيف يتصرف الأجانب بنفطهم وعائداتهم وثرواتهم ويسمحون للأجانب بالتدخل والهيمنة ليستطيعوا البقاء في السلطة لفترة أطول بقليل ويستمتعوا بالسلطة. وقد كان الوضع على هذا الحال في بلادنا أيضاً خلال عهد نظام الطاغوت. كان هناك عدة آلاف من الأمريكيين يقبضون من أموال هذا الشعب في هذا البلد ويتحكمون ويسيطرون هنا ويتعسفون مع مسؤولي البلاد من صغيرهم إلى كبيرهم. وكذا الحال في بلدان أخرى. وجاءت الجمهورية الإسلامية فقطعت أيدي العدو وحطمت القيود التي أوجدها العدو، وحركت البلاد إلى الأمام. واليوم فإن إيران بلد يتقدم بسرعة، وله سمعة حسنة، ومهاب وقوي. وهذا شيء مهم جداً. الشعب يعلم هذه الحقائق لذلك يقف إلى جانب النظام. وأقول إن مظهر مواكبة الشعب لنظام الجمهورية الإسلامية هو التواجد والمشاركة عند صناديق الاقتراع. هذا هو أساس كلامنا بشأن الانتخابات.

النقطة الثانية التي أروم ذكرها للناس والشعب هي أن لا ينظروا لقضية الانتخابات بعدم اكتراث وبقلة اهتمام، ولينتخبوا وليدلوا بأصواتهم عن تفكير وتأمل.. ليفكروا. عندما نفكر على أساس منطق معين وننتخب وننظم أصواتنا على أساس ذلك الانتخاب فسنكون معذورين أمام الله تعالى، وقد نكون على خطأ، لكننا سنكون معذورين أمام الله تعالى. أما إذا تصرفنا من دون تدقيق وملاحظة وتفكير فلن نكون مسؤولين أمام الله فقط، بل سنكون مسؤولين أمام أنفسنا أيضاً، ثم سنقول: عجباً، أرأيتم كيف لم نفكر بصورة صحيحة في هذه القضية! أي إننا سندين أنفسنا بأنفسنا. ولكن حين تفكرون وتطالعون وتدرسون المسألة وتستشيرون وتنتخبون على أساس تفكير وتأمل فسيكون الله تعالى راضياً عنكم لأنكم قمتم بعملكم وواجبكم، وستكون ضمائركم أيضاً راضية عنكم، وستقولون: لقد قمتُ على كل حال بواجبي وما عليّ القيام به، وعلى افتراض أنني سرتُ في الطريق الخطأ وأخطأت، فإن الخطأ يقع للجميع، لكنني قمتُ بما عليّ القيام به». هذه أيضاً نقطة أخرى أردت أن أقولها لجماهير الشعب.

و لديّ ما أقوله للمرشحين المحترمين. يوجد الآن ستة أشخاص من السادة المحترمين مرشحون للانتخابات. أقول أولاً للمرشحين المحترمين اجعلوا نواياكم إلهية، فلا تكن نواياكم للسلطة، بل للخدمة. إذا دخل شخص إلى ساحة التنافس الانتخابي من أجل خدمة الناس، وخصوصاً خدمة الطبقات الضعيفة، لكانت كل حركاته وكلماته حسنات، ولكان له أجره عند الله تعالى. خوضوا غمار الساحة بهذه النيّة، بنيّة الخدمة. هذا أولاً.

وثانياً اختاروا الشعارات بحيث يعلم الجميع أنكم تريدون دعم الشرائح الضعيفة والفقيرة والمحرومة في البلاد، وأنكم تريدون معالجة ورفع مشكلات الناس الذين يعانون من مشكلات. إننا جسد وهيكل، والمجتمع مثل جسد الإنسان، فلنرى أي مكان منا هو الضعيف، وأي مكان لا تصله الدماء، وأي مكان يحتاج إلى مزيد من الرعاية فنرعاه ونخدمه. لا أننا نهمل باقي أماكن البدن، لا، ولكن لنجعل ذلك القسم أولويتنا. أحياناً كانت لي اعتراضات شديدة على المسؤولين في حكومات مختلفة. وغالباً ما لا نعلن هذه الاعتراضات أمام الناس وعلى مرأى من الرأي العام، لأن الناس لا يحبون النزاعات والشجارات وما إلى ذلك، ولا فائدة من ذلك، ولكن مع مسؤولي البلاد أنفسهم كانت لي في بعض الأحيان عتابات مرة وشجارات كثيرة. ومن مصاديق هذه المرارات والاختلافات اعتراضي عليهم بسبب عدم مراعاتهم للأولويات. ما هي الأولويات؟ هناك أولويات في القطاعات المختلفة - وللبلاد قطاعات اقتصادية، وقطاعات ثقافية، وقطاعات سياسية، وعلمية، وغير ذلك - ولكل قطاع أولوياته التي ينبغي مراعاتها ومتابعتها وتقديمها والسير بها إلى الأمام. هؤلاء السادة المرشحون الآن للانتخابات ليقرروا وليتعاهدوا بينهم وبين الله أنهم إذا انتخبوا من قبل الشعب وحصلوا على الأصوات فسوف يراعوا الأولويات، فيهتموا أكثر بالمواطن التي تحتاج إلى الرعاية أكثر. ليتابعوا الخطط والبرامج على هذا النحو.

وليعلم الجميع، وليعلم المرشحون المحترمون أيضاً أننا لن نستطيع تدبير أمور هذا البلد بدون العمل الجهادي والثوري. لا بدّ من عقد الهمم والعزائم بقوة، كالمجاهد، في كل المجالات والقطاعات. إذا كان هذا أنجزت الأعمال وتقدمت إلى الأمام، وإذا كان هذا انفتحت الطرق المسدودة وانفرجت. وهذا يعني العمل الكثير الضخم والجيد والجهادي والثوري. ما معنى العمل الثوري؟ يتصور البعض إننا عندما نقول العمل الثوري نقصد عدم التنظيم، لا، بل إن النظام من الخطوط الأصلية للنزعة الثورية، ولكن العمل الثوري معناه أن لا نشغل أنفسنا بالأعمال الهامشية والتشريفية والبهارج وما إلى ذلك. العمل الثوري معناه تقصير الطريق للحصول على ترخيص ما. جاءني قبل فترة عدد من صناع فرص العمل المخلصين المتدينين وكان لهم لقاء معي وقالوا: من أجل الحصول على ترخيص لشيء بسيط - وقد ذكروا اسم ذلك الشيء ولا أروم الإشارة إلى التفاصيل - يجب على الإنسان أن يحصل على تراخيص من عشرين أو خمسة وعشرين مكاناً. هذه أعمال غير ثورية. العمل الثوري معناه أن يقصّر الذين يعينون الضوابط الطرق، ويضعوا طرقاً مختزلة أمام الناس وأمام صناع فرص العمل وأمام الذين يريدون تقديم الخدمة. هذه هي الأعمال اللازمة، وعلى المسؤولين أن يشمّروا عن سواعدهم ويعقدوا هممهم ويعملوا عملاً حقيقياً.

وتوصية أخرى تتعلق بالمسؤولين الحكوميين الذين يتولون مهام إقامة الانتخابات، سواء في وزارة الداخلية أو في مجلس صيانة الدستور، وسواء في الإعلام - مثل الإذاعة والتلفزيون أو المراكز الأخرى - أو في القطاعات المختلفة التي سوف يعملون فيها على أخذ أصوات الناس في يوم الانتخابات إن شاء الله، أوصيهم بأن يصونوا أمانة الناس، فأصوات الناس وتواجدهم أمانة الناس في أعناقهم، فليحافظوا على هذه الأمانة وليصونوها بمنتهى الدقة والاحتياط، لئلا يستطيع البعض - لا سمح الله - التطاول على هذه الأمانة. ليراعوا القانون بشكل دقيق، ولا تأخذهم المجاملات أو ما شابه مع أيّ كان في خصوص القانون، فالقانون قانون، وهي قانون للجميع، ولا يوجد أي استثناء في القانون. ليراعوا القانون ليتم إن شاء الله إنجاز عمل صحيح وصالح ومرضيّ من قبل الله تعالى. وقد قلتُ مراراً وأكرر مرة أخرى إن أصوات الناس هي حق الناس، ومن يتطاول عليها يتطاول على حق الناس، وإبراء الذمة من حق الناس عملية صعبة جداً.

اللهم بحق محمد وآل محمد اجعلنا قادرين على ما نقول ونريد. أرضِ عنا الروح الطاهرة للإمام الخميني الجليل وأرواح الشهداء الطيبة. وأرضِ عنا القلب المقدس لسيدنا الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه).

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الهوامش:

1 - في بداية هذا اللقاء الذي أقيم في يوم ولادة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) وبمناسبة يوم العمال، ألقى السيد علي ربيعي وزير العمل والشؤون الاجتماعية كلمة بالمناسبة.

2 - قال سماحة الإمام الخامنئي مقابل شعار بعض الحضور: «أيها القائد الحر، نحن مستعدون مستعدون»، قال: انتظروا، اسمحوا لي، سيكون هذا الاستعداد مشهوداً دائماً وفي كل مكان إن شاء الله، ولتكونوا الآن مستعدين لسماع ما أقول.